رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تقسيم أيام الحضور إلى 3 فترات.. أزمة جديدة تهدد بخراب التعليم وضياع الطلاب

طارق شوقي
طارق شوقي


فصول مُكدسة وأخرى خالية من المقاعد، مشاهد أشبه بمخيمات اللاجئين، حالة يُرثى لها داخل المدارس منذ انطلاق العام الدراسي الجديد 2021/2022 في ظل توحش جائحة كورونا بالتزامن مع قدوم فصل الشتاء وبرودة الطقس، تلك الحالة المزرية أثارت غضب أولياء الأمور، ولم تجد وزارة التربية والتعليم حلًا أمامها سوى تقسيم اليوم الدراسي في بعض المدارس إلى فترتين أو3 فترات في المدارس التي تعمل بنظام الفترتين، ظنًا منها أنها تقدم حلولًا مُجدية ولكن أتت رياح أولياء الأمور بم لم تشته سُفن وزارة التعليم، وأشعل قرار الوزارة نيران الغضب مرة أخرى ليس فقط لدى أولياء الأمور، بل لدى التربويين وأهل الاختصاص، لما له من تأثير سلبي على سير العملية التعليمية وبالطبع الطلاب –بحسب وصفهم-.

تلك الأزمة الجديدة أثارت عدة تساؤلات على رأسها، كيف يؤثر قرار تقسيم اليوم الدراسي إلى فترتين أو 3 فترات على الطلاب والمُعلمين وأولياء الأمور؟ وهل يُفاقم القرار أزمة العجز في المُعلمين؟ وهل سيؤثر ذلك على مجموعات التقوية التي تزعم الوزارة أنها بديلة للدروس الخصوصية؟

3 فترات
12 أكتوبر الماضي، أصدرت الوزارة كتاب دوري رقم (32) بشأن ضوابط تنظيم العمل داخل المدارس لجميع المراحل للعام الدراسي 2021/2022، وجاء فيه: "يتولى السيد مدير المديرية إيجاد الحلول المناسبة لتقليل الكثافة الطلابية وخاصة بالمدارس التي تعمل بنظام الفترتين، ويُمكن إتاحة العمل لفترة ثالثة إذا تطلب الأمر، أما بالنسبة للمدارس التي يتم العمل بها بنظام الفترة الواحدة يحق لمُدير المديرية الموافقة على تشغيلها بنظام الفترتين، مع عدم المساس بعدد أيام الدراسة المُقررة بالخريطة الزمنية المُعتمدة.

4 فترات ولكن..
21 أكتوبر الماضي تداولت بعض الصُحف والمواقع الإلكترونية، أخبارًا تزعم تقسيم اليوم الدراسي إلى 4 فترات في بعض المدارس، وذلك بعد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة لجدول تقسيم التلاميذ إلى 4 فترات بإحدى مدارس محافظة الجيزة، وأظهرت الصورة أن الفترة الأولى تبدأ الساعة 6:45 صباحًا وتنتهي الفترة الرابعة الساعة 4:30 عصرًا، الأمر الذي أشعل غضب أولياء الأمور، لاسيما وأن نظام الفترات حتى الثلاث فترات لن يتناسب مع مناهج النظام التعليمي الجديد في يوم دراسي تتراوح ساعاته ما بين 3 إلى 4 ساعات.

وبحسب نائب وزير التعليم لشؤون المُعلمين، الدكتور رضا حجازي، الوزارة لم تسمح مُطلقًا للمدارس بتقسيم حضور الطلاب إلى 4 فترات لتقليل الكثافة الطلابية، وفقًا لما نص عليه الكتاب الدوري (32) لتنظيم العمل داخل المدارس.

هيضيع العيال ويضيعنا

"ما ينفعش نقسم اليوم الدراسي 3 فترات، الأطفال هيروَّحوا إزاي بالليل ويذاكروا إمتي؟"، بهذه الكلمات أعربت هدى محمد (اسم مُستعار) ولية أمر لـ«النبأ الوطني» عن اعتراضها على قرار الوزارة، "وبعدين فيه ناس بتشتغل على فكرة عايشين معانا على الكوكب، ولازم الوزارة تعمل حساب أولياء الأمور اللي وقتها ما ينفعش بـ 3 فترات؛ لأنهم مطلوب منهم يودوا أطفالهم ويجيبوهم من المدرسة".

"مش عارفة إيه دا إصرار الوزير على عدم تطبيق نظام تقسيم أيام الحضور زي السنة اللي فاتت، هيضيع العيال ويضيعنا معاه"، هكذا استنكرت «هُدى» ما وصفته بـ«تعنت» وزارة التعليم، بعدم تطبيق نظام تقسيم أيام الحضور، وفقًا للنظام المُتبع العام الماضي، لاسيما وأن سلبياته كانت أقل مقارنة بنظام الفترات.

انقذ عيالك يا سيسي

"انقذ عيالك يا سيسي، يعني إيه 3 فترات، كدا لو حسبناها آخر فترة تخرج الساعة 7 بالليل واحنا داخلين على الشتاء، مش عارفة هي القرارات دي مش المفروض يدرسوها الأول!"، هكذا استنكرت ولية الأمر هبة ربيع، قرار تقسيم اليوم الدراسي 3 فترات في بعض المدارس، "معنى كدا اليوم الدراسي هيبقى 3 ساعات ومش هيكون فيه مجموعات تقوية في المدارس، وترجع ريما لعادتها القديمة والدروس الخصوصية تقطم ضهرنا تاني، ويا ريتنا هنلاقي وقت نذاكر فيه لأولادنا بعد دا كله!".

معاناة ولية أمر

"أنا معايا 3 بنات في المدرسة كل بنت في فترة، يعني هأقضي اليوم رايحة جاية على المدرسة"، تشكو هناء محمود (اسم مستعار) ولية أمر، معاناتها بعد تطبيق المدرسة المسجل بها أطفالها نظام الـ3 فترات، لـ«النبأ الوطني».

خلاص نسيب شغلنا

"وهيجيب مُدرسين منين للفترات دي!"، تتسائل نور على (ولية أمر)، وترى أنه بهذا القرار فتح مجال لاستفحال الدروس الخصوصية واستغلال بعض المُعلمين، "وطبعًا مُدرسين الفصل هم نفسهم مُدرسين الدروس، يعني كدا هيبقوا متفرغين للألوفات وأولياء الأمور يتفرموا بين الوزارة واستغلال المًدرسين".

محاولة للالتفاف

"تقسيم اليوم الدراسي لفترات محاولة للالتفاف على إقامة مدارس لحل مشكلة الكثافة الطلابية"، بهذه الكلمات بدأ ممثل المعلمين المُستقلين، مُحب عبود حديثه مع «النبأ الوطني».

"المدرسة مش بس مبنى، طالب يبدأ الدراسة 6:30 الصبح ويخلص الساعة 11 الضهر، يلحق ياخد إيه!"، ويتسائل مُحب عبود مستنكرًا، لاسيما وأن تأثير القرار السلبي ظاهر للجميع فكيف غفلت عنه الوزارة!

أزمات جديدة

تقسيم اليوم الدراسي إلى فترات مع عجز المُعلمين سينعكس على المحتوى المُقدم إلى الطلاب، -بحسب عبود- الذي يرى أن الحل الوحيد يكمن في بناء مدارس، بدلًا من هذا الحل الوهمي الذي سيخلق أزمات أخرى، "لازم الوزارة تبني مدارس لحل الأزمة، خصوصًا للمرحلة الابتدائية ذات الكثافة الطلابية الكبيرة".

أزمات عِدة سيخلقها نظام الفترات الذي أقرته الوزارة، على رأسها عدم التحصيل الكافي لدى الطلاب، وتفاقم أزمة عجز المُعلمين مع إصرار الوزارة على عدم تعيين مُدرسين جُدد بحجة الميزانية، بحسب «عبود».

تفشي كورونا

"المصيبة الكبيرة نظام الفترات سيؤدي إلى تفشي عدوى كورونا بين التلاميذ"، يرى محب عبود، أن حجة الوزارة للجوء إلى نظام الفترات للحفاظ على الطلاب من الإصابة بكورونا «كلام فارغ» -بحسب وصفه-

"عدوى كورونا مش هيوقفها نظام الفترات، دي هتزيد خصوصًا مع مشاهد تجمع الطلاب وأولياء أمورهم أثناء دخول وخروج كل فترة من الفترات المحددة، وفقًا لـ«عبود».

حل مؤقت

معارضة «عبود» لقرار الوزارة ليست مُطلقة، ولكنه يرى أن عدم وضوح الوزير بشأن اعتبار هذا الحل مؤقتًا، لحين بناء مدارس جديدة لاستيعاب الكثافة الطلابية، أمر عبثي، وكان حل نظام الفترات سيكون مقبولًا في حالة أعلنت الوزارة أنه حل مؤقت، "ممكن أقبل نظام الفترات باعتباره حل مؤقت، لمدة 6 أو 7 شهور لحين بناء مدارس جديدة، ولكن محاولات تصدير كبديل للحل الحقيقي أرفضها تمامًا".

حلول جذرية

ويرى أن الحل الحقيقي يكمن في عدة خطوات، على رأسها أن تضع خطة بعد حصر عدد المدارس التي تحتاجها، ويتم تحديد مدة زمنية قد تكون 8 سنوات للانتهاء من تدشين المدارس، على أن يتم إنجاز عدد معين منها كل سنتين أو 3 مثلًا.

وتستفحل الأزمة وتُفاقِم معها أزمة عجز المعلمين بالمدارس في عدم التزام وزارة المالية بميزانية التعليم المخصصة للوزارة والتي تبلغ 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي بقيمة 342 مليار جنيه، والذي لم تتحصل وزارة التعليم على ثلثه على أقل تقدير، في حين تستلم الوزارة 87 مليار جنيهًا فقط ميزانية التعليم، ولذلك لابد من الالتزام بالميزانية المخصصة للتعليم كخطوة من خطة الحل، من وجهة نظر مُحب عبود.

أما الخطوة الثالثة كما يرى «عبود»، تتمثل في ضرورة الإعلان عن مسابقة حقيقية لتعيين مُعلمين وفقًا الاحتياج الحقيقي، على أن يتم تعيينهم وفقًا للترتيب الوظيفي، الذي يبدأ بدرجة معلم مساعد، ويتم تثبيته بعد عامين في حين إثبات كفاءته.

واختتم «عبود» حديثه مع «النبأ الوطني»، بمطالبة الوزارة بإعلان خطة حقيقية للوزارة، لحل أزمة الكثافة والأزمات المترتبة عليها، ومناقشتها مع أهل الاختصاص لخروج بحلول حقيقية وليست وهمية تفاقم الأزمات وتخلق أزمات جديدة.

تعليم سلبي

"منين الوزير بيقول تطوير ولا يواجه الأزمات مواجهة حقيقية"، بهذه الكلمات بدأ أستاذ العلوم بكلية التربية بجامعة عين شمس، الدكتور محمد عبدالعزيز، حديثه مع «النبأ الوطني».

واختتم «عبدالعزيز» حديثه، بأن البيئة التعليمية غير مناسبة بالمرة، وما يحصل عليه الطلاب تعليم سلبي، من شأنه أن يؤدي إلى زيادة العُنف داخل المدارس.