رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل لعبة تصفية شركة «الدلتا للصلب» وضرب خطة التطوير

الحديد
الحديد


حالة من الخوف الشديد، يعيشها عمال مصنع الدلتا للصلب، ومعهم المهتمون بمستقبل تلك الصناعة الوطنية، بشأن مصير آخر قلاع الحكومة في مجال إنتاج الحديد والصلب، بعد ما تواجهه من أزمات تتعلق بعدم إصدار تراخيص تشغيل المصنع، وهو ما يهدد بتكرار سيناريو التصفية، كما حدث بجميع الشركات الحكومية في هذا القطاع، وآخرها شركة الحديد والصلب.

وشيدت نحو أربع شركات في مجال الحديد والصلب بين الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ثم بدأت تدريجيًا في التخلي عن شركاتها، إذ بدأت في تصفية شركة "الأهلية للصلب"، المملوكة للدولة في عام 1998، قبل أن يتوقف نشاط الحديد الصلب داخل شركة "النحاس" المصرية، وأخيرًا أعلنت عن تصفية شركة الحديد والصلب في منتصف العام الحالي.

اللافت للأمر، أن شركة الدلتا للصلب لم تشهد تحديثًا منذ ٣٩ عامًا، وهو ما ترتب عليه خسائر تقدر بنحو ٢٥٠ مليون جنيه فى آخر ١٠ سنوات، بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج وتآكل الحصة السوقية للشركة فى سوق الحديد والصلب.

المثير للدهشة، أن هذه الأزمات جاءت مع انطلاق خطة التطوير وتنفيذ المرحلة الأولى التى تضاعف الإنتاج فيها ٥ مرات لتصل الطاقة الإنتاجية إلى ٢٥٠ ألف طن سنويا بكلفة ٢٥٠ مليون جنيه، وحققت خلاله الشركة في أول ثلاثة أشهر، منتج جديد يحتاجه السوق وهو "البيليت"، وتخطت مبيعات الشركة ٥٠٠ مليون جنيه لأول مرة بعد التطوير وتضاعفت 5 مرات مقارنة بالعام الماضي.من جانبها، تقدمت اللجنة النقابية للعاملين بـ"الدلتا" للصلب بمذكرة تفصيلية إلى جهات رسمية عدة، منها مجلس الوزراء، ووزارة قطاع الأعمال العام، والشركة القابضة للصناعات المعدنية.

وكشفت المذكرة، الأضرار التي سيتسبب فيها عدم تجديد الترخيص على مستقبل الشركة والعاملين، خصوصًا أنها آخر ما تملكه وزارة قطاع الأعمال في صناعة الصلب بعد تصفية شركة الحديد والصلب بحلوان.وجاء بالمذكرة أن الشركة تملكها الدولة بنسبة 100 في المئة، وتحمل أقدم رخصة لإنتاج الصهر "البليت" في مصر، والصادرة في عام 1952، وكان يتم تجديد الرخصة حتى عام 2018، وتوقف عقب هذا التاريخ على الرغم من تقديم كل المستندات بأحقية الشركة في تجديد رخصة التشغيل.

وتابعت المذكرة أن هيئة التنمية الصناعية اشترطت على إدارة الشركة ضرورة توقف مشروع الأفران الجديدة عن العمل أولًا حتى يتم الحصول على السجل الصناعي المؤقت، وهو الأمر الذي يثير الدهشة، بخاصة أن فاتورة تطوير الشركة أخيرًا بلغت 800 مليون جنيه (51 مليون دولار).

وأضافت المذكرة أنه على الرغم من توصيات هيئة فض المنازعات بمنح الشركة رخصة مؤقتة لحين إصدار رخصة دائمة، واعتماد مجلس الوزراء هذه التوصية بتاريخ 22 أكتوبر الماضي برقم 161، فإن التعنت هو سيد الموقف، ولم يتم إصدار أي من هاتين الرخصتين.

وفي هذا السياق، قال عماد الدين، أمين عام اللجنه النقابية بشركة مصانع الدلتا للصلب بمسطرد، إن شركة الدلتا للصلب هي الشركة الوحيدة المملوكة للدولة بنسبة 100% بعد تصفية شركة الحديد والصلب في حلوان وتقرر منذ 2017 تطوير الشركة وتمت زيادة القدرة الإنتاجية من 50 ألف طن في العام إلى 500 ألف طن على مرحلتين وسد العجزي الفجوة المتعلقة باستيراد البليت والذي تقدر فاتورة استيراده 3 مليارات دولار في العام وتم تحويلها إلى 500 ألف طن على مرحلتين الأولى 250 ألف طن والثانية 250 ألف طن.

وأضاف في تصريح لـ "النبأ"، أن المرحلة الأولى بدأت في العمل بالفعل، لافتا إلى أن المصنع بدأ في تحقيق المكاسب بداية من العام الجاري و"دي أول سنة نكسب فعلا ونحقق أرباح وحصلنا على 12 شهرا أرباح وكانت الحالة المعنوية للعمال مرفوعة بسبب الإنجاز الذي تم تحقيقه في العمل".

وتابع: رخصة إنتاج حديد التسليح في المصنع تعود إلى شهر أبريل عام 1952، وهي رخصة صهر معدن، وهي أول شركة تعمل في صهر المعدن بالشرق الأوسط، وكانت هذه الرخصة تصدر من حي شرق شبرا الخيمة، وفي عام 2017 صدر قرار بتحويل تراخيص الصناعات الثقيلة والمصانع إلى هيئة التنمية الصناعية، والتي رفضت تجديد الرخصة إلا بعد عدد من الاشتراطات.

وأضاف: أنهينا كل الموافقات الخاصة بالبيئة، وطلبوا موافقة الهيئة العليا للطاقة وتم الحصول عليها أيضا، ثم طلبوا موافقة الحماية المدنية وهي تتطلب ما يزيد عن 20 مليون جنيه لإتمامها وتستغرق نحو 3 سنوات، ونجحنا في تنفيذ ما يزيد عن 50% بالنسبة للأعمال الموجودة لدينا وحصلنا على موافقة مبدئية من الحماية المدنية.

وواصل: كنا نحصل على رخصة مؤقتة كل 3 أشهر تقريبا ومنذ بداية التطوير عام 2017 حصلنا على ما يقرب من 5 رخص مؤقتة، ثم رفضوا منحنا هذه الرخصة مطالبين العضو المنتدب في الشركة بالتوقيع على إقرار وقف النشاط على اعتبار أنه مصنع جديد ويحتاج إلى رخصة جديدة رغم أن المصنع يعمل منذ 1952.

واستطرد: حديد التسليح عبارة عن خردة تدخل فرن الصهر والذي ينتج مربعات البليت ويتم سحبها لصناعة حديد التسليح، والمشروع الجديد عمل إنتاج البليت من الخردة ليتم بيعه للشركات.

وأشار إلى أنهم رفضوا التوقيع على وقف النشاط حيث إن شركة الدلتا للصلب هي البديل لشركة الحديد والصلب بحلوان التي تمت تصفيتها، وعقب ذلك تعمل الشركة دون أي توقف لمدة يوم واحد.

وأوضح أنه في المرة الأخيرة رفضت هيئة التنمية الصناعية منحهم الرخصة أو تجديدها وهذا الأمر كلف الشركة 10 ملايين جنيه في الجمارك حيث يوجد للشركة قطع غيار في الجمرك ولابد للإفراج عنها استخدام الرخصة والسجل التجاري، متابعا: كل يوم بيعدي بندفع أرضيات في الجمارك على البضاعة الموجودة ولا نستطيع الإفراج عنها وهذه الأموال تتحملها الدولة والعامل.

وبين أن وزير قطاع الأعمال العام صرح في البداية بأنه أرسل خطابا لوزيرة الصناعة باستعجال إصدار تجديد شركة الدلتا للصلب، وردت بأن الشركة غير حاصلة على ترخيص من الأساس.

وقال، إنه تم رفع دعوى ضد هيئة التنمية الصناعية في هيئة فض المنازعات الحكومية وأنهم قدموا للهيئة أوراقا بشأن 22 مصنعا صينيا يعملون "تحت بير السلم" دون أي أوراق أو تراخيص.

وأكد على أن تعطيل حصول هذه التراخيص بالنسبة للمصنع يصب في صالح المصانع الصينية الموجودة في مصر، لافتا إلى وجود بعض الأنباء المتداولة بشأن عرض أحد المستثمرين الصينيين لتأجير المصنع ما أثار الفزع لدى 750 عاملا دائمين و250 عاملا مؤقتين بإجمالي 1000 عامل بخلاف أسرهم والموردين والمستوردين وتجار الخردة وغيرهم.

وقال: النهاردة طن الحديد وصل 16 ألف جنيه ومينفعش الحكومة تخرج من القطاع ده بشكل تام، وأرسلنا خطابات لمختلف الجهات لحل الأزمة، وفوجئنا بعدد من نواب البرلمان يتحدثون عن الأزمة داخل البرلمان لمحاولة حل المشكلة.

وأشار إلى أنهم عقب الحصول على حكم من هيئة فض المنازعات الحكومية حصلوا على رخصة 3 أشهر حتى 8 فبراير القادم، وسيتم العودة لنفس المشكلة عقب انتهاء مدة الرخصة المؤقتة.

بدوره، قال عادل ربيع، أحد أعضاء اللجنة النقابية بالشركة، إنهم بتاريخ 7 نوفمبر 2018 قدموا على الترخيض بزيادة الطاقة الإنتاجية من 50 ألف طن إلى 250 ألف طن في العام كمرحلة أولى فضلا عن قرب انتهاء أعمال المرحلة الثانية من التطوير.

وأوضح في تصريح لـ "النبأ"، أن وزيرة التجارة والصناعة أصدرت قرارا عام 2018 بتغيير جهة إصدار التراخيص بدلا من الحي لتصبح هيئة التنمية الصناعية، وتقدمنا بطلب للهيئة للموافقة على زيادة الطاقة الإنتاجية للشركة.

وتابع: وزير قطاع الأعمال طلب منا العمل على توفير خام البليت لتقليل فاتورة الاستيراد الخاصة به من الخارج، ووجه بغلق عنبر إنتاج حديد التسليح، وأبقى على الأفران القديمة التي كانت تنتج البليت "حديد المربعات".

وأشار إلى أن الخردة تأتي إلى المصنع لتدخل الأفران ويتم صهرها في شكل مربعات أو ما يعرف باسم البليت، ولكن هيئة التنمية الصناعية لا تعترف بأن صهر الحديد وإنتاجه في مربعات هو نفس نشاط البليت.

وأوضح أنهم حينما طلبوا من الهيئة زيادة حجم الإنتاج السنوي طالبتهم الهيئة باستيفاء شروط وموافقات البيئة والحماية المدنية والطاقة والري وغيرها، وهذه الموافقات كلفت الشركة ملايين الجنيهات، وتفاجأت الشركة برفض الهيئة تجديد الترخيص بدعوى أنه لا يوجد رخصة لإنتاج البليت.

وقال إنهم بعد اللجوء إلى لجنة فض المناعات الحكومية أصدرت قرارا بإلزام هيئة التنمية الصناعية باستخراج رخصة مؤقتة مسبقة، وتعني هذه الرخصة أنهم استوفوا جميع مطالب الهيئة لإصدار رخصة دائمة بخلاف الجانب الخاص بالحماية المدنية والتي أنهوا فيها ما يزيد عن 50%.

وأثارت الأزمة، اهتماما كبيرا من قبل البرلمان ونوابه الذين تدخلوا بعمل لقاءات مع ممثلي الشركة، وتقدموا بطلبات إحاطة للحكومة.

وقال النائب إيهاب منصور، وكيل لجنة القوى العاملة بالبرلما، إن الروتين وبطء إصدار التراخيص يعيق العمل بالنسبة لشركة الدلتا والصلب، موضحا أن العمل في هذا المجال يستوجب إصدار مجموعة من التراخيص.

وأضاف منصور، في تصريح لـ "النبأ" أن تطوير شركة الدلتا للصلب بدأ عام 2017 ولها رخصة صدرة منذ عام 1952، والعام الماضي صدر قرار لرئيس الوزراء بوضع ضوابط لإصدار الرخص، وتأخير إصدار تلك التراخيص تسبب في دفع نحو 12 مليون جنيه أرضيات بدون أي داع.

وتابع عضو مجلس النواب: لما تتأخر الإجراءات وكل 3 شهور يصدر لهم تصريح مؤقت ده بيكلف الشركة ملايين الجنيهات، متابعا: نحو ما يزيد عن 700 عامل أكدوا على أن الشركة حققت مكاسب العام الحالي وهو ما يستوجب دعمهم وليس إعاقتهم وتعطيل سير العمل.

واختتم منصور: مشكلات إصدار التراخيص أحدثت حالة من القلق بين العمال وتخوفات من التصفية على غرار شركة الحديد والصلب بحلوان.