رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

كواليس تهديد 40% من موظفى الدولة بالفصل بسبب تناول المخدرات

البرلمان
البرلمان


حسم مجلس النواب، مشروع القانون المقدم من الحكومة، بشأن بعض شروط شغل الوظائف أو الاستمرار فيها، والذى يقضى بإنهاء خدمة الموظف متعاطي المخدرات حال أثبتت نتيجة التحليل النهائية إيجابية عينته.

وأشارت المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون، إلى أنه نظرا لوقوع العديد من الحوادث التي أدت إلى خسائر في الأرواح والأموال نتيجة استمرار بعض العاملين في شغل وظائفهم علي الرغم من ثبوت تعاطيهم المواد المخدرة لعدم وجود نصوص صريحة توقفهم عن العمل في حالة ظهور عينة استدلالية بتعاطي العامل للمخدرات، أو تنهى خدمته بعد تأكد ثبوت إيجابية العينة، فقد ظهرت الحاجة إلى سن تشريع جديد يقضي على هذا الفراغ ويحمي المرافق العامة من استمرار العناصر التي تؤثر على سيره وتعرض حياة المواطنين للخطر الداهم.

ويأتي مشروع القانون في ثماني مواد، حددت المادة الأولى منه المقصود بالكلمات والعبارات الواردة به، موضحة أن التحليل الاستدلالى هو: اختبار العينة المقدمة للكشف عن طريق الكشف الاستدلالى السريع للمخدرات والذى تقوم به إحدى الجهات المختصة التي تحددها اللائحة التنفيذية، وعرفت التحليل التأكيدي، بأنه: اختبار ثان عن طريق إحدى الجهات المختصة التي تحددها اللائحة التنفيذية لنفس العينة السابق تحليلها استدلاليا.

ويشترط مشروع القانون، للتعيين أو للتعاقد أو الاستمرار فى الوظائف العامة والترقية إلى الوظائف الأعلى، ثبوت عدم تعاطى المخدرات، حيث تنص المادة الثانية على أنه يشترط للتعيين أو للتعاقد أو للاستعانة أو للاستمرار فى الوظائف العامة بوحدات الجهاز الإدارى للدولة من وزارات ووحدات إدارة محلية ومصالح عامة وأجهزة لها موازنات خاصة وهيئات عامة خدمية أو اقتصادية، بالإضافة إلى الشروط التى تتطلبها القوانين واللوائح، ثبوت عدم تعاطى المخدرات من خلال التحليل الذى تجريه الجهات المختصة.

ويسرى حكم الفقرة السابقة على شركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام والشركات القائمة على إدارة المرافق العامة، ودور الرعاية وأماكن الإيواء والملاجئ ودور الإيداع والتأهيل ودور الحضانة والمدارس والمستشفيات الخاصة.

ويتعين إجراء التحليل المثبت لعدم تعاطى المخدرات قبل الالتحاق بالعمل بأى من الجهات المشار إليها بالفقرتين السابقتين، وعند الترقية إلى الوظائف الأعلى أو تجديد التعاقد أو الاستعانة، أو شغل الوظائف القيادية أو الإشرافية، أو تجديد التعيين عليها.

كما يتعين إجراء التحليل المشار إليه بصورة مفاجئة، من خلال الجهات المختصة على جميع طوائف العاملين بالجهات المشار إليها بالفقرتين الأولى والثانية من هذه المادة، وذلك كله طبقا للضوابط التى تحددها اللائحة التنفيذية.

وتنص المادة الثالثة من مشروع القانون، بعد إدخال تعديلات عليها من اللجنة، على أن يتعين على العاملين بجميع الجهات المشار إليها بالمادة الثانية من هذا القانون حال إجراء التحليل الفجائي الإفصاح قبل إجراء التحليل عن جميع العقاقير التي يتعاطونها سواء المؤثرة على نتيجة التحليل أو غير المؤثرة على هذه النتيجة.

وزارة الصحة
وكانت ممثل وزارة الصحة، الدكتورة منى عبد المقصود، أمين عام الصحة النفسية وعلاج الإدمان، أشارت إلى ضرورة النظر للشخص المدمن على أنه مريض وليس مجرم، وذلك وفقًا لما تقضي به المادة 37 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استخدامها والاتجار فيها، ويجب أن يأخذ حقه في العلاج بدلًا من أن نفقده وظيفته فيتحول إلى مجرم يسعى لتوفير المال بطرق غير شرعية لشراء المخدرات.

على الجانب الآخر فقد كشف تقرير صادر عن وزارة الصحة عن مفاجأة كبيرة بشأن نتائج تحليل المخدرات لموظفي الحكومة، خلال الفترات الماضية، موضحة أنّ نحو 40% من موظفي الجهاز الإداري للدولة، دائما ما تخرج نتائج تحاليل عينة المخدرات التي تجرى لهم إيجابية.

وأوضح التقرير أنّ اللجان التي جرى تشكيلها لأخذ عينات من موظفي الجهاز الإداري للدولة في أغلب الوزارات والأجهزة والهيئات، فحصت الأسباب وراء إيجابية العينات فوجدت أنّ هناك أكثر من مليوني موظف حكومي، وظهرت العينة إيجابية لديهم بشكل مؤقت أو لمرة واحدة لأسباب متنوعة منها تناول أدوية وأعشاب تؤدي لهذه النتيجة، إضافة إلى أنّ البعض قد يتناول كحوليات بشكل عارض، ولذلك تظهر العينة إيجابية في المرة الأولى، لكنها في المرات المتعاقبة تظهر سلبية.

تقرير وزارة الصحة كان سببا في اعتراض عدد من نواب البرلمان على الفصل النهائي للموظف بسبب المخدرات، والاكتفاء بتدرج العقوبات، مستشهدين بتقارير طبية تفيد، بتسبب عدد من العقاقير الطبية في ظهور العنية إيجابية، رغم تناولها كأدوية علاجية، ومن بينها: "مسكنات، أمفيتامينات، منومات، ومضادات للقلق، ومضادات للاكتئاب، ومنشطات جنسية، وأدوية للبرد والحساسية، ومضادات الذهان، وبعض المضادات الحيوية".

كما يوجد عدد من العقاقير الطبية التي تظهر نتيجتها إيجابية في تحاليل المخدرات منها "ويلبيترين، وهو مضاد للاكتئاب، وكارديزيم"، وهو من أدوية الضغط، ويقلل من ضربات القلب، "diphenhydramine وAdvil"، وهو من مضادات الحساسية ويساعد على النوم، "إيبوبروفين"، وهو من الأدوية المشهورة كمضاد للالتهاب ومسكن للآلام، وجلوكوفاج وهو من أدوية السكر.

وكذلك عقار فلوكستين وهو دواء مضادات الاكتئاب، وريتالين ويستخدم في علاج اضطراب نقص الانتباه، سيرترالين، من مضادات الاكتئاب، وسيركويل، ويستخدم في علاج الاكتئاب والفصام، دوكسلامين ويساعد على النوم، و"Aripiprazole" يستخدم كمضاد للذهان، رانتدين، وانافرانيل من مضادات الاكتئاب.

تحاليل مزيفة
من جانبه كشف الدكتور نبيل عبد المقصود عضو صندوق مكافحة الإدمان، عن لجوء موظفين إلى تناول مبطلات تعمل على تزييف الحقيقة فتجعل نتيجة التحليل سلبية للمخدرات وهو ما يعني أن هذا الموظف لا يتعاطى مخدرا، مشيرا إلى أن بعض الموظفين يستخدمون الخل واللبن وحبوب منع الحمل لإبطال نتيجة تحليل المخدرات.

وأكد عبد المقصود أن عملية خداع القائمين على إجراء التحليل في القانون الجديد صعبة وأصبحت تحت السيطرة لعدة عوامل أهمها أن التحليل يعتمد على عنصر المفاجأة واللجنة القائمة على إجراء التحليل للموظفين ستتوجه بشكل مفاجئ إلى المؤسسة دون إخطارها بذلك، وثانيًا فإن المبطلات التي يلجأ المتعاطون إلى تناولها كالخل واللبن وحبوب منع الحمل وغيرها، تحتاج إلى مرور 6 ساعات على تناولها حتى تؤتي بالنتيجة المرغوبة منها.

وثالثًا فإن الأجهزة المستخدمة في إجراء التحليل متطورة وقادرة علي كشف المبطلات حيث تظهر علامات تشويش على النتيجة فيعلم المسئول عن إجراء التحليل أن هناك تحايلا من الموظف على نتيجة التحليل، كما أن العينات التي تأخذها اللجنة من الموظفين تقوم بإرسالها إلى الطب الشرعي أو المعامل المركزية التابعة لوزارة الصحة دون كتابة اسم صاحبها عليها هي فقط تضع باركود على كل عينة وهو ما يفسد محاولات تزييف نتيجة التحليل باستخدام الرشوة قائلًا: "محدش عارف العينة دي مين صاحبها".

وذكر عضو صندوق مكافحة الإدمان أن تحليل الشعر مهم جدا في الكشف عن المخدرات إذ تظل المخدرات في الشعر لمدة نحو 90 يومًا بينما قد تزول آثارها من دم الانسان أو البول بعد عدة أيام، لكن المشكلة أن كلفة هذه التحاليل مرتفعة جدا.

فروق جوهرية
بدوره قال محمد إبراهيم بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، إن هناك فارقا كبيرا بين تعاطي المخدرات والإدمان، حيث نص القانون صراحة على الإدمان وليس التعاطي، لذلك لجأت السلطة المختصة لقرار ليس منصوصا عليه في القانون بمنح الموظف الذي تثبت إيجابية العينة المأخوذة منه 6 أشهر للتأكد من إدمانه، وأخذ العينة منه أكثر من مرة للحفاظ على الموظف وسمعته، فإذا ثبت تكرار إيجابية العينة 3 مرات خلال هذه المدة فيتم فصله من العمل تماما.

وأشار إلى أن القانون لم ينص على التعاطي لأنه أمر عارض أما الإدمان، فهو يعني عدم استطاعة الموظف الحياة دون استمرار تعاطي المخدرات، موضحا أنّ السلطة المختصة الوزير أو المحافظ، أو رئيس الهيئة التابع لها الموظف، في الغالب الأعم، حرصت على مراعاة الظروف الاجتماعية لموظفي الجهاز الإداري للدولة، واستقرار حياتهم الأسرية، لذلك دائما ما يتم اللجوء لتطبيق روح القانون، وليس نصه، لأن كثيرا من الموظفين الذين أُجريت عليهم التحاليل ثبت تعاطيهم مع المرة الأولى، وفي المرات اللاحقة كانت العينات سلبية، بما يعني أن تعاطيهم كان عارضا وليس إدمانا.