المستشار وليد عز الدين يكتب: المسؤولية الجنائية عن المحتوى المخل بالآداب العامة عبر الإنترنت في القانون المصري

شهدت الآونة الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في جهود السلطات المصرية لمواجهة المحتوى المخل بالآداب العامة الذي يتم بثه أو تداوله عبر منصات التواصل الاجتماعي، وذلك في إطار الحفاظ على القيم المجتمعية وصون النظام العام. وتأتي هذه التحركات متسقة مع أحكام قانون العقوبات المصري وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018.
أولًا: الإطار القانوني للجريمة
ينص قانون العقوبات في المواد (178) وما بعدها على تجريم نشر أو عرض أو توزيع أي مواد من شأنها المساس بالحياء أو التحريض على الفجور، سواء تم ذلك بالوسائل التقليدية أو عبر الوسائط الإلكترونية، كما يشدد قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات العقوبة إذا تم ارتكاب الجريمة باستخدام شبكة الإنترنت.
ثانيًا: الركن المادي والمعنوي
يتطلب قيام الجريمة توافر ركنين أساسيين:
1. الركن المادي: وهو نشر أو بث محتوى يتعارض مع الآداب العامة أو يتضمن إيحاءات جنسية أو ألفاظًا خادشة للحياء، ويكفي مجرد إتاحة هذا المحتوى للجمهور لاعتبار الجريمة قائمة.
2. الركن المعنوي: يتمثل في القصد الجنائي، أي علم الفاعل بطبيعة المحتوى المخل وإرادته نشره أو تداوله.
ثالثًا: العقوبات المقررة وفقًا للمادة (178) من قانون العقوبات
يعاقب كل من نشر أو صنع أو حاز بقصد الاتجار أو التوزيع أو العرض موادًا مخلة بالآداب العامة بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وتتراوح العقوبة بين الحبس مدة قد تصل إلى سنتين وغرامة مالية تصل إلى عشرة آلاف جنيه، مع تشديد العقوبة في حالة العود أو إذا ارتكبت الجريمة عبر شبكة المعلومات الدولية.
رابعًا: البعد المجتمعي والأمني
لا يقتصر أثر هذه الجرائم على المساس بالقيم الأخلاقية، بل يمتد ليشكل تهديدًا مباشرًا للأمن المجتمعي وتماسك الأسرة المصرية.
إذ أن انتشار هذا النوع من المحتوى يسهم في خلق بيئة رقمية سامة تؤثر على النشء والشباب، وهو ما يبرر التحرك السريع والحاسم من قبل جهات الضبط القضائي.
خامسًا: دور النيابة العامة والجهات المختصة
تلعب النيابة العامة دورًا محوريًا في ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم، بدءًا من تلقي البلاغات وفحص الأدلة الرقمية، وصولًا إلى إحالة المتهمين للمحاكمة الجنائية.
كما تتعاون الأجهزة الأمنية المختصة في تتبع الحسابات الإلكترونية وضبط القائمين عليها.
خاتمة إن مواجهة المحتوى المخل بالآداب العامة عبر الإنترنت ليست مجرد معركة قانونية، بل هي جزء من معركة أوسع لحماية الهوية الثقافية والقيم الأصيلة للمجتمع المصري.
ويتطلب ذلك تكامل الجهود بين المشرّع، وأجهزة إنفاذ القانون، والمجتمع المدني، بالإضافة إلى توعية المواطنين بخطورة تداول أو ترويج مثل هذا المحتوى.