وزير السياحة والآثار يعالج أزمات متراكمة من عقود في قطاع الاثار

بعد تعرض أسورة أثرية تعود للملك أمنمؤوبي من عصر الانتقال الثالث للسرقة من داخل المتحف المصري بالتحرير، تمكنت أجهزة الأمن من كشف هوية المتهمة والقبض عليها، وتبيّن أنها إخصائية ترميم بالمتحف.
وفور تسريب خبر سرقة الأسورة، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات والتحليلات حول الواقعة، حيث انقسمت الآراء بين من يرجّح قيام المتهمة بتهريب الأسورة إلى الخارج مستندين إلى خبرتها كأخصائية ترميم وإدراكها لأهميتها الأثرية، معتبرين أن ما ذكرته في التحقيقات مجرد محاولة لتضليل العدالة، وبين من يرى أن الدافع قد يكون الحاجة المادية وأنها باعتها كذهب بمبلغ زهيد دون تقدير لقيمتها التاريخية. ورغم اختلاف التفسيرات، أجمع الجميع على ضرورة محاكمتها محاكمة رادعة تتناسب مع حجم الضرر الذي تسببت فيه للتاريخ والحضارة المصرية، وخيانتها للأمانة بسرقة قطعة ذهبية تمثل جزءًا من التراث الوطني.
ومع تصاعد الجدل، طرح العديد من المواطنين والإعلاميين تساؤلات حول ملابسات الواقعة، خصوصًا بعد مداخلة هاتفية لوزير السياحة والآثار شريف فتحي مع الإعلامي عمرو أديب في برنامج الحكاية، حيث رد على الأسئلة المثارة.
إلا أن بعض المنتقدين اقتطعوا أجزاء من تصريحاته وشنوا هجومًا عليه، متسائلين كيف لوزير أن يجهل مرتبات المرممين، مطالبين بالتحقيق في أسباب السرقة وربطها بضعف رواتب العاملين في قطاع الآثار، وداعين إلى تحسين أجورهم ومساواتها برواتب قطاع السياحة.
غير أن متابعة ردود أفعال العاملين بالقطاع الأثري تكشف بعض الحقائق التي تستوجب التوضيح، إذ يضم قطاع الآثار هيكلًا وظيفيًا هرميًا يبدأ بالأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، يليه رؤساء القطاعات والمديرون والنواب وأمناء المخازن ثم المرممون، ولكل مستوى مهام ومسؤوليات محددة.
ولذلك ليس من المنطقي أن يتجاوز الوزير هذا التسلسل الإداري ويتعامل مباشرة مع الموظفين أو يطّلع بنفسه على رواتب كل فرد وفق درجته الوظيفية، بل يعقد اجتماعات دورية مع المسؤولين المعنيين لمناقشة مختلف قضايا القطاع، وعلى رأسها أوضاع العاملين ورواتبهم في مختلف الإدارات.
كما يجدر التنويه إلى أنه منذ تولي الوزير شريف فتحي مهام منصبه، بادر بدراسة أوضاع العاملين المالية، وبالرغم من التحديات الإدارية، فإن مرتبات العاملين بقطاع الآثار تفوق نظيرتها في قطاع السياحة – باستثناء بعض الوحدات الحسابية التي لم تُطبّق الحد الأدنى للأجور بشكل كامل، وهو ما يجري حاليًا مراجعته لتصحيحه.
وخلال عام واحد فقط من توليه الوزارة، نجح الوزير في مضاعفة حوافز العاملين بقطاع الآثار ثلاث مرات، حسب ما تؤكده سجلات القطاع المالي، كما تمكن من تثبيت العاملين بالعقود المؤقتة بعد سنوات من الانتظار.
ورغم الهجوم الشعبي الذي طال المرممين عقب حادث السرقة، كان الوزير أول المدافعين عنهم، مؤكدًا نزاهة العاملين في القطاع رافضًا التعميم على جميع المرممين واتهامهم بالسرقة بسبب واقعة فردية.
ولا ينكر أحد وجود مشكلات مزمنة في قطاع الآثار تراكمت عبر عقود بسبب سوء الإدارة السابقة، إلا أن الوزير الحالي يعمل على تنفيذ إصلاحات تدريجية لتحسين الأوضاع، مع مراعاة الإجراءات القانونية والرقابية التي يفرضها الجهاز المركزي للمحاسبات والجهات الرقابية.
وللتأكيد على ذلك، يمكن للعاملين في قطاع الآثار الرجوع إلى زملائهم الذين تم ندبهم سابقًا للعمل في قطاع السياحة، حيث فوجئ الكثير منهم بأن رواتب السياحة أقل من رواتب الآثار على عكس توقعاتهم وما يُثار على منصات التواصل الاجتماعي.
وقد دفع هذا الأمر الموظفين المنتدبين المطالبة بالعودة إلى وظائفهم وأماكنهم الأصلية في قطاع الآثار، وهو ما يعكس الجهود المبذولة للحفاظ على حقوق العاملين وتحسين بيئة العمل داخل القطاع الأثري.