رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

عن اليوم العالمى للسكر.. أوهام وحقائق عن المرض

صلاح الغزالي حرب
صلاح الغزالي حرب


احتفل العالم منذ يومين باليوم العالمى للسكر، الذى يوافق الرابع عشر من شهر نوفمبر من كل عام.. وقد نشأت فكرة هذا اليوم فى عام 1991، بالتعاون بين منظمة الصحة العالمية والفيدرالية الدولية للسكر، بعد أن ازداد القلق من الانتشار السريع للمرض على مستوى العالم، مع كثرة المضاعفات الخطيرة الناجمة عن إهمال المرض، والتى تكاد تشمل كل أجهزة الجسم الإنسانى.. وفى عام 2006 أعلنت الأمم المتحدة هذا اليوم يومًا عالميًا، تعبيرًا عن الاهتمام بهذا المرض، ويرجع اختيار هذا اليوم تحديدا إلى أنه يوافق يوم ميلاد سير فريدريك بانتج – الكندى الجنسية – مكتشف هورمون الأنسولين، بالتعاون مع تلميذه تشارلز بست عام 1922.

ويعتبر هذا اليوم هو أكبر تجمع عالمى للتعريف والتذكير بهذا المرض فى أكثر من 160 دولة على مستوى العالم، وقد تم الاتفاق على اختيار الدائرة الزرقاء رمزًا له فى عام 2007، والتى تشير إلى وحدة العالم فى مواجهة وباء السكر، كما تم الاتفاق على شعار موحد فى كل عام تتجمع حوله الجهود الدولية لمكافحة المرض، وفى هذا العام تم اختيار شعار (الطريق للحصول على رعاية لمريض السكر)، وهو يعنى كيفية تعامل الطبيب مع مريض السكر، منذ اليوم الأول لاكتشافه وحتى نهاية العمر بلا مضاعفات خطيرة.



وعن تاريخ هذا المرض، فيمكن القول بأنه أحد أقدم الأمراض فى تاريخ الإنسانية، فقد عرف عام 1550 قبل الميلاد فى مخطوطات لقدماء المصريين.. كما وصفه عالم يونانى فى القرن الثانى قبل الميلاد وصفًا دقيقًا بأنه يصيب المريض بالعطش الشديد وشرب كمية كبيرة من الماء، ولا يمكن السيطرة عليه وعادة ما يموت!.. وفى عام 1776 اكتشف العالم البريطانى د. روبسون أن دم وبول المريض يحتويان على السكر.. ثم جاء اكتشاف العلاقة بين المرض وعضو البنكرياس، الذى يقبع فى بطن الإنسان خلف المعدة، وذلك بواسطة الألمانيين د مينكوفسكى وجوزيف فون ميرنج، وذلك بعد استئصالهما للبنكرياس من كلاب التجارب، والذى تبعه ظهور أعراض السكر، والتى أدت إلى وفاة الكلاب.



وفى عام 1893 اكتشف الألمانى لانجرهانس، الطالب بكلية الطب، مجموعات من الخلايا المتجاورة فى البنكرياس، ووصفها وسميت باسمه وعمره 21 عاما.. ثم توصل العالم الإنجليزى إدوارد شافر عام 1910 إلى حقيقة أن هناك مادة كيميائية يطلقها البنكرياس يؤدى غيابها إلى حدوث المرض، وأطلق عليها اسم الأنسولين، وهى تعنى باللاتينية (جزر)، نسبة إلى جزر لانجرهانس.. ثم جاء الاكتشاف الأعظم فى تاريخ الطب، وهو استخلاص الأنسولين من البنكرياس، لأول مرة فى التاريخ، واستخدامه لعلاج السكر بواسطة العالمين «بانتنج» و«بست»، وقد حصل «بانتنج» على جائزة نوبل عام 1923 وكان أول مريض فى العالم يعطى الأنسولين لعلاج المرض هو الشاب ليونارد تومبسون والذى عاش بعدها حوالى 13 سنة، حتى توفى بالالتهاب الرئوى.

ننتقل الآن إلى عرض بعض الأوهام، التى تنتشر حول مرض السكر لتوضيح الحقيقة:

1) مرض السكر ينتج من أكل كميات كبيرة من السكريات، وهذا خطأ، فهذا لا يحدث إلا فى حالات ما قبل السكر، والتى تعنى أن مستوى السكر بالدم أعلى من الطبيعى وأقل من مستواه فى مرض السكر، وهذا ما يحدث مع زيادة الوزن أو ارتفاع الضغط أو زيادة دهون الدم أو التدخين أو غيرها، مع وجود تاريخ عائلى للمرض.



2) مريض السكر محروم من تناول السكريات والنشويات، وقد كان ذلك هو العلاج الوحيد للمرض قبل اكتشاف وسائل العلاج، ولكن العلم الحديث يطالب بالترشيد وليس الحرمان المطلق.. كما لا يوجد الآن ما يسمى بطعام خاص لمريض السكر، ولكنه فقط الطعام المتوازن.

3) هناك مرض سكر بسيط وآخر شديد، وهذا خطأ، وقد اتفق العلماء على أن يبدأ العلاج المكثف من ساعة اكتشاف المرض بكل الطرق المتاحة طبقًا للحالة، لأن اكتشاف المرض يحدث بعد مرور عدة سنوات على البداية الحقيقية له.

4) النوع الأول من السكر يصيب الأطفال فقط.. والصحيح أنه أحيانا يحدث بعد سن الثلاثين ويتم تشخيصه بالخطأ على أنه من النوع الثانى، إلا أنه لا يستجيب بسهولة للحبوب، وغالبا ما يبدأ فى الاعتماد على الأنسولين فى خلال خمس سنوات، ولتأكيد التشخيص يمكن قياس نسبة الأجسام المضادة فى الدم، باعتباره أحد الأمراض المناعية، كما أن المريض عادة لا يعانى من الوزن الزائد.

4) مرض السكر من النوع الثانى لا يصيب إلا الكبار ومن يعانى من السمنة، وهذا خطأ، لأن ما يقرب من 20% من هؤلاء من ذوى الوزن الطبيعى أو أقل، وقد زادت نسبته فى الصغار مؤخرًا نتيجة زيادة الوزن.



5) مريض السكر لا يستطيع قيادة السيارات، وهذا خطأ، ولكن الخطورة تأتى من الذين تنتابهم كثيرًا نوبات انخفاض السكر بالدم، والتى قد تؤدى عند القيادة إلى حوادث مؤسفة ومن هنا تأتى الأهمية القصوى لتجنب حدوث نوبات الانخفاض.

6) مريض السكر ممنوع من ممارسة الرياضة، وهذا خطأ جسيم، خاصة فى مرضى النوع الثانى، حيث ممارسة الرياضة، هى أحد مكونات تغيير نمط الحياة، والتى تمثل أحد أعمدة العلاج، والخطورة تأتى، خاصة فى النوع الأول، عند حدوث انخفاض فى نسبة السكر لزيادة جرعة الأنسولين، وهنا يبرز دور الطبيب فى تجنب هذا الأمر الخطير.

7) مريض النوع الثانى من السكر لا يستخدم الأنسولين وهذا خطأ، ولذلك على الطبيب المعالج فى الزيارة الأولى لمريض السكر أن يوضح له قصة المرض الذى يعنى نقص هورمون الأنسولين، والذى يمكن علاجه بالحبوب المخفضة للسكر عدة سنوات، وحين يتوقف إفراز الأنسولين من البنكرياس فلابد من استخدام الأنسولين.

8) من يستعمل الأنسولين لا يستطيع أن يتوقف عنه، وهذا خطأ شائع، ونراه فى هذه الأيام بكثرة مع استخدام هورمون الكورتيزون لعلاج مرض فيروس كورونا، والذى قد تؤدى الجرعات الكثيرة منه إلى ارتفاع نسبة السكر، مما يتطلب ضرورة استخدام الأنسولين لفترة محدودة، وقد يتوقف عنه المريض بعد شفائه ويعود إلى الحبوب إذا كان مريضًا بالسكر من قبل أو يعود إلى حياته الطبيعية إذا لم يكن مصابًا بالسكر.
نقلا عن "المصري اليوم"