رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

شركة «فيسبوك» تستعين بسيناريوهات أفلام الخيال العلمي للسيطرة على البشر

فيسبوك
فيسبوك


أثار إعلان شركة فيسبوك تغيير اسمها إلى "ميتا"، تساؤلات عدة حول طبيعة التقنية، وتأثيراتها على الأفراد، خاصة قي ظل وجود عدد من المخاوف في الدخول إلى هذا العالم الجديد.

وظهر مصطلح ميتافيرس لأول مرة من خلال رواية الخيال العلمي Snow Crash والتي ألفها الكاتب نيل ستيفنسون عام 1992، وتدور أحداثها حول تفاعل البشر، من خلال الشبيه الافتراضي (أفاتار)، ويحتضن هذه التفاعلات والتعاملات فضاء افتراضي ثلاثي الأبعاد مدعوم بتقنيات الواقع المعزز، فيما يشبه إلى حد كبير العالم الحقيقي.

وتناولت بعض الروايات وأفلام الخيال العلمي فيما بعد مصطلحات أخرى ومفاهيم مشابهة لعوالم الواقع الافتراضي، حتى أعادت شركة فيسبوك باسمها الجديد في 2021 إلى الأذهان هذا الحلم القديم، لكنه اليوم ومع التقدم الهائل في هذا المجال أصبح في متناول مستخدمي الإنترنت.

وتعرف ميتافيرس بأنها سلسلة من العوالم الافتراضية التي تضم تفاعلات لا حصر لها بين المستخدمين من خلال الأفاتار الخاص بكل مستخدم، والتي ربما لن تقتصر على ممارسة الألعاب والترفيه فقط، بل ستتيح هذه التقنية كذلك العديد من التفاعلات الخاصة بالأعمال.

وتهدف ميتافيرس إلى أخذ تقنيات الواقع الافتراضي إلى مستويات غير مسبوقة، وعلى الرغم من أن مارك زوكربيرغ هو من أعلن مؤخرا عن دخول هذا العالم الجديد، إلا أن شركة "ميتا" أو فيسبوك سابقا لن تستطيع وحدها التكفل بكل التطورات المطلوبة في هذا المجال، حيث إنه ليس فقط مجالا واسعا للتطوير لكنه أيضا لا يمكن التنبؤ بحدود يمكن أن يقف عندها، الأمر الذي سيتطلب اشتراك جميع الشركات العاملة في هذه الصناعة، وهو ما أكده زوكربيرغ نفسه، في خطاب موجه للمستخدمين.

سؤال برلماني
وفي هذا السياق. قال الدكتور أيمن محسب عضو مجلس النواب، إنه تقدم بأول سؤال برلماني عن تكنولوجيا الواقع الافتراضي metaverse للمستشار حنفي جبالي رئيس مجلس النواب موجه إلى كل من رئيس الحكومة ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

وأشار محسب في تصريح لـ"النبأ"، أن هذا السؤال البرلماني للحكومة يرتكز حول سؤال واحد هو: «ما هي استعدادات الحكومة المصرية لتكنولوجيا الواقع الافتراضي بعد إطلاق مشروع metaverse ؟».

وذكر محسب أن العالم كله أصيب بصدمة هائلة بعد الإعلان عن مشروع الواقع الافتراضي لمؤسس فيسبوك ماركزوكربرج والذي أعلن عن تغيير اسم شركة فيسبوك إلى شركة ميتا على أن تمتلك الشركة الجديدة جميع التطبيقات التي امتلكها مؤسس فيسبوك كفيسبوك وواتس اب وانستجرام كما أعلن مارك زوكربرج عن مشروعه الجديد ميتافيرس الذي يعد نقلة تكنولوجية هائلة باستخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي.

وأوضح عضو مجلس النواب، أن هناك الكثير من الملفات المرتبطة بهذه التكنولوجيا على سبيل المثال ستكون جميع البيانات الشخصية لأي مواطن متاحة عبر الواقع الافتراضي وسيتم التعامل معها سواء بالنسبة للتجارة أو الصناعة أو حتي الكشوف الطبية والعلاجات فبحسب هذه التكنولوجيا سيتم اجراء عمليات جراحية وكشوف طبية للمواطنين عبر استخدام المميزات الهائلة التي تستخدمها هذه التكنولوجيا.

ولفت محسب إلى أنه توجد العديد من السلبيات المرتبطة بها فعلى سبيل المثال تتيح التكنولوجيا الجديدة وجود شخصية مماثلة لأي شخص في العالم الافتراضي ومن ثم فإن هذه الشخصيات الافتراضية تتعرض لكل الأحداث التي تمر بالإنسان الطبيعي وفي إحدى الدراسات كشفت جمعية أمريكية أن ٤٩٪؜ من النساء تعرضن للتحرش في هذه التكنولوجيا وكذلك ٣٩٪؜ من الرجال تعرضوا للتحرش أيضا مما تسبب في قيام كثير منهم في تقديم بلاغات وتحرير محاضر رسمية ضد مستخدمين آخرين بسبب الأضرار النفسية البالغة التي خلفتها هذه التكنولوجيا.

واختتم محسب قائلا: "الإعلان عن هذا النوع من التكنولوجيا يحتم علينا أن نسأل عن مدى استعدادات الحكومة المصرية لتكنولوجيا العالم الافتراضي وكذلك كيف سيتم التعاطي معه والاستفادة من مميزاته إلى جانب قدرة الحكومة على مواجهة المخاطر المحتملة بسبب هذا النوع من التكنولوجيا".

بدوره، قال الدكتور جمال حماد، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة المنوفية، إن تقنيات الواقع الافتراضي موجودة منذ سنوات وخاصة منذ بدء سياسات العولمة وبدايات ظهور الكمبيوتر والموبايل، ما جعل العالم أشبه بجهاز موبايل والعالم الافتراضي بمثابة عالم مواز للواقع، سنجد داخله كل الأشياء وعكسها ومنها بعض الحقائق التي يمكن عرضها من خلال المنظرين والكتابات.

وأضاف حماد في تصريح خاص ل"النبأ": أنا مثلا أقوم بعمل سيرش على الكمبيوتر أو الموبايل عبر محركات بحثية استخلص منها معلومة أريد الحصول عليها أو شخص آخر يريد رؤية نزاعات وصراعات أو ثالث يريد استطلاع كتاب في منطقة أخرى من العالم، كل شخص يمكنه أن يعيش تجربة خاصة به طبقا لاهتماماته أو هواياته.

وأشار إلى أن العالم الافتراضي سيظل متواجدا وسيخضع للتطوير المستمر في دورة التحديث المستمر للتكنولوجيا عبر جعل الاتصال أكثر سهولة وأسرع في الوصول، لافتا إلى أن شركة فيسبوك هي شركة مخابراتية في الأساس تخدم خدمات أجندة استخباراتية عبر معرفة توجهات الجمهور في مختلف المناطق حول العالم ومعرفة طريقة تفكير الدول وتوقعاتها لسنوات مقبلة.

وأوضح الدكتور جمال حماد، أن هذه التكنولوجيا تساعد الدول على معرفة توجهات غيرها ونمط تفكيرها، متابعا: الصين تفعل هذا الأمر منذ سنوات طويلة وتستغله جيدا في شهر رمضان في إنتاج المستلزمات الرمضانية من ملابس ولعب أطفال وغيرها.

وبين أن العولمة الثقافية تختلف تأثيراتها من مكان لآخر، ولكنها تنجح في توجيه الناس عبر تغيير ثقافتهم وليس فقط مهرفة اتجاهاتهم والعمل على تلبيتها.

وأشار إلى أن دول العالم النامية هي جمهور مستهدف للدول الكبرى المتحكمة في التكنولوجيا العالمية من خلال السيطرة على إنتاجها، بخلاف أن الدول النامية أخذت من تكنولوجيا العالم الافتراضي أسوأ ما فيه.

وقال الدكتور جمال حماد، إن تكنولوجيا العالم الافتراضي هي قفزة كبيرة حتى يمكنها إظهار مجسم لشخص أمامك رغم أنه في الواقع يوجد في دولة أخرى.

وبين أنه يمكن لهذه التقنيات أن تكون في صالح الدول النامية إذا كانت من الدول المنتجة لهذه التكنولوجيا أو لديها ميزة نسبية للمنافسة من خلالها.

في هذا الإطار قال الدكتور محمد هاني استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، إن العالم الافتراضي الذي سيطلقه مارك زوكربيرج سيؤثر بنسبة مضاعفة عما فعله الفيس بوك من تأثيرات سلبية فصناع مواقع التواصل الاجتماعي يلعبون دائما على إنتاج محتوى جديد بين الحين والآخر حتى لا يفقد المتابع الشغف ولجذب مزيد من المشتركين لديهم ولكي يظلوا متعلقين بتلك المواقع ولا يستطيعون الاستغناء عنها وتكون ضمن أركان أساسية في حياتهم.

وتابع: المرضى النفسيون قد تتفاقم أمراضهم النفسية بسبب "الميتافيرس" والأشخاص الذين يعانون من هلاوس قد تزداد وقد يعيش الفرد في خياله بطريقة تفصله بنسبة أكبر عن واقعه الذي يعيش فيه وينحرف بتفكيره عن المسلك الطبيعي فليس كل الأشخاص سيكون لديها القدرة على الانسجام والتوافق مع هذا العالم.

وأشار: ليس الجميع سيكون لديه القدرة على التعامل مع "ميتا فيرس" فقط هم المنفتحون على التكنولوجيا ويستطيعون سبر أغوار هذا العالم على عكس الفيس بوك ومواقع التواصل الحالية فقد يستطيع غير المتعلم أن يتعامل مع تلك المواقع بأن يساعده شخص آخر في حساب شخصي ويتواصل من خلال التصفح أو من خلال الرسائل الصوتية ولكنه يجهل التعامل بانسيابية مع تلك المواقع.

وأكمل: أتخوف من أن يجذب الشباب الصغير بطريقة تفصله تمام عن الواقع الفعلي وتجعل شخصية تتكون وهي متأثرة بهذا العالم الافتراضي فالمراهقون ومن هم في سن صغيرة لديهم التخيلات جامحة وبلا حدود فهم لم يمروا بعد بمراحل النضوج والخبرة لتمكنهم من رسم مستقبلهم بطرية صحيحة فتلك المرحلة يكون التقليد فيها أعمى والانبهار والإقبال على كل شيء جديد يكون بصورة أسرع والتخوف هنا سيكون من الاستقطاب الكبير لتلك الفئة العمرية وتأثرها بطريقة تؤثر على مستقبلهم فمن الممكن أن يتيح هذا التطبيق لهؤلاء الشباب الألعاب التي تثير شغفهم وتجعلهم يعيشون أحداثها ويكونون جزءًا من واقعها الافتراضي.

واستطرد: لا ننكر أن الميتافيرس له جوانب ايجابيه فسيفيد الشركات والأعمال المختلفة فقد يقوم المدير بعمل اجتماع مع موظفيه من خلال هذا التطبيق فمارك زوكربيرج يريد التحكم وأن يتفوق على كل مواقع التواصل الأخرى بهدف الربح المادي فلا شك في ذلك وأيضا للتحكم في عقول الأفراد وحياتهم وتفاصيلهم وحساباتهم الشخصية فهو ومن وراءه يفكرون بطريقة تجعله يهيمن ولا يستطيع آخرين منافسته فحينما حدثت مشكلة في موقع الفيس بوك لمدة ثماني ساعات أو أكثر شعر الملايين أن هناك نقصا حدث بحياتهم ولذلك خرج مارك في رسالة يعتذر عن هذه المشكلة ويقول نأسف لعدم تواصل الناس مع بعضهم البعض فالعالم أصبح كجزيرة منعزلة.