< المستشار وليد عز الدين يكتب: حقوق الأقلية في الشركات المساهمة
النبأ
رئيس التحرير
خالد مهران

المستشار وليد عز الدين يكتب: حقوق الأقلية في الشركات المساهمة

المستشار وليد عز
المستشار وليد عز الدين

في عالم الشركات المساهمة قد يبدو أن الكلمة دائمًا للأغلبية؛ فهي صاحبة الحصص الأكبر في رأس المال، وبالتالي صاحبة القرار. غير أن الحقيقة أكثر تعقيدًا من ذلك، فالمساهمون من الأقلية – رغم امتلاكهم حصصًا صغيرة – يمثلون خط الدفاع الأخير عن الشفافية والحوكمة داخل الشركات، وغالبًا ما يكونون الشرارة التي تكشف انحراف الإدارة أو إساءة استخدام السلطة.

وقد أدرك المشرع المصري مبكرًا خطورة إغفال هذه الفئة، فعمل على سن نصوص قانونية تضمن حماية الأقلية، ليس فقط تحقيقًا للعدالة، وإنما أيضًا لضمان استقرار السوق وتشجيع الاستثمار.

من هم المساهمون الأقلية؟

الأقلية هم المساهمون الذين لا يملكون النسبة الكافية للتأثير المباشر في قرارات الجمعية العامة أو مجلس الإدارة، ورغم تفرقهم أحيانًا، إلا أن القانون منحهم أدوات قانونية حقيقية تضمن حضورهم الفاعل على مائدة القرار.

أدوات الحماية القانونية للأقلية

لقد جاءت النصوص واضحة وصريحة في قانون الشركات المساهمة رقم 159 لسنة 1981، وقانون سوق رأس المال، إلى جانب ما استقر عليه القضاء من مبادئ راسخة. ومن أبرز هذه الحقوق:

1. الحق في طلب دعوة الجمعية العامة للانعقاد

وفقًا للمادة (70) من قانون الشركات، يحق لحاملي ما لا يقل عن 5% من رأس المال طلب دعوة الجمعية العامة للانعقاد، وإذا امتنع المجلس جاز للجهة الإدارية المختصة توجيه الدعوة.

بذلك يتم منع مجلس الإدارة من احتكار الدعوة وحماية حق الأقلية في مناقشة القضايا الجوهرية.

2. الحق في إدراج موضوعات على جدول الأعمال

أجاز القانون لكل مساهم أن يطلب إدراج موضوعات بعينها على جدول أعمال الجمعية العامة، بشرط تقديم الطلب في المواعيد المقررة.

3. الحق في الاعتراض على قرارات الجمعية العامة

نصت المادة (76) على حق أي مساهم في الطعن ببطلان قرارات الجمعية إذا خالفت النظام الأساسي أو القانون، أو إذا كان الهدف منها الإضرار بفئة معينة من المساهمين.

هنا يتجسد دور القضاء كضمانة لردع تعسف الأغلبية.

4. الحق في إقامة دعوى المسئولية (الدعوى المشتقة)

يحق لمساهمين يملكون 5% من رأس المال رفع دعوى مسئولية ضد أعضاء مجلس الإدارة عن الأخطاء التي يرتكبونها. وتُعد هذه الدعوى إحدى أقوى آليات الرقابة على الإدارة.

5. الحق في الانسحاب وبيع الأسهم بالقيمة العادلة

أجازت اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال للمساهمين المعترضين على قرارات الاندماج أو الاستحواذ حق الانسحاب وبيع أسهمهم بالقيمة العادلة وفق تقييم مستقل.

6. حماية صغار المساهمين في السوق المالية

خول قانون سوق رأس المال للهيئة العامة للرقابة المالية سلطة إلغاء قرارات الجمعيات العامة للشركات المقيدة بالبورصة إذا تبين أنها تضر بصغار المساهمين أو تنطوي على تعسف من الأغلبية.

لقد رسم المشرع المصري إطارًا متوازنًا يحفظ للأغلبية سلطتها في إدارة الشركة، ويضمن في الوقت نفسه حماية الأقلية من التهميش أو الإضرار بمصالحهم.

فالأقلية ليسوا مجرد أرقام هامشية، بل قوة قانونية قادرة على إحداث التغيير إذا استخدمت آلياتها بوعي وإصرار، وفي بيئة تسعى إلى جذب الاستثمارات وتعزيز الثقة في السوق، فإن تطبيق هذه النصوص بحزم وشفافية هو الضمانة الحقيقية لبناء سوق جاذب ومستقر، بعيدًا عن الانفراد بالسلطة أو تعسف الأغلبية