رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

هل يؤثر التوتر في ملف سد النهضة على الاقتصاد المصري؟

سد النهضة
سد النهضة


مع بدء عملية الملء الثاني لسد النهضة، ينتظر الكثير سواء على المستوى المحلي أو الدولي، تحركات مصر لإنهاء الأزمة وحماية حقوقها من المياه والتي من بينها التدخل العسكري وإعلان الحرب على إثيوبيا، ولا سيما مع ظهور سوء نية الجانب الإثيوبي اتجاه مصر.


ومنذ عام 2011، تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا للوصول إلى اتّفاق حول ملء وتشغيل سدّ النهضة المعد ليكون أكبر مصدر لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا بقدرة تصل إلى 6500 ميجاوات.


وكان وزير الخارجية سامح شكري، قد أكد أنّ السدّ يشكّل «تهديدًا وجوديًّا» بالنسبة إلى مصر، مطالبًا بـ«اتفاق مُلزِم قانونًا» بالنسبة إلى إثيوبيا في ما يتعلّق بالسدّ.


وقال الوزير إنّ «المسار التفاوضي الذي يقوده الاتّحاد الإفريقي قد وصل لطريق مسدود».


وأضاف: «تُطالب مصر مجلس الأمن بتبنّي مشروع القرار الخاصّ بمسألة سدّ النهضة الإثيوبي والتي تمّ تعميمه من قِبل جمهورية تونس الشقيقة»، مطالبًا، بتسوية النزاع في غضون ستّة أشهر، وبأن توقِف إثيوبيا ملء خزّان السدّ، وبأن يُدرج المجلس على جدول أعماله هذا الملفّ المتأخّر منذ العام 2011.


وحذّر شكري من أنّه «إذا تضرّرت حقوق مصر المائيّة أو تعرّض بقاؤها للخطر ... فلا يوجد أمام مصر بديل إلّا أن تحمي وتصون حقّها الأصيل في الحياة وفق ما تضمنه لها القوانين».


وفي 5 يوليو الماضي، أعلن وزير الري محمد عبد العاطي، أنه تلقى خطابًا رسميًا من نظيره الإثيوبي يفيد ببدء إثيوبيا في عملية الملء الثانى لسد النهضة.


بدوره، وجه وزير الموارد المائية والري خطابا رسميا إلى الوزير الإثيوبي أخطره فيه «برفض مصر القاطع لهذا الإجراء الأحادي الذي يعد خرقًا صريحًا وخطيرًا لاتفاق إعلان المبادئ».


كما اعتبر أن هذه الخطوة تعد انتهاكًا للقوانين والأعراف الدولية التي تحكم المشروعات المقامة على الأحواض المشتركة للأنهار الدولية بما فيها نهر النيل الذي تنظم استغلال موارده اتفاقيات ومواثيق تلزم إثيوبيا باحترام حقوق مصر ومصالحها المائية وتمنع الإضرار بها.


ومن ناحيته أوضح وزير الخارجية سامح شكري، أن «تصرفات إثيوبيا الأحادية المستمرة تفضح تجاهلها وازدراءها للقوانين الدولية وتكشف أهدافها السياسية الحقيقة الرامية إلى أسر نهر النيل والتحكم فيه».


وأكد أن مصر «لا تزال على دعمها لاستقرار إثيوبيا ورفاهية شعبها، إلا أن أي اتفاق قد نصل إليه حول سد النهضة ينبغي أن يكون منصفا وملزما قانونا».


وأشار شكري إلى أن السبب الوحيد للفشل في المفاوضات حتى الآن هو التعنت الإثيوبي، متابعًا: «بالرغم مما تبديه إثيوبيا من سوء النية، فقد استمرت مصر في التفاوض استنادا على حسن النية».


ومع ظهور سوء النية التي يتبناها الجانب الإثيوبي، بدء الحل العسكري والحرب المسيطر على الوضع الحالي وخاصة مع وصول المفاوضات مع أديس أبابا إلى طريق مسدود، ولكن في حالة اللجوء إلى الحل العسكري سيتأثر الاقتصاد المصري بالسلب.


ومن جانبها، تواصلت «النبأ» مع خبراء اقتصاد، لمعرفة السيناريوهات المتوقعة في حالة التدخل العسكري المصري في أزمة سد النهضة، حيث قال الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد بمدينة العلوم والثقابة، إنه في البداية سيحدث انخفاض في القيمة السوقية بالنسبة للأسهم في البورصة.


وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن هذا بالإضافة إلى اتجاه جزء من موارد الدولة لتمويل الحرب مع إثيوبيا، هو الأمر الذي سؤثر بالسلب على أوجه انفاق الدولة ولا سيما مع أزمة كورونا.


وأشار «الإدريسي»، إلى أن الأمر سيؤثر بالسلب أيضًا على الاستثمارات في القطاع الخاص ولكن الضرر الأكبر سيكون في انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر وغير مباشر.


أما بالنسبة للاستيراد والتصدير، فأكد أستاذ الاقتصاد، أنه لن يتأثر وخاصة الحرب ليست على أرض مصرية بالإضافة إلى أنها تعد اتفاقيات تجارية وتدخل في إطار العلاقات الدولية.


وأوضح أن السياحة، ستتأثر بالحرب مع إثيوبيا ولكن بنسبة طفيفة، قائلًا: «تراجع السياحة وانقطاع العلاقات التجارية يكون لها سبب قوي وداخلي مثل عدم وجود استقرار أمني وإرهاب، أو انتشار وباء، أو أزمة مالية عالمية».


بدوره، قال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن مصر تشهد نهضة في جميع المجالات من صحة وتعليم وثقافة وكباري وإنترنت، ودخولها في حرب مع الجانب الإثيوبي، يدمر الاقتصاد وما وصلت إليه مصر من تنمية ونمو.


وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الحل العسكري يؤدي إلى سقوط البورصة وتراجع معدلات السياحة، ومعدلات النمو على مستوي جميع المجالات، بالإضافة إلى تزايد أعباء سداد القروض.


وأشار «فهمي»، إلى أن مركز مصر الاقتصادي سيهتز عالميًا، بجانب عدم وجود استقرار في أسعار صرف الجنيه أمام العملات الأخرى، قائلًا: «لا يجب اللجوء إلى الحل العسكري ووجود بديل».


وأوضح أستاذ الاقتصاد، أن اللجوء إلى الحل العسكري، سيفتح الباب لتدخل كثير من الدول في الشئون المصرية، متابعًا: «القادة السياسية في مصر يجب أن تكون لها رؤية أخرى سلمية اتجاه أزمة سد النهضة للحفاظ على أمن واستقرار مصر».