رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الوزير الشاكر

سليمان جودة
سليمان جودة

سارع الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، بتقديم الشكر إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى، لأنه أصدر توجيهاته بتجديد وترميم مقامات وأضرحة آل البيت، وبالذات مسجد السيدة زينب، ومسجد السيدة نفيسة، وجامع الإمام الحسين!.. سارع الوزير إلى تقديم الشكر ولسان حاله يقول: إذا لم أكن قد حضرت الاجتماع الذى دعا إليه رأس الدولة حول هذا الشأن، فليس أقل من أن ألتحق بالموضوع بأى طريقة!

ولابد أن الشكر منا واجب للرئيس فى هذا الموضوع، وفى سواه من الموضوعات التى يوجه فيها بالترميم، والصيانة، والإنشاء، والتشييد، والبناء.. وآخرها مشروع حياة كريمة شديد الطموح.. غير أن الشكر من جانب وزير الأوقاف على وجه التحديد يستوجب سؤالًا لا بديل عن الإجابة عليه، إذا أردنا حقًا لهذا الوطن أن يصعد ويرتقى بين الأوطان من حولنا!



السؤال هو: إذا كان هذا هو ما بادر الرئيس مشكورًا بتقديمه لهذه المساجد الكبرى، على مستوى الشكل فى التصميمات، والترميمات، والديكورات.. فماذا قدم الوزير المسؤول للمساجد فى البلد على امتداده من حيث المضمون؟!

والقصد بالمضمون هو خطبة الجمعة التى يستمع إليها الملايين من المصريين فى نهاية كل أسبوع.. فما أشرت إليه فى هذه القضية فى هذا المكان صباح أمس الأول، هو مجرد عينة مما يقال على أسماع الناس من فوق منابر الجمعة.. إنه مجرد مثال واحد.. بل هو مثال وحيد.. ولو شاءت الدولة وأرسلت رجالًا لها إلى بعض المساجد على امتداد المحافظات، فسوف يأتيها هؤلاء الرجال بالعجب العجاب مما يقال للناس، وسوف تكتشف أن مساجد كثيرة جدًا تساعد التطرف بدلًا من أن تحاربه، وتزرع التشدد بدلًا من أن تطارده، وتقتل الأفكار المستنيرة بدلًا من أن تمدها بأسباب الحياة!

إن مهمة وزير الأوقاف فى منصبه من أثقل المهام فى الحكومة كلها، وليست مهمة الوزير أن يخطب بنفسه فى كل جمعة، ولا أن يستحوذ على الخطبة فى كل أسبوع دون استثناء.. لا.. ليست هذه هى مهمته أبدًا، ولو كانت هذه هى المهمة لمن يشغل موقعه الخطير لهان الأمر وما كانت هناك مشكلة.. مهمة الجالس على مقعد وزير الأوقاف أن يعكف فى مكتبه ليفكر كيف يجب أن تخاطب مساجده الناس، وماذا عليها أن تقول لهم، وماذا عليها أن تذيع فى كل جمعة وهى تتولى تشكيل العقول والتأثير فيها؟!.. هذه هى مهمته التى عليه أن يباشرها ويتابعها.. ولكنه تركها فيما يبدو وتفرغ للاستحواذ على الخطبة فى التليفزيون!



وهكذا تحول الرجل من عون للدولة فى مواجهة أفكار الظلام إلى عبء عليها!.

نقلا عن "المصري اليوم"