عودة الألبومات الكاملة يشعل سوق الأغنية بين كبار النجوم في صيف 2025

بعد سنوات من اعتماد المطربين على طرح أغاني الألبومات بشكل متفرق «سنجل» وتأثرهم بأسلوب مؤدي المهرجانات، أصيب الجمهور بشعور من الملل وفقدان للحالة الفنية التي يخلقها الألبوم الكامل الذي كان يصل لكافة الأذواق وحالتهم المزاجية بسبب تنوعه.
وفوجئ الجمهور هذا الصيف بعودة قوية لكبار النجوم بالألبوم الكامل ليعيدوا معه روح «التجربة الكاملة» التي يشتاق إليها عشاق الغناء ويمنحوا الساحة الغنائية جرعة من الانتعاش الفني الغائب من عدة سنوات.
الألبوم الكامل.. استجابة لغضب الجمهور
لفترة طويلة أبدى جمهور الغناء وتحديدا حمهور تامر حسني استياءهم من سياسة طرح الأغاني بشكل متفرق، كما حدث في ألبوم الموسم الماضي «هرمون السعادة» الذي افتقد للتماسك بسبب نشر أغانيه على فترات متباعدة ما جعل الجمهور يرفضون طريقة تامر حسني التسويقية له.
ويبدو أن كبار النجوم قرروا التعلم من التجربة والاستماع لمطالب الجمهور ليعيدوا طرح الألبومات الغنائية دفعة واحدة.
ورغم هيمنة «السنجل» على سوق الموسيقى لسنوات، إلا أن صيف 2025 شهد طرح عدد من الألبومات الكاملة لنجوم الصف الأول وأبرزهم عمرو دياب الذي عاد بألبوم «ابتدينا» والذي يضم 15 أغنية.
كما أطلق رامي جمال ألبوم «محسبتهاش» بـ15 أغنية متنوعة بين الرومانسي والدرامي وحقق تفاعلا واسعا عبر «يوتيوب» ومواقع التواصل.
وقدم تامر حسني ألبوم «لينا معاد» بـ15 أغنية متنوعة طرحت عبر المنصات الرقمية المختلفة وتميز الألبوم بتعاون استثنائي بين تامر والكينج محمد منير في أغنية «الذوق العالي» والتي طرحت كفيديو كليب وحققت انتشارا واسعا.
موجة فنية أم مغامرة تسويقية؟
وفتحت عودة الألبوم الكامل باب النقاش بين النقاد هل هي خطوة فنية مدروسة تستعيد القيمة الغنائية؟، أم مجرد مجازفة تسويقية في زمن المنصات الرقمية والاستهلاك السريع للمحتوى؟
ومن جانبه، قال الناقد الموسيقي محمد شميس، إن الأغنية «السنجل» حين تطرح بشكل منفرد وعلى فترات متباعدة تحقق رواجا وانتشارا واسعا وتصل إلى عدد أكبر من الجمهور.
وأضاف «شميس» -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-، أن هذا النوع من الطرح يتسبب في الضرر على الفنان الذي يمتلك هوية موسيقية واضحة لأنه لا يستطيع تحقيق الترابط الفني بين الأعمال كما يحدث في الألبوم الكامل.
وأوضح أن هناك نجوما ارتبط الجمهور بهم من خلال الألبومات الكاملة مثل عمرو دياب الذي كنا ننتظر ألبوماته كل صيف للاستماع إليها ومناقشتها مما خلق ذكريات خاصة خصوصًا لدى جيل الثمانينيات والتسعينيات.
وتابع: «الأمر نفسه ينطبق على تامر حسني الذي كان دائما ما يقدم ألبومات متكاملة تحدث حالة فنية وترابطا بين الأغاني وهو ما يحاول العودة إليه من خلال ألبومه الجديد».
وأكد «شميس»، أن طرح ألبوم كامل يضم 15 أغنية يدل على وجود ثقة من شركة الإنتاج في الفنان وليست مغامرة خصوصًا مع أسماء كبيرة مثل تامر حسني وعمرو دياب.
وأوضح أن جمهور الراب كان المشجع الرئيسي للفنانين لتقديم الألبوم بشكل كامل نظرا لاعتياد هذا الجمهور على الاستماع إلى الألبومات دفعة واحدة بشكل مترابط وذلك على عكس مغنيين البوب الذين اعتادوا طرح الأغاني «سنجل» فقط، بينما يحرص فنانو الراب على إصدار ألبومات كاملة تحمل ترابطا موسيقيا وموضوعيا وينطبق الأمر نفسه على فرق الروك مثل كايروكي ومسار إجباري التي تحرص بدورها على تقديم ألبومات مترابطة.
وتطرق «شميس»، إلى الحديث عن ألبوم «هرمون السعادة» لتامر حسني، قائلا إنه تعرض لظلم نتيجة مشكلات في التسويق وطريقة الطرح مما جعل الجمهور غير قادر على فهم أو التفاعل مع الألبوم لكنه من الواضح أنه استفاد من التجربة ويحاول العودة من جديد من خلال التعاون مع فنانين مثل الشامي وكزبرة ورضا البحراوي، معتبرا أنها خطوة ذكية لتوسيع قاعدة جمهوره.
واختتم «شميس»، حديثه مؤكدا أن الألبوم الكامل يظهر فكر الفنان وشخصيته الفنية وأن الأغنية السنجل لها دور في المناسبات لكن الألبوم هو الذي يحدث الفارق، معبرا عن إعجابه الشديد بألبوم عمرو دياب الجديد.
عودة للطبيعة الفنية السليمة
بينما يرى الناقد الفني طارق سعد، أن عودة الألبوم الكامل إلى الساحة الغنائية تمثل رجوعا للطبيعة الفنية السليمة بعد سنوات من هيمنة الأغاني «السنجل» التي أضعفت حالة التنوع والإشباع الفني لدى الجمهور.
وأضاف «سعد» -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-، أن فكرة «السنجل» بدأت مع تجربة عمرو دياب في أغنية «أصلها بتفرق» عام 2010 كتجربة لقياس رد فعل الجمهور لكنها ترسخت بعد أحداث 2011 نتيجة تراجع شركات الإنتاج وانتشار المهرجانات الشعبية بشكل واسع وسط غياب الدعم والرقابة.
وأوضح أن الألبوم كان يتطلب ميزانيات ضخمة ومع توقف الإنتاج والدعم لم يعد معظم المطربين قادرين على تمويل 12 أو 15 أغنية فاضطروا للاعتماد على الأغاني المنفردة لضمان التواجد باستثناء عمرو دياب وتامرحسني ومحمد حماقي استمروا في تقديم الألبوم.
وأكد أن التسويق اختلف بعد جائحة كورونا وبات المطرب غير قادر على الغياب لعام أو أكثر لتسجيل ألبوم ما جعل طرح الألبوم بشكل فردي ضروري لضمان التواجد المستمر.
وأشار إلى أن الألبوم يتيح للفنان تقديم جرعة فنية كاملة ومتنوعة بين الرومانسي والدرامي والشعبي ما يمنحه هوية واضحة ويكسبه قاعدة جماهيرية أوسع.
ولفت إلى أن تجارب مثل ألبوم أحمد سعد الأخير الذي حقق نجاحا كبيرا واستقرار الأوضاع شجع نجوم مثل عمرو دياب وتامر حسني على العودة لفكرة الألبوم الكامل.
واختتم «سعد» حديثه لـ«النبأ» داعيا شركات الإنتاج الكبرى وعلى رأسها نصر محروس ومحسن جابر إلى العودة لدعم المواهب الشابة كما فعلوا في الماضي، وكذلك مناشدة الشركة المتحدة للاستثمار في سوق الأغنية المصرية حفاظا على هوية الفن ودعما لتاريخه.