رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

هرطقة!!

حمدي رزق
حمدي رزق


احتراز وجوبى، يقينى كمسلم احترام العقائد الإيمانية، وكمسلم محب لأهل الكتاب متخلقًا بأخلاق الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، أبتعد بمسافة عن المسائل العقدية، فلكلٍّ عقيدته ويستوجب احترامها.

وكمسلم، لا أقبل أن يتعرض كتابنا الكريم (القرآن) لأى محاولة للتشكيك، وأرفض التعرض لما جاء فيه من آيات محكمات من كَائِنٍ مَنْ كَانَ.. هذه عقيدتى وأنا مؤمن بها.

إذن وبالقياس فإن صدور كتاب أو منشور «يهرطق» الكنيسة المصرية من باحث مسلم لأمرٌ بالغ الخطورة، ويثير جملة من علامات الاستفهام مزعجة وطنيًا.. لاتزال معلقة فى الهواء.

ما هو المراد من إصدار كتاب «نقد التقليد الكنسى.. الكنيسة المصرية نموذجًا»، للباحث محمد هنداوى الذى يعمل مشرفًا على الأكاديمية الإسلامية فى «النرويج»، ويُعرف نفسه بالأزهرى، بما حواه من كيد ظاهر للعيان.

الكتاب استثار ثائرة من اطلعوا عليه من أساقفة الكنيسة المصرية، واستنفر ظهور الأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة فى فيديو مطالبًا بتحرك المجمع المقدس لمصادرة الكتاب، وقيل (ولم أتثبت من صحته) إنه تمت مصادرته خلال فعاليات معرض الكتاب.

وإلى أين سيذهب بنا هذا الكتاب بعد أن أعلنت دار «رسالتنا» المسيحية عن عزمها نشر كتاب مضاد بعنوان «دحض نقد التقليد الكنسى» للقس مينا القمص إسحق وموريس وهيب، للرد على ما جاء فى الكتاب.

بعيدًا تمامًا عما ورد فى الكتاب، وأترك نقده للمختصين، مسيحيين ومسلمين، فى أكاديميات متخصصة، فليس هذا ما يعرض بضاعة على العوام، أخشى فتنة تستعر من تحت أقدامنا، مثل هذه الكتب مردودها سلبى تمامًا على السلام المجتمعى.

حذارِ، الدخول على العقائد الإيمانية جد خطير، وما لا يقبله المسلم على كتابه الكريم لا يرتضيه على المسيحيين، الذى استهدف عقيدتهم المؤلف بشكل يثير غضب الأوساط المسيحية، ويستنفر ردودًا غاضبة ومزعجة تمامًا (كما هو واضح من التعليقات الأولية)، تسمع فى الجوار المسيحى همهمات غاضبة.

والسؤال: لماذا الآن؟ ولماذا الدخول على العقائد؟ وما الهدف من وراء هذا الإصدار المزعج لإخوتنا؟ ومن المستفيد من وراء فتنة صدور هذا الكتاب؟

القضية التى يثيرها الكتاب ليس محلها هذه السطور، ما يعنينا هو التأثير السالب لمثل هذه الإصدارات على العلاقة بين المسلمين والمسيحيين فى وطننا الرحيب، وما يخلفه مثل هذا الإصدار من احتراب دينى نحن فى غنى عنه، وفى توقيت خفتت فيه إلى حد بعيد وتيرة الاحتقان الطائفى فى ظل دعوات التجديد الدينى المثمرة، ووشائج العلاقات المستقرة بين المؤسسات الدينية التى تذهب إلى المستقبل حوارًا وتفاعلًا ما يجمع ولا يفرق بين أبناء الوطن الواحد.

غضبة الأنبا أغاثون مشروعة تمامًا، رجل دين يدافع عن عقيدته، ولكن يستوجب حصار مثل هذه الفتن، فالنار من مستصغر الشرر، وكافٍ الرد على الكتاب من رجال الدين المسيحى دفاعًا عن العقيدة المسيحية فى أطر محكومة أكاديمية، دون التعرض للدين الإسلامى حتى لا تصير فتنة نحن فى غنى عنها، فرائحة الكتاب مزعجة كنسيًا، وأنوف شعب مصر المتسامح تأنف مثل هذه الروائح النفاذة.

نقلا عن "المصري اليوم"