رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

آدم خضر.. "هجرة "

آدم خضر
آدم خضر

 

أيها القدر أخبرني بيوم العودة بعد طيلة الهجران، فمرت أشهر عديدة وأنا أناجي القمر ليلا حتى توارى مني خلف سواد السماء، أخبرني أأصبحَت عروس حسناء ؟ أم أنها تفكر لي في شفاعة أبدية فقد كان كبريائي في آخر لقاء بيننا معكوس على حالتي الآن، أصبحت كالغريب بلا مأوى، وصرت أخاف من الظلام بعدما كانت تملأ حياتي نورا وقلبي لذة وسرورا، فمنذ الهجران وأنا وحيدا بين الحوائط التي أوشكت أن تنهار من أنيني، أصبحت أساهر القمر كل ليلة حتى ملني ومللته وضاق كلا منا بصاحبه ذرعا وأنشأت أمشي كالذئب المفترس الذي لا يعرف لنفسه مذهبا، وأقلب النظر في وجوه العامة لأبحث عن من يشبهها في عينيها التي تتلألأ تلألؤ الكوكب في علياء السماء، وتحولت صفحة الدردشة بيننا إلى مستودع لأسراري وأحزاني 
فمتى يتحول الأنين إلى ألحان جياشة، ومتى أتصالح مع القمر الذي مللته، ومتى أستيقظ صباحا على صوتها في أحد المحطات الإذاعية لتعلن العودة وانتهاء الهجرة، لقد حلّت الغيوم بعد رحيلها، والشمس تنحدر نحو الغروب كلما مررت أمام ضوئها، وكأن الطبيعة تعاقبني على غطرستي الغير مبررة وأخشى أن أراني فجأة أمام المصحة النفسية لأُعالج من الهلاوس اليلية التي حلّت بعقلي بعدما هجرتني 
أيها القدر، ألا تستطيع أن تخبرني بما تحويه الأيام، أسقيتني كأسا من الشهد وسلبته مني قبل أن استمتع بما فيه، ومنحتني هدية وعاودت فانتزعتها وأنا خاضع وذليل لك خوفا منك وإيمانا بك 
أخبرني أيها الكون بأي مكان حلت بك، فقد حلت بأرجائك زهرة عجزت البساتين عن رعايتها، فكيف راعيتها وعجزت الجبال الرواسي عن حملها فكيف احتملتها، فرفقا بها لا تزعجها وارفق بها رفق الشباب بالشيوخ واعطف عليها كعطف الملوك على الرعية، فإن لها فؤادً كأفئدة الطير تفوح بالسعادة لكل من حولها ولها ابتسامة كأشعة الفجر تمحوا الظلام وتبعث الأنوار.