رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سيناريو رفع سعر رغيف الخبز المدعم

رغيف الخبز
رغيف الخبز


بدأت الحكومة بالبحث في توفير أموال على طريقة الحكومة السابقة عبر العصور الماضية، وذلك بالبحث عن إلغاء الدعم المقدم للمواطن، وفقا لتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرا، بأن الدعم يكلف الدولة 275 مليار جنيه سنويا أي حوالي 3 تريليونات جنيه على مدى 10 سنوات، ومشروع تطوير الريف المصري يحتاج إلى ثلث قيمة الدعم خلال 10 سنوات.

ولا مجال في ذلك للحديث عن إلغاء الدعم، وهو ما شدد عليه الرئيس السيسى خلال مشروعات تنموية جديدة بمدينة بدر، بقوله "أنا مش هلغي الدعم لكن هنعيد تنظيمه، وأنا بتصدى للقضايا زي دي ما تصديت لغيرها، ولازم أرتب ورق البلد دي عشان تبقى دولة ذات شأن".

ماذا فعلت الحكومة للفقراء؟
تقول الحكومة المصرية إن اجمالي دعم السلع التموينية ورغيف الخبز في موازنة العام المالي 20202021، بلغ 84.5 مليار جنيه، من بينهم 36.5 مليار جنيه دعم سلع البطاقة التموينية للمستفيدين البالغ عددهم 63.5 مليون فرد وأن دعم رغيف الخبز بلغ 42.6 مليار جنيه للمستفيدين البالغ عددهم 65.3 مليون فرد مستفيد بواقع 5 أرغفة للمواطن يوميًا.

وتقول الحكومة إن دعم الدقيق وصل إلى 2.2 مليار جنيه للمستفيدين البالغ عددهم 4.5 مليون فرد. أيضا تقول الحكومة إنها أطلقت برنامج الدعم النقدي المشروط "تكافل وكرامة" عام 2015 بعدد مستفيدين بلغ 2.5 مليون أسرة تضم 9.3 مليون فرد، ليصل العدد عام 20192020 إلى 3.6 مليون أسرة تضم حوالي 15 مليون فرد بدعم 18.5 مليار جنيه.

وتقول الحكومة إنها رفعت قيمة برنامج الإسكان الاجتماعي من 3.9 مليار جنيه عام 2019 2020 إلى 5.7 مليار جنيه عام 20202021 بزيادة تبلغ 1.8 مليار جنيه، إضافة لإطلاق "مبادرة سكن كريم" عام 2017، بهدف تحسين الأوضاع السكنية والمعيشية والبيئية وتحسين المؤشرات الصحية للأسر المستفيدة التي تتلقى معاش تكافل وكرامة في المناطق الفقيرة والمحرومة من الخدمات وتقليل التلوث وخفض معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة.

كما تقول الحكومة إنها أطلقت "مبادرة حياة كريمة" لتحسين جودة الحياة للقرى الأكثر احتياجا وخاصة القرى في صعيد مصر، وتم تخصيص 103 مليارات جنيه، للمبادرة لغير القادرين، وتطوير القرى الأكثر احتياجًا.

وحسب آخر موازنة فإن منظومة دعم رغيف الخبز تكلف الدولة 44 مليار جنيه سنويا، بالإضافة إلى 2.5 مليار جنيه، يستفيد من تلك المنظومة نحو 65 مليون مواطن مصري. لكن في عام 2016 ووفقًا لتوصيات البنك الدولي قامت مصر بتعويم عملتها ففقد الجنيه نصف قيمته تقريبًا وتقلص دخل المواطن وانخفضت قيمة مدخراته بشكل كبير. وفي عام 2018 انضم نحو 4.7% من إجمالي المصريين إلى من هم تحت خط الفقر لتصل نسبة الفقراء في مصر عام 2019 إلى 32.5% ليعود الرقم للانخفاض في عام 2020 الى 29.7%.

في عام 2021 خصصت الدولة 335 مليار جنيه للرواتب بدلا من 207 مليار في 2014، لكن الزيادة لم تؤثر كثيرًا بعد فقدان الجنيه لنحو 57% من قيمته بعد التعويم. لكن الحكومة رفعت الدعم عن الغاز من 40 قرشا للمتر المكعب إلى 2.35 جنيه في 2021 وارتفع سعر الكيلوواط من الكهرباء من 7.5 قرش إلى 48 قرشا في 2021 وارتفع لتر البنزين من 90 قرشا إلى 6.5 حنيه في 2021.

وفي 2017 خفضت الحكومة مخصصات أفران الخبز من الدقيق لينخفض الإنتاج اليومي للفرن من 1500 رغيف إلى 500 رغيف فقط، ما تسبب في وقوع احتجاجات، ألقى فيها وزير التموين وقتها باللوم على المخابز، وقال إنها أزمة مفتعلة. وفي 2020 تم تخفيض وزن رغيف الخبز المدعوم من 110 غرام إلى 90 غرامًا فقط، ما أدى لتضاعف سعر الرغيف بشكل غير مباشر من خلال خفض وزنه.

وتشير تقارير الحكومة إلى ارتفاع دعم المواد الغذائية بنسبة 1.5% بقيمة 89.6 مليار جنيه في عام 2021 مقابل 88.2 مليار جنيه عام 2020، لكن بيانات البنك الدولي تشير إلى أن نسبة دعم الغذاء من الناتج المحلي المصري انخفضت في عام 2021 بنسبة 1.4% مقابل 1.6% العام الماضي.

وفي المقابل زادت الحكومة من الدعم الموجه للتصدير في عام 2020 ليصل إلى 7 مليارات جنيه كما تم دعم الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة بأسعار أقل لمصادر الطاقة لتخطي آثار جائحة كورونا.

هل تحتاج الحكومة لمثل هذا القرار؟
تعاني مصر من عجز في الموازنة يتعدى 400 مليار جنيه، وبالتالي فإن المبلغ الذي سيخصم من دعم الغذاء (8 مليارات جنيه) ربما لا يمثل شيئًا أمام باقي النواحي التي يتم فيها الإنفاق، بالإضافة إلى أن الخبز عنصر أساسي تقريبًا في كل وجبات المصريين خصوصًا الفقيرة ويحقق لها نوعًا من الأمن الغذائي.

وكان البنك الدولي، في عام 2010، قد ذكر في في دراسة عن الفقر في مصر أنه مع أزمة ارتفاع أسعار القمح والمحاصيل الغذائية العالمية فإن دعم الغذاء (متضمنًا الخبز) نجح في حماية ١٢٪؜ من الأسر المصرية من النزول تحت خط الفقر، لكن ذلك كان قبل تعويم الجنيه المصري والذي تسبب في نزول نحو 10 ملايين مصري على أقل التقديرات تحت خط الفقر، بحسب أرقام رسمية من الدولة، هذا بخلاف تخفيض الحكومة 30 غراما من وزن رغيف الخبز.

دراسة البنك الدولي أشارت أيضًا إلى أنه برغم نسب التسرب في دعم الغذاء لغير مستحقيه أو هدره لاستخدامات أخرى (كاستخدام الخبز المدعوم كعلف رخيص للحيوانات والطيور المنزلية) إلا ان فاعلية برنامج الدعم كانت عالية جدًا في تغذية الملايين وفي حماية الأسر من الوقوع تحت خط الفقر، كما أن التحسينات التي أدخلت في منظومة إنتاج وتوزيع الخبز المدعوم قللت من هذا التسرب.

من جانبه كشف الدكتور محمود الشريف الخبير الاقتصادى، أن إعادة توزيع الدعم للفقراء سوف يتم عن طريق تطبيق الدعم الإلكتروني بالوزارات، بحيث يكون هناك حصر دقيق لمستحقي الدعم وخاصة في السلع التمونية، ورغيف العيش، والمواد الغذائية المختلفة، خاصة وأن التقارير كشفت مؤخرا عن وصول الدعم لغير المستحقين للسلع التمونية والخبز إلى ما يفوق 30 % رغم إجراءات الدولة مؤخرا لضبط هذا الأمر مؤخرا، كمان أن هناك 20 % يحصلون على دعم المنتجات البترولية دون استحقاق، بجانب حصول نحو 10 % على دعم الإسكان دون الاستحاق أيضا وهو الأمر الذي سيتم ترتيبه وإعادة توزيعة كما صرح به الرئيس مؤخرا.

وأشار الخبير الاقتصادى، أن زيادة سعر رغيف العيش هي أحد إجراءات الدولة لإعادة ترتيب توزيع الدعم،كما سيتم إعادة رفع الدعم عن التعليم بشكل جزئي.

وأكد الدكتور "الشريف"، أنه لابد من العمل على ترشيد الدعم، فلا يعقل وجود 70 مليون بطاقة تموين و90 مليون يحصلون على الخبز والدعم، مؤكدا الإبقاء على الدعم مع ترشيده ومراجعته باستمرار حتى يحصل عليه من يستحق.

وعن سعر رغيف الخبز، قال إبراهيم إنه حان الوقت لتحريك سعره لأنه غير منطقى أن يظل سعره ثابتا لأكثر من 30 عاما، مؤكدا على تحريك سعره تدريجيا وعلى مراحل، بحيث يصل سعره لـ 10 قروش وتتم زيادته كل عام.

في السياق ذاته، يرى الدكتور جمال عمر، الباحث الاقتصادي بجامعة القاهرة أن الدولة ليست بحاجة لإعادة تنظيم الدعم في هذا التوقيت، "وذلك لأن بند دعم الغذاء كان تاريخيًا يمثل نحو 20 إلى 25% على الأكثر من إجمالي فاتورة الدعم، أما الجزء الأكبر من الدعم فكان يذهب للوقود، وبالتالي كان مفهوما أن يكون الضغط أشد على الدعم الخاص بالوقود، بينما يستمر الدعم الخاص بالغذاء.

وأضاف "عمر" أن هناك حاجة لمزيد من إجراءات التقشف، وهذا من منظور مالي بحت وليس اجتماعي، "خاصة وأن البنك المركزي طالب من قبل استمرار مصر في دعم الفقراء على المستوى الاجتماعى.

مشيرا إلى أن الأزمة التي تعانى منها الحكومة حاليا هى وجود عجز في الموازنة يتعدى 400 مليار جنيه وبالتالي هو فعلا يسبب ضغوطا على الدولة، ولذلك لجأت الدولة للحل الأسهل كما فعلت الحكومات السابقة وهو إلغاء الدعم وإعادة ترتيبه.

ويرى الباحث في الشؤون الاقتصادية، أن قرار إلغاء الدعم أحيانا نستمع لبعض الآراء الخارجية كصندوق النقد الدولي والتي ترتبط بشرط خفض الدعم مقابل المساعدات المالية، مطالبا الحكومة بإبقاء الدعم كما هو عليه، على أن تقوم بتحصيل الضرائب من الشركات الكبرى والأثرياء الذين يهربون أموالهم خارج البلاد.