رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الرقمنة لمحاربة الفساد

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين


بلطجة بعض المتهمين والمدانين الذين يرفضون تنفيذ الأحكام القانونية، سوف تنتهى، والفضل فى ذلك يعود إلى التحول الرقمى.
هذا الخبر السار والمفرح جدا، سمعته، من المهندس هانى محمود مستشار رئيس الوزراء للإصلاح الإدارى خلال حواره مع الإعلامى الكبير عمرو عبدالحميد على قناة «تن» الفضائية قبل نحو أسبوعين.
نعلم جميعا كيف كانت تسير الأمور قبل هذا التحول الرقمى الأخير. يصدر حكم قضائى لصالح أحد المواطنين ضد مواطن آخر. يذهب المحضر إلى المحكوم عليه لتنفيذ الحكم، فيجده قد غير عنوانه، سواء بصورة فعلية أو بالتزوير فى الأوراق، أو قد يتمكن من إغواء المحضر، ويعرض عليه رشوة مقابل عدم تنفيذ الحكم.
كل الحيل والألاعيب والوسائل فى هذا المجال سوف تتوقف فورا مع تنفيذ التحول الرقمى.
وزارة الاتصالات وجهات أخرى كثيرة، تمكنت من حل هذه المشكلة، على أرض الواقع بصورة نهائية.
لن يكون هناك تدخل بشرى فى تنفيذ الأحكام بل الذى سيتولى الأمر هو قاعدة بيانات وزارة العدل. بمجرد صدور الحكم على شخص معين، ستقوم قاعدة البيانات بالوزارة بإخطار كل الجهات الحكومية التى تقدم خدمات جماهيرية، بمنع خدماتها عن هذا الشخص ومرفق مع اسمه رقمه القومى.
على سبيل المثال، لو صدر ضد شخص ما حكم، وقرر الذهاب إلى تجديد رخصة سيارته أو رخصته الخاصة أو ذاهب لتجديد بطاقة رقمه القومى أو استخراج أوراق رسمية من وزارة الداخلية، أو العدل أو أى وزارة أخرى سيجد رسالة واضحة لا لبس فيها، بأنه لا يستطيع أن يستخرج هذه الأوراق، أو يجدد هذه الشهادات أو التراخيص، إلا بعد تنفيذ الحكم، وتغيير هذه الحالة السلبية على قاعدة البيانات.
المهندس هانى محمود حكى لعمرو عبدالحميد قصة صديقه رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات، الذى ذهب لتجديد رخصة سلاحه، وفوجئ بأن هناك قضية ضده، لم يكن يعرفها لكنه تأكد لاحقا أنها قضية حقيقية وقديمة، وبعد أن أنهاها استخرج الرخصة الجديدة المطلوبة.
التطور الأبرز الذى حدث فى السنوات الأخيرة، هو إنجاز قاعدة البيانات القومية ولكى تكون شاملة ومنجزة، فلابد أن تتضمن قاعدة بيانات كل المؤسسات والوزارات والهيئات رقميا على هذه القاعدة القومية.
أتمنى أن تتمكن الحكومة من إقناع أو إجبار بقية المؤسسات بوضع بياناتها على هذه الشبكة، ولم تعد هناك حجة بعد افتتاح مركز المعلومات المؤمنة قبل أسابيع.
اكتمال هذه المنظومة سيحل عشرات المشكلات التى لم نكن نعتقد أنها ستحل، مثل تنفيذ الأحكام التى مضى على صدور بعضها عشرات السنوات.
فوائد هذه القاعدة الرقمية كثيرة، لكن بطبيعة الحال الفساد لن ينتهى تماما، لأنه طبيعة بشرية، لكن على الأقل سنضمن أن تكون نسبته مثلما هى موجودة فى بلدان العالم المتقدم.
حينما تكون المعاملات رقمية، لن يكون المواطن الغلبان مضطرا إلى «كرمشة» عشرين أو مائة جنيه، للموظف من أجل إنجاز معاملته.
والأهم حينما تكون كل البيانات متاحة، فسوف يدفع الجميع الضرائب الحقيقية على دخلهم، وستعرف الدولة حجم النشاط الاقتصادى للجميع بالفعل، وليس بالصورة المعروفة فى مصر! وسوف يتراجع حجم الاقتصاد غير الرسمى، مع التوسع فى الشمول المالى. وحينما يضع كل إنسان عدد شققه وفيلاته وقصوره فى قاعدة بيانات الضرائب العقارية، فسوف يدفع ليس فقط الضرائب العقارية، وستمكن الدولة مثلا من توجيه الدعم بصورة صحيحة لمن يستحقه، بل إن البعض الذى كان يأخذ مساعدات خيرية من العديد من الجمعيات فى وقت واحد، لن يستطيع أن يفعل ذلك، لأن قاعدة البيانات المشتركة بين الجمعيات ستفضح أمره، وبالتالى توزيع المزيد من المساعدات على عدد أكبر من المحتاجين.
الرقمنة ستقود إلى تقليل الفساد، وإلى مزيد من الإصلاح الإدارى، وبالتالى تحسين جودة الحياة، فشكرا لكل من ساهم فيها.

نقلا عن "الشروق"