< الدكتور محمد حمزة يتسأل: لماذا يصر نتنياهو علي أختلاق الأساطير؟
النبأ
رئيس التحرير
خالد مهران

الدكتور محمد حمزة يتسأل: لماذا يصر نتنياهو علي أختلاق الأساطير؟

الدكتور محمد حمزة
الدكتور محمد حمزة

لماذا يصر رئيس الوزراء الاسرائيلي علي إختلاق قصص  وهمية لاعلاقة لها بالتاريخ  الحقيقي،؟ هل مسلسل غسيل الأدمغة والعقول  مايزال مستمرا ؟ولماذا يصمت أهل السياسة في العالم علي هذه الأكاذيب؟
ولماذا يصمت أهل العلم في التاريخ والآثار علي هذه الأكاذيب المستمرة والمتكررة ؟ولماذا يصمت الاعلام   عن فضح هذه الأكاذيب من خلال أهل العلم والتاريخ والآثار؟
وهل رد  الرئيس التركي علي تصريح رئيس الوزراء الاسرائيلي   بخصوص صك ملكية اسرائيل للقدس المحفوظ في احد المتاحف التركية كاف؟. 
ولنبدأ الحكاية من البداية، في 15سبتمبر الجاري2025م ألقي نتنياهو خطابا لافتا للنظر وحاد النبرة في متنزه مدينة داوود الأثري  بالقدس خلال فعالية أطلق عليها اسم افتتاح النفق القديم داخل القدس الشرقية بحضور وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ؟ وقد أشار نتنياهو خلال كلمته إلى نقش حجري قديم يثبت أن القدس لليهود  وان هذا النقش موجود في تركيا وان تركيا رفضت عودة. هذا النقش لإسرائيل عام1998م عندما كان اردوغان رئيسا لبلدية إستانبول في ذلك الوقت وكان رئيس الوزراء التركي. آنذاك هو مسعود يلماز؟؟؟ ومن الملفت للنظر ان نتنياهو لم يشر إلى اسم هذا النقش  وإكتفي بالقول من إنه. من عهد حزقيا ملك يهوذا بالقدس  في القرن8 ق م. 
و من الغريب ان احد شهود العيان في ذلك الوقت قد أشار إلى ان ماذكره نتنياهو إنما هو قصة مختلقة لم تحدث ولم يتطرق اليها الحوار مع رئيس الوزراء التركي من قريب أو من بعيد أي إنه ا لم تدرج أصلا في جدول الأعمال،  فلماذا. هذا الكذب وذلك التلفيق،  وفي هذا التوقيت بالذات؟  أي  بعد  اعتماد. الجمعية العامة   قرارا بالأغلبية في 12 سبتمبر  الجاري 2025م يقر  إعلان نيويورك بشأن تسوية القضية الفلسطينية بالطرق السلمية  وتنفيذ حل الدولتين، والغرض من ذلك واضح جلي وهو عدم  موافقة اسرائيل علي هذا القرار وبالتالي عدم الموافقة علي تقسيم القدس  فالقدس هي العاصمة الأبدية لإسرائيل وبالتالي فإن ذكره لهذا النقش الأثري من وجهة نظرة إنه بمثابة صك ملكية  يثبت ان القدس  لهم. 
ورغم ان  ماذكره  نتنياهو في خطابة قصة مختلقة إلا أن هذا لاينفي  ان اسرائيل  قد طالبت تركيا  خلال العقود الماضية مرارا وتكرارا بعودة هذ النقش  مهما كان الثمن وبأي مقابل؟لان هذا النقش  من وجهة نظرهم يعد دليلا اثريا بارزا يؤكد ما ورد في التوراة من أن الملك   حزقيا( 725-696  ق م) قد امر بحفر هذا النفق، 
وكان رد الرئيس التركي علي نتنياهو بأن  تركيا لن تعطيه هذا النقش بل ولن تعطيه ولو حجرة  صغيرة واحدة من القدس الشريف. 
والسؤال الذي يطرح نفسه   وهو هل هناك نقش  في تركيا  يؤكد ماذكره نتنياهو؟
وهل هذا النقش يحمل اسم الملك حزقيا وتاريخ نقشه؟
وما هو اسم هذا النقش ومتي إكتشف واين يحفظ ؟
وهل رفض تركيا لعودة هذا النقش لإسرائيل  لأنه  وثيقة أثرية دامغة تؤكد ماورد في التوراة بخصوص  نفق حزقيا وبالتالي القدس  ملك  تاريخي  لإسرائيل  بسبب هذا النقش كما أشار نتنياهو ؟
وهذا النقش  موجود فعلا ويعرف بنقش سلوان أو سلوان( انظر الصور المرفقة ونقوم بنشره لأول مرة في دراسة عربية) وقد إكتشف عام 1880م اي عندما كانت فلسطين عامة والقدس خاصة خاضعة للسلطنة والخلافة العثمانية ومن ثم نقل النقش   إلى إستانبول وتم حفظه في متحف همايون المعروف حاليا بمتحف إستانبول الأثري. 
وهذا النقش  عبارة عن 6اسطر ولا يحمل تاريخا ولا اسم الملك الذي أمر بحفر النفق؟؟؟   وطبقا للسياسة الاسرائيلية  في إسقاط  الأسماء التوراتية علي المعالم والمواقع والأراضي والشوارع  والأحياء الفلسطينية  في ظل تهويد  الحجر 
 والتاريخ تم إطلاق اسم حزقيا علي هذا النفق وبالتالي تم ربط هذا الاكتشاف  بما ورد في سفر الملوك الثاني الإصحاحات20و30و32  بخصوص حفر حزقيا  
لهذا النفق. 
ولم يذكر دليل واحد علي صحة هذا الرأي في ظل خلو النقش من اسم الملك أو  التاريخ الذي نقش فيه كماسبق القول، ومن جهة اخري فالخط المسمي بالخط العبري القديم  ماهو إلا لهجة كنعانية تسميها التوراة نفسها شفة كنعان ولا تسميها عبرية وهي نفس اللهجة التي كتب بها سفر الشريعة   في عهد الملك يوشيا عام636ق م وعرفت بإسم لغة يهوذا( يهوذيت) والتي أصبحت تعرف بالعبرية فيما بعد، ثم لماذا حزقيا فإن سفر اشعيا(٨-٦) أشار إلى ان هذا النفق كان موجودا قبل حزقيا وتحديدا في عهد أبيه آحاز، ونسبه أخرين إلى فترة سابقة لا علاقة لها بالمملكة الموحده ولا بمملكة يهوذا سواء آحاز أو ابنه حزقيا، ونسبه فريق آخر إلى الكنعانيين بالقدس واطلقوا عليه نقش سلوان الكنعاني، والدليل علي ذلك   وفقا للاكتشافات الأثرية  أن فترة ماقبل الملك  آحاز قد اعتبرت ماقبل تاريخ  فإن الملوك الاحدعشر من سلالة الملك داوود ممن ورد ذكرهم في  سفري الملوك  الأول والثاني  علي أنهم تتابعوا علي عرش القدس أو أورشليم لايوجد دليل واحد علي وجودهم خارج الرواية الدينية قبل آحاز الذي ورد ذكره في لائحة الملوك الذين أدوا الجزية للملك الآشوري  تغلات فلاصر  حوالي 732 ًق م أو حوالي735 ق م؟؟
ومن جهة اخري فقد أثبتت  الدراسات الأثرية ان تاريخ فلسطين في العصر الحديدي الاول1200-1000 ق م يوجد فراغ أثري واضح فيها أي  لاتوجد إكتشافات  وهو ما جعل التوراتيون وانصارهم يملؤون هذه الفترة  بسيناريوهات الهجرة البدوية وتكوين بذرة اسرائيل في شمال الوسط  وبذرة يهوذا في جنوب الوسط وهذا هو مادفع  كيث وايتلام
إلى كشف وفضح هذا التلاعب وذلك التزوير في التاريخ في كتابه تلفيق اسرائيل التوراتية وطمس التاريخ الفلسطيني، 
وقال أخرون اختلاق الماضي أو الماضي الخرافي، 
وعلي ذلك فإن الفكرة الأركيولوجية التوراتية  تعتبر العصر البرونزي3300-1200 ق م حقبة كنعانية والعصر الحديدي الأول 1200-1000 ًق م حقبة اسرائيلية وأن اسرائيل القديمة تشكل جزءا  من سكان فلسطين الآخرين بالاستقرار، وأثبت العلم المدعم بالأدلة الأثرية في وثائق الشرق الادني القديم والاكتشافات الأثرية في فلسطين نفسها عامة والقدس خاصة أنه لاوجود تاريخي لما يعرف بالمملكة الموحدة ( شاؤول وداوود وسليمان)1025-931 ق م وأنها لم تقم لها قائمة ولم يكن هناك عاصمة ولا مراكز حضارية ذات شأن؟؟؟  ومن جهة اخري فإن أول ذكر  لاسم اسرائيل  كان عام880 ق م عندما أسست  أسرة  عمري بضم العين في السامرة وعرفت بإسم اسرائيل السامرة وليس بصيغة كل اسرائيل التوراتية وبعدها بقرن ونصف القرن   قامت دولة يهوذا في أورشليم  وورد اسم ملكها آحاز أو آخاز  ملك يهوذا في الوثائق الآشورية  ضمن لائحة الملوك الذين  ارسلو الجزية للملك الآشوري عام 732 ق م أو 735 ق م كماسبق القول؟ وبالتالي فلم تكن الدولتان متعاصرتان بل نشأتا تباعا في فلسطين كجزء  من النظام العالمي للإمبراطورية الآشورية في ذلك الوقت، هذا ولم تكن القدس أو أورشليم  التي أسست منذ العصر البرونزي المبكر3300-2000  ق م  علي يد الأموريين ثم أسست مدينة القدس الثانية  في العصر البرونزي الأوسط2000-1550  ق م  علي يد الكنعانيين وعرفت بالقدس اليبوسية وما أعقب ذلك من عصور حتي القرن 8 ق م  لتنتظر حتي يأتي الملك حزقيا ليحفر لها نفقا ليزودها بالمياه علي نحو ماورد  في سفر الملوك كماسبق القول؟؟؟ فإن المدينة كانت  قد عرفت مثل هذه التقنيات منذ عصر البرونز الأوسط 2000-1550ًق م وهو ما أكدته الاكتشافات الأثرية عام 1876م وما بعدها وأثبتته الاكتشافات اللاحقة والدراسات الحديثة التي عوّلت عليها، 
وبالتالي فإن هذا النقش  المعروف بنقش سلوان    أو شلوام لاعلاقة له بحزقيا من قريب أو من بعيد؟؟   ولا علاقة له بإدعاء نتنياهو ، وبذلك علي اسرائيل وانصارها وعلي رئيس وزرائها أن يدركوا كما ادرك العديد من العلماء الموضوعيين في الغرب ومنهم يهود  واسرائيليين  إنه لايوجد دليل اثري واحد يؤكد صحة المرويات التوراتية وأنهم    أي اليهود  الحاليين قد نجحوا بفضل  المؤامرة الصهيونية ومساندة الغرب وضعف العرب  والمسلمين وتفرقهم  في  احتلال فلسطين وملء الفراغ السياسي والحضاري الذي  تركته الدولة العثمانية   مثلما نجح اسلافهم خلال عصر الحديد  الثاني 1000- 539 ق م وخاصة منذ القرن 9ق م في ملء الفراغ السياسي والحضاري الذي تركته  الدول المصرية القديمة في العصر المتأخر   بالسيطرة علي فلسطين واحتلالها 
فما أشبه الليلة بالبارحة، وهذا النقش قد تمت ترجمته بضعة ترجمات مختلفة بعضها لخدمة الأغراض الصهيونية والاسرائيلية ولا مجال لدراستها هنا ولكن ما يعنينا أنه يتضمن الإشارة إلى وجود جماعتين من الحجارين أو النحاتين قد اشتركوا في نقبه وحفره بطول 1200ذراع أي533م وعرضه  ٥م و60سم وارتفاعه يتراوح مابين 1م و4سم   إلى 5م و8سم، 
وعلي ماتقدم  نقول إلى متي يستمر الكذب والتضليل والتلفيق علي مرأي ومسمع من العالم اجمع، 
وإذا كانت السياسة والقوة والفيتو  هي المسيطرة علي الساحة في عصر العولمة والكوكبة  والشملنة والكوننة  علي حساب العلم والحق والعدل والقانون الدولي. 
فلماذا العلم إذن؟ ولماذا القانون الدولي والمحاكم الدولية إذن؟
ولماذا الأمم المتحدة والجمعية العامة ومجلس الأمن إذن. 
ولو الغرض هو تطبيق الشرعية الدولية  وتحقيق الامن والأمان والسلام  والعدل  علي مستوي العالم فلماذا الفيتو لخمس دول كبري إذن. 
أيها السادة 
لا بد من وقفة جريئة   ضد  شريعة الغاب والبقاء للأقوي بل وكل من تسول له نفسه   أن  يخالف الحقائق العلمية الثابتة والمدعمة بالأدلة الموثقة فمن كان ذا عبرة فليكن فطينا ففي من مضي معتبر؟؟؟ وما يتم ستره اليوم سرعان مايفضح أمره غدا مهما طال هذا الغد، 
والسر الذي تواري وظن رئيس الوزراء أنه كشفه للعالم ليؤكد حقيقة الوجود الاسرائيلي ويحرج تركيا امام العالم قد إكتشف وفضح مزاعمهم وادعاءاتهم  وأكاذيبهم، 
فالحق أحق  أن يتبع، أفيقوا يابني أدم، إن غدا لناظره قريب.