< خطة الدولة لإنتاج 10 ملايين متر مكعب من المياه يوميا داخل محطات التحلية
النبأ
رئيس التحرير
خالد مهران

خطة الدولة لإنتاج 10 ملايين متر مكعب من المياه يوميا داخل محطات التحلية

تحلية المياه
تحلية المياه

نصر علام: مشروعات التحلية لا تضاعف الثروة المائية.. وهى حل اضطرارى

وزير الرى الأسبق: مشروعات تحلية مياه البحار وحدها لا تكفى ومكلفة للغاية

عباس شراقى: تكلفة التحلية باهظة للغاية ولا تسد احتياجات الزراعة

خبير موارد مائية: لدينا شح مائى وصل فيه نصيب الفرد 500 متر مكعب بدلا من 1000 فى السنة

 

اتجهت حكومة مصطفى مدبولي، خلال السنوات الأخيرة، إلى تحلية مياه البحر، باعتباره خيارًا استراتيجيا لتحقيق الأمن المائي، في ظل ما تواجهه مصر من تحديات متزايدة في ملف المياه نتيجة ثبات حصتها التاريخية من نهر النيل وتزايد الطلب مع النمو السكاني والتوسع العمراني، وبالتزامن مع افتتاح الحكومة الإثيوبية لسد النهضة  بشكل رسمي، وهو ما قوبل بالرفض وإرسال الخارجية المصرية خطابا رسميا لمجلس الأمن ترفض فيه غض الطرف عن مصالحها الوجودية في النيل وتمسكها بحقها في النهر حسب القانون الدولي.

وعلى الرغم من خططها الطموحة والخطوات السريعة التي قطعتها الدولة في هذا المجال بإنشاء وتشغيل عشرات المحطات التي توفر مئات الآلاف من الأمتار المكعبة يوميًا لتلبية احتياجات المدن الساحلية والمجتمعات الجديدة؛ إلا أن الفكرة وجدواها تصطدم بكثير من التحديات المرتبطة بارتفاع التكلفة والإمكانيات المحدودة.

بدوره، قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، إن الدولة المصرية تستهدف إنتاج 10 ملايين م3 يوميا من المياه المُحلاة خلال السنوات الخمس المقبلة، مقارنة بإنتاج 1.4 مليون م3 يوميا حاليا، مع أهمية السعي لتوطين مكونات محطات تحلية المياه في مصر، كما أننا نسعى مستقبلا لرفع الإنتاج من هذه المياه المحلاة إلى 30 مليون م3 يوميا.

وفي سياق متصل، كشف المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان، أن هناك استراتيجية لتحلية مياه البحر حتى عام 2050.

وأوضح «الشربيني»، أن الدولة تبنت الخطة الاستراتيجية لتحلية المياه، والتي بدأت كمرحلة أولى من عام 2017 بطاقة إجمالية 1.3 مليون م3/ يوم، والمرحلة الثانية مقسمة إلى 6 خطط خمسية حتى عام 2050، وترتكز على 4 محاور رئيسية (توفير الاحتياجات المائية لحل المشكلات الحالية والزيادة السكانية الطبيعية المستقبلية للمجتمعات السكانية القائمة - توفير الاحتياجات المائية البديلة لإيقاف نقل مياه الشرب السطحية إلى عدد من المحافظات الساحلية - توفير الاحتياجات المائية البديلة للمياه السطحية "توسعات – محطات قائمة" - توفير الاحتياجات المائية المطلوبة للتنمية العمرانية).

وأضاف الوزير، أن الخطة الاستراتيجية لتحلية مياه البحر، تخدم 11 محافظة (شمال سيناء – جنوب سيناء – مطروح – البحر الأحمر – كفر الشيخ – السويس – الإسماعيلية – بورسعيد – البحيرة – الدقهلية – الإسكندرية)، نظرًا لأن نقل مياه النيل للمناطق الساحلية عبر الشبكات لمسافات طويلة تزيد عن مئات الكيلومترات يعرضها إلى التعديات المستمرة لتتجاوز أحيانا تكلفة تحلية مياه البحر.

وتابع: «لذا اتجهت الدولة لتنفيذ محطات تحلية مركزية بغرض ترشيد استخدام الأرض بالمناطق الساحلية، وتعظيم حجم المياه المنتجة لخفض تكلفة الإنتاج، وعدم نقل المياه المحلاة لأكثر من 50 كم لمنع فقد المياه، وتعظيم الاستفادة من الكميات المنتجة».

وأوضح المهندس شريف الشربيني، أن الدولة  تسعى لنقل وتوطين التقنيات الحديثة لمحطات تحلية المياه والصناعات المغذية لها، معقبا: «وفى هذا السياق توجهت الدولة لفكرة الشراكة مع القطاع الخاص فى تنفيذ تلك المشروعات، وتذليل مختلف الصعاب فى سبيل نجاح الشراكة، من أجل الاستفادة من قدرات القطاع الخاص سواء في الإدارة أو تصنيع مستلزمات التشغيل، وكذا نقل وتوطين التقنيات الحديثة، واستخدام الطاقة المتجددة في تشغيل محطات التحلية لتقليل تكلفة الإنتاج».

وأشار الوزير، إلى ما تم إقراره في وثيقة سياسة ملكية الدولة في ديسمبر 2022، والتي تضمنت أن مشروعات تحلية مياه البحر، وإدارة الحمأة تعد من المشروعات المخطط لها تخارج الدولة منها، خلال الـ5 سنوات القادمة، إضافة للإدارة المتكاملة لشبكات المياه والصرف الصحي، ومحطات معالجة الصرف الصحي، وتنقية مياه الشرب.

وأضاف وزير الإسكان، أنه تم تفويض صندوق مصر السيادي، مع وحدة الشراكة مع القطاع الخاص بوزارة المالية، من قِبَلِ وزارة الإسكان، وهيئة قناة السويس، لإدارة عملية إبداء الاهتمام من قبل التحالفات المتخصصة، لإنشاء وتطوير وتشغيل محطات تحلية مياه البحر، التي تعمل بموارد الطاقة المتجددة، وتكون الأولوية للتحالفات التي ستعمل على توطين التكنولوجيا المستخدمة في محطات التحلية.

التحلية وحدها لا تكفي

وفي نفس السياق، قال محمد نصر علام، وزير الري الأسبق، إن مشروعات تحلية مياه البحار وحدها لا تسطيع مضاعفة الثروة المائية، مشيرا إلى أن مصادر المياه جميعها تأتي لمصر من الخارج باستنثناء المياه الجوفية، بالإضافة إلى مشروعات التحلية على غرار دول الخليج، وهذه مكلفة للغاية.

وأضاف «علام» -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»- أن مشروعات التحلية تأتي في إطار بذل الدولة جهدا كبيرا لتوفير مصدر آخر للمياه خاصة للمدن الساحلية نتيجة عجز المياه، والعجز الغذائي، متابعا: «هو حل اضطراري ونستخدمه في الأماكن المناسبة لأغراض الشرب فقط».

ولفتت إلى أن الدولة تحاول السير في جميع الاتجاهات للإيفاء بالمتطلبات الأساسية المواطن وهذا على حساب الدخل المحدود، والإمكانيات المادية البسيطة.

وأشار إلى أن اتجاه مصر للصين في هذا المجال سيخضع للتجريب، بدلا من الاعتماد على الدول الغربية، مضيفا أن انفتاح مصر على الصين ليس فقط على هذا المجال، ولكن أيضا في مجالات أخرى.

ثورة كبيرة

من جهته، قال الدكتور عباس شراقي، خبير الموارد مائية، إن مصر حققت في  مجال تحلية مياه البحر خلال السنوات الاحيرة ثورة كبيرة في إنشاء المحطات العملاقة، قائلا: «لقد ضاعفنا إنتاج المواد المحلاة عشر أضعاف ما كان موجودًا منذ سنوات، وأنشأنا أكثر من 20 محطة من المحطات العملاقة».

وأضاف «شراقي» -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»- أن التحلية ضرورية للأماكن الساحلية البعيدة عن نهر النيل وبها نمو عمراني ونشاط سياحي كبير مثل شمال وجنوب سيناء، مرسى مطروح،، وكذلك مدن البحر الأحمر، الغردقة سفاجا والقصير، مرسى علم، وكذلك العلمين الجديدة والعاصمة الإدارية.

وأوضح أن محطات تحلية مياه البحر لا بد وأن تكون في المناطق التي بحاجة للتحلية حتى لا يحدث تسرب للمياه، وتجنب التعرض لعمليات السرقة وهو ما ثبتته التجربة، فقد سبق وحدث في مطروح، مشددا على أن التحلية تكون للمشروعات السياحية والسكنية، والصناعية ولكن ليس للنشاط الزراعي.

واستكمل: «هذا بالأساس ما تعاني مصر منه بالدرجة الأولى، فنحن لدينا شح مائي وصل فيه نصيب الفرد 500 متر مكعب في السنة، في حين أنه من المفترض أن يكون 1000 متر مكعب، فنحن لدينا 50% فقط من احتياجاتنا المائية وبالتالي توفير المياه للزراعة نعتمد فيها على معالجة مياه الصرف الزراعي».

ولفت إلى أن التكلفة هي العامل الأساسي، فهي ليست بسيطة، فاللتر المكعب تكلفته توازي دولارا، وهو ما يعني أننا بحاجة لمليارات الدولارات، معقبا: «وبالتالي مياه التحلية لا تستخدم للزراعة ولكنها تحل مشاكل أخرى كالاستخدام المنزلي والصناعة والسياحة ويجعلها ذو جدوى اقتصادية لأنها تعود بأرباح مضاعفة».

وتابع: «نحن في الوقت الحالي نقوم بتحلية نصف مليار متر مكعب سنويا، وهذا رقم قليل رغم كل هذه المحطات، في الوقت الذي نستخدم فيه للزراعة من 65 لـ70 مليار متر، والمتر المكعب يخرج كيلو قمح».

وواصل: «مشروعات التحلية يقابلها تكاليف، فالكهرباء هي وحدها نصف التكلفة التي ما زالت مرتفعة، ولكن يبقى هناك أمل لو تم اللجوء للطاقة الشمسية عبر عمل محطات وخزانات شمسية عبر تصنيع مكوناتها في مصر وليس استيرادها».

وأشار إلى أن دول الخليج تعتمد بشكل كبير على تحلية مياه البحر بسبب الشح المائي الذي تعاني منه، متابعا: «فإذا كنا نقول متوسط نصيب الفرد في مصر 500 كم، فإن دول الخليج تحت الـ100 لتر مكعب للفرد، وامتلاكهم للبترول يجعل هناك اعتماد على التحلية، فالسعودية هي الدولة الأولى في مشروعات التحلية وكذلك معظم دول الخليج».

واختتم حديثه قائلا: «مصر لديها أزمة في الوقود، والكهرباء وكذلك الإمكانيات»، مشيرا إلى أن التحدى الآن هو مواكبة الزيادة في عدد السكان بإنشاء محطات في تحلية مياه البحر.