رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

لغز اعتماد حركة «طالبان» على المنهج الأزهري في تطبيق الشريعة بأفغانستان

 حركة «طالبان»
حركة «طالبان»


في مفاجأة كبيرة خرجت تصريحات مثيرة للجدل من جانب المسئولين بحركة "طالبان"، لتؤكد أنهم سيعتمدون على منهج الأزهر الشريف، في تطبيق الشريعة الإسلامية على الشعب الأفغاني، بعد وصولها إلى الحكم مؤخرا.

وشهدت الفترة الماضية جدلا واسعا، حول أوجه التشابه والاختلاف بين منهج الأزهر، وحركة طالبان باعتبارها جماعة متشددة دينيا، إلا أن مراقبين يؤكدون، أن أساس الحديث عن الاعتماد على منهج الأهر، يعود إلى تشابه الفكر الأزهري الأشعري، مع المذهب الماتريدي الذي يميل إلى الأفغان.

المنهج الأزهري
وكشف تقرير صادر عن الأزهر الشريف، أن الفكر الأشعري، يعود إلى فرقة تنتسب إلى الإمام أبى الحسن الأشعرى، وينتهى نسبه إلى الصحابى أبى موسى الأشعرى وكان من كبار الأئمة المجتهدين والمجددين لعقيدة المسلمين على مر العصور ويتبعه جماهير العلماء من مشارق الأرض إلى مغاربها منذ ذلك الوقت وحتى يومنا الحاضر، أما الماتريدية فهي فرقة كلامية، تنسب إلى أبي منصور الماتريدي، المتوفى سنة 333هـ، وخلافهم مع الأشاعرة محصور في مسائل يسيرة، أوصلها بعضهم إلى 13 مسألة فقط، كما أن الخلاف في بعضها لفظي فقط.

لا يوجد ترابط
ويرى الدكتور سعيد هندي الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أن لا يوجد أي ترابط بين الفكر الأزهري وطالبان، حيث سبق للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، رفض الحديث في مسألة التراث، وتحدث في أكثر من مناسبة عن الخلافة الإسلامية، وتراجع الأمة بعد العدول عن فكرة الخلافة، وهذا المنطق هو الذي تنطلق منه طالبان، كما أن الحديث متواتر داخل أفكار قيادات الحركة، الذين هم فى الأساس كانوا طلاب شريعة، والمناهج التي كانوا يدرسونها، يتم تدريس مثلها في الأزهر الشريف، خاصة فيما يتعلق موضوعات تطبيق الشريعة وشموليتها وصلاحيتها للحكم فى كل زمان ومكان.

وأوضح أن حركة طالبان على المستوى الفكرى تأثرت بعدم تعلم أفرادها اللغة العربية واقتصار غالبيتهم على اللغة الأم "البشتونية" وبذلك تعلموا بعض العلوم الشريعة البسيطة المترجمة إلى لغتهم، ويصعب هنا تصنيفهم تحت مظلة منهج فكرة محدد مثل الأشاعرة أو السلفية، خاصة أن لديهم قصورا فى العلوم الشريعة، لكن يمكن القول بأنهم أقرب إلى السلفية الجهادية.

وأضاف أن فكر تنظيم القاعدة يتماشى معه كثير من فكر طالبان ولكن طالبان الجديدة مختلفة، وجزء كبير من عناصرها يعتنق فكر تنظيم داعش الذى يقوم على تكفير الحكام وأعوانهم، ومن يوافقهم من شعوبهم، وبهذا يستوجبون الخروج عليهم وحمل السلاح واعتبار قتالهم ضرورة، لافتا إلى أن كل هذه الأفكار متشابهة إلى حد كبير مع طوائف من الخوارج، الذين بدأت أول طائفة منهم بالخروج على أمير المؤمنين سيدنا على وتكفيره وحمل السلاح ثم تفرقوا من بعد ذلك نحو عشرين فرقة.

تحذير مهم
في السياق ذاته قال الدكتور على سعيد القوصي أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، إن فكر حركة طالبان قائم على الماتريدية، نسبة إلى إمامها ومؤسسها أبي منصور الماتريدى، الذي ينتهى نسبه إلى الصحابي أبي أيوب الأنصاري، وهى مدرسة إسلامية سنية.
ويعتبر الماتدرية من أهل السنة والجماعة، وبحسب المفكر الكبير أحمد أمين فى كتابه (ظهر الإسلام) "سمى الأشعرى وأتباعه والماتريدى وأتباعه بـ (أهل السنة) وقد استعملت كلمة (أهل) بدل النسبة، فقالوا: أهل السنة أى السنيين".

ومن هذا يرى ربط البعض بين منهج الزهر وحركة طالبان في المنهج الديني والفقهي.

وبحسب موسوعة الدرر السنية، تعد الماتريدية من (الصفاتية)، وذلك لأنهم يثبتون بعض الصفات، ويثبتون لهذه الصفات معنى حقيقيًا يقوم بذات الرب تعالى، فليست هى عندهم مجرد وصف الواصف أو نفى الضد.

والماتريدية لا يرون تكليف الله لعباده إلا فيما يقدرون عليه، وخالفهم فى ذلك الأشاعرة فجعلوا التكليف بما لا يطاق جائزا وخالفهم الإسفرايينى والغزالى، والماتريدية أيضا يرون أن الله يفعل لحكمة تقتضى الفعل، بينما يرى الأشاعرة أن أفعاله تعالى على الجواز لا على اللزوم، وألزمهم الماتريدية باعتقاد جواز العبث فى أفعاله تعالى، كما ذهب الماتريدية إلى أن الله لا يفعل القبيح.

انتشرت أفكار الماتريدية انتشارا كبيرا ما بين 700ـ1300هـ وكثر أتباعها فى بلاد الهند والصين، وبنجلاديش، وباكستان، وأفغانستان وتركيا، وفارس، وبلاد ما وراء النهر، والمغرب، ويعتبر الأزهر عقيدة الأشعرى والماتريدى هي التى تقوم عليها عقيدة الأزهر الشريف وفقه الأئمة الأربعة وتصوف الإمام الجنيد، وحسم الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب هذا الأمر بالتأكيد على أن "عقيدة الأزهر الشريف هي عقيدة الأشعرى والماتريدى وفقه الأئمة الأربعة وتصوف الإمام الجنيد".

وحذر القوصي من وجود مخطط لاختطاف الفكر والمنهج الأزهرى الوسطى المعتدل، الذى حافظ الأزهر عليه لأكثر من ألف عام، وأن الأزهر الشريف سيبقى أشعرى المذهب ماتريدى العقيدة، محافظا على الفكر الصوفى الصحيح الذى ينتمى إليه عشرات من شيوخ الأزهر على مدى تاريخه.