تفاصيل صراع الأحزاب الكبرى لاختيار رئيس ووكيلي مجلس الشيوخ

تشهد الساحة السياسية المصرية حراكًا واسعًا وتنسيقًا غير مسبوق بين الأحزاب الكبرى، وعلى رأسها حزب مستقبل وطن، وحزب حماة الوطن، وحزب الجبهة الوطنية، وذلك في إطار الاستعدادات الجارية لتشكيل مجلس الشيوخ في الفصل التشريعي الثاني، واختيار رئيس ووكيلي المجلس، إلى جانب التحضير المبكر لانتخابات مجلس النواب المقررة في عام 2026.
ووفقًا لمصادر مطلعة، فإن هذه الأحزاب، التي تُعد من أكبر الكتل السياسية ذات القواعد الشعبية الواسعة، بدأت مشاوراتها منذ تشكيل القائمة الوطنية لانتخابات مجلس الشيوخ، ويزداد التنسيق حاليًا مع اقتراب موعد اختيار قيادات المجلسين، بهدف التوافق على مرشحين للمناصب القيادية داخل المجلسين.
توزيع المقاعد يعكس قوة الأحزاب
أظهرت نتائج انتخابات مجلس الشيوخ تصدر حزب مستقبل وطن بعدد 44 مقعدًا، يليه حزب حماة الوطن بـ19 مقعدًا، ثم حزب الجبهة الوطنية بـ12 مقعدًا، مما يعزز من فرص هذه الأحزاب في التأثير على تشكيل القيادة داخل المجلسين.
ومن المتوقع أن يستمر التنسيق بين هذه الأحزاب لاختيار رئيسي مجلسي الشيوخ والنواب، إلى جانب الوكيلين في كل مجلس، بما يضمن تحقيق التوازن السياسي بين الكيانات الممثلة تحت القبة البرلمانية.
وكشفت مصادر مطلعة عن تصاعد التنسيق بين الأحزاب الكبرى في المشهد السياسي المصري، استعدادًا لتشكيل مجلس الشيوخ في الفصل التشريعي الثاني، وسط توقعات بأن يتولى حزب مستقبل وطن أولوية اختيار رئيس المجلس، فيما يُتوقع أن يُسند اختيار الوكيلين إلى حزبي حماة وطن والجبهة الوطنية، باعتبارهم من أبرز الكتل السياسية داخل المجلس.
هيمنة ثلاثية على تشكيل اللجان
كما أشارت المعلومات إلى أن تشكيل اللجان النوعية داخل مجلس الشيوخ سيخضع أيضًا لتنسيق مشترك بين الأحزاب الثلاثة، بحيث يتم توزيع المناصب القيادية داخل كل لجنة — من رئيس ووكيلي اللجنة — وفقًا لنسب التمثيل الحزبي، مما يعكس استمرار التحالف السياسي بين هذه الكتل في إدارة العمل البرلماني.
وتنظم اللائحة الداخلية للمجلس ضوابط وإجراءات انتخاب رئيس المجلس والوكيلين، حيث تنص المادة (13) على أن يتم انتخابهم من بين الأعضاء في بداية كل فصل تشريعي، وذلك بالأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة، على أن يرأس الجلسة الافتتاحية أكبر الأعضاء سنًا، ويعاونه أصغر اثنين سنًا من الحاضرين.
وتُقدم الترشيحات إلى رئيس الجلسة خلال مدة محددة، ويُسمح لكل مترشح بالتعريف بنفسه إذا طلب ذلك. وتُجرى عملية الانتخاب بشكل سري، في جلسة علنية أو أكثر، وبالتعاقب بدءًا من انتخاب الرئيس ثم الوكيلين. ويباشر الرئيس المنتخب مهامه فور إعلان فوزه، ولا تُجرى أي مناقشات داخل المجلس قبل انتخابه.
قيود على إعادة الانتخاب
تنص المادة (14) من اللائحة على أنه لا يجوز انتخاب الرئيس أو أي من الوكيلين لأكثر من فصلين تشريعيين متتاليين، فيما تنص المادة (15) على ضرورة إخطار رئيس الجمهورية بتشكيل مكتب المجلس فور إعلان انتخابه.
شروط شخصية لرئيس المجلس
وفي سياق متصل، أكد الدكتور رجب عب المنعم، أستاذ القانون الدستوري، أن منصب رئيس مجلس الشيوخ أو مجلس النواب يجب أن يخضع لضوابط دقيقة، مشيرًا إلى أن المنصب يمكن أن يشغله رجل أو سيدة، سواء كان العضو منتخبًا أو معينًا، دون تمييز بينهما.
وأضاف “عبد المنعم” أن من أبرز الشروط الواجب توافرها في رئيس المجلس:
- أن يكون على مسافة واحدة من جميع الأعضاء.
- أن يطبق اللائحة الداخلية بمرونة وشفافية.
- أن يجيد اللغة العربية إجادة تامة، ويفضل إلمامه بلغة أجنبية واحدة على الأقل.
- أن يمتلك مهارات الإلقاء والخطابة.
- أن يكون ملمًا بالأساسيات الدستورية والنظم السياسية والتشريعات الاقتصادية.
هل يكون من المعينين؟
وأكد أستاذ القانون الدستوري، أن اختيار رئيس مجلس الشيوخ الجديد يمكن أن يتم من بين الأعضاء المعينين، مشيرًا إلى وجود سوابق برلمانية في هذا الشأن، أبرزها انتخاب الدكتور رفعت المحجوب رئيسًا لمجلس الشعب رغم تعيينه بقرار جمهوري، وهي تجربة وصفها بالفترة البرلمانية الثرية.
وأوضح أن عنصر السن لا يُعد معيارًا حاسمًا في اختيار رئيس المجلس، بل الأهم هو توافر الشروط الجوهرية التي تضمن كفاءة المرشح، خاصة أن عملية الاختيار تتم عبر الانتخاب، مما يتطلب قدرًا كبيرًا من التوافق بين أعضاء المجلس.