< أسعار الفضة تواصل مكاسبها مدفوعة بعجز في المعروض وارتفاع الطلب الصناعي
النبأ
رئيس التحرير
خالد مهران

أسعار الفضة تواصل مكاسبها مدفوعة بعجز في المعروض وارتفاع الطلب الصناعي

أسعار الفضة
أسعار الفضة

سجّلت أسعار الفضة في السوق المحلية المصرية خلال تعاملات الأسبوع الماضي ارتفاعًا ملحوظًا، وذلك بالتزامن مع تقلبات حادة في السوق العالمية، حيث لامست أوقية الفضة أعلى مستوياتها في أكثر من 14 عامًا، قبل أن تتراجع لاحقًا بسبب مؤشرات على تهدئة النزاعات التجارية، حسب تقرير حديث صادر عن مركز «الملاذ الآمن» للأبحاث الاقتصادية.

افتتح سعر جرام الفضة عيار 800 تعاملات الأسبوع عند 52 جنيهًا، وارتفع إلى 54 جنيهًا، قبل أن يغلق عند 53 جنيهًا، محققًا مكاسب أسبوعية جيدة. أما سعر جرام الفضة عيار 999 (الفضة النقية)، فقد بلغ نحو 66 جنيهًا، في حين سجل سعر عيار 925 نحو 61 جنيهًا. كما سجل جنيه الفضة (عيار 925) سعرًا قدره 488 جنيهًا.

على الصعيد العالمي، بدأت أوقية الفضة الأسبوع عند مستوى 38.11 دولارًا، وارتفعت إلى 39.91 دولارًا للأوقية، وهو أعلى مستوى تصل إليه منذ عام 2011، قبل أن تتراجع إلى 38 دولارًا في ختام الأسبوع. هذا التراجع جاء بعد إعلان مفاجئ من الولايات المتحدة بشأن اقتراب التوصل إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي، ما أدى إلى هدوء نسبي في الأسواق وضغط على أسعار المعادن النفيسة.

أوضح تقرير مركز «الملاذ الآمن» أن مبيعات الفضة في السوق المحلية شهدت تحسنًا نسبيًا، خاصةً مع إعلان نتائج الثانوية العامة في مصر، حيث لجأت العديد من الأسر إلى شراء الجنيهات والسبائك الفضية كهدايا رمزية، كما ازداد توجه الأفراد نحو الفضة كخيار استثماري بديل عن الذهب، خصوصًا في ظل الارتفاع القياسي في أسعار المعدن الأصفر.

تزامن تحرك أسعار الفضة مع اقتراب مهلة تجارية مهمة في الأول من أغسطس، حيث تسعى عدد من الدول الكبرى، مثل المكسيك وكندا والاتحاد الأوروبي، إلى توقيع اتفاقيات تهدف إلى تقليص أثر الرسوم الجمركية، لا سيما على الدول المنتجة  للفضة. وتُعد هذه الخطوات من العوامل التي قد تساعد في استقرار سلاسل الإمداد، وتجنّب حدوث أي نقص في المعروض يؤدي إلى زيادات حادة في الأسعار.

ويرى محللون اقتصاديون أن إتمام هذه الاتفاقيات التجارية قد يدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي الأمريكي) إلى اتخاذ خطوة نحو خفض أسعار الفائدة، الأمر الذي من شأنه أن يضعف الدولار الأمريكي. وتجدر الإشارة إلى أن الدولار فقد أكثر من 11% من قيمته منذ بداية عام 2025، وإذا استمر في التراجع ليصل إلى 92 نقطة على مؤشر الدولار—كما كان في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، فقد يمثّل ذلك بيئة مواتية لارتفاع أسعار المعادن النفيسة، وعلى رأسها الفضة والذهب.

وتتوقع بعض المؤسسات المالية الكبرى أن تصل الفضة إلى مستوى 50 دولارًا للأوقية، والذهب إلى 4000 دولار للأوقية خلال العام المقبل، إذا استمرت العوامل الحالية في التأثير على الأسواق.

سجلت أسعار الفضة في السوق المحلية المصرية ارتفاعًا بنسبة 29% منذ بداية عام 2025، حيث زاد سعر جرام الفضة عيار 800 بنحو 12 جنيهًا. أما على الصعيد العالمي، فقد ارتفعت أوقية الفضة بنسبة 31%، من مستوى 29 دولارًا إلى 38 دولارًا، وهو أداء يتفوق على معظم المعادن الأخرى خلال الفترة نفسها.

ويُعزى هذا الأداء الإيجابي إلى مجموعة من العوامل، أبرزها:

توقعات بتثبيت أسعار الفائدة الأمريكية في الاجتماع المقبل للفيدرالي الأمريكي.

مخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي، مما يدفع المستثمرين نحو الملاذات الآمنة.

اضطرابات سلاسل الإمداد العالمية.

تزايد الطلب الصناعي على الفضة، خصوصًا من قطاعات الطاقة الشمسية والتكنولوجيا والإلكترونيات.

نسبة الذهب إلى الفضة: مؤشر على القيمة النسبية

انخفضت نسبة الذهب إلى الفضة إلى مستوى 86، بعد أن كانت تتجاوز 100 في أبريل الماضي، مقارنة بمتوسطها التاريخي الذي يتراوح بين 50 و60. ويُفسر هذا الانخفاض بأن الفضة لا تزال مقوّمة بأقل من قيمتها الحقيقية مقارنة بالذهب.

ويشير خبراء إلى أنه إذا عادت هذه النسبة إلى مستوياتها التاريخية دون تغيّر جوهري في أسعار الذهب، فقد ترتفع أسعار الفضة إلى أكثر من 63 دولارًا للأوقية، وهو ما يمثّل زيادة تقارب 65% عن مستوياتها الحالية.

تقييم تاريخي وآفاق مستقبلية لسوق الفضة

تشير البيانات التاريخية المعدّلة بالقيمة الحالية إلى أن الذروة الحقيقية لسعر الفضة كانت في عام 1980، عندما بلغ سعر الأوقية ما يعادل اليوم نحو 197 دولارًا. أما في عام 2011، فقد سجلت الفضة مستوى 71 دولارًا للأوقية. وبالمقارنة مع تلك القمم، فإن الأسعار الحالية التي تتراوح بين 38 و39 دولارًا تُعد منخفضة نسبيًا، مما يفتح المجال أمام مزيد من الصعود في حال استمرار الظروف الاقتصادية الداعمة.

مع تصاعد التوترات الجيوسياسية، وضغوط التضخم العالمي، وتزايد تقلبات الأسواق المالية، تستعيد الفضة مكانتها كأحد أهم الأصول الدفاعية والملاذات الآمنة للمستثمرين. وعلى غرار الذهب، تُعتبر الفضة مخزنًا للقيمة في أوقات عدم اليقين، إلا أنها تتميز بأنها أكثر إتاحة وأقل تكلفة للمستثمرين الأفراد.

ومع استمرار عجز المعروض من الفضة، وارتفاع الطلب الصناعي والاستثماري، يبدو أن السوق الصاعد للفضة لا يزال مدعومًا بعوامل قوية، مما يوفّر فرصًا استثمارية واعدة للمستثمرين الباحثين عن أصول مادية تجمع بين النمو والتحوط من المخاطر الاقتصادية.