رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بالتفاصيل .. أسرار لعبة المخابرات لضرب سمعة الحكام العرب

النبأ

 

المخابرات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية  تنشر سلسلة من الوثائق السرية المفبركة لتشويه زعماء المنطقة

 

البريطانيون يدعون استجابة مبارك لمطلب أمريكي بتوطين الفلسطينيين في سيناء

أمريكا شجعت صدام حسين على مهاجمة سوريا ولم تثق في قدرته على هزيمة إيران

خبراء: أجهزة المخابرات الغربية لم تنشر شيئا عن فترة حكم الإخوان 

«حسن»: الحديث عن موافقة مبارك على توطين الفلسطينيين في سيناء أكذوبة

سر تعاون الجامعة الأمريكية مع الـCIA 

«زاهر»: أجهزة المخابرات تحصل على المعلومات من الإحصائيات المعلنة   

  

دأبت المخابرات الأمريكية والبريطاننية والإسرائيلية وغيرها عن الكشف عن وثائق سرية عن الحكام العرب، وعلى رأسهم الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، والرئيس العراقي الراحل صدام حسين، والزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، فما هو الهدف من وراء تسريب هذه الوثائق السرية في أوقات مختلفة رغم رحيل هؤلاء الحكام منذ فترة؟

 

ولكي نعرف إجابة الأسئلة السابقة وغيرها، فإنه من المناسب أن نلقي نظرة على ما ورد بهذه الوثائق، وروجت له أجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية، والبريطانية، حتى تقنع العالم بصدق المعلومات التي تود دسها في العقول من خلال هذه الوثائق المفبركة، التي تستهدف تشويه سمعة زعماء المنطقة العربية. 

حسنى مبارك.. لم يكن قابلا للإفساد في المنصب.

 

في 2017، كشفت وثائق سرية بريطانية أن البريطانيين سعوا جاهدين للحفاظ على مكانة حسني مبارك كنائب للرئيس المصري حتى يتمكن من خلافة الرئيس أنور السادات "أملا في مساعدتهم على إبرام صفقات سلاح".

 

وحسب الوثائق، فإن التقييم البريطاني للرئيس السابق عندما تولى الرئاسة هو أنه "كان مستقيما ولم يكن قابلا للإفساد في المنصب"، وأنه "تولى الرئاسة على مضض".

 

وتشير الوثائق، التي حصلت عليها بي بي سي العربية حصريا بمقتضى قانون حرية المعلومات، إلى أن بريطانيا كثفت اهتمامها بمبارك، عقب توليه منصب نائب الرئيس في 16 أبريلنيسان 1975.

 

وفي 2017 ايضا، زعمت وثائق سرية بريطانية عن أن الرئيس المصري حسني مبارك قبل توطين فلسطينيين في مصر قبل أكثر من ثلاثة عقود.

 

وحسب الوثائق، التي حصلت عليها "بي بي سي" حصريا بمقتضى قانون حرية المعلومات في بريطانيا، فإن مبارك استجاب لمطلب أمريكي في هذا الشأن.

 

وقد اشترط مبارك أنه كي تقبل مصر توطين الفلسطينيين في أراضيها، لابد من التوصل لاتفاق بشأن "إطار عمل لتسوية شاملة للصراع العربي الإسرائيلي".

 

وتشير الوثائق إلى أن مبارك كشف عن الطلب الأمريكي وموقفه منه خلال مباحثاته مع رئيسة الوزراء البريطانية مرغريت ثاتشر أثناء زيارته إلى لندن في طريق عودته من واشنطن في شهر فبرايرشباط عام 1983 حيث التقى بالرئيس الأمريكي رونالد ريجان.

 

لكن الرئيس المصري السابق حسني مبارك، نفى قبوله توطين فلسطينيين في مصر في إطار تسوية للصراع العربي الإسرائيلي، بحسب ما ورد في وثائق حكومية بريطانية نشرتها بي بي سي.

 

وقال مبارك في بيان نشرته وسائل إعلام مصرية "لا صحة مطلقًا لقبول توطين الفلسطينيين بمصر"، مضيفا أنه "إبان الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، واشتعال الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، اتخذت قراري بسحب السفير المصري من إسرائيل، وعملت على تأمين خروج الفلسطينيين المحاصرين ببيروت، وعلى رأسهم ياسر عرفات".

 

وأشار البيان إلى أنه "كانت هناك مساعٍ من بعض الأطراف لإقناعي بتوطين بعض الفلسطينيين الموجودين في لبنان فى ذلك الوقت بمصر، وهو ما رفضته رفضًا قاطعًا".

 

صدام حسين.. كان يتصرف مثل هتلر

 

كما يعتبر الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، من أكثر الحكام العرب الذين تم نشر الوثائق السرية عنهم.

 

ففي 2017، كشفت وثائق سرية، أن الولايات المتحدة الأميركية شجعت رئيس النظام السابق صدام حسين بقوة لمهاجمة سوريا، من أجل تأمين وحماية خطوط أنابيب النفط في البحر المتوسط والخليج.

 

وحسب ما جاء في تقرير استخباراتي سري عام 1983 أنجزه مسؤول سابق في وكالة المخابرات المركزية، فإن واشنطن حثت العراق على مهاجمة سوريا.

 

وقال جراهام فولير من "سي أي إي" إنه "كان يجب على أميركا أن تضغط على حافظ الأسد من خلال 3 قوات وهي العراق وإسرائيل وتركيا".

 

وفي 2018، كشفت وثائق سرية بخط يد صدام حسين، عرضها موقع "Ebay" الإلكتروني للبيع، وأظهرت بجلاء أسلوبه الخاص في إدارة مقاليد الأمور في بلاده.

 

ويمكن رسم صورة واضحة عن الطريقة التي كان يتعامل بها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مع وزرائه وحاشيته، وكذلك أسلوبه الخاص في إدارة شؤون الدولة داخليا وخارجيا، بوثائق رسمية سرية كتبها بخط يده.

 

وعلى سبيل المثال، أمر في إحدى الوثائق بإيفاد مديري جهازي المخابرات والاستخبارات العسكرية ومسؤولين آخرين إلى سلطنة عمان لمقابلة السلطان قابوس في مهمة محددة، واللافت أنه ذيل أمره بملاحظة أفاد فيها بأنه سيقابل الوفد قبل سفره وسيزوده برسالة شفهية.

 

كما نشر الموقع أمرا من صدام بتقديم كل الدعم للرئيس اللبناني أمين الجميل بهدف مقاومة حافظ الأسد، وأمر آخر يقضي بأن يقابله نائب رئيس القوات اللبنانية كريم بقرادوني والوفد المرافق له.

 

وفي الشؤون الداخلية، أمر عام 1983 بجرة قلم وبعبارات مقتضبة للغاية بإعفاء سعدون حمادي من منصبة وزيرا للخارجية وتعيين طارق عزيز بدلا منه.

 

 

ويمكن القول إن أوامر صدام حسين الرسمية في هذه الوثاق تظهر بوضوح جبروت القوة والسلطات المطلقة التي كانت بيده، إذ لا يكتفي بإصدار قرار أو أمر كبير، بل ويبت حتى في صغائر الأمور كتابيا بما في ذلك الاجتماع بوفد خارجي، أو تزويد وفد عراقي برسالة شفهية وما يحيط بمثل هذه المناسبات من ضرورات.

وفي 2019، كشفت "وثائق سرية"، إحباط بريطانيا والخليج، خطة أمريكية لدعم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

 

ووفق الوثائق التي نشرتها "BBC"، رفضت لندن مساعدة الولايات المتحدة في دعم نظام صدام حسين لهزيمة إيران في ثمانينيات القرن الماضي، وسط تلكؤ دول الخليج حينها خشية أن تقدم طهران على إغلاق مضيق هرمز.

 

وقالت: إن "الأمريكيين لم يكونوا يثقون في قدرة نظام صدام حسين على هزيمة إيران رغم امتلاكه الأسلحة الكافية".

 

وفي 2020، كشفت وثائق حكومية بريطانية، رفعت السرية عنها، أن بريطانيا في عهد رئيس الوزراء جون ميجور كانت تخشى احتمال "الانجرار إلى حرب أخرى" بقيادة الولايات المتحدة ضد العراق، وتفكر في التخلي عن حلفاء أكراد.

وفي 2021، تناولت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية بعض المعلومات الواردة في وثائق خاصة بحرب الخليج الأولى بعد رفع السرية عنها، وقالت إن رئيسة الوزراء البريطانية السابقة ووزير خارجيتها آنذاك، دوجلاس هيرد، اتفقا على أن الرئيس العراقي كان "يتصرف مثل هتلر" بعد غزو الكويت عام 1990.

 

معمر القذافي.. الحرب ستكون شرسة للغاية

 

كما يعتبر الرئيس الليبي السابق معمر القذافي من أكثر الحكام العرب الذين تم تسريب وثائق سرية عنهم من قبل المخابرات الغربية، ففي 2017، كشفت إحدى الوثائق السرية للمرشحة الأمريكية في الانتخابات، هيلاري كلينتون، عن الأسباب الحقيقية لقيام حلف الناتو بضرب ليبيا وتسهيل مهمة القضاء على الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي.

 

وتبين من تلك الوثائق أن دول الحلف كان لديها رغبة في القضاء على العملة الإفريقية المدعومة بالذهب.

 

وأوضحت الوثائق أن الناتو كان لديه أطماع أخرى في ليبيا منها الاستيلاء على احتياطي النفط الليبي، كما أن الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، كان يطمع في ضمان النفوذ الفرنسي في المنطقة وتعزيز سمعته محليًا، إضافة إلى تأكيد قوة الجيش الفرنسي، ومنع القذافي ونفوذه من ما تعتبره فرنسا "أفريقيا الناطقة بالفرنسية"، وفقا لمجلة "Foreign Policy Journal".

 

ووفقا للمجلة فإن القذافي كان لديه احتياطي هائل من الذهب يقدر بـ 143 طنا، إضافة إلى كمية مماثلة من الفضة، تبلغ القيمة الإجمالية لها 7 مليارات دولار، وكان يخطط القذافي لصك عملة إفريقية على أساس الدينار الذهبي الليبي، وتكون بذلك عملة بديلة للفرنك الفرنسي في الدول الإفريقية وهو ما استفز فرنسا وجعلها تقود دول الناتو للتخلص من القذافي.

 

وفي 2018، نشرت الغارديان موضوعا في نسختها الرقمية عن وثائق تم الكشف عنها مؤخرا توضح مدى التعاون بين الاستخبارات البريطانية مع الزعيم الليبي الراحل معمر القذافيوالدور الذي لعبه توني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق في تلك العلاقة.

 

وفي 2021، كشفت وثائق حكومية رفعت السرية عنها، أن بريطانيا عارضت عام 1996 محاولة للرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، توسيع عقوبات الأمم المتحدة على ليبيا في عهد رئيسها الراحل، معمر القذافي، بينما كانت تسعى لتسلم منفذي "اعتداء لوكربي".

 

وأفادت مراسلات مكتب مجلس الوزراء التي تغطي عامي 1995 و1996، وكشفها الأرشيف الوطني، بأن بريطانيا كانت قلقة من التأثير المحتمل لصدور عقوبات موسعة من مجلس الأمن، على صادرات المملكة السنوية البالغة 230 مليون دولار إلى ليبيا، خصوصًا معدات إنتاج النفط.

 

وكتب رئيس الوزراء حينذاك، جون ميجور، إلى كلينتون في أواخر 1995، ليثنيه عن اعتماد قرار جديد بعدما دعا الأخير بريطانيا إلى تقديم دعمها.

 

كلام مرسل لا أساس له

 

يقول السفير، رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، أنه بالنسبة لمزاعم طلب الزعيم الليبي معمر القذافي من الرئيس الراحل محمد أنور السادات تأجيل حرب 1973، أكد «حسن»، أن القذافي لم يكن على علم بموعد حرب 1973، مشيرا إلى أنه بعد اندلاع الحرب غضب القذافي بشدة وخاصم الرئيس محمد أنور السادات وهاجم الحرب ووصفها بالتمثيلية، كما أن هذه الحرب مخطط لها من أيام الرئيس جمال عبد الناصر، والرئيس السادات اختار الوقت المناسب لشنها، بعد أن وجد حالة وفاق بين أمريكا وروسيا وحالة استرخاء في المنطقة.

 

وأضاف، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن هذه الوثائق هي تحليل أحد السفراء أو أحد الشخصيات التي تتعامل معها المخابرات، وبالتالي ليس بالضرورة أن كل الوثائق عبارة عن وقائع محددة، وهذه الوثائق تحتوى على خلط بين الرأي والتحليل والمعلومة، وكذلك فهم المعلومة.

 

وعن مزاعم موافقة الرئيس محمد حسني مبارك على توطين الفلسطينيين في سيناء، أكد «حسن»، على أن هذه كان عبارة عن فكرة تم عرضها وتم رسمها على خرائط، وأنه شارك في ندوة تم عقدها في الجمعية المصرية للأمم المتحدة منذ ثلاثة سنوات لمناقشة هذا الموضوع، مشيرا إلى أن هذا الموضوع كان يفكر فيه الأمريكان والإسرائيليين، وهي فكرة قائمة على تبادل الأراضي من أجل توسيع قطاع غزة لأنه قطاع مكتظ بالسكان، لافتا إلى أن الرئيس مبارك كان له طريقة تقوم على التجاهل وعدم الرد، وبالتالي هو لم يرد على هذا الموضوع، باعتبار أنه كلام مرسل لا أساس له وأنه لا تفريط في الأراضي المصرية تحت أي ظرف من الظروف، مشيرا إلى أن الهدف من نشر هذه الوثائق هو الشوشرة.

 

لعبة المخابرات ومؤامرة القذافي

 

ويقول اللواء محمود زاهر، وكيل جهاز المخابرات الأسبق، إن الهدف من نشر هذه الوثائق هو ترهيب القيادات العربية، مؤكدا أن المخابرات الغربية تحصل على المعلومات من خلال الاحصائيات المتوافرة، لكن لعبة المخابرات أنها تقوم بتجميع هذه الاحصائيات وتستفيد منها وتستخدمها في الوقت الذي تريده، وهي احصائيات ليست دقيقة بالدرجة الكافية، مشيرا إلى أن الحديث عن موافقة الرئيس مبارك على توطين الفلسطينيين في سيناء، تعتمد على معلومات واحصائيات مكذوبة، مؤكدا على عدم صحة حديث أجهزة المخابرات الغربية عن طلب الزعيم الليبي معمر القذافي من الرئيس الراحل محمد أنور السادات تأجيل حرب 1973، مشيرا إلى أن الحديث عن تآمر القذافي على دول الخليج صحيح وثابت علميا ومعلوماتيا، لافتا إلى أنه كان هناك عداء بين القذافي ودول الخليج، وهذه معلومات ليست سرية ومعلنة ومعروفة.