رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أسرار إهدار 330 مليون جنيه على 3 مصانع أسمدة وهمية

 صناعة الأسمدة
صناعة الأسمدة


تعتبر صناعة الأسمدة من الصناعات العملاقة في مصر، وتمثل أهمية قصوى للاقتصاد المصري من خلال دورها الحيوي في تلبية احتياجات القطاع الزراعي وتحقيق أهداف خطط التنمية الزراعية من ناحية، وقدرتها الذاتية كسلعة صناعية على تحقيق نتائج مبشرة في مجال التصدير من ناحية أخرى.

ونظرًا للأهمية الكبرى لصناعات الأسمدة، فإن هذا القطاع العريق يضم حاليًا 15 شركة صناعية كبرى يعمل بها ما لا يقل عن 50 ألف عامل مصري، وساهم هذا القطاع في تصدير سماد بنحو 2 مليار دولار سنويًا تعود بالنفع على الاقتصاد القومي.

وبالرغم من تلك الأهمية لصناعة الأسمدة في مصر، إلا أن هناك ملايين الجنيهات قد أنفقتها بعض الشركات في هذه الصناعة دون جدوى، ولنا أن نتخيل حجم المشكلة إذا علمنا أنه تم إهدار ما لا يقل عن 330 مليون جنيه على 3 مصانع أسمدة فقط ثم اتضح أنها «وهمية»، طبقًا لما أكدته تقارير رقابية حصلنا على نسخة منها.

فقد أنفقت الشركة المالية الصناعية نحو 185 مليون جنيه على مشروع «العين السخنة»، وبالرغم من هذا المبلغ الضخم الذي أنفقته الشركة على هذا المصنع إلا أن أسبابا جوهرية عاقت عمليات التشغيل، وأدت إلى عدم قدرة الشركة على الاستمرار في المشروع.

ومن تلك الأسباب قدوم الشركة على التخلص من جهاز «وحدة التخفيف وتبريد حامض الكبريتيك» عن طريق البيع، مع العلم بأن هذا الجهاز يدخل ضمن مكونات المشروع ويعتبر جزءا لا يتجزأ منه ولا يمكن تشغيله بدونه، هذا بخلاف عدم تمكن الشركة من تسجيل الأرض الخاصة بالمشروع لأسباب مجهولة مما يعرضها لمخاطر السحب، كل هذا الأمور مجتمعة تشير إلى وهمية المشروع وجعله هو والعدم سواء، خاصة في ظل ورود تقارير رقابية تنوه إلى عدم وجود المشروع على أرض الواقع.

وللأسف الشديد لم تأخذ الشركة المالية والصناعية المصرية الدرس والعظة مما آلت إليه الأمور في مجمع العين السخنة، حيث تكرر سيناريو آخر على نفس المنوال في مشروع «السماد» المنقول بفرع أسيوط، حيث صرفت فيه الشركة 81 مليون جنيه، دون اكتمال وتشغيل المشروع حتى الآن.

هذا بخلاف الاستثمارات المعطلة لسنوات والأجهزة المعرضة للتلف والتقادم، فهناك عدد «4 طلمبات» وعدد «2 لوحة تحكم في ماكينات السماد» لم يتم تشغيلها وهي مهددة بالتلف والتهالك بالرغم من أن قيمتها 5 ملايين و140 ألف جنيه، مع العلم بأن الشركة قامت برد مبلغ 514 ألف جنيه للمورد قيمة ضمان التشغيل، هذا علاوة عما تم صرفه من مبلغ 1.3 مليون جنيه للإشراف على تركيب وتشغيل «طاحونة ماكينة السماد» بمصنع أسيوط بالرغم من عدم الانتهاء من التنفيذ والتشغيل.

نفس التجربة تتكرر في مصنع «السماد المحبب» بكفر الزيات التابع أيضًا للشركة المالية والصناعية المصرية، فنهاك «وحدة سماد» متوقفة بعدما أنفقت عليها الشركة 63 مليون جنيه، فضلًا عن عدم الاستفادة من المباني والأراضي الخاصة بالمشروع والتي تصل مساحتها إلى 45 فدانًا، علمًا بأن الشركة أدرجت تلك الوحدة تحت بند طاقات عاطلة.

وأرجع عبد العال طلبة، رئيس مجلس إدارة الشركة المالية والصناعية المصرية، غلق مصنع سماد كفر الزيات المقام على مساحة 45 ألف فدان إلى التعسف الإداري من محافظ سابق، لافتًا إلى أن هناك دعوى قضائية منظورة أمام القضاء ضد المحافظ ووزير البيئة والجهات التي تسببت في إغلاق المصنع بشكل تعسفي دون وجود دلائل، حسب وصفه.

وفي ذات السياق، قال مراقب حسابات الشركة، في تقرير حصلت «النبأ» على نسخة منه:«إن بند الأراضي تضمن أرض الشركة بكفر الزيات، وتبلغ قيمتها الدفترية 38 مليونا و431 ألفا و250 جنيها، بمساحة 256 ألف و179 مترا مربعا، ولم تتمكن الشركة من تسجيل ونقل الملكية حتى تاريخه مع العلم بأن تاريخ عقد شراء الأرض منذ سنوات، وقد تم التعاقد على أساس أن يكون المسئول عن إجراءات نقل الملكية شركة السويس للتنمية الصناعية كطرف بائع طبقًا للبند السادس بنص عقد الشراء المعتمد من المحافظة، على أن يتم ذلك خلال شهر من تحصيل القسط من قيمة العقد، لكن الإدارة لم تنته بعد من استكمال المشروع والبدء في التشغيل مما يؤثر على استمرارية الشركة ويعرض الشركة لمخاطر سحب الأرض وفقدانها».

تقرير مراقب الحسابات أشار أيضًا إلى صرف مبلغ 2.3 مليون جنيه مكافأة إضافية لمجلس إدارة الشركة المالية والصناعية، بخلاف الضريبة المقررة على هذا المبلغ، بالرغم من الأموال المهدرة على مصانع «السماد الوهمية» والتي يجب أن يسأل عنها مجلس الإدارة.

بينما لفتت الإيضاحات المتممة للقوائم المالية للشركة عن الفترة المنتهية في 31 مارس 2021، إلى أن الأصول الثابتة «مباني وإنشاءات وآلات ومعدات» تضمنت بنود متوقفة عن الاستخدام بلغت تكلفتها 70 مليون جنيه، بينما بلغت تكلفة الأصول المهلكة دفتريًا ومازالت تعمل 36.4 مليون جنيه.

وبعد فشل الشركة المالية والصناعية المصرية في إدارة ملف مصانع السماد الثلاثة بالعين السخنة وأسيوط وكفر الزيات، وصرفها ملايين الجنيهات على مشروعات استثمارية دون جدوى اقتصادية لها، فإن هناك تخوفات على الاستثمارات المقبلة للشركة، ومنها ما تقوم به الشركة حاليًا من دراسة مبدئية لمشروع إنتاج سماد السوبر فوسفات الثلاثي «TSP» المستخدم في الزراعة، حيث تم تكليف شركة «بلتون المالية» لعمل دراسة وتقييم للشركة المالية وشركة السويس لتصنيع الأسمدة لبحث أفضل السبل لتوفير السيولة اللازمة لتمويل مشروع تحويل خط إنتاج الـ «ssp» الموجود بمجمع المالية والصناعية بالسويس إلى إنتاج «TSP» بطاقة 100 ألف طن في العام، والسماد المركب «NPK» بطاقة 50 ألف طن في العام، بقيمة استثمارات مبدئية للمشروع قدرها 58 مليون دولار، أي بما يعادل 913 مليونا و500 ألف جنيه تقريبًا.