< بعد غدر أمريكا وغياب روسيا والصين.. هل تبحث مصر عن حليف استراتيجي لحماية أمنها القومي؟.. ملف
النبأ
رئيس التحرير
خالد مهران

بعد غدر أمريكا وغياب روسيا والصين.. هل تبحث مصر عن حليف استراتيجي لحماية أمنها القومي؟.. ملف

هل تبحث مصر عن حليف
هل تبحث مصر عن حليف استراتيجي؟

مساعد وزير الخارجية الأسبق: مصر تخلت عن سياسة الأحلاف منذ عهد «عبد الناصر».

السفير رخا أحمد حسن: لدينا أقوى الجيوش فى الشرق الأوسط والعالم.. ولا نعتمد فى حماية أمننا على أحد

«الغباشى»: الدول العربية لا تزال تراهن على الخارج لحماية أمنها القومى

عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية: مصر دخلت عصر تصنيع السلاح ولديها تعاون عسكرى مع دول كثيرة

سفير سابق: «القاهرة» لا تراهن كثيرا على العرب فى أى مواجهة عسكرية محتملة مع إسرائيل

مختار الغباشى: العرب يملكون القدرة على حماية أنفسهم ولكنهم لا يملكون  الرغبة والقرار

مفكر سياسى: مصر تحررت من القيد الأمريكى بتنويع مصادر التسليح.. و«واشنطن» لا تتعامل مع دول الخليج باعتبارهم حلفاء

الضربة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت قيادات حركة حماس في قطر والتوحش الإسرائيلي في المنطقة وحديث رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو عن إسرائيل الكبرى من النيل للفرات وانحياز الولايات المتحدة الأمريكية الكامل لإسرائيل في حربها على المنطقة، دفعت الكثير من الدول العربية ومنها مصر إلى البحث عن حلفاء جدد موثوق بهم لحماية أمنها القومي. 

فالولايات المتحدة الأمريكية لم تمنع إسرائيل من توجيه ضربة عسكرية لقطر واستهداف قيادات حماس في الدوحة، رغم أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، صنفت دولة قطر حليفا رئيسيا للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي «الناتو»، حيث تمنح الولايات المتحدة هذا التصنيف للحلفاء المقربين من خارج الحلف الذين لديهم علاقات عمل إستراتيجية مع الجيش الأمريكي، كما أن قطر تستضيف على أراضيها أكبر قاعدة للقوات الأمريكية في المنطقة وهي قاعدة العديد.

وقبل الضربة بشهور قليلة أهدت قطر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب طائرة بوينغ 747-8 بقيمة 400 مليون دولار، كل ذلك لم يضمن لها حماية أمنها القومي على يد حليف استراتيجي من المفترض أنه موثوق به، مما أثار الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام، حول مصداقية الولايات المتحدة وجدوى التحالف معها رغم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حاول التنصل من المسئولية، وحاول طمأنة القطريين بأن ما حدث كان خطأ وأنه لن يتكرر مرة أخرى.

ووجه وزير خارجيته ماركو روبيو إلى إتمام اتفاق التعاون الدفاعي المعزز مع قطر، كمحاولة لامتصاص غضب القطريين والخليجيين والعرب. 

كما أن روسيا لم تمنع سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد على يد جماعة جبهة النصرة «تحرير الشام سابقا»، بقيادة الرئيس الحالي أحمد الشرع « أبو محمد الجولاني سابقا»، رغم التحالف الاستراتيجي بين الدولتين، ورغم أن نظام الأسد كان حليفا استراتيجيا لروسيا وكانت سوريا تستضيف في عهده قاعدتين عسكريتين للروس على أراضيها هما، قاعدة حميميم الجوية وقاعدة طرطوس البحرية على البحر المتوسط، مما أثار الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام حول تخلى روسيا عن نظام الأسد؟.

ومنذ شهور قليلة شنت كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية حربا شعواء ومدمرة على إيران، أسفرت عن تدمير برنامجها النووي بالكامل، وقتل العشرات من علماءها النوويين، وكادت أن تؤدي إلى سقوط النظام الإيراني، ورغم ذلك لم تتدخل روسيا أو الصين، وهما حليفين استراتيجيين لإيران وبينهما وبينها تحالفات واتفاقيات عسكرية ودفاعية، وفوجئ العالم بعدم تقديمهما أي دعم لإيران في هذه الحرب المدمرة، سوى الدعم السياسي والدبلوماسي الخجول والتي اقتصر على الخطب السياسية الرنانة والشجب والتنديد.

عدم حماية الولايات المتحدة لحليفتها الاستراتيجية قطر، وفشل روسيا في منع سقوط حليفها الاستراتيجي نظام بشار الأسد، وعدم دعم روسيا والصين لإيران في حربها ضد إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، أثار الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام، حول دور الحليف ومدى الاعتماد عليه في حماية الدول والأنظمة.

الصدمة في الحلفاء، وتآكل الثقة في مصدافية الولايات المتحدة وروسيا والصين التي كشفتها التحولات الجيوسياسية في المنطقة، والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وإيران ولبنان وسوريا، وكذلك الضربة العسكرية التي وجهتها إسرائيل لقطر، دفع الكثير من دول المنطقة ومنها مصر إلى إعادة حساباتها والبحث عن حلفاء جدد أو وسائل أخرى لحماية أمنها القومي بدلا من الاعتماد بشكل كامل على حلفاء أثبتت الأحداث أنهم لا أمان لهم ولا عهد، حتى أن بعض القادة العرب استدعى مقولة «ما حك جلدك غير ظفرك»، ومقولة الرئيس الراحل محمد أنور السادات «المتغطي بأمريكا عريان».

كما طرحت هذه التطورات الجيوسياسية الكثير من الأسئلة بالنسبة لمصر أبرزها: من هو الحليف الاستراتيجي الذي يمكن الوثوق به بالنسبة لمصر؟، ومن هو الحليف الذي من الممكن أن تعتمد عليه مصر في أوقات الأزمات أو عند أي مواجهة عسكرية مستقبلية مع إسرائيل أو دولة أخرى؟، هل من الممكن أن تكون الولايات المتحدة أو الصين أو روسيا أو حتى تركيا حليف موثوق به بالنسبة لمصر؟، وهل من الممكن أن تعتمد مصر على العرب في أي مواجهة عسكرية قادمة؟

مناورات عسكرية مع تركيا

بعد أكثر من عقد من التوقف، تعود مناورات «بحر الصداقة» بين مصر وتركيا إلى الواجهة من جديد، في خطوة عسكرية تحمل في طياتها رسائل سياسية، وتعكس تقاربًا متناميًا بين القاهرة وأنقرة، تقارب تُوج خلال العامين الماضيين بتبادل السفراء والزيارات الرئاسية، وصولًا إلى تعاون اقتصادي وعسكري متصاعد.

يقول خبراء عسكريون تعليقا على هذا التقارب العسكري بين مصر وتركيا، أن ما يدفع لهذه المناورات حاليًا هو متغيرات الأوضاع بالشرق الأوسط، والكارثة الإنسانية التي تحدث بقطاع غزة منذ ما يقرب من عامين.

ويضيف الخبراء، أن المناورات تأتي كذلك في ظل توتر كبير بالمنطقة، صاحبه الاعتداء الإسرائيلي على السيادة القطرية فى التاسع من سبتمبر الجاري، والتغير في موازين القوى على الدائرة الاستراتيجية والذي بدأ في التحرك لصالح الدول الشرقية الكبرى، وحالة الارتباك غير المسبوقة في المشهد السياسي العالمي.

ويتابع الخبراء، أن التصريحات الإسرائيلية الأخيرة التي تزعم السعي وراء دولة إسرائيل الكبرى والتي تعتقد تل أبيب أنها ستشمل أراضي من دول عربية، منها جزء من شرق مصر تراه إسرائيل جزءًا من كيانها الأكبر كانت الدافع الأكبر وراء وجود مثل هذه المناورات، وهي رسالة مطلوب توصيلها بشدة لقيادات إسرائيل مفادها أن أوهامهم أضغاث أحلام وستتحطم على عقبة قوة الدول المستهدفة.

ويعتبر الخبراء، أن المناورات رسالة سياسية وعسكرية مفادها أن تركيا ومصر، أكبر قوتين إقليميتين مسلمتين في شرق المتوسط، تقفان معا في مواجهة السياسات الإسرائيلية.

ويعتقد الخبراء، أن الهجوم الأخير الذي شنته تل أبيب في العاصمة القطرية الدوحة مثّل دليلا على إصرار إسرائيل على مواصلة سياساتها التصعيدية، وهو ما انعكس في مداولات القمة التي عقدت هناك، حيث طرحت مصر فكرة إنشاء "ناتو عربي" واتخذت مواقف أكثر وضوحا إزاء ضرورة التحرك ضدها.

مصر مع اعتماد العرب على أنفسهم

تدرك القيادة السياسية في مصر أن العرب يجب أن يعتمدوا على أنفسهم في حماية أمنهم القومي، لذلك الرئيس عبد الفتاح السيسي دائما ما يطالب بتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك وتشكيل قوة عربية مشتركة لحماية الأمن القومي العربي، ففي 29 مارس 2015 وافق مجلس جامعة الدول العربية على مقترح تقدم به الرئيس عبد الفتاح السيسي، بإنشاء قوة عربية مشتركة بهدف حفظ وصيانة الأمن القومي العربي.

ورغم أن المبادرة المصرية جاءت في سياق تصاعد التهديدات الأمنية في المنطقة لا سيما مع تنامي نفوذ تنظيمات مثل "داعش" وانهيار دول عربية، فإن القوة العربية المشتركة لم ترَ النور عمليًا، بسبب غياب توافق استراتيجي بين الدول العربية المحورية، وضعف آليات التنفيذ والتمويل، وحساسيات سياسية وأمنية بين الأطراف.

الكل يتذكر مقولة الرئيس عبد الفتاح السيسي الشهيرة «مسافة السكة»، والتي تعني أن مصر مستعدة في أي لحظة للدفاع عن أي بلد عربي تتعرض للعدوان من أي طرف خارجي، كما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة على أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وأن أمن الخليج بالنسبة لمصر «خط أحمر»، وهذا يبرهن ويدلل على أن مصر لا تعتمد في أمنها القومي على أي قوى خارجية بشكل مطلق، ولكنها تسعى للتعاون والتنسيق مع كل الأطراف من أجل خلق أمن إقليمي جماعي يحمي كل دول المنطقة من الأخطار المحدقة بها، وعلى رأسها خطر الإرهاب الأسود، ويحقق الأمن والاستقرار والازدهار لكل دول المنطقة، ومن ثوابت سياسة مصر الخارجية حل المشكلات بين الدول بالطرق السلمية وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول.

مصر ضد سياسة الأحلاف والقواعد العسكرية

من ثوابت مصر الخارجية عدم الانضمام للأحلاف العسكرية، ورفض إقامة أي قواعد عسكرية أجنبية على أراضيها، فمصر ترفض فكرة الانضمام للأحلاف منذ عصر الخمسينات إبان تولي الرئيس جمال عبدالناصر حكم مصر.

وعلى مدار تاريخها رفضت مصر الارتباط بالأحلاف العسكرية التى تنشأ تحت رعاية قوة عظمي، فلقد قاومت مصر مشروع قيادة الشرق الأوسط الذى طرحته الولايات المتحدة فى مطلع الخمسينيات لتجميع دول الشرق الأوسط مع كل من بريطانيا وفرنسا بهدف تطويق الاتحاد السوڤيتى فى إطار ما كان يُعرف بسياسة «الاحتواء»، كما أجهضت مصر حلف بغداد الذى تكون عام 1955من العراق وتركيا وإيران وباكستان وبريطانيا برعاية أمريكية لمنع انتشار النفوذ السوڤيتى فى الشرق الأوسط، كما رفضت مصر مرارا وتكرارا الانضمام لأي تحالف ضد إيران رغم الضغوط التي كانت تتعرض لها.

كما ترفض مصر رفضا قاطعا إقامة قواعد عسكرية أجنبية على أراضيها أو حتى في مجالها الحيوي وبالقرب من مياهها الإقليمية، ففي شهر يونيو الماضي، جددت مصر تأكيد رفضها لوجود أي قواعد عسكرية أو وجود مستدام على البحر الأحمر من الدول غير المشاطئة له، وذلك بعد تقارير كشفت عن إنشاء قاعدة أمريكية جديدة على الساحل السعودي الغربي.

يقول الخبراء والمراقبون، إن مصر تبنت منذ عقود سياسة تنويع تحالفاتها الإقليمية والدولية، وتنويع مصادر السلاح كركن من أركان إستراتيجية أمنها القومي، ولم تعتمد على حليف في حماية أمنها القومي.

التحالف مستوى أدنى من الحلف

في هذا الصدد، يقول الدكتور جمال عبد الجواد، الخبير السياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية، إنه فى علاقات التعاون المختلفة القائمة بين الدول فى عالم اليوم، لا ينطبق تعريف الحلف إلا على حلف ناتو، الذراع العسكرية للتكتل الغربى الذى يضم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى وعددا آخر قليلا من الدول فى آسيا.

ويضيف، أنه بين أعضاء التكتل الغربى مصالح أمنية واقتصادية مشتركة، وتجمعهم أيضا عقيدة سياسية ليبرالية وتنظيم سياسى ديمقراطى، توفر أساسا أيديولوجيا وهوية للحلف. 

ويستطرد: «التحالف هو مستوى أدنى من الحلف، للحلف مؤسسة وإطار تنظيمى، تعكس الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة طويلة الأمد بين أعضائه، غياب المؤسسية عن علاقات التحالف يعكس الطبيعة الظرفية والثقة المحدودة التى يضعها المتحالفون فى بعضهم البعض. للتحالف مكون أمنى ودفاعى قوى، فالحليف يرى فى أمن وسلامة الحلفاء مصلحة له، لكنه غير مستعد لإلزام نفسه بالدفاع عنهم حال تعرضهم لعدوان. ليس لدى الحلفاء تعريف مشترك للمصلحة العليا أو التهديدات، وإن اتفقوا على بعض الأهداف. لا تايوان تمثل مصلحة لروسيا، ولا أوكرانيا تمثل مصلحة للصين، وإن كانت هناك مصلحة فى مساعدة الحليف لتجنب الخسارة».

ويتابع: «الشراكة الاستراتيجية هى مستوى أدنى من العلاقة بين الدول. الشركاء الاستراتيجيون غير متكافئين، فبعضهم عادة أقوى أو أغنى أو أكثر تقدما من الآخر، تنطوى الشراكة الاستراتيجية على تعاون من أجل تعزيز مصالح حيوية، أمنية أو اقتصادية، لكنها لا تنطوى على التزامات دفاعية للشركاء الاستراتيجيين مصلحة مشتركة فى صياغة بعض جوانب البيئة الأمنية والاستراتيجية/ الشراكة الاستراتيجية أكثر من صفقة لتبادل المنافع، لكنها أقل كثيرا من تحالف».

مصر تمتلك أقوى الجيوش في العالم 

بينما يرى السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، أنه بالنسبة لسوريا فإن عناد نظام بشار الاسد وعدم استماعه إلى تركيا أو روسيا أو المعارضة الداخلية أو الخارجية، جعله يتحول إلى عبئ على روسيا ودفع تركيا بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية وأطرافا أخرى إلى التعاون مع الفصائل المعارضة لاسقاط نظام الأسد لا سيما وأن هذا النظام كان يسيطر على أقل من 60% من الأراضي السورية، وبالتالي روسيا لم تتخلى عن نظام الأسد إلا بعد أن أصبح عبئ عليها، بالإضافة إلى انشغالها بالحرب في أوكرانيا، لافتا إلى أن روسيا هي التي انقذت نظام الأسد من السقوط عام 2015.

وأضاف «حسن»، أن العلاقة بين إيران وكل من روسيا والصين قائمة على التعاون العسكري مثل التعاون في تصنيع الأسلحة والدعم الفني والطاقة النووية للأغراض السلمية والطائرات المسيرة، ولا يوجد اتفاقية بينها وبين الدولتين للدفاع المشترك، كما أن إيران لم تدخل في حرب واسعة أو شاملة مع أمريكا وإسرائيل.

وأشار إلى أن الكارثة الكبرى هي ما حدث لقطر لا سيما وأنها تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط وهي قاعدة العديد، لافتا إلى أن قطر قامت بتطوير قاعدة العديد بتكلفة 8 مليار دولار في عهد ترامب.

وأكد أن ضرب إسرائيل لقطر وجه ضربة قوية جدا لمصداقية الولايات المتحدة في المنطقة، لا سيما وأن ضرب دولة تقوم بالوساطة كانت أول سابقة في التاريخ، كما أن هذه الضربة أثبتت أن إسرائيل أهم بالنسبة للولايات المتحدة من كل الدول العربية، لا سيما وأن إسرائيل قامت بهذه الضربة بدعم أمريكي كامل وليس بضوء أخضر فقط، لافتا إلى أن قطر لم تثق في الحماية الأمريكية لذلك استعانة بتركيا أثناء خلافها مع بعض الدول العربية عام 2020.

وأشار مساعد وزير الخارجية الأسبق إلى أن توقيع اتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان لم يكن وليد هذه الفترة، ولكن تم الاعداد لها منذ فترة طويلة، لافتا إلى أن هذه الاتفاقية تشمل على تعاون عسكري استراتيجي في المجال النووي والصواريخ، لكن توقيت توقيع الاتفاق بعد الاعتداء على قطر هو من أثار الجدل حول الاتفاقية، ولكن بطريقة غير مباشرة يعتبر ردا على ما حدث في قطر.

وبالنسبة لمصر قال عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن مصر لا تعتمد بشكل كبير في حماية أمنها القومي على الخارج، مشيرا إلى أن مصر لديها جيش مصنف من أقوى الجيوش في الشرق الأوسط والعالم، ومنذ 2014 كان هناك تركيز على تحديث القوات المسلحة وتزويدها بأسلحة حديثة من كل الأطراف، بالإضافة إلى الدخول بقوة في مجال تصنيع السلاح، وتنويع مصادر التسليح، وبالتالي مصر لديها قوة تحميها، لافتا إلى أن مصر تخلت عن الدخول في سياسة الأحلاف منذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر، ولكن هناك تعاون عسكري مع الكثير من الدول، مشيرا إلى أن مصر تجري مناورات عسكرية مع كل دول العالم، أخرها مناورات بحر الصداقة مع تركيا، وهناك استقلاليه في تصنيع الكثير من الأسلحة، ومصر تقوم بتصدير السلاح إلى الكثير من الدول الأفريقية، كما يوجد تعاون كبير مع الكثير مع الدول الأفريقية في هذا المجال. 

وأضاف «حسن»، أن اعتماد مصر على الدول العربية في أي مواجهة عسكرية قادمة لن يكون حاسما، مشيرا إلى أن مصر تعتمد بنسبة كبيرة على قدراتها العسكرية الذاتية، لا سيما وأنها تمتلك أقوى الجيوش في المنطقة والعالم، أما دعم الدول العربية فيكون مقتصرا على الدعم الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي أو استخدام سلاح النفط مثلما حدث في حرب 1973، مشيرا إلى أن الجيش المصري تعلم من دروس قاسية مثل حرب 1973، لافتا إلى أن مصر انتصرت في هذه الحرب بفضل الروح المعنوية العالية التي كانت سائدة، وهذه الروح عوضت فرق التفوق العسكري الإسرائيلي الهائل، منوها إلى أن العلاقات البينية بين الدول العربية في حاجة إلى علاج، مؤكدا أن الدول العربية لديها من القدرات والامكانيات المادية والبشرية ما يجعلها قوة لها وزنها وتستطيع الاعتماد على نفسها إلى حد كبير لكن لا يوجد وفاق وتوجد منافسة شديدة على قيادة العالم العربي، بالإضافة إلى الحروب الأهلية وتأثير العقلية القبلية. 

القواعد الأمريكية لا تحمي دول الخليج

ويقول الدكتور مختار الغباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية، إن الولايات المتحدة تتعامل مع دول الخليج ليس باعتبارهم حلفاء لها، ولكن باعتبارهم دول وظيفية تابعة خاضعة أو مقاولين من الباطن كما قال الشيخ حمد بن جاسم، مشيرا إلى أن الحلفاء يتعاملون مع بعضهم على قدم المساواه والندية، مثل العلاقة بين الولايات المتحدة وبريطانيا، وهذا ظهر في الضربة الاسرائيلية على قطر رغم وجود قاعدة العديد ورغم ما يسمى بالعلاقات الاستراتيجية بين البلدين.

وأضاف «غباشي»، أنه بسبب ذلك لجأت المملكة العربية السعودية إلى باكستان، ولجأت الإمارات إلى الهند، مشيرا إلى أن عدم استجابة الدول العربية لمطالب مصر بتشكيل قوة عربية مشتركة يؤكد أن هذه الدول تابعة ولا تملك اتخاذ القرار، وبالتالي لا زالت الدول العربية تراهن على الخارج لحماية أمنها القومي وترفض الاعتماد على نفسها.

ولفت إلى أن مصر اتبعت الفترة الماضية سياسة تنويع مصادر التسليح، فاتجهت إلى أوروبا وروسيا والصين، وهذا شكل من أشكال التحرر من القيد الأمريكي، مشيرا إلى أن سوريا كانت تضرب في عهد بشار الأسد في ظل وجود القواعد العسكرية الروسية وبتنسيق مع إسرائيل.

وأكد «الغباشي» أن وجود الدول الكبرى في المنطقة هو من أجل الحفاظ على مصالحها حتى لو كانت تتعارض مع مصالح الحلفاء في المنطقة، وبالتالي وجود القواعد الأمريكية في دول الخليج لا يمكن أن تمثل حماية لهذه الدول من أي تهديد وخاصة إذا كان هذا التهديد صادرا من دولة حليف قوي للولايات المتحدة الأمريكية مثل إسرائيل.

وأوضح نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية، أن اعتماد الدول العربية على نفسها في حماية أمنها القومي يكون بعد أن يتحرر قرارها، مشيرا إلى أن أمريكا والغرب يفضلون التعامل مع الأنظمة الملكية في المنطقة لأنه يسهل السيطرة عليها، مشيرا إلى أن أحد المسئولين البارزين في جامعة الدول العربية تحدث وقال إن الوقت غير مناسب لتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك في اشارة إلى أن هذه الدول تفضل الاعتماد على الحماية الأجنبية بدلا من الاعتماد على المظلة العربية.

وأضاف أن العرب يدركون أن الحلول السياسية والدبلوماسية واللجوء للمنظمات الدولية لن تجدي نفعا مع إسرائيل أو الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدا أن العالم العربي يملك القدرة على حماية نفسه ولكنه لا يملك الرغبة في ذلك، مشددا على أن الدول العربية كانت قادرة على وقف الإبادة الجماعية في غزة لما تملكه من أوراق ضغط كبيرة على الولايات المتحدة مثل النفط والغاز والاستثمارات الخليجية في أمريكا وأوروبا.