رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

ماذا لو؟

طارق الشناوي
طارق الشناوي

بعيدًا عن الدخول فى حكاية لو (المتشعلقة) فى الجو، هناك لو أخرى قريبة من الأرض، تستحق أن نتوقف عندها.

ماذا لو مثلًا اقتنعت أم كلثوم بلحن (الربيع) لفريد الأطرش، ورددته بصوتها، (الربيع) هو اللحن الثانى الذى ترفضه أم كلثوم لفريد بعد (حبيب العمر).

توجهت بالسؤال إلى الشاعر مأمون الشناوى صاحب تلك الكلمات الرائعة؟ أجابنى مؤكد صوت أم كلثوم لا مثيل له، ولكن اللحن تفاعل أكثر مع صوت فريد، لا أعتقد أن أم كلثوم كانت سوف تمنحه انتشارًا أكبر، سألته وماذا لو انتظر قليلًا الملحن رياض السنباطى على أم كلثوم التى طلبت منه أن يؤجل لحنه (يا نسينى وأنا عمرى ما أنسى حبك) للموسم الغنائى التالى، فقرر السنباطى، انتقامًا منها، أن يسنده إلى صوت يشبهها وتتباهى بكونها تلميذتها، أقصد المطربة شهر زاد؟ أجابنى هذه المرة كان اللحن سوف ينجح أكثر بصوت أم كلثوم، لأن رياض وضع اللحن فعلًا وبه كل الومضات الكلثومية، واجتهدت قطعًا شهر زاد، ولكنه فى الأساس لحن كلثومى المذاق، وأضاف مأمون الشناوى بينما فريد الأطرش حتى وهو يلحن لأم كلثوم يشعرك بأنه يلحن أساسًا لصوت فريد.

عندما استمعت بالصدفة أم كلثوم لبليغ حمدى وهو يدندن (حب إيه)، التى كان من الممكن أن ترددها المونولجيست ثريا حلمى، تمسكت بها وطلبت منه أن يزورها فى فيلتها لاستكمال البروفات، لو أنك راجعت الكلمات ستكتشف أنها بطريقة أداء محددة تصلح مونولوجًا ساخرًا لثريا حلمى مثل مونولوجها الشهير (عيب إعمل معروف)، بليغ نسج اللحن مستندًا إلى جرأة وطرافة كلمات عبدالوهاب محمد، ليقدم وجهًا آخر (للست)، فكانت (حب إيه) نقلة مغايرة، وتكرر الموقف مع أغنية (على حسب وداد جلبى يا بوى) كانت سترددها المطربة إلهام بديع التى يتذكر لها البعض أغنية حققت شهرة فى الستينيات (يا حضرة العمدة/ ابنك حميدة/ حدفنى/ باستفاندية)، تمسك عبدالحليم بـ(وداد)، وروى لى المطرب محمد رشدى أنه التقى إلهام فى معهد الموسيقى وهى تبكى، وقالت له إنها تفكر فى الانتحار، ووجدها رشدى فرصة لكى يوجه ضربة مباغتة لعبدالحليم، وضحك قائلًا فكرة رائعة وتكتبين قبل الانتحار رسالة تؤكدين فيها أنك قررت التخلص من حياتك بسبب عبدالحليم، ولم تأخذ إلهام بنصيحة رشدى، وصار لدينا فى الأرشيف لحن شعبى رائع كتبه صلاح أبوسالم ولايزال بعض الشيوخ المتزمتين يعتبرونه يخالف الشريعة الإسلامية، بسبب هذا المقطع الذى اعتبروه رفضًا للقدر (لا ح أسلم بالمكتوب/ ولا ح أرضى أبات مغلوب).

ماذا لو غنى محمد فوزى (ناصر كلنا بنحبك)، التى كتبها حسين السيد، بدلًا من عبدالوهاب، بل وأقام فوزى دعوى قضائية ضد عبدالوهاب، لأنه تعاقد مع حسين السيد على تلحين نفس الكلمات، لو حدث ذلك لصمتت كل الأصوات التى قالت إن عبدالناصر عاقب فوزى لأنه لم يغنِ باسمه، ولهذا أمم شركته (مصر فون) التى أصبحت (صوت القاهرة)، ومن بعدها تكاثرت الأمراض على فوزى.

برغم سخافة قرار تأميم شركة أسطوانات، لأن الفن ينتعش فى ظل حرية الإنتاج، إلا أن القرار كان مرتبطًا بمنظومة عامة ترى فى تأميم كل شىء طوق النجاة للوطن، ماذا لو لحن محمد فوزى لعبدالحليم؟ الإجابة تستحق لقاءً آخر.

[email protected]
نقلا عن "المصري اليوم"