رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الاستفتاء المنتظر

عمرو الشوبكي
عمرو الشوبكي

لا يمكن أن يستمر الرئيس قيس سعيد حاملًا فقط لواء رفض أداء البرلمان وحركة النهضة والشلل الذى أصاب النظام السياسى، دون أن يُقدم على ترجمة الأفكار المطروحة لإصلاح النظام السياسى، الذى هو نفسه عبّر عنها، إلى حيز التنفيذ.

المؤكد أنه لا يمكن أن يستمر بلد (إلا لبنان) بدون حكومة وبدون دستور مدعوم من غالبية الشعب، كما لا يجب اعتبار خريطة الطريق فى كتب الجغرافيا حلًا لأزمات عميقة موجودة داخل المجتمع، واستمرار الوضع الحالى سيؤدى إلى فقدان الرئيس جانبًا كبيرًا من شعبيته الكبيرة، التى لاتزال تمثل أهم ضمانات تعديل الدستور وإصلاح النظام السياسى.



والحقيقة أنه مطلوب طرح تصوراته حول تعديل الدستور لنقاش عام بين النخب السياسية والقانونية بجانب النقابات، وعلى رأسها الاتحاد التونسى للشغل، تمهيدًا لعرضها على الشعب من أجل استفتاء عام، وأن التحول نحو النظام الرئاسى الديمقراطى يمثل أحد أهم شروط خروج تونس من أزمتها ودعم مسار الإصلاح السياسى.

صحيح أن حركة النهضة وحلفاءها يرفضون هذا التحول، فى حين أنها دعمت تحويل أردوغان النظام السياسى التركى من البرلمانى إلى الرئاسى، فى مفارقة صادمة. ويبدو لافتًا كيف أن معظم الأحزاب الإسلامية المرتبطة بتيار الإخوان تؤيد بشدة النظام البرلمانى سواء فى ليبيا أو تونس وقبلهما مصر، فى حين أنها دعمت كل خطوات انتقال تركيا نحو النظام الرئاسى.



والحقيقة أن الفصل 71 من الدستور التونسى نادر الوجود فى كل دساتير العالم، فقد نص على أن «يمارس السلطة التنفيذية رئيس الجمهورية وحكومة يترأسها رئيس الحكومة»، أى أنه وزّع صلاحيات السلطة التنفيذية بين رئيسين، وهو خلط غير حميد فى مجال النظم السياسية حين تختار من كل بستان/ نظام زهرة وتُنشئ نظامًا خليطًا بين الرئاسى والبرلمانى.

والحقيقة أنه على أى نظام سياسى أن يختار فلسفته العامة، فإما أن يُنتخب الرئيس من الشعب، فيكون بالحتم نظامًا رئاسيًا، أو يُنتخب من البرلمان فيكون نظامًا برلمانيًا السلطة فيه لرئيس الحكومة المنتخب أيضًا من البرلمان.

أما أن يُنتخب رئيس جمهورية من الشعب بأغلبية كاسحة (75%) مثل قيس سعيد، ولا يستطيع تعيين أو إعفاء وزير، فتلك أزمة لابد أن تنتج عجزًا كاملًا للنظام القائم عن القيام بواجباته.



مطلوب من الرئيس وضع خريطة طريق لمسار تعديل الدستور فى أقرب فرصة، وتشكيل حكومة كفاءات مؤقتة من التكنوقراط، وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة قد تُعيد تشكيل الخريطة السياسية بخسارة «النهضة» المزيد من المقاعد، لكنها لن تختفى.

نوايا الرئيس الإصلاحية مؤكدة، والشلل الذى أصاب النظام السياسى واضح، ودعم غالبية الشعب قراراته الاستثنائية كبير، ولكن لا يمكن للاستثناء أن يتحول إلى قاعدة لأن الوصول إلى الأخيرة يتطلب تعديل الدستور.

[email protected]

نقلا عن "المصري اليوم"