< السجن 10 سنوات لخلية "فيلات الفوضى": نهاية شبكة إلكترونية لبث الشائعات من قلب القاهرة الراقية
النبأ
رئيس التحرير
خالد مهران

السجن 10 سنوات لخلية "فيلات الفوضى": نهاية شبكة إلكترونية لبث الشائعات من قلب القاهرة الراقية

هيئة المحكمة
هيئة المحكمة

في حكم قضائي حاسم، أصدرت محكمة الجنايات الاستئنافية لجرائم الإرهاب وأمن الدولة، برئاسة المستشار خالد الشباسي، حكمًا بالسجن المشدد 10 سنوات على 8 متهمين كوّنوا خلية إلكترونية خطيرة تعمل من داخل فيلتين في الشيخ زايد والتجمع، لنشر الشائعات وتكدير الأمن العام.

كما قضت المحكمة بتغريمهم 2 مليون جنيه، ومصادرة الأموال والمضبوطات، والتي شملت أجهزة كمبيوتر حديثة، مبالغ ضخمة، أسلحة نارية، وطابعات ومعدات مونتاج متطورة، إضافة إلى أوامر بفتح تحقيقات موسعة مع مؤجري الوحدتين السكنيتين بسبب تورطهم في التستر وعدم الإبلاغ عن النشاط المشبوه.

خلف القرار القضائي: أشهر من الرصد وجبال من الأدلة

لم يكن الحكم مفاجئًا لمن تابع سير القضية، فقد بدأت فصولها قبل أشهر حين رصدت أجهزة الأمن الوطني ومباحث الإنترنت نشاطًا إلكترونيًا مشبوهًا، ينشر فيديوهات مفبركة ومعلومات مضللة تستهدف الأمن القومي المصري، في توقيتات مدروسة تزامنًا مع أحداث سياسية وأزمات إقليمية.

فيلا للتمويه.. وأجهزة للإرباك

التحريات قادت رجال الأمن إلى فيلتين في أحياء راقية، واحدة في الشيخ زايد والثانية في التجمع الخامس. خلف الأبواب المغلقة، كان المتهمون يديرون خلية إلكترونية محترفة تنتج فيديوهات مزيفة، تعيد نشر لقطات من غزة والساحل الشمالي على أنها مشاهد محلية، وتستخدم برامج تحرير متقدمة للتلاعب في التواريخ والمحتوى.

زعيم الخلية: مهندس هارب من العدالة وممول من الخارج

المتهم الرئيسي، مهندس نظم معلومات في الأربعينات، سبق الحكم عليه غيابيًا في قضايا إرهاب، وتربطه صلة قرابة بقيادات من الصف الأول بجماعة الإخوان. أدار الخلية من خلال شبكة تواصل مشفرة مع جهات خارجية، وتلقى تحويلات مالية من حسابات أجنبية، بعضها مرتبط بمنظمات مصنفة إرهابية.

سيدات في الواجهة.. والشباب ضحية الخداع

الخلية ضمّت سيدتين لعبتا دور "الواجهة الآمنة"، تنقلن بين الفيلتين لإخفاء الأنشطة ونقل الأموال. كما كشفت التحقيقات أن الخلية خدعت عشرات الشباب بإعلانات وظائف في التسويق الرقمي والإنتاج، ثم استُدرجوا تدريجيًا للعمل في نشر محتوى تحريضي مقابل عمولات على المشاهدات.

غرفة عمليات كاملة.. و18 مليون جنيه

عند مداهمة الفيلا، عثرت الشرطة على 18 مليون جنيه مصري وأجنبي، و16 جهاز كمبيوتر متصل بسيرفرات خارجية، وأجهزة مونتاج، كاميرات، شرائح هاتف غير مسجلة، وأسلحة نارية، دراجتين ناريتين، وسيارتين، وأدلة مكتوبة على تكليفات دورية من قيادات إخوانية خارج البلاد

المحكمة: "المتهمون أنشأوا شبكة تضليل متكاملة"

في حيثيات الحكم، قالت المحكمة إن "المتهمين أداروا كيانًا إعلاميًا مضادًا للدولة، واستغلوا الفضاء الرقمي لبث الفوضى، مستخدمين التكنولوجيا كأداة لضرب الاستقرار".
وأشارت إلى أن ما ارتكبوه يمثل أخطر صور الإرهاب العصري، الذي يلبس عباءة الإعلام والحرية الزائفة.

التحقيق مستمر.. وملاحقات جديدة في الطريق

لم تنته القصة عند هذا الحد. فقد قررت النيابة نسخ صورة من أوراق القضية وفتح تحقيقات فرعية مع المالكين الأصليين للفيلتين، أحدهما طبيب معروف والثاني صاحب معرض سيارات، بعد ثبوت تقصيرهما في إبلاغ الجهات الرسمية عن المستأجرين، والتستر على نشاط مشبوه يخالف قوانين التأجير وإجراءات الأمن القومي.

تكنولوجيا التلاعب في قبضة العدالة

قضية "خلية فيلات الفوضى" هي إنذار جديد بأن الإرهاب تغيّر شكله وأدواته، ولم يعد يرتدي الأحزمة الناسفة، بل يحمل اللابتوب والميكروفون وحسابات الفيسبوك.
لكنها أيضًا تؤكد أن أجهزة الدولة، مهما كانت حيل الخصم، قادرة على كشفها ومواجهتها بالقانون، والحسم، والعدالة السريعة.