رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

حلول محمدية تقدم علاجا سحريا لمشكلات العنوسة والطلاق فى مصر

الأزهر الشريف
الأزهر الشريف


أعطى الأزهر الشريف اهتماما بالغا لحل الخلافات الزوجية الناجمة عن الزواج والطلاق، وذلك بإنشاء وحدة "لم الشمل"، والتي بدأت عملها في 16 من أبريل عام 2018. وجاءت فكرة تأسيس "وحدة لَم الشَّمْل"؛ بعد أن رصد مركز الأزهر العالمي للفتوى عددًا كبيرًا من الأسئلة الواردة إليه، تتعلق بالأحوال الشخصية والنزاعات الأسرية؛ استشعارًا منه لخطورة هذه النزاعات على استقرار المجتمع وأمنه وسلامته.

وتلقت الوحدة خلال هذه الأعوام الثلاثة وحتى الآن 50،000 حالة نزاع أسري، تدخلت في 30،000 منها، ونجحت في لم شمل 27،000 حالة حتى 16 أبريل 2021، ومن هذه الحالات، ما كان منظورًا أمام منصات القضاء في درجات التقاضي المختلفة، ومنها ما مَرَّ على انفصال الزوجين شهور أو أعوام.

ورغم فشل أجهزة الدولة المعنية بحل تلك الأزمات الاجتماعية، والخلافات المتفجرة بشأن تعديلات قانون الأحوال الشخصية فإن الشريعة النوبية وضعت حلولا عملية لمواجهة تلك الظواهر داخل الأسرة المصرية.

وأكد الدكتور محمد بيومى أستاذ الفقة المقارن بجامعة الأزهر، أن سبب ارتفاع العنوسة والطلاق بمصر البعد عن تطبيق السيرة النوبية في تلك الأزمات، حيث حث الإسلام على تخفيف المهور وتسهيلها، والبعد عن المغالاة فيها؛ فقد حث الإسلام على ذلك. قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «ألا لا تغالوا صدقة النساء؛ فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله، لكان أولاكم بها نبي الله، ما علمت رسول الله نكح شيئًا من نسائه، ولا أنكح شيئًا من بناته على أكثر من ثنتي عشرة أوقية.

كما حث الإسلام على تزويج الشباب الأكفياء، وحذر من ردِّهم؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض».

وحذرَّ مِن عضل الفتاة، وتأخير زواجها بالرجل الكفؤ؛ فعن علي أن النبي قال له: (ثلاث لا تؤخر: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفؤًا).

وأضاف أستاذ الفقة المقارن جامعة الأزهر،من الحول الآخر لأزمة تأخر الزواج والعنوسة أن يبادر الشباب إلى الزواج: فقد حث الإسلام كل شباب قادر على مؤنة النكاح (المهر والنفقة) على المبادرة إلى ذلك، فقال - تعالى -: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِـحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإمَائِكُمْ إن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} وقال ابن عباس: «أمر الله - سبحانه - بالنكاح، ورغَّبهم فيه، وأمرهم أن يزوِّجوا أحرارهم وعبيدهم، ووعدهم في ذلك الغنى» وأوصى النبي بذلك؛ فعن عبد الله بن مسعود قال: قال لنا رسول الله: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فَلْيتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج..

كما تكفل الله - تبارك وتعالى - بإعانة الشباب العازمين على الزواج؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: «ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف، كاشفا عن مفاجأة لحل أزمة العنوسة بأن يبادر الرجال المتزوجون إلى التعدد: فقد أباح لهم الإسلام ذلك بضوابطه وشروطه، فقال تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ}.

فالقرآن أباح تعدُّد الزوجات لمصلحة المرأة في عدم حرمانها من الزواج، ولمصلحة الرجل بعدم تعطل منافعه في حال قيام العذر بالمرأة الواحدة، ولمصلحة الأمة ليكثر عددُها فيمكنها مقاومة عدوها لتكون كلمة الله هي العليا.

أزمة العنوسة
من الحلول أيضا لإنهاء العنوسة، بأن لا تجعل الفتيات الدراسة عائقًا لهن عن الزواج: فإن الزواج بالنسبة للفتاة أهم من الدراسة؛ لأن قطار الزواج يفوت بخلاف الدراسة فمجالها واسع، كذلك العمل على حل أزمة المساكن، وضيق فرص العمل، وذلك من خلال إيجاد فرص العمل المباحة، وتنمية مهارات وقدرات الشباب، وهذا واجب من واجبات الدول والحكومات، وينبغي للمؤسسات والجمعيات الخيرية أن تساهم في ذلك، وأن تقيم المشاريع الخيرية التي تسهم في زواج الشباب، وتخفف من معاناة الشباب.

علاج الإسلام للطلاق
أما عن كيف عالج الإسلام أزمة أرتفاع حالات الطلاق في مصر، يقول الشيخ سليم عبد العزيز عضو لجنة الفتوى بالأزهر، إن
الإسلام حين شرع الزواج وضع الضوابط التي تمنع وقوع الطلاق وتجعل سعيدًا قائمًا على المودة والرحمة وحسن العشرة كما قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}.. فحث على حسن اختيار كل من الزوجين لصاحبه، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك».. وفي صحيح مسلم يقول المعصوم صلى الله عليه وسلم: «الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة»، وقال صلى الله عليه وسلم: «إن جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير».

كما شرع الإسلام الخطبة كمقدمة للزواج يرى الرجل فيها شريكة حياته وترى المرأة شريك حياتها قبل العقد. فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال خطبت امرأة فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «هل نظرت إليها؟» قلت: لا. قال: «انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما»، وكذلك المرأة من حقها أن تنظر إلى من يتقدم لزواجها، وقد حدث زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كما حكت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنه أنه جاءت فتاة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله: إن أبي زوجني ابن أخيه يرفع بي خسيسته، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الأمر إليها قالت: فإني أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن تعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء، مشيرا إلى أن هناك خطوات يجب أن يتبعه الزوج والزوجة قبل إيقاع الطلاق.

يقول تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} وقال تعالى: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}، وقال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا}.

فهنا ثلاثة خطوات قبل الطلاق وهي: الهجر ثم الموعظة ثم الضرب ثم الطلاق، ولكل خطوة أحكامهما الفقهية وليس هذا مقام التفصيل فيها، ولكن الذي أريده قوله هنا أنّ كثيرًا من الأزواج تجده يجعل الطلاق هو أول الحلول مع أنّ الإسلام جعله آخر الحلول!.. فمن أراد المحافظة على أسرته فليعجل الطلاق آخر حل يلجأ إليه وإياك إيها الزوج والتسرع فيه.