رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

خطة الحكومة لتقليص أعداد الموظفين «بالقانون»

الجهاز الإداري للدولة
الجهاز الإداري للدولة


تزامنًا مع صدور القانون رقم 135 لسنة 2021، بشأن فصل الموظفين الحكوميين بغير الطريق التأديبي وقانون الخدمة المدنية، أو فيما عُرف بقانون فصل الإخوان والإرهابيين من الجهاز الإداري للدولة، بدا أن الحكومة بدأت في تنفيذ إجراءات لتقليل عدد العاملين بالجهاز الإداري للدولة والذي يتراوح عددهم بين 5 إلى 5.6 مليون عامل.

ووفقًا للمادة الثانية من القانون رقم 135 الصادر في أغسطس الماضي، فإنها حددت الحالات التي يجوز فيها فصل الموظف بغير الطريق التأديبي، وهي: "إذا أخل بواجباته الوظيفية بما من شأنه الإضرار الجسيم بمرفق عام بالدولة أو بمصالحها الاقتصادية، وإذا قامت بشأنه قرائن جدية على ما يمس الأمن القومي للبلاد وسلامتها ـ من بينها الإدراج على قائمة الإرهابيين، وإذا فقد الثقة والاعتبار، وإذا فقد أسباب صلاحية شغل الوظيفة، عدا الأسباب الصحية".

وحسب القانون أيضًا، فإنه حال توافر سبب أو أكثر للفصل، يتم إيقاف العامل بقوة القانون عن العمل لمدة لا تزيد على 6 أشهر أو لحين صدور قرار الفصل، أيهما أقرب.

أتي صدور هذا القانون مباشرة بعد طلب وزير النقل كمال الوزيري، أمام مجلس النواب في شهر أبريل الماضي، إجراء تعديل تشريعي على قانون الخدمة المدنية المُختص بتنظيم علاقات العمل للعاملين في الدولة، كي يتمكن من فصل ما يقرب من 162 عاملًا، ما بين سائق وموظف، في هيئة السكك الحديدية ثبت انتماؤهم للإخوان.

وقبل صدور هذا القانون، كانت الحكومة أصدرت في يوليو الماضي القانون رقم 73 لسنة 2021 في شأن شروط شغل الوظائف أو الاستمرار فيها، والذي يقضى بإنهاء خدمة الموظف متعاطي المخدرات حال أثبتت نتيجة التحليل النهائية إيجابية عينته، ووفقا لما نص عليه القانون، سيتم العمل به بداية من شهر يناير المقبل.

هذه الإجراءات كلها تأتي في ضوء التعويل على آلية المعاش المبكر لخفض عدد الموظفين الحكوميين، وحظر التعيينات نهائيًا في الجهاز الإداري، وقصرها على الاحتياجات الفعلية للجهات الإدارية. فضلًا عن الحد من الإعلان عن الوظائف في الحكومة، إلا في حدود الحاجة الفعلية لها.

وأتت آلية المعاش المبكر نتائجها خلال السنوات الأربع الماضية، حيث تقلص عدد العاملين في الجهاز الإداري للدولة بنحو مليون ونصف موظف، حيث وصل عددهم إلى نحو 5.6 مليون عامل بعدما كان أكثر من 7 ملايين موظف.

خطة حكومية
يقول إيهاب الطماوي، وكيل لجنة الشئون التشريعية في مجلس النواب، إن تعديلات القوانين جاءت لتتماشى مع رؤية مصر 2030 للتنمية، والتي تهدف إلى وجود جهاز إداري كفء وفعال، مضيفًا أنه طبقًا لاستراتيجية "مصر 2030"، فإن الحكومة تستهدف خفض عدد الموظفين إلى 3 ملايين و846 ألفًا و154 موظفًا.

ويُتابع، أن ذلك يأتي من خلال رفع النسبة من موظف لكل 12.3 مواطنًا في 2016، إلى موظف لكل 26 مواطنًا في 2020، وصولًا إلى موظف لكل 40 مواطنًا في عام 2030.

وكانت وزارة التخطيط والمتابعة، أعلنت في سبتمبر 2019 وقف التعيينات في الجهاز الإداري للدولة، إلا باستثناء من رئيس الجمهورية، وقتها قالت نائب وزيرة التخطيط، غادة لبيب، إن الموازنة العامة للدولة تتكلف أكثر من 300 مليار جنيه سنويًا لرواتب الموظفين فقط.

قوانين رادعة.
كشفت دراسة صادرة عن مؤسسة حرية الفكر والتعبير، أن قوانين العاملين بالدولة تتشارك في بعض السمات أبرزها عدم وجود ضمانات واضحة للموظف، فيما يتعلق بحياته الخاصة وآرائه غير المتصلة بنطاق العمل، كذلك يغيب عنها التطرق إلى الحدود، التي يجب أن تقف عندها سلطة الجهة الإدارية؛ إضافة إلى أن بعض نصوص هذه القوانين تناقش التفاصيل الخاصة بالمستحقات المالية والإدارية للموظف، مثل الأجر أو الراتب وطرق الندب والنقل وإنهاء الخدمة وغيرها.

وأضافت الدراسة الصادرة في 2020، أن ذلك يعني ذلك وجود قصور شديد في توافر الضمانات اللازمة لحماية الموظف، مشيرةً إلى وجود سلطات واسعة يمكن لجهة الإدارة من خلالها أن توقع على الموظف عقوبات كبيرة مثل الخصم من الأجر، أو الفصل من الخدمة، عن أفعال قد تقع خارج إطار العمل ولا تتعلق بالوظيفة أو المرفق الذي يمارس به الموظف مهامه اليومية.

وبحسب الدراسة، فإن ذلك يؤدي ذلك إلى غياب الموازنة بين حرية الموظف وبين سلطة الإدارة في المساءلة وتنظيم المرفق.

وكانت وزارة التعليم أصدرت قرارات عام 2019 بفصل نحو 1070 معلمًا بدعوى انتمائهم للأفكار المتطرفة والمتشددة، كما تم فصل العديد من الجامعات أعضاء هيئة تدريس بإدعاء تورطهم في أعمال عنف، أو الانتماء إلى جماعة إرهابية.

الخطة الحكومية تهدف لتنشيط عمل الجهاز الإداري
إلى ذلك، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إنه يختلف مع الطرح العام بأن قانوني فصل الموظف متعاطي المخدرات، أو فصل الموظف صاحب الأفكار المتطرفة، بأنها نية مبيتة من الحكومة لفصل الموظفين، ولكنها قوانين ضابطة للوضع العام.

وأضاف، أن الحديث عن فصل الموظفين ليس وليد اللحظة الحالية، ولكن حكومات ما قبل 2011 كانت تريد خفض أعداد العاملين بالجهاز الإداري للدولة، وذلك لأنه خلال سنوات الثمانينيات والتسعينيات تم تعيين أعداد كبيرة جدًا، عدد كبير منهم ليس لهم عمل داخل الدولاب الحكومي، إضافة إلى أنه بعد عام 2011 تم تعيين قرابة المليون موظف بالجهاز الإداري ليس لهم عمل حقيقي، ولكن تم تعيينهم بضغط شعبي فقط.

وأشار الإدريسي إلى أن الدولة تريد بهذه الإجراءات تحسين عمل الجهاز الإداري، ورفع مستوى الموظفين، إضافة إلى أن الدولة أعلنت قبل نحو 5 أو 6 أعوام، بكل شفافية عن خطتها لخفض وتقليص أعداد الموظفين بالجهاز الإداري للدولة، فضلًا عن إعلانها عدم تعيين أي موظفين جدد بالجهاز الإداري، إلا في حالة الاحتياج الفعلي أو الضروري، وفي غير ذلك، فتكتفي الحكومة بالندب والنقل من إدارات الجهاز الإداري المختلفة.

وتابع الخبير الاقتصادي، أن الرقمنة والميكنة التي اتبعتها الدولة في الفترة الأخيرة ستؤدي بطبيعة الحال إلى تقليص عدد العاملين بالجهاز الإداري للدولة، مشيرًا إلى إعلان الحكومة أنها تحتاج إلى نصف قوة العمل الحالية بالجهاز الإداري فقط، وأعلنت ذلك بكل شفافية أيضًا.

ولفت إلى أن قانون تعاطي المخدرات سيتم تطبيقه على العاملين بالجهاز الإداري العام والعاملين بالقطاع الخاص، ويجب الضغط لمنع استغلال القانون من جانب أصحاب المصالح لتجنب الفصل الفوري للعاملين، مضيفًا أن اشتراطات صندوق النقد الدولي واضحة أيضًا، وهي خاصة بضرورة تطوير مستوى الجهاز الإداري وتقليل النفقات الحكومية وضبطها، وبالتالي فإنه بالنظر إلى حجم الأجور في الموازنة العامة للدولة، سنجد أنها حوالي 361 مليار جنيه، وهذا رقم كبير جدًا بالنظر إلى حجم النفقات الحكومية.

ووفقًا لبيانات وزارة المالية، فإن الزيادة في إجمالي الإنفاق على الأجور الحكومية خلال آخر 4 سنوات، وفقًا لموازنة العام المالي 2021 2022، فإنها تزيد بقيمة 109.5 مليار جنيه بنسبة 48.6%.

ويتفق صلاح الأنصاري، الخبير العمالي، مع الإدريسي في أن مجموع هذه القوانين سيُساهم في تنشيط العمالة الحكومية، لكنه قد يؤدي لزيادة نسب البطالة مرة أخرى، ودفع الشباب في مناحي أخرى، وهو ما يجب أخذه في الاعتبار.

كما أشار الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي إلى أن بيانات الجهاز المركزي للتنظيم واﻹدارة تشير إلى أن 46% من موظفي الدولة يتركزون في محافظة القاهرة وحدها، وهذه الأزمة والمركزية الشديدة لم يستطع القانون رقم 18 لسنة 2015 الخاص بريط التعيينات بالاحتياجات الفعلية للجهاز الإداري حلها، أو حتى فرض آلية عادلة للتوزيع.

وأضاف، أن العاملين بالجهاز الإداري ليسوا جميعًا على نفس مستوى الكفاءة والخبرة، وهذا القرار يُساعد على رفع كفاءة العاملين عن طريق التدريب، لافتًا إلى وجود تكتلات ضخمة من الموظفين، وأن هذه القرارات والقوانين ستؤدي لإعادة ترتيب للعاملين في الأماكن التي بحاجة إليهم.

وقال عبده، إن الجهاز الإداري للدولة كان يعين موظفًا لكل 13 مواطنًا قبل ثورة 25 يناير، وأصبح حاليًا يوجد موظفًا لكل 17 مواطنًا، ولا يزال لدينا فائض كبير جدًا في الجهاز الإداري للدولة لأن النسبة المتعارف عليها عالميًا موظف لكل 80 مواطنًا تقريبًا.