< جريمة شرف في دار السلام: أربعة متهمين يُدانون بقتل رجل وسيدة
النبأ
رئيس التحرير
خالد مهران

جريمة شرف في دار السلام: أربعة متهمين يُدانون بقتل رجل وسيدة

محكمة
محكمة

شهدت منطقة دار السلام بالقاهرة واحدة من أبشع الجرائم التي هزّت الرأي العام، بعد أن أصدرت محكمة الجنايات حكمها في قضية مقتل رجل وسيدة على يد أربعة متهمين، على خلفية ما عُرف إعلاميًا بـ "جريمة شرف دار السلام".

الحكم القضائي

بعد جلسات مطوّلة استعرضت خلالها المحكمة اعترافات المتهمين، وأقوال الشهود، وتقارير الطب الشرعي، أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكمها بإدانة الأربعة، مؤكدة ثبوت ارتكابهم جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد. وأوضحت المحكمة في حيثياتها أنها أخذت المتهمين بالرأفة عملًا بالمادة 17 من قانون العقوبات، لكنها شددت على أن الواقعة لا يمكن اعتبارها مبررة بأي شكل، وأن ما أقدمت عليه المتهمون جريمة مكتملة الأركان.

تفاصيل الجريمة

تعود أحداث الواقعة إلى شهور مضت حين علم المتهم الأول بوجود علاقة غير مشروعة بين زوجته والمجني عليه، الأمر الذي اعتبره "وصمة عار" على أسرته وشرفه. وعلى إثر ذلك، استعان بشقيقيه وشقيقيها، واتفقوا جميعًا على التخلص من الرجل والسيدة، واعتبروا أن قتل الاثنين هو "القصاص العادل" من وجهة نظرهم.

في يوم الجريمة، توجه المتهمون الأربعة إلى مكان وجود الضحيتين في شقة سكنية بدار السلام، حيث باغتوهما. المتهم الأول اعتدى على الرجل بضربة قوية بعصا خشبية على رأسه أسقطته أرضًا فاقدًا للوعي، بينما تولى الآخرون السيطرة على السيدة وتوجيه عدة طعنات قاتلة لها. ولم يغادر المتهمون مسرح الجريمة إلا بعد التأكد من مقتلهما معًا.


التحقيقات أمام النيابة

اعترف المتهمون تفصيليًا بجريمتهم، فالمتهم الأول: وضع الخطة بدافع "الانتقام لشرفه"، وفقد السيطرة حين تأكد من خيانة زوجته، والمتهم الثاني: وجه الضربة القاتلة للرجل باستخدام عصا خشبية، والمتهم الثالث: أغلق باب الشقة ومنع المجني عليه من الاستغاثة، والمتهم الرابع: تولى الاعتداء على السيدة ضربًا انتقامًا منها.


مطابقةً مع تقرير الطب الشرعي، أثبتت الوفاة نتيجة ضربات متتالية على الرأس والصدر أفضت إلى نزيف داخلي حاد، كما أصيبت السيدة بجروح وكدمات متفرقة أدت إلى وفاتها.

حيثيات الحكم

استعرضت المحكمة الأدلة واعتبرت الواقعة ثابتة ثبوتًا يقينيًا من خلال، اعترافات المتهمين الأربعة، وشهادات الجيران الذين سمعوا أصوات استغاثة، وتقارير الطب الشرعي التي أثبتت الإصابات المميتة.


ورأت المحكمة استعمال الرأفة مع المتهمين، فطبقت المادة 17 من قانون العقوبات، لتقضي بالسجن المشدد 3 سنوات لكل منهم.

وأكدت المحكمة أن ما ارتكبه المتهمون لا يدخل في باب الدفاع عن الشرف، وإنما هو قتل عمد مع سبق الإصرار، وأن القانون والشرع يرفضان أخذ الحق باليد تحت أي ظرف.

ردود فعل الشارع في دار السلام

الحكم أثار جدلًا واسعًا بين الأهالي، فريق رأى أن العقوبة مخففة مقارنة بجسامة الجريمة، مؤكدًا أن القتل لا يمكن تبريره، فريق آخر اعتبر أن المحكمة راعت "البعد الإنساني"، وأن الدافع كان الغضب من خيانة زوجية صادمة، ما يستحق الرأفة.

جرائم الشرف في مصر: بين القانون والعرف

جرائم الشرف تعد من القضايا المثيرة للجدل، فالقانون المصري لا يمنح تبريرًا مباشرًا، لكن المحاكم غالبًا ما تراعي البعد النفسي والانفعالي، وتطبق المادة 17 التي تتيح تخفيف العقوبة حال وجود ظروف مخففة.

تشير الإحصائيات غير الرسمية إلى تسجيل عشرات القضايا سنويًا تحت مسمى "جرائم الشرف"، وغالبًا ما تحدث في المناطق الشعبية والريفية.

رغم أن الخبراء القانونيين يرون أن هذه الجرائم لا تختلف عن أي جريمة قتل عمد ويجب معاقبة مرتكبيها بأشد العقوبات، إلا أن آخرين يشيرون إلى أهمية النظر في البعد الاجتماعي والنفسي للمتهمين، وهو ما يجعل تطبيق المادة 17 محل جدل دائم.

قضية دار السلام لم تنتهِ بالحكم فقط، بل أعادت النقاش حول جرائم الشرف في المجتمع المصري، ما بين من يراها دفاعًا عن القيم الأخلاقية، ومن يصفها بأنها عنف مرفوض يتحايل بعض المتهمين على استخدامه كعذر قانوني.