رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«خط سير» مشروعات القوانين من «مطبخ الحكومة» حتى اقرارها من البرلمان

البرلمان
البرلمان


كم هائل من القوانين والتشريعيات التي يقرها البرلمان خلال أدوار انعقاده المختلفة، وهو ما كشف عنه حصاد مجلس النواب خلال الفصل التشريعي الأول، وكذلك بداية الفصل الثاني.

وكشفت تقارير إنجازات البرلمان السابق خلال 4 أدوار انعقاد يناير 2016 يوليو 2019، أن البرلمان نفذ 9734 عملية تصويت خلال 313 جلسة عمل استغرقت 289،39 ساعة عمل نتج عنها 933 قانونا تشمل 8459 مادة، بالإضافة إلى 26 قرارا جمهوريا و219 معاهدة دولية.

اللافت للأمر، أنه رغم العدد الكبير لمشروعات القوانين التي خرجت للنور على يد البرلمان السابق، إلا أن هناك قوانين ظلت حبيسة الأدراج حتى يومنا هذا، تواجه مصيرا غامضا، لعل أبرزها قانون الإدارة المحلية، وقانون الإيجار القديم، وكذلك قانون الإجراءات الجنائية والأحوال الشخصية.

أما في دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الثاني لمجلس النواب، فقد وافق المجلس على 146 مشروع قانون مقدمة من الحكومة بإجمالي 1749 مادة، خلال 59 جلسة عامة امتدت إلى 278 ساعة.

السرعة الهائلة في صياغة القوانين للآلة التشريعية بمصر، فجرت كثير من التساؤلات حول رحلة ولادة القانون، بداية من دخوله مجلس النواب كمشروع وحتى خروجه للنور، وكيفية صياغته، وهل ساعات العمل التي شهدها البرلمان كانت كافية في الدراسة المتأنية لكل قانون بما يتماشى مع سن هذا الكم الغزير من القوانين.

في هذا السياق، قال عبدالمنعم العليمي، عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان السابق، إن القانون حتى خروجه للنور يأخذ رحلة محددة، مشيرا إلى أن التشريع يبدأ بمشروع قانون أو اقتراح بمشروع بقانون.

وأوضح العليمي، في تصريح خاص لـ "النبأ" أن مشروع القانون، يكون مقدما من رئيس الجمهورية، أو رئيس الوزراء، أو من أحد أعضاء البرلمان، لافتا إلى أن المشروع المقدم من الحكومة يختلف عن المقدم من الأعضاء، لأن المقدم من النائب البرلماني يسمى اقتراحا بقانون ويكون من عضو واحد أو ما لا يزيد عن 10 أعضاء، ويستلزم تأييد عُشر أعضاء المجلس أي ما يوازي 60 عضوا حتى يصبح مشروع قانون.

وأشار إلى أن المرحلة الثانية، هي إحالة مشروع القانون للجان المختصة وققا لمضمونه، والتي تقوم بدورها بمناقشته وإعداد تقريرحوله لعرضه على المجلس، وفقا لما تنظمه اللائحة الداخلية.

وتابع: "بعد عمل التقرير من قبل اللجنة المختصة بشأنه يتم إدراجه في جدول أعمال الجلسة العامة، والتي يقوم مكتب المجلس بعملها، وهم رئيس المجلس والوكيلان الأول والثاني على أن يبلغ الأعضاء بجدول الأعمال حتى يحددوا موقفهم، وإذا كانت لهم تعديلات أو مقترحات بشأن بنود القانون فإنهم يلتزمون بتقديم تلك التعديلات قبل الجلسة التي بصدد مناقشته بـ 24 ساعة في مذكرة إيضاحية حول سبب التعديل وفقا لأحكام الدستور، والتشريع، ومن ثم نظره بالجلسة العامة والموافقة عليه في مجموعه ثم يناقش مادة مادة بتعديلاتها أو الرفض أو إحالته لمجلس الدولة، لمراجعته والذي بدوره يعطي رأيا استشاريا ثم إعادته للجلسة العامة مرة أخرى للموافقة عليه".

وأشار إلى أنه بشأن العرض على مجلس الدولة، صدر تعديل على اللائحة الداخلية وجعلها عملية جوازية، يعطي للمجلس الحرية في مخاطبة قسم التشريع بمجلس الدولة طبقا للمادة 75 من اللائحة الداخلية للمجلس، وفي حالة إرسالها يكون رأيه استشاريا وغير ملزم، وفي التعديل الأخير أصبح يجوز للمجلس ومن حق رئيس الجمهورية إحالة لمجلسي الشورى والنواب مشروع القانون قبل مناقشته، ومجلس الشورى يكون رأيه غير ملزم، على عكس النواب.

ولفت إلى أن كل قانون ينظم إحالة مشروع القانون من عدمه لمجلس الشيوخ، فعلى سبيل المثال القوانين المكملة للدستور، والمرتبطة بالموازنة للدولة جبرا يتم إرسالها، وفقا لنصوص الدستور، فهناك قوانين تم الحكم بعدم دستوريتها لأنه تم إقرارها دون عرضها على الشيوخ.

وأضاف، بعد موافقة مجلس النواب على مشروع القانون يتم إرساله لرئيس الجمهورية والذي بدوره له الحق قي الموافقة أو الرفض خلال 30 يوما، وإلا يصبح ساريا بعد مرور المدة دون حسمه، وفي حالة رفضه قبل المدة يعاد للمجلس ومن ثم تعديله، وفي حالة الموافقة يتم التصديق عليه وإصدار قرار جمهوري بشأنه بعد مراجعته.

وواصل النائب عبدالمنعم العليمي: بعدها تصدر اللائحة التنفيذية الخاصة بالقانون خلال 3 أشهر، والتي تنظمها مواد الإصدار المتعلقة بكل مشروع، وهي تفسيرية، فهناك مواد واضحة بذاتها لا تحتاج للائحة، أما المواد التي تعتمد على آلية للتنفيذ فأنها تقتضي لائحة تكشف ما جاء بها.

وتابع: أنه على حسب اتفاق السلطة التنفذية والسلطة التشريعية تحدد المدة الزمنية وكذلك مشروعات القوانين؛ فمثلا قانون التأمينات والمعاشات لم يأخذ وقتا طويلا في مناقشته "دخل النهاردة وطلع بكرة، كانوا مستعجلين عليه"، وهناك قوانين كان يجب إصدارها قبل بداية السنة المالية المتبقى عليها 48 ساعة وبالفعل تم إحالته ومناقشته، كان قانون خاص بالضرائب، وكنا نناقشه ونعقد جلسات قرب الفجر.

وواصل: كل مشروع قانون له ظروفه الاجتماعية والسياسية ووضعه بما يتماشى مع أحكام الدستور كما أن عضو مجلس النواب لابد أن يكون لديه الحس السياسي والتشريعي.

وأشار إلى أنه نادر ما يعيد رئيس الجمهورية مشروع قانون للبرلمان بعد الموافقة عليه بالمجلس، وعلى الرغم من ذلك فإن قانون المنظمات الاهلية تمت الموافقة عليه بعد إصدار قرار جمهوري وإرساله مرة أخرى للبرلمان لتعديله.

وذكر أن هناك قوانين تم سحبها وأخرى ظلت حبيسة الأدراج، مضيفا أن قانون الثانوية العامة الذي أرسلته للحكومة وتمت إحالته لمجلس الشيوخ الذي بدوره رفض مشروع القانون واضطرت السلطة التنفيذية لسحبه، وكذلك مشروع قانون الإيجار القديم الذي كانت تستهدف الحكومة علاجه عبر الشخص الاعتباري، دون الشخص الطبيعي وهو ما تم رفضه ولم يحدث أي جديد "نام في اللجنة"، وكذلك قانون الأحوال الشخصية بسبب رفض الأزهر.

بدوره قال الدكتور رأفت فودة، الخبير الدستوري، إن صياغة القوانين تتولاها لجنة الشئون التشريعية والدستورية بالمجلس، متابعا: إذا كان مشروعا نوعيا يحال إلى اللجان المختصة التي تقوم بدورها بإبداء رأيها فيه، ثم تعيده لرئيس المجلس الذي بدوره يحيله للجنة الشئون التشريعية والدستورية.

وعن مدى صلاحية أعضاء مجلس النواب في التشريع، قال فودة في تصريح لـ "النبأ"، إنه ليس هناك شروط تتطلب دراية العضو بالقانون، متابعا: "هم يستعينون بهم، وهناك العشرات من المستشارين والقانونيين؛ وفي الغالب يكون أعضاء اللجنة التشريعية بها قانونيون".

وأشار الدكتور رأفت فودة، إلى أنه بعد موافقة مجلس النواب في الجلسة العامة تتم إحالته لمجلس الدولة، والذي بدوره يدرسه وإن كان غير ملزم.

وأضاف: وفي النهاية هناك محكمة دستورية يتم الطعن أمامها لتلافي الأخطاء، وعدم الخبرة عند تطبيقه على أرض الواقع، متابعا" لا يوجد مواعيد محددة لدورة مشروع القانون حتى صدوره بقرار جمهوري، فهناك قوانين تستغرق 3 سنوات في مناقشتها ولا يتم إقرارها، قد يكون مشروع القانون فيه أعباء على المواطن، وقد يكون خاصا بالإخوان فيتم إقراره في وقت قصير، عموما هو يكون بحسب الظرف السياسي، وأهمية القانون للدولة.

وأشار إلى الكثير من القوانين التي يتم سلقها، وكان المفترض أن تأخذ أكثر من ذلك؛ مضيفا أنه في المجلس النواب المنتهي عند النظر لعدد القوانين التى صدرت بالنسبة لعدد الساعات سنجد أن متوسط الوقت الذي استغرق لمناقشة مشروع القانون أقل من 6 دقائق، على الرغم أنه في بعض الدول قد يستغرق التصويت على المادة في الفقرة الواحدة كالبرلمان الفرنسي أكثر من 48 ساعة متواصلة بلا انقطاع.

واختتم الخبير الدستوري حديثه، قائلا: صناعة النص التشريعي تختلف من دولة لأخرى حسب ديمقراطيتها.