< فجر الموت في 15 مايو.. سقوط "نعمة" من الطابق الخامس يفضح عصابة ضباط الشرطة المزيفة
النبأ
رئيس التحرير
خالد مهران

فجر الموت في 15 مايو.. سقوط "نعمة" من الطابق الخامس يفضح عصابة ضباط الشرطة المزيفة

محكمة
محكمة

في الساعات الأولى من الفجر، حينما كانت المدينة تغط في صمت ثقيل، انطلقت صرخة حادة مزقت السكون في مجاورة 28 بمدينة 15 مايو، لتلفت انتباه الأهالي إلى مشهد مأساوي: جسد شابة في منتصف العشرينات ملقى على الأرض بلا حراك، أسفل عقار رقم 21.

التحقيقات التي تلت البلاغ كشفت واحدة من أكثر قضايا البلطجة بشاعة، انتهت بإدانة ستة أشخاص وحكم المحكمة عليهم بالسجن المشدد 5 سنوات.

بداية البلاغ

حسب محاضر الشرطة، تلقى قسم شرطة 15 مايو بلاغًا من الأهالي بسقوط سيدة من الطابق الخامس. وعلى الفور، انتقل الرائد محمود العسقلاني، ضابط مباحث القسم، والرائد مهاب الشاعر، معاون المباحث، إلى موقع البلاغ.

المعاينة الأولية أظهرت أن الضحية تُدعى "نعمة"، 24 سنة، ربة منزل، مصابة بكسر في الجمجمة، وكسور بالضلوع، وكدمة بالعين اليمنى، وتوفيت متأثرة بإصابتها بعد نقلها إلى مستشفى 15 مايو.

تفاصيل ما قبل السقوط

أفاد الشهود، وفي مقدمتهم زوج الضحية أحمد سمير، أن "نعمة" كانت تقيم في شقة بالدور الخامس مع زوجها، وفي ليلة الحادث كان يزورهم شقيق الزوج من الأم، عمر خالد، وشقيقتها ميار.

فجأة، قرع أحدهم الباب بعنف، وبفتحهم، اقتحم ستة أشخاص الشقة، مدعين أنهم من رجال الشرطة، كان أحدهم يشهر سلاحًا أبيض من نوع "مطواة"، وبدأوا في ترويع الحاضرين والاعتداء على الزوج بالضرب، مما أحدث إصاباته.

وسط حالة الفزع، أسرعت "نعمة" إلى حمام الشقة وأغلقت الباب، ثم حاولت الهرب من نافذة الحمام عبر مواسير الصرف الصحي، غير أن الماسورة كانت مبللة وزلقة، فانزلقت قدماها، وسقطت في لحظات من ارتفاع شاهق، لتنتهي حياتها في مشهد مأساوي.

شهادة الضابط والتحريات

في أقواله أمام النيابة، أكد الرائد محمود العسقلاني أن تحرياته السرية بالاشتراك مع الرائد مهاب الشاعر توصلت إلى أن المتهمين خططوا مسبقًا للجريمة، وأعدوا أسلحة بيضاء، وتوجهوا إلى شقة المجني عليهم متنكرين في صفة رجال شرطة، لاقتحام المكان بالقوة.

وأضاف أن المتهمين مارسوا أعمال البلطجة داخل الشقة، وأن المتهم الأول استغل هاتفه المحمول لتصوير مقاطع مرئية لما حدث، في حين كان باقي المتهمين يشدون من أزر بعضهم في الاعتداءات.

مفاجأة داخل الشقة

أثناء تفتيش الشقة، عُثر على كيس بلاستيكي شفاف يحتوي على كمية من مخدر "الأيس". وبمواجهة الزوج، أقر بأن المخدر يخصه وزوجته للتعاطي، وهو ما سجلته محاضر التحقيق.

مسار القضية

أحال المستشار عمر شاهين، المحامي العام الأول لنيابة حلوان الكلية، المتهمين الستة إلى محكمة الجنايات، حيث وُجهت لهم عدة اتهامات، من بينها القتل العمد المقترن بجنايات أخرى، واستعراض القوة واستعمال العنف والبلطجة، واقتحام مسكن بالقوة ليلًا، وحيازة أسلحة بيضاء، وانتحال صفة موظفين عموميين.

وبعد جلسات استمعت المحكمة خلالها إلى الشهود وأدلة الإثبات، أصدرت حكمها بالسجن المشدد 5 سنوات على المتهمين جميعًا.

أثر الحادث على الحي

لا تزال مجاورة 28 تتذكر ذلك الفجر المشؤوم. صرخة "نعمة" قبل سقوطها أصبحت جزءًا من ذاكرة السكان، وعبرة بأن الأمان قد يتبدد في لحظات، وأن انتحال صفة رجل الأمن قد يكون ستارًا لأبشع الجرائم.