< على الهواري يكتب: لماذا يدافع خالد منتصر عن الملحدين؟
النبأ
رئيس التحرير
خالد مهران

على الهواري يكتب: لماذا يدافع خالد منتصر عن الملحدين؟

على الهواري يكتب:
على الهواري يكتب: لماذا يدافع خالد منتصر عن الملحدين؟

علق الكاتب والمفكر الطبيب خالد منتصر على خطبة الجمعة والتي كان عنوانها " مواجهة الإلحاد".

حيث اكد منتصر في منشور له على صفحته الشخصية على فيس بوك، أنه لا يوجد ملحد مصري فجر كمائن أو قتل جنودا أو ذبح أقباطا، وأن الذي قتل علي بن أبي طالب كان ورعا تقيا جاء ليعلم المصريين ويعلمهم القرآن، والذي قتلوا عثمان بن عثمان كانوا مسلمين شايفين الرسول من سنوات قليلة وليسوا ملحدين منضمين للحزب الشيوعي حدتو في الجزيرة العربية.

وأضاف منتصر في منشوره " اللي  ضربوا جنودنا وضباطنا بالرصاص في رفح وفي بير العبد وفي مديريات الأمن، واللي فجروا معهد الأورام واللي حرقوا السبعين كنيسه واللي اغتالوا السادات والمحجوب، واللي عملوا مذبحة أسيوط، وحتى اللي حصدوا أرواح المصلين المسلمين في مسجد النهضة…. كل دول كانوا تربية السلفيين المؤمنين، وعمرهم ما قروا ماركس ولا نيتشه ولا سارتر ولا هيجل".

واستطرد منتصر  " معركتكم مش مع اللي بيردد كلام نيتشه ودوكنز، لكن معركتكم مع اللي بيردد كلام ابن تيميه وعمر عبد الرحمن، رجال الدين عايزين يخلقوا عدو وهمي عشان البيزنس يزيد، ويحسسوكم إنكم في خطر، عمر الفيروس ما حيفكر يعالج العدوى، وعمر خلايا السرطان ما حتتنازل عن تكاثرها وشراستها لصالح صحة الجسد، ما فيش تاجر دين بيتنازل عن مساحات مكسبه طواعية. ناقش الملحد مش تسجنه.. إفحمه بقوة منطقك ما دمت شايف إن فكرته مجنونة..خايف ليه ما دام شايف إن معاك الحقيقة الناصعة اللي لا يمكن حد يشكك فيها ؟!".

وختم بالقول " سجن وقتل صاحب الفكرة مش معناه إن الفكرة نفسها بتموت.وصدقني ربنا مش محتاج بودي جاردات".

وهنا عدة ملاحظات على كلام الدكتور خالد منتصر: 

أولا: أتفق معه في أن العلاقة بين هذه العمليات الإرهابية التي ذكرها وبين الجماعات الإرهابية المحسوبة على الإسلام، لكن خالد منتصر لم يقول أن المسلمين جميعا يرفضون ما تقوم به هذه الجماعات، وأن الأزهر الشريف أكد أكثر من مرة أن الإسلام برئ من هذه الجماعات ومن أفعالها الإرهابية. 

ثانيا: هو خصص الملحد وقال "الملحد المصري" وهذا محاولة لتبرئة الملحدين غير المصريين من الجرائم الشنيعة التي ارتكبوها في العالم، وهذا هي الأدلة:

يقول  الكاتب الأمريكي دينيش دسوزا: "ارتكبت جرائم الإلحاد عمومًا من خلال أيديولوجية متغطرسة ترى أن الإنسان هو صانع القِيم وليس الله. فباستخدام أحدث تقنيات العلم والتكنولوجيا، يسعى الإنسان إلى تهجير الله وخلق جنة العلمانية هنا على وجه الأرض. وبطبيعة الحال إذا كان هناك بعض الناس غير الأكفاء فيجب القضاء عليهم من أجل تحقيق هذه المدينة الفاضلة (الجنة)، هذا هو الثمن الذي أبدى الطغاة الملحدون -ومن يعتذر لهم- استعدادهم لدفعه، وهم هنا يؤكدون مقولة فيودور دوستويفسكي “إن لم يكن هناك إله، فكل شيء مباح”.

في ذات الإطار، قام نفيد شيخ، أستاذ العلاقات الدولية والمحاضر بجامعة كيل البريطانية، بنشر دراسة مثيرة للاهتمام بعنوان (عداد القتلى: دراسة إحصائية للعنف السياسي في حضارات العالم)، والتي قام فيها بمراجعة كل الحروب التي جرت بين الدول، بما في ذلك الحروب الأهلية والمذابح العرقية والجماعية وغير ذلك من الأحداث العنيفة التي تخطى عدد القتلى في الحدث الواحد منها 10،000 قتيل، ليقوم بقراءة هذه الأحداث التي جرت منذ العام الأول الميلادي إلى العام 2008 الميلادي.

استطاع شيخ أن يحصر 276 حدثًا عنيفًا ضخمًا خلال هذه الفترة الزمنية الكبيرة، ثم قام بتصنيف ديانات العالم إلى 7 ديانات وحضارات رئيسية: الملاحدة، البوذية، المسيحية، الهندوس، الإسلامية، البدائية، والصينية. واضعا وفق تصنيفه، كل حدث عنيف في الحضارة التابعة له، مع إحصاء عدد القتلى في كل حضارة. جاءت نتائج الدراسة بشكل مثير للاهتمام، حيث تصدرت الحضارة المسيحية كأكبر من تسبب في حصاد أرواح البشر، وتبعتها مباشرة في المركز الثاني حضارة الملحدين بحصاد للقتلى يفوق ال 100،000،000 قتيل، وقد يصل عدد الضحايا حسب تقديرات الدراسة إلى 150،000،000 قتيل! وهو ما يناقض تمامًا بروباجندا فردوس السلام الإلحادي الذي لا يتوقف مدّعوه باعتبارها رسالة سامية جاءت لتنقذ الناس من عنف الأديان.

وقد مثلت الدول الشيوعية، أقسى نموذج يتبنى الإلحاد، فقد اعتنق الشيوعيون في روسيا ثم في البلاد المجاورة العقيدة المادية التاريخية الصلبة، وصارت مذهبًا عامًا للبلاد والعباد، وارتكبت بسببها جرائم فظيعة في حق البشر، في روسيا والصين وكمبوديا وغيرها. وقد وثق "الكتاب الأسود للشيوعية: الجرائم والإرهاب والقمع"، والذي صدر عام 1997م، لمجموعة من الأكاديميين الذين قرروا البحث في عدد ضحايا الأيدولوجيا الشيوعية المعادية للدين.

كما يذكر أستاذ التاريخ ريتشارد فيكارت: "الداروينية وحدها لم تنتج النازية، لكن بدونها لم يكن لهتلر أو لأتباعه النازيين أن يدعموا فظائعهم الوحشية بالأدلة العلمية الكافية لتحويلها إلى أفعال أخلاقية".

ويضيف: يبدو الموقف الديني لأدولف هتلر لغزًا للوهلة الأولى، فعلى جانب صرح هتلر في أكثر من خطاب له أنه كاثوليكي مخلص، إلا أنه على جانب آخر كان مؤمنًا للنخاع بالداروينية الاجتماعية، وهي فلسفة غارقة في المادية كما هو معروف.

ويستطرد: لم يقتل هتلر باسم الإلحاد، ولكنه لم يقتل باسم الله كذلك، وإنما قتل باسم الداروينية الاجتماعية، وهي رؤية كونية تابعة للإلحاد لا لوجود الله، حيث أنها فلسفة تقوم على نفي أي دور للإله في الكون ومن ثم تستبعد بناء أي رؤية كونية تعتبر أن الله له تدخل في الكون من قريب أو من بعيد.

ثالثا: خالد منتصر لم يذكر كلمة واحدة عن ما يحدث الأن من إسرائيل والصهيونية العالمية من مذابح وتطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية في فلسطين، والتي انتفض لها ضمير العالم أجمع، وهذا يثير الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام؟

كما لم يذكر خالد منتصر كلمة واحدة عن ما حدث للمسلمين من مذابح وفظائع من غير المسلمين في الهند والصين والبوسنة والهرسك وغيرها.

في النهاية: بالتأكيد نحن ضد ما تقوم بها الجماعات الإرهابية المحسوبة على الإسلام، والأزهر الشريف أكد أكثر من مرة أن الإسلام برئ مما تقوم به هذه الجماعات باسم الدين.

مشكلة الدكتور خالد منتصر أنه دائما يخلط بشكل متعمد بين الإسلام وبين سلوك المسلمين، ودائم الهجوم على الأزهر الشريف وعلماءه، ويتهم الأزهر الشريف بتخريج الإرهابيين، مما يضعه في دائرة الهجوم على الإسلام وليس على المتطرفين.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا يدافع الدكتور خالد منتصر عن الإلحاد والملحدين؟!