< حسام صلاح الدين يكتب: أوراق اللعبة وكيف نفهم السياسة العالمية.. المحطة الأولى
النبأ
رئيس التحرير
خالد مهران

حسام صلاح الدين يكتب: أوراق اللعبة وكيف نفهم السياسة العالمية.. المحطة الأولى

النبأ

لا شك أن العالم الذي نعيشه الآن هو عالم متشابك إلى حد كبير يصل لدرجة التعقيد، فبعد قانون العولمة وأن "العالم أصبح قرية صغيرة" فصار كل شيء مترابط فما يحدث في الشرق يؤثر على الغرب والعكس كذلك، فلا يمكن أن يصبح الإنسان الآن بمعزلٍ عما يحدثه حوله من توترات وتغيرات أساسية في أوراق اللعبة السياسية العالمية.

والقانون الثاني: أن العالم تحكمه المصالح، فبعد سيطرة أمريكا على العالم صارت فلسفتها البرجماتية مسيطرة على كافة سياسات العالم فلا يمكن أن نغفل عن قانون المصلحة،  فلا أخلاقيات تحكم العالم سوى على الأوراق أما في حقيقة الأمر هي المصلحة وفقط حتى لو كانت على دماء الأطفال والنساء.

ومن خلال هذا التشابك نمر سريعًا على بعض المحطات الأساسية لمحاولة فهم الصراع العالمي الجديد وكيف يؤثر علينا.

المحطة الأولى: "الحرب الروسية الأوكرانية"
لسنا بصدد الحديث عن أسباب ودوافع تلك الحرب بقدر ما نحن نوضح ما أنتجته تلك الحرب في إحداث تغيرات جوهرية في شكل العالم الحديث الآن، فمنذ سقوط الاتحاد السوفيتي قديما، وسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على العالم بكونها القطب الأوحد المتحكم في العالم وسياسته، جاء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير ٢٠٢٢ ليعلن فصل جديد ومحاولة جوهرية لبزوغ فصل جديد من الصراع العالمي وإسقاط نظرية القطب الأوحد.

فمنذ ذلك التاريخ تبين لكل ذي عقل بداية فصل جديد من الصراع وإعلان مرحلة جديدة يكون فيها العالم عبارة عن كتلتين من جديد، كتلة غربية بزعامة أمريكا وحلفائها.
وكتلة شرقية يتزعمها "الصين وروسيا وحلفائهما".

وهنا تأتي المحطة الثانية وهي: "العقوبات الأمريكية على الاقتصاد الروسي"

في عالم السياسة لا يمكن الفصل بين "الإقتصاد والسياسة" فكل منهما جناح الآخر بل إن القوة الاقتصادية هي العامل الأكبر والمحرك للقرار السياسي، فالاقتصاد في حقيقته هو الدافع الأساسي للقرار السياسي وهو ما تفهمه أمريكا جيدًا، فكانت العقوبات الاقتصادية في عهد الرئيس جو بايدن على الاقتصاد الروسي وتجميد أصوله المقدرة بالمليارات بمثابة الطلقة الأخيرة في نعش النظام المالي والسياسي العالمي، فلقد استخدمت أمريكا سلاح العقوبات أمام نظام قوي لديه العديد من الحلفاء حول العالم مما جعل الكتلة الشرقية أمام خيار واحد فقط وهو محاولة إسقاط ذلك النظام المالي والهيمنة الأمريكية من خلال إسقاط "الدولار" الذي هو سلاح أمريكا الأقوى.

لم تكن تتخيل أمريكا أنها بسلاح العقوبات الإقتصادية قد أيقظت "الصين" على حقيقة الأمر ألا وهو استحالة وجود قطب ثاني في العالم إلا من خلال تدمير النظام المالي العالمي المتمثل في "هيمنة الدولار" فلقد فهمت الصين والكتلة الشرقية حقيقة ذلك الأمر وأعدت خطة قوية لمحاولة تدمير أمريكا بنفس سلاحها.، فماذا فعلت الصين يا تُرى وكيف استخدمت أوراق السياسة لتنجح خطتها؟
هذه ما سنتحدث عنه في المقال القادم.