< السجن المشدد للمتهمين في جريمة مقابر عزبة الوالدة
النبأ
رئيس التحرير
خالد مهران

السجن المشدد للمتهمين في جريمة مقابر عزبة الوالدة

مقابر
مقابر

قضت محكمة جنايات حلوان، في جلستها المنعقدة مؤخرًا، بمعاقبة المتهمين في القضية المعروفة إعلاميًا بـ "جريمة مقابر عزبة الوالدة" بالسجن المشدد، بعد إدانتهم بارتكاب جريمة قتل بشعة داخل المقابر في يوليو من العام الماضي، الحكم جاء ليغلق فصلًا دمويًا هزّ الرأي العام، ويعيد للأذهان تفاصيل الواقعة التي وقعت في أقدس الأماكن، حيث اختلطت الدماء بتراب القبور.

بداية الجريمة

في قلب مقابر عزبة الوالدة بحلوان، حيث يفترض أن يسود السكون والسكينة، تحولت الأجواء إلى مسرح دموي لجريمة بشعة أثارت الذهول بين الأهالي، فقد بدأت الأحداث بمشادة كلامية بين عدد من الأطراف، سرعان ما تحولت إلى مشاجرة عنيفة استُخدمت فيها الأسلحة البيضاء والشوم، في مشهد صادم يتنافى مع قدسية المكان.

تفاصيل المشهد الدامي

وسط صراخ وجري بين القبور، تلقى الضحية ضربات قاتلة أودت بحياته على الفور، ليسقط غارقًا في دمائه داخل المقابر الأهالي الذين هرعوا على صوت الصراخ لم يصدقوا أعينهم، إذ وجدوا الدماء تسيل بجوار القبور، فيما لاذ الجناة بالفرار.
على الفور، أُبلغت الأجهزة الأمنية وانتقلت إلى مسرح الجريمة، حيث جرت معاينة المكان ورفع الأدلة الجنائية، بينما قررت النيابة العامة تشريح جثة المجني عليه لبيان سبب الوفاة بدقة.

صدمة الأهالي

أهالي عزبة الوالدة عبّروا عن غضبهم واستيائهم من الحادثة، مؤكدين أن المقابر تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى بؤر للفوضى ومسرح لتواجد الخارجين عن القانون. وطالبوا بتكثيف التواجد الأمني وتشديد الرقابة، معتبرين ما حدث إهانة لحرمة الموتى وعدوانًا صارخًا على القيم الإنسانية.

التحقيقات وما وراء الجريمة

فتحت النيابة العامة تحقيقًا موسعًا، وتبين أن المشاجرات داخل المقابر لم تعد أمرًا عارضًا، بل ارتبطت باستغلال بعض العصابات المكان في أنشطة غير مشروعة، من بينها جلسات عرفية لتصفية الحسابات، التحقيقات انتهت بتوجيه تهم الضرب المفضي إلى الموت وحيازة أسلحة بيضاء للمتهمين، وإحالتهم لمحكمة الجنايات.


تفاصيل الاتهامات

كشفت أوراق القضية أن المتهمين الأول والثالث استدرجوا المجني عليه بالإكراه، وأجبروه على استقلال دراجة نارية بهدف إبعاده عن أعين المارة وأسرته، ضمن مخطط إجرامي معد سلفًا.

وأثبتت التحقيقات أن المتهمين جميعًا احتجزوا الضحية داخل إحدى المقابر القريبة من مسكنه بعزبة الوالدة، وقاموا بتكبيله وتوثيق يديه وقدميه، واعتدوا عليه بالضرب والتعذيب باستخدام سلاح أبيض وعصا صدمات، حتى أُصيب بجروح خطيرة أودت بحياته.

كما وجهت النيابة للمتهمين الأول والثاني والثالث تهمة حيازة أسلحة بيضاء (سكاكين) دون ترخيص، بينما وُجه للمتهم الرابع شقيقه اتهام بحيازة عصا استخدمها في الاعتداء على المجني عليه.

شهادة الأب

قال كمال السيد البرادعي، والد الضحية البالغ من العمر 62 عامًا، إنه علم من الأهالي باعتداء المتهمين على نجله داخل إحدى المقابر، فانتقل إلى المكان ليجده مُلقى على الأرض غارقًا في دمائه، محاطًا بالمتهمين.
وأوضح أن الجناة برروا فعلتهم بوجود "مبالغ مالية مستحقة" على المجني عليه، وطالبوا الأسرة بسدادها. وأضاف الأب أنه نقل ابنه إلى مسكن شقيقه الأكبر لمحاولة إسعافه، إلا أنه فوجئ في اليوم التالي بوفاته متأثرًا بإصاباته.

شهادة الشقيق

روى شقيق المجني عليه، إبراهيم كمال السيد (34 سنة)، أنه تلقى اتصالًا من والدته تخبره باحتجاز شقيقه في المقابر، وعند وصوله شاهد شقيقه مُلقى على الأرض ومكبلًا بالحبال، بينما المتهمون يواصلون ضربه. وأكد أن شقيقه أخبره بأن الاعتداء وقع دون وجود أي ديون مستحقة كما ادعى الجناة.

شهادة الجيران

شاهد آخر يُدعى سامي فؤاد (55 سنة – عامل بناء) أفاد أنه كان متواجدًا بالقرب من منزل المتهم الرابع شقطق المتوفى، ولاحظ تجمع عدد من الأشخاص بطريقة مريبة، فتتبعهم ليشاهد المجني عليه داخل المنزل مكبلًا ويتعرض للضرب من المتهم الرابع بعصا خشبية. وعندما حاول التدخل طلبوا منه التراجع، قبل أن يُبلَّغ في اليوم التالي بوفاة الضحية.

وشهد أيضًا مجدي إبراهيم سعيد (31 سنة – مبيض محارة) برؤية المتهم الرابع أثناء قيامه بتوثيق وضرب المجني عليه بعصا، مؤكّدًا أنه حاول التدخل لفض النزاع لكن المتهم رفض بحجة وجود خلاف مالي مع الضحية.

شهادة زوجة المجني عليه

قدمت بسمة نبيل محمود (30 سنة – عاملة نظافة) زوجة المجني عليه شهادة مثيرة، إذ قالت إن المتهم الأول أخبرها بأن المجني عليه استولى على قطعة من مخدر الحشيش تخص المتهم الثاني، وأنهم استدرجوه لتسوية هذا الخلاف، قبل أن يتعرض للضرب المبرح.

تحريات المباحث

أكدت تحريات الرائد أحمد أبو بكر، معاون مباحث قسم شرطة حلوان، صحة الواقعة، موضحة أن الجناة احتجزوا الضحية بسبب خلاف مالي لا يتجاوز 3000 جنيه. وأثبتت التحريات أن المتهمين نقلوا المجني عليه إلى مقبرة بعزبة الوالدة، وقاموا بتقييده والاعتداء عليه بعنف حتى سقط مغشيًا عليه، ثم نقلته أسرته لاحقًا في محاولة لإنقاذه، لكنه لفظ أنفاسه في اليوم التالي متأثرًا بجراحه.

التقرير الطبي

أثبت تقرير الطب الشرعي وجود إصابات وجروح قطعية وكدمات متعددة بأنحاء متفرقة من جسد الضحية، تركز معظمها في اليدين والقدمين والصدر، إضافة إلى كسور بالأضلاع ونزيف داخلي بالصدر. وأكد التقرير أن الوفاة ناتجة عن "صدمة نزيفية حادة" بسبب الاعتداء الوحشي الذي تعرض له.

الحكم الذي أنهى الجدل

بعد مداولات استمرت عدة جلسات، أصدرت محكمة جنايات حلوان حكمها بمعاقبة المتهمين بالسجن المشدد، ليكون عبرة لكل من تسوّل له نفسه انتهاك حرمة المقابر أو الاعتداء على الأرواح داخلها، الحكم جاء ليؤكد أن العدالة قادرة على ملاحقة المجرمين مهما كانت وقائع جرائمهم صادمة للرأي العام.