رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أسرار المخطط الإثيوبي الخطير لضرب «الإجماع العربي» في ملف سد النهضة

النبأ

 

أديس أبابا تحاول الوقيعة بين الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي


الرئيس الجزائري: واثقون من نجاح الوساطة ولن نتوقف إلى أن تحل الأزمة


«نور الدين»: طلب إثيوبيا وساطة الجزائر لإقناع مصر بالتوزيع العادل لمياه نهر النيل ادعاء غير صحيح


«شراقي»: لهذه الأسباب أتوقع نجاح المبادرة الجزائرية وإثيوبيا تعيش أسوأ أيامها وموقفها أمام المجتمع الدولى ضعيف 

 

«رسلان»: الجزائر لا تملك أدوات ضغط على أطراف النزاع والخرطوم والقاهرة ترفضان العودة للمفاوضات بالآلية السابقة

 

 أعلنت الجزائر طرح مبادرة جديدة لحل أزمة سد النهضة الإثيوبي، حيث قام وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة بجولة إفريقية شملت، إثيوبيا والسودان ومصر، وهي الدول الثلاث أطراف أزمة سد النهضة.

وكانت اثيوبيا قد دعت الجزائر إلى التوسط في أزمة سد النهضة مع مصر والسودان إلى جانب قضية الحدود مع الخرطوم، وذلك خلال زيارة وزير الخارجية رمطان لعمامرة إلى اديس أبابا.

وأكد وزير الخارجية نائب رئيس الوزراء الإثيوبي ديميكي ميكونين خلال لقائه لعمامرة على لعب دور بناء في "تصحيح التصورات الخاطئة" لجامعة الدول العربية بشأن سد النهضة، مؤكدا على "نوايا إثيوبيا في الاستخدام العادل والمنصف" لمياه النيل.

وأكد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أن المبادرة الجزائرية لحل أزمة «سد النهضة» لمست تجاوبًا كبيرًا من كل الأطراف المعنية، مبديًا ثقته في نجاحها.

وقال تبون، «المبادرة الجزائرية لحل أزمة سد النهضة هي جزائرية خالصة لم تملِها علينا أي جهة، تكلمت مع رئيسة إثيوبيا ورئيس وزرائها قبل زيارة وزير خارجيتنا هذا البلد. أؤكد أننا وقفنا على ردود فعل إيجابية من الدول الثلاث إثيوبيا والسودان ومصر».

وأضاف تبون أن «مجلس الأمن لم يفصل في القضية وأعادها إلى الاتحاد الإفريقي. نحن واثقون من نجاح الوساطة الجزائرية، لا بد من تحكيم العقل والمنطق حتى تنعم إفريقيا بالاستقرار وتعود للمحافل الدولية».

وأكد الرئيس الجزائري أن «الوساطة الجزائرية في ملف سد النهضة لن تتوقف إلى أن تُحل»، مشيرًا إلى أنه «ليس لدينا في القضية لا ناقة ولا جمل، إلا المسعى في تقريب وجهات النظر».

السودان يرحب

وعبر السودان، عن ترحيبه بالمبادرة الجزائرية لحل الخلاف بين مصر وإلسودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة الذي أكملت أديس أبابا عملية الملء الثاني له بشكل أحادي.

وقال بيان صادر عن مجلس السيادة الانتقالي إن اللقاء: "القيادة فى السودان رحبت بالمبادرة الجزائرية الداعية إلى عقد لقاء مباشر بين الدول الثلاث للتوصل إلى حل لخلافاتها حول سد النهضة"، مشيرة الى ان المبادرة الجزائرية تأتى متوافقة مع المادة (10) من إعلان المبادئ الموقع بين الدول المعنية بالخرطوم.

مصر تتمسك بحقوقها التاريخية

وبعد استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي، رمطان لعمامرة، وزير الشؤون الخارجية الجزائرية، بحضور سامح شكري وزير الخارجية، والسفير محمد لعجوزي، السفير الجزائري بالقاهرة، قال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس السيسي طلب نقل تحياته إلى أخيه الرئيس عبدالمجيد تبون، مثمنًا العلاقات الثنائية التاريخية والأخوية بين البلدين، ومؤكدًا حرص مصر على تطوير التعاون الثنائي مع الجزائر في شتى المجالات. 

نوايا إثيوبيا من طلب وساطة الجزائر

وحول النوايا الإثيوبية من طلب وساطة الجزائر، قال شوقي عبدالعظيم، المحلل السياسي السوداني، إن طلب إثيوبيا وساطة الجزائر في ملف سد النهضة في هذا التوقيع يعتبر هدرًا للوقت وإثبات أنه يوجد رأي آخر عن إجماع الدول العربية.

وكانت إثيوبيا قد استنكرت، "تدخل" جامعة الدول العربية في الخلاف بين مصر والسودان بشأن سد النهضة على نهر النيل.

وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية في بيان: "ترفض إثيوبيا تدخل جامعة الدول العربية غير المقبول في قضية سد النهضة الإثيوبي بعدما قدّمت الجامعة طلبا إلى مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة للتدخل في هذا الملف".

وأضاف البيان أن وزير الخارجية ديميكي ميكونين أعرب عن "خيبة أمله" في رسالة إلى مجلس الأمن، موضحا أن "جامعة الدول العربية معروفة بدعمها غير المشروط لأي مطلب تقدمه مصر بشأن موضوع النيل".

وعقب اجتماع وزراء الخارجية العرب بالعاصمة القطرية الدوحة لبحث ملف أزمة سد النهضة، وصفت الخارجية الإثيوبية قرارات جامعة الدول العربية بالمضللة، وإهدارٌ لفرصة لعب دور بناء على طريق حل الأزمة.

وقد أعربت جامعة الدول العربية عن انزعاجها من رسالة إثيوبيا التي تطالب فيها الجامعة بعدم التدخل في ملف سد النهضة، موضحة أن إثيوبيا تحاول الوقيعة بين الجامعة والاتحاد الإفريقي.

وقالت الجامعة العربية إن إثيوبيا تسعى لتصوير قضية سد النهضة كصراع عربي إفريقي، مطالبة إثيوبيا بمراجعة نهجها غير البناء.

تحسين صورة إثيوبيا

ويقول الدكتور عباس شراقي، خبير الموارد المائية في جامعة القاهرة، إنه كان واضحا أثناء زيارة وزير الخارجية الجزائري لمصر أن هذه المبادرة لم تلق قبولا أو رضا من الجانب المصري، لكن حديث الرئيس الجزائري تؤكد أن المبادرة الجزائرية ما زالت سارية وأنها جادة ومصر ترحب بأي طريق يؤدي للوصول لاتفاق، مشيرا إلى أن أحد أهداف هذه المبادرة هو تحسين صورة إثيوبيا لدى الدول العربية وخاصة الخليجية، معبرا عن اعتقاده بأن الجزائر جادة في تدخلها، لاسيما وأن هذا التدخل جاء بطلب من أديس أبابا. 

ادعاء غير صحيح

وقال الدكتور نادر نور الدين، خبير المياه، إن طلب إثيوبيا وساطة الجزائر لإقناع مصر بالتوزيع العادل لمياه نهر النيل، ادعاء غير صحيح، مشيرا إلى أن قانون الأمم المتحدة نص على الاستخدام المنصف والعادل وليس الاستخدام المتساوي لمياه نهر النيل، بمعنى أنه نص على وجود المصادر البديلة الأخرى للمياه قبل طلب حصة من مياه النهر الدولي.

وتابع: "إذا كانت إثيوبيا لديها تسعة أحواض للأنهار ولكل حوض عشرات الروافد ولديها ألف مليار متر مكعب من مياه الأمطار والمياه الجوفية ونصيب الفرد فيها من المياه 1650 مترا مكعبة سنويا أعلى من خط الفقر المائي وتزرع 35 مليون هكتار ولديها 100 مليون رأس من الماشية ولا تستخدم أكثر من 3% من مياه أنهارها لوفرتها وكثرة الأمطار والمياه الجوفية، فما حاجتها إلى مصادرة كل مياه النيل الأزرق وضعفها وحرمان مصر والسودان منها حيث لا تزرع مصر إلا 3.5 مليون هكتار ولديها 8 ملايين رأس مواشي فقط وليس لديها إلا نهر وحيد بلا روافد أو فروع ونصيب الفرد فيها من المياه 600 متر في السنة تحت خط الفقر المائي وتعاني من فجوة مائية تبلغ 22 مليار متر وتعيد استخدام 20 مليارا من مياه المخلفات في حين تستخدم إثيوبيا المياه النظيفة فقط وتتربع على قمة الدول الإفريقية المصدرة للأغذية الأورجانيك النظيفة".

وقال إنه من ناحية الادعاء بأن سد النهضة لن يضر بالسودان ومصر فعلى إثيوبيا أن توضح كيف أن تخزين 75 مليار متر مكعب من المياه كانت تذهب إلى مصر والسودان لن يضر بهما وهل هذه كمية معقولة تخزنها دولة منبع وفيرة المياه وتحرم منها دولتي المصب الفقيرة مائيا؟! ثم إذا كان السد الاثيوبي لن يضر بمصر والسودان فلماذا ترفض إثيوبيا وبإصرار عدم ضمان حد أدنى من مياه النيل الأزرق بعد الانتهاء من بناء السد حيث كان يمد مصر والسودان بنحو 50 مليار متر مكعب سنويا وترفض اثيوبيا تماما ضمان هذا القدر بعد الانتهاء من بناء وتشغل السد بل ورفضت ضمان حتى 45 مليارا او حتى 40 مليارا من مياه النيل الأزرق لمصر والسودان لنيتها في مصادرة كل مياه النيل الأزرق والتحكم وحدها فيما تصرفه إلى مصر والسودان فهل هذا يوضح كيف أن السد الإثيوبي لن يضر بمصر والسودان؟!

لا وساطة ولا مبادرة

قال الدكتور هاني رسلان، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن ما تقوم به دولة الجزائر الشقيقة لا يعد وساطة أو حتى مبادرة، بل هي محاولة لتسهيل عودة استئناف المفاوضات بين الأطراف الثلاثة.

وأضاف رسلان، أن المبادرة تتمثل في اجتماع الرؤساء الثلاث لدول مصر والسودان وإثيوبيا، إلا أن الخرطوم والقاهرة ترفضان العودة للمفاوضات بنفس الآليات السابقة، لافتًا إلى أن إثيوبيا لم تعلن أو تبد مرونة كبيرة، بل على العكس تمامًا طلبت من الجزائر توضيح موقفها من سد النهضة لدى الجامعة العربية.

وأشار مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى أن الجزائر لا تمتلك أدوات ضغط على أطراف النزاع، مضيفًا: "دولة الجزائر الشقيقة تحاول لعب دور إقليمي باعتبارها دولة عربية وإفريقية".

وقال سمير راغب رئيس المنظمة العربية للدراسات الاستراتيجية، إن تحركات الجزائر نابعة من ثقلها في المنطقة ودورها الإقليمي، مشيرا إلى أن الجزائر يمكن أن تستثمر الهدوء الحالي بين الدول الثلاث بعد التأكد من عدم الضرر في حصص المياه على الأقل لمدة عام قادم، وأن الفرصة قد تكون مواتية لتقريب وجهات النظر، خاصة مع رفض أثيوبيا الدور الغربي كضامن أو مراقب للمفاوضات.

وأشار راغب إلى أن الجزائر حافظت على موقفها طول الأزمة بالحياد الإيجابي، وأن هذا الموقف يساهم في الوقت الراهن بقبولها كوسيط من قبل إثيوبيا، في حين أن مصر والسودان لن يرفضا أي دور إيجابي من أجل الاتفاق على الأطر التي أعلنت عنها أكثر من مرة.