< الفضة ترتفع 32% منذ بداية العام… المصريون يتجهون إلى المعدن الأبيض مع تراجع القوة الشرائية
النبأ
رئيس التحرير
خالد مهران

الفضة ترتفع 32% منذ بداية العام… المصريون يتجهون إلى المعدن الأبيض مع تراجع القوة الشرائية

الفضة
الفضة

كشف تقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن» للأبحاث عن تطورات أسعار الفضة في الأسواق المحلية والعالمية خلال الأسبوع الماضي، موضحًا أن المعدن الأبيض ما زال يحافظ على مكانته كأحد أبرز أدوات الاستثمار البديلة في ظل الضغوط الاقتصادية العالمية وتراجع القوة الشرائية.

أشار التقرير إلى أن أسعار الفضة بالأسواق المحلية المصرية تراجعت بنسبة 1.9% خلال تعاملات الأسبوع الماضي، حيث انخفض سعر جرام الفضة عيار 800 بنحو جنيه واحد، ليغلق عند 54 جنيهًا بعد أن بدأ الأسبوع عند 55 جنيهًا، أما عالميًا، فقد ارتفعت أسعار الفضة في البورصة العالمية بنسبة 2.4% لتغلق الأوقية عند أعلى مستوياتها منذ أغسطس 2011، حيث صعدت من 41 دولارًا إلى 42 دولارًا.

كما سجلت باقي الأعيرة استقرارًا نسبيًا، حيث بلغ سعر جرام الفضة عيار 999 نحو 68 جنيهًا، وعيار 925 قرابة 63 جنيهًا، بينما استقر جنيه الفضة (عيار 925) عند مستوى 504 جنيهات.

وعلى مدار العام الجاري، قفزت أسعار الفضة محليًا بنسبة 32% أي ما يعادل 13 جنيهًا للجرام، بينما ارتفعت الأوقية عالميًا من 29 دولارًا إلى 45 دولارًا، أي بزيادة 13 دولارًا منذ بداية العام.

أوضح التقرير أن قوة الجنيه أمام الدولار حدّت من انعكاس الارتفاعات العالمية بشكل كامل على السوق المحلية، إلا أن مبيعات الفضة تشهد نموًا ملحوظًا نتيجة الارتفاع التاريخي لأسعار الذهب، وتراجع القوة الشرائية لدى الأفراد، مما دفع العديد من المصريين للبحث عن بدائل استثمارية مثل المعدن الأبيض.

وأضاف التقرير أن دخول مستثمرين جدد إلى سوق الفضة ساعد في تعزيز ثقافة الادخار وتنويع المحافظ الاستثمارية، كما ساهم توافر السبائك بأوزان ومقاسات مختلفة، مع حلول تغليف وحماية عالية الجودة، في زيادة الإقبال على شراء السبائك الفضية.

على الصعيد العالمي، واصلت أسعار الفضة تسجيل مستويات قياسية، حيث لامست الأوقية مستوى 42.45 دولارًا، وهو الأعلى منذ 14 عامًا. وأوضح محللو TD Securities أن استمرار الطلب الاستثماري مع محدودية المعروض قد يؤدي إلى نفاد مخزونات بورصة لندن في فترة تتراوح بين أربعة وسبعة أشهر فقط، مع توقعات بإمكانية وصول الأسعار إلى 50 دولارًا للأوقية، وهو مستوى لم يتحقق منذ أبريل 2011.

وأشار التقرير إلى اتساع الفجوة بين أسعار عقود COMEX الآجلة في نيويورك وسوق لندن الفوري، حيث يتم تداول عقود ديسمبر بزيادة تصل إلى 55 سنتًا عن السعر الفوري، وهو ما يعكس حالة شح المعروض عالميًا.

أكد التقرير أن الدعم الأخير لصعود أسعار الفضة جاء مدفوعًا ببيانات أمريكية كشفت عن تباطؤ سوق العمل، إذ ارتفعت طلبات إعانة البطالة الأسبوعية بأسرع وتيرة منذ أربع سنوات، بينما أضاف الاقتصاد الأمريكي 22 ألف وظيفة فقط في أغسطس مقابل توقعات بـ 75 ألف وظيفة، كما ارتفع معدل البطالة إلى 4.3%، وهو الأعلى منذ عام 2021.

وفيما يتعلق بالتضخم، ارتفع مؤشر أسعار المستهلك في الولايات المتحدة إلى 2.9% على أساس سنوي في أغسطس، مقارنة بـ 2.7% في يوليو، بينما استقر التضخم الأساسي عند 3.1%. هذه البيانات عززت من احتمالات إقدام مجلس الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة، حيث تشير توقعات الأسواق إلى احتمال بنسبة 88% لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماعه يومي 16 و17 سبتمبر، مع وجود احتمال بنسبة 12% لخفض أكبر بواقع 50 نقطة أساس.

لفت التقرير إلى أن الفضة باتت تتمتع بمكانة استثمارية وصناعية مزدوجة، حيث لا تقتصر أهميتها على كونها أداة ادخارية بديلة للذهب، بل أصبحت عنصرًا أساسيًا في صناعات استراتيجية مثل الطاقة الشمسية، المركبات الكهربائية، والإلكترونيات الدقيقة.

ومع استمرار ارتفاع الطلب الصناعي وتراجع المعروض العالمي، يرى المحللون أن الفضة مرشحة لتحقيق أداء أقوى من الذهب على المدى المتوسط، خاصة أن نسبة الذهب إلى الفضة ما زالت مرتفعة فوق 86، مقارنة بمتوسط تاريخي يتراوح بين 50 و60.

تطرق التقرير إلى أن الأوامر التنفيذية الأخيرة الصادرة عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي استثنت بعض المعادن الاستراتيجية مثل الذهب والجرافيت والتنجستن واليورانيوم من التعريفات الجمركية، لم تشمل الفضة، وهو ما أثار قلقًا بشأن مستقبلها التجاري.

هذا الغموض انعكس على سوق الإقراض، حيث ارتفعت معدلات تأجير الفضة لمستويات غير مسبوقة، إذ تحركت المعدلات إلى المنطقة السالبة عند (-1.2%)، أي أن المستعير يدفع بدلًا من الحصول على عائد، بينما يحقق المؤجر عوائد تصل إلى 5.5% على أساس ثلاثة أشهر.

كما ساهم إدراج الفضة الشهر الماضي في قائمة المعادن الحيوية للحكومة الأمريكية في رفع مستويات الطلب وخفض المعروض، مما أدى إلى اتساع الفارق بين أسعار عقود COMEX والفضة الفورية في لندن من 25 سنتًا إلى 1.1 دولار للأوقية.

خلص التقرير إلى أن الفضة تسير بخطى متسارعة نحو مستويات تاريخية جديدة، مدفوعة بعوامل اقتصادية وجيوسياسية متعددة، من ضعف الدولار وتباطؤ سوق العمل الأمريكي، إلى تنامي الطلب الصناعي والتحول العالمي نحو الطاقة النظيفة والمتجددة.

ومع استمرار النظرة الاستثمارية التي ترى الفضة أقل تقييمًا من الذهب، يتوقع محللو مركز «الملاذ الآمن» أن تشهد السنوات المقبلة فترة إعادة تموضع استراتيجي للمعدن الأبيض داخل المحافظ الاستثمارية العالمية، مما يعزز من مكانته كملاذ آمن ومعدن المستقبل.