< فساد تقنين أراضي شق الثعبان: شهادة سكرتير عام محافظة القاهرة تكشف تفاصيل مريبة
النبأ
رئيس التحرير
خالد مهران

فساد تقنين أراضي شق الثعبان: شهادة سكرتير عام محافظة القاهرة تكشف تفاصيل مريبة

يحى الادغم سكرتير
يحى الادغم سكرتير عام محافظة القاهرة

في واحدة من أبرز قضايا الفساد العقاري بمحافظة القاهرة، كشف يحي الأدغم، سكرتير عام المحافظة ورئيس لجنة فحص ملفات تقنين الأراضي، عن سلسلة مخالفات جسيمة ارتكبها موظفون ومسؤولون، أسفرت عن إضرار مالي كبير بأموال الدولة فيما يتعلق بأراضي منطقة شق الثعبان، وأوضح الأدغم أن عملية تقنين وضع اليد على أراضي الدولة تمر عبر ثلاث لجان متتابعة لضمان الشفافية، تبدأ باللجنة الفنية المكلفة بفحص طلبات التقنين وإجراء المعاينات الميدانية وتحديد ما إذا كان مقدم الطلب له تعامل سابق مع الدولة، تليها لجنة التقييم التي تحدد المقابل المالي المطلوب سداده مقابل تقنين وضع اليد حسب سابقة التعامل، حيث يُحسب المتر بـ100 جنيه إذا كان هناك تعامل سابق، و1000 جنيه إذا لم يكن هناك تعامل، بالإضافة إلى رسوم المرافق والانتفاع، ثم لجنة البت التي تفصل في الطلب بعد الاطلاع على تقارير اللجنة الفنية ولجنة التقييم وتصدر القرار النهائي.

تزوير كشوف سابقة التعامل

وبفحص الملفات، تبين وجود مخالفات جسيمة، أبرزها تزوير كشوف سابقة التعامل في ملف المتهم السابع، مالك شركة رخام وجرانيت، لتضمين بيانات غير صحيحة تفيد بأنه له تعامل سابق على كامل المساحة المطلوب تقنينها، على خلاف الحقيقة، حيث وقع على الكشوف كل من المتهم الأول مدير إدارة أملاك الدولة والمتهم الثالث رئيس قسم شق الثعبان، كما وقع الأخير على عقد بيع الأرض كمراجع مالي.

اختلاف تقارير اللجان

وفي ملف شركة الرخام والجرانيت، تبين وجود اختلاف بين تقارير اللجنة الفنية ولجنة التقييم وقرار لجنة البت بشأن سابقة التعامل، وأسندت النيابة المسؤولية للمتهمين الثانية والثالث والسادسة، المختصين بالملف.

استيلاء على قرارات اللجان واستبدالها بمستندات مزورة

وكشفت التحقيقات أن المتهمين الثامن والتاسع استولوا على قراري اللجنة الفنية ولجنة التقييم واستبدلهما بمستندات مزورة تدعي وجود تعامل سابق مع الدولة، ليتم محاسبتهم على السعر الأقل، وكانت المسؤولية تقع على المتهمة الثانية مدير إدارة أملاك الدولة والمتهمة الثالثة رئيس قسم شق الثعبان، حيث وقعا على خطاب خاطئ يفيد سداد كامل المديونية على خلاف الحقيقة.

الاستيلاء والتزوير في ملف المتهم العاشر

أما المتهم العاشر، فقد تعرض ملفه للاستيلاء على تقارير اللجنة الفنية ولجنة التقييم واستبدالها بمستندات مزورة تثبت تعاملًا سابقًا مع الإدارة بهدف خفض المقابل المالي، وكانت المسؤولية تقع على المتهمة الثانية والمتهمة الثالثة، الذين وقعا أيضًا على خطاب خاطئ يفيد سداد كامل المديونية، مع إخفاء محضر اجتماع لجنة البت الصادر بشأن الأرض.

تواطؤ المتهم الحادي عشر

وفي ملف المتهم الحادي عشر، تم تزوير تقارير اللجنة الفنية ولجنة التقييم وإدراج بيانات خاطئة تفيد تعامل المتهم مع الإدارة، وكانت المسؤولية تقع على المتهمين الثانية والرابع والخامسة، الذين تعمدوا عدم عرض الملف على لجنة البت، ووقعوا على خطابات تفيد سداد كامل قيمة الأرض على خلاف الحقيقة لصالح حي طرة وهيئة التنمية الصناعية، كما وقع الرابع على عقد البيع كمراجع مالي.

أبعاد الفساد والأضرار المالية

وأكد سكرتير عام المحافظة أن جميع المخالفات ترتبط باستيلاء المتهمين على تقارير اللجان الفنية ولجنة التقييم، وتزوير المستندات والعقود، وإخفاء محاضر الاجتماعات والقرارات الصادرة عن لجنة البت، بهدف خفض المقابل المالي المطلوب مقابل تقنين الأراضي، بما يخدم مصالح رجال أعمال محددين على حساب المال العام للدولة.

مسؤولية الموظفين وآثار الفساد

وتوضح شهادة الأدغم مدى حجم الفساد الذي يمكن أن يحدث عند التلاعب بالإجراءات الرسمية لتقنين الأراضي، وكيف يمكن لموظفين ومسؤولين بالتواطؤ مع رجال أعمال تحقيق مكاسب غير مشروعة على حساب الدولة، حيث تتراوح مسؤوليات المتهمين بين الإشراف المباشر على الملفات، التوقيع على المستندات المزورة، والتحايل على آلية التقنين الرسمية، ما تسبب في أضرار مالية جسيمة وإخلال بالنظام الإداري للمحافظة، في وقت لا تزال فيه القضية تحت التحقيقات من قبل النيابة العامة، فيما ينتظر أن تكشف التحقيقات المزيد من التفاصيل حول المتورطين وآلية استرداد الأموال المستولى عليها.

الخلفية والتحقيقات الموسعة

كشفت تحقيقات النيابة العامة تفاصيل واحدة من أكبر قضايا الفساد والتزوير التي طالت بعض دوائر الأجهزة التنفيذية بمحافظة القاهرة، والمتورط فيها موظفون عموميون وعدد من رجال الأعمال أصحاب شركات الرخام والجرانيت. القضية التي هزت الأوساط الاقتصادية والإدارية تتعلق بتلاعب واسع النطاق في ملفات تقنين أوضاع أراضٍ مملوكة للدولة ووضع اليد عليها، بهدف سداد مبالغ أقل من المستحقات القانونية والحصول على أرباح طائلة دون وجه حق.

تفاصيل الواقعة

حسب أوراق التحقيق، فقد أسندت النيابة العامة للمتهمين من السابع وحتى العاشر، وهم رجال أعمال أصحاب شركات متخصصة في الرخام والجرانيت، ارتكاب جرائم التزوير والاشتراك في الاستيلاء على المال العام، وذلك بالاتفاق والمساعدة مع باقي المتهمين، من بينهم المتهمون الثانية والثالثة وآخرون، حيث اتفقوا على تنفيذ المخطط الإجرامي وقدموا الدعم اللازم لتنفيذه.

آلية التلاعب

أوضحت التحقيقات أن رجال الأعمال المتهمين قاموا بإمداد شركائهم ببيانات ملفات تقنين أوضاع أراضي ووضع اليد الموجودة ضمن الأرشيف بالإدارة العامة لأملاك الدولة، واستغلوا تلك الملفات للتلاعب في القرارات الرسمية، بحيث تظهر المبالغ المستحقة أقل من قيمتها الفعلية.

طلبات سداد وهمية

وبعد تجهيز البيانات المزورة، تقدم المتهمون بطلبات رسمية لسداد مبالغ أقل بحجة وجود "سابقة تعامل" على تلك الأراضي، إلا أن التحقيقات كشفت أن تلك الادعاءات وهمية ولا تستند إلى أي مستندات صحيحة.

الأرباح غير المشروعة

النتيجة المباشرة لهذا التلاعب كانت حصول المتهمين على مكاسب مالية كبيرة دون وجه حق، تمثلت في عدم سداد كامل مقابل التقنين المستحق عليهم، وهو ما ألحق ضررًا بالغًا بالمال العام، مع تقديرات أولية تشير إلى أن المبالغ المتلاعب بها تقدر بملايين الجنيهات.

تنفيذ الجريمة

أوضحت النيابة أن الجريمة تمت باتفاق مسبق وتنسيق كامل بين جميع الأطراف، حيث لعب موظفون دورًا محوريًا في تسهيل دخول وخروج الملفات، وإمداد رجال الأعمال بالبيانات المطلوبة، وتسجيل معلومات مزيفة في قرارات اللجان الرسمية، بينما تابع بعض رجال الأعمال إجراءات التقديم والسداد المزيف بأنفسهم لضمان إتمام المخطط.

خطورة الواقعة

ترى جهات التحقيق أن هذه القضية نموذج صارخ لجرائم التزوير والاستيلاء على المال العام، وتعتمد على شبكة مصالح مشتركة بين موظفين ورجال أعمال، حيث يُستغل النفوذ والمعلومات الداخلية لتحقيق مكاسب شخصية على حساب الدولة، وأن المخطط لم يكن حالة فردية بل ضمن سلسلة ممارسات مماثلة استهدفت أراضي الدولة في مناطق مختلفة بالقاهرة.

الأبعاد القانونية

من الناحية القانونية، يواجه المتهمون، وهم مدير إدارة أملاك الدولة السابق، ومدير أو مديرة إدارة الشؤون العقارية، وموظفون بقسم شق الثعبان ورئيسة قسم الأراضي، وعدد من أصحاب شركات الرخام والجرانيت، عدة اتهامات خطيرة أبرزها التزوير في محررات رسمية، وهو جريمة معاقب عليها بالسجن المشدد، والاستيلاء على المال العام، وهي جريمة تُعد من الجرائم الماسة بأمن الدولة الاقتصادي، والإضرار العمدي بالمال العام، بما يشمل كل فعل أو إهمال يترتب عليه ضياع أموال الدولة أو الانتقاص منها.