رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«تيك توك» يُشعل الفتنة بين العائلات في الصعيد

التيك توك
التيك توك


بات تطبيق «تيك توك» وسيلة خطيرة على المجتمع المصري، يهدد باشتعال فتنة بين القبائل والعائلات بمحافظات الصعيد، خاصة بعد انتشار العديد من الفيديوهات خلال الفترة الأخيرة والتي تثير الدهشة لعدم وقفها، ولكونها تمثل الشرارة الأولى لاشتعال الفتنة في الجنوب، فضلًا عن أنه أصبح ساحة مفتوحة للصغار ويظهر العديد من الآفات التي تخالف العادات والسلوكيات الصحيحة.

ويشغل هذا التطبيق اهتمام فئة كبيرة من المراهقين والشباب الذين يفرغون طاقتهم فيه، فضلا عن هوس البحث عن الشهرة من خلال التريند، وجمع المال، ويظهر بالفيديوهات عبر هذه المنصة الأكثر شهرة في مصر شباب من محافظات الصعيد «المنيا أسيوط سوهاج قنا»، كل منهم يتحدث عن محافظته على أنها دولة.

ويقول حساب لشخص يدعى «ع» من محافظة سوهاج عندما يخرج على «تيك توك» بفيديوهاته ليطلق وابلًا من الكلام مثل: «سوهاج يا دولة» ويظهر عنجهيته، وأنه صاحب سطوة ومال ونفوذ، وكذلك الشباب من المحافظة الأخرى يخرجون بفيديوهاتهم ليرددوا نفس الكلام، ويتحدثون بطرق بها كبر واعتلاء، وتحتوي على تدني لباقي العائلات والقبائل والبلاد والمراكز والمحافظات الأخرى، ضاربين بذلك الأعراف والعادات والتقاليد التي تحكم الصعيد عرض الحائط دون مراعاة لا الجيرة أو الدم الذي يربط جميع القبائل والعائلات بصعيد مصر.

وتنطلق هذه الفيديوهات كالنار في الهشيم، لتصبح فتيل فتنة يجب انتزاعها، قبل حدوث كارثة، ويضع الصعيد في «مهب الريح»، وتحتوي تلك الفيديوهات على ملاسنات وشتم وسب بعضهم البعض، فضلًا عن ظهور البعض منهم ليتباهى بملابسه، ونسبه، وعائلته، وبلدته، وعيشته، وقبلته، وكأنه نزل إلى الدنيا سيدًا والباقي عنده عبيدًا.

وأثارت تلك الفيديوهات حفيظة الكثير من أبناء الصعيد ليخرج العقلاء منهم في فيديوهات على منصة تيك توك، لانتزاع فتيل الفتنة بين البلاد والقبائل والعائلات والتي تكاد تحدث بسبب هذه الأفعال غير المسئولة من هؤلاء المراهقين، ويوجد فيديوهات كثيرة منتشر يقول خلالها أصحاب الحسابات: «يا جماعة عيب اللي بيحصل ده كله بينا، أحنا كلنا صعايدة، والصعيد راجل واحد، وكفاية الفتن اللي بتحصل دي بين الناس».

وفي هذا الصدد، شدد المتخصصون على ضرورة استغلال طاقات الشباب حتى لا يقعوا فريسة للتطبيقات المختلفة المدمرة للشباب، مثل «تيك توك» الذي ابتليت به الأمة وما يحتويه من فتن دخلت البيوت والتي ظلت تتسلل لتخرب الأسر في سبيل البحث عن الشهرة من خلال التريند، مطالبين بسرعة اتخاذ قرارات حازمة لحجبها ومنعها لحماية المتجتمع من الانهيار والاستهداف.

وفي فيديو لـ«يوتيوبر شهير» يدعى مؤمن أبو ماضي يقول خلاله: «العرب، الهوارة، الأشراف.. لو أنت واحد من القبائل دي استنى معايا لأن بيني وبينك معركة لآخر الفيديو، إنما لو أنت من وجه بحري وما ليكش في الليلة دي خالص، استنى بارضو عشان تسمع ولما تشوف اتنين شادين مع بعض وكل واحد بيتكلم عن عائلته وكأنها هي اللي حررت القدس، تحط الفيديو ده في عنيك».

وأضاف «أبو ماضي» خلال الفيديو: «أولا مفيش حد فينا بيختار نسبه، والنسب لا يضر أحدا ولا ينفع أحدًا، لأنه لو بينفع كان نفع ابن سيدنا نوح عليه السلام اللي هو أبوه نبي، ولو يضر كان أضر بسيدنا إبراهيم اللي هو أبوه كافر، أو أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم تبرأ من أهله عشان كانوا كفار، أو كان نفعهم ودعا ربنا يغفر لهم ذنوبهم ويضمن لهم الجنة، والكتب السماوية التي نزلت لم يذكر فيها أن قبيلة فلان مميزة عن قبيلة فلان ولا يوجد نبي مرسل أوحي إليه أن قبيلة فلان هي أفضل القبائل، أو هتكون أفضل القبائل».

ويكمل: «وفي القرآن الكريم قال الله تعالى في كتابه العزيز: "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" صدق الله العظيم، فالقرآن هنا قال (تعارفوا) ليس تعاركوا ولا عايروا بعضكم بعضا، فنجد أن قبيلة ترى نفسها أحسن من الأخرى والقرآن الكريم قال سبحانه وتعالى استكمالًا للآية السابقة: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" القرآن قال "أتقاكم" وليس أعلاكم ولا أغلاكم أو أغناكم، أو الأعلى منصبًا، أو العرب اللي بينكم أو الهوارة أو الأشراف».

وردد اليوتيوبر الشهير الآية الكريمة لتترسخ لدى المستمعين: قال تعالى: «إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، مستشهدًا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا فرق بين عجمي ولا أعجمي إلا بالتقوى» مضيفًا أن الحديث الشريف يؤكد أن الدنيا كلها والخلق كله لا يوجد فرق بين أحد منهم إلا بالتقوى، لأن كلنا بشر، وكلكم من آدم وآدم من تراب، متابعًا: «يعني أحنا في الأساس تراب، ليه هذه القبالية والعصبية لحد دلوقتي ما انتهتش، ليه تمشي في الشارع فارد نفسك وشخصيتك وفي النهاية لو حتة خشبة بسيطة دخلت صباعك تخليك تلف حول نفسك، ولو حصل شوية مغص تبقى زي السيدة أثناء ولادتها وأنت داخل الحمام».

وذكر «ماضي» أن النمرود الذي حكم العالم كله ربنا سبحانه وتعالى أماته بنموسة، مضيفًا: «كلنا هنترمي في التراب، ولما تقف أمام الله تقول أيه، يارب أن هواري مينفعش أدخل النار أو تقول أنا عربي ما تحاسبنيش، أو أنا من الأشراف معلش، كله يتحاسب وكلنا نجتمع في مكان واحد، والكل عريان، حتى الهدوم اللي على جسدك مش هتطولها، لا ابن ولا أب ولا زوجة ولا صاحب ولا بيت ولا عيلة ولا مال ولا جاه هيكون معاك، هتكون واقف عريان لوحدك، وأشار إلى قوله تعالى: «ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم».

وأضاف: «ليه كل واحد شايف نفسه أحسن من التاني لحد ما الموضوع وصل لقطع الأنساب، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال: « إذا جاءكم من ترضون دينه وخُلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفسادٌ كبير، يعني احنا اللي عملنا هذا الكلام كله وهذه الفتن، والأمر وصل إلى البنات، وصلتني رسالة من فتاة جامعية تقول إن البنات في الجامعة يعايرون بعض، وتحدث مشادات كثيرة بينهم بسبب القبلية، فكل أحد يقول كلمة تكون محسوبة عليه، قال تعالى: «ما يلفظ من قول أو عمل إلا لديه رقيب عتيد».

من جانبه، يقول المهندس سيد إسماعيل رئيس الشبكة العربية للابتكارات «كونكت ارابز»، إن تطبيق تيك توك TikTok يتمتع بعدد من المزايا التي تجذب الشباب لاستخدامه وخصوصا فئة المراهقين الصغار في ظل اعتماده على مزامنة الشفاه للموسيقى والمقاطع الصوتية، فضلا عن الغناء والتمثيل بما يتيح حرية وجرأة التعبير أمامهم، موضحا أن الإنترنت أصبح ساحة مفتوحة للصغار ويظهر العديد من الآفات التي تخالف العادات والسلوكيات الصحيحة.

ويضيف أن هناك عددا من العيوب التي يأتي بها التطبيق أهمها أنه لا يعمل بشكل سليم على الإنترنت الضعيف بجانب أنه قد يسبب الإدمان للبعض وخاصة المراهقين لاحتوائه على العديد من الفيديوهات الخطرة على السلوك العام علاوة على وجود الإعلانات المزعجة.

ويتساءل «إسماعيل» عما إذا تم التحكم بالمحتوى الذي سيصل إلى هؤلاء الصغار ماذا عن المحتوى الذي سيصلهم؟، ماذا عن الفيديوهات التي قد يصورها البعض وتحتوي على مشاهد خارجة وغير لائقة لشباب في هذا السن الصغيرة؟، ماذا عن الأغاني والمقاطع التي تتحدث عن البلطجة والعري والإباحية والمخدرات والسلاح؟.

من ناحيته، يقول الدكتور عزت حشيش خبير المعلومات والاتصالات، إن التطبيقات الاجتماعية الجديدة تركز أهدافها على الترفيه بدون مراعاة المبادئ المجتمعية أو السلوكية وانحدار قيم الثقافة وهو ما يعد عنصرا أساسيا بتطبيق تيك توك TikTok، مشددا على دور الأسرة في تحقيق الرقابة على أطفالها وأفرادها في استخدام شبكات الإنترنت والهواتف الذكية بما يحقق الصالح العام.

وأوضح «حشيش»، الانعكاس السلبي لما يتركه ذلك التطبيق في نفوس الشباب مستشهدا بكثرة مقاطع العري والإباحية التي يروج لها التطبيق بما يثير الغرائز والفتنة، بالإضافة إلى أن التطبيق قائم على كثرة المتابعة وعدد المشاركات والإعجابات بما يخلق شعورا بالوحدة لدى الشباب الذي لا ينجح في ذلك ويشعر بأنه منبوذ ولا يود أحد بصحبته فمعايير النجاح على ذلك التطبيق تؤثر سلبا على نفوس المستخدمين حتى تزيد من أرباحها على حسابهم الصحي قبل المادي.