رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

مصير طلاب الثانوية العامة على «كف عفريت» بسبب الامتحانات الإلكترونية

طلاب الثانوية العامة
طلاب الثانوية العامة


تحولت الاختبارات الإلكترونية، التي تصر وزارة التربية والتعليم، على إجراء امتحانات الثانوية العامة بواسطتها، إلى بعبع مرعب، يهدد مستقبل الطلاب، ويضعه على كف عفريت العيوب الفنية، وثغرات البنية التحتية غير المحكمة، والتي تحتاج إلى تجهيزات من المستحيل ـ وفق آراء المختصين ـ إنجازها خلال المدة المتبقية قبل موعد الامتحانات.

مشكلات بالجملة عانى منها طلاب الشهادة الثانوية، خلال الامتحانات التجريبية التي عقدت خلال الأيام الماضية، تشبه تلك التي وقعت لطلاب الصفين الأول والثاني الثانوي، وهو ما أثار تساؤلات حول ما يمكن أن يتعرض له مستقبل الطلاب من تدمير، في هذه المرحلة الحساسة من مسيرتهم التعليمية، وهل ستكون الوزارة قادرة على تحمل رد الفعل، وإعطاء كل ذي حق حقه؟!

امتحان تهريجي


امتحان تهريجي، وليس تجريبي، هذا الوصف أطلقه أولياء أمور بعض الطلاب، بعد أن علموا بحجم المشكلات الفنية، التي تعرض لها أبناؤهم، أثناء محاولتهم إجابة أسئلة هذا الامتحان، وعلى رأسها مشكلة سقوط السيستم، بشكل مفاجئ، دون أن يتمكن البعض من الدخول إليه مرة أخرى.


وأعربت واحدة من أولياء أمور الطلاب تدعى رانيا صبري، عن غضبها الشديد إزاء فشل الوزارة بالوفاء بوعودها من نوعية أن السيستم وشبكات شهادة الثانوية العامة سليمة، وآمنة، وتختلف في تقنياتها عما سبقها، وقالت: "هو فين الكلام دا كله؟".

ووصفت ولية الأمر في حديثها لـ"النبأ"، ما يحدث بأنه مهزلة تعرض مستقبل الطلاب للخطر، ويمكن أن تضيع الدفعة كاملة، محذرة من أن الخطأ ولو كان بسيطا يمكن أن يهدم حياة أسر بأكملها.


هنروح في داهية


"ماعرفتش افتح السيستم رغم أني باستخدم سيرفرات المدرسة"، كانت تلك شكوى أحد الطلاب، معربًا عن خوفه الشديد من أن تستمر تلك المشكلات خلال الامتحانات الحقيقية، المُقرر عقدها في يونيو المُقبل.

"هنروح في داهية" خرج هذا التعبير من لسان طالب آخر ليعبر عن حاله جراء عدم التمكن من الوصول إلى منصة الامتحانات، عبر شريحة التابلت، قائلا: "أنا كنت باستخدم شريحة التابلت وفشلت في الدخول على السيستم، وفيه ناس ماعرفتش توصل للسيستم، وهي على سيرفرات المدرسة، الكلام دا لو حصل واحنا بنمتحن هنعمل إيه؟!".


وشكا مجموعة كبيرة من الطلاب، من عدم استلام كلمة المرور واسم المستخدم، عبر تطبيق «تنويهات» الذي خصصته الوزارة من أجل هذا الغرض، كما لم يتمكن الطلاب من فتح التطبيق من الأساس.


تصريحات شوقي

من جهته خرج وزير التربية والتعليم، ليرد على شكاوى أولياء الأمور، معتبرا أن ما يحدث مجرد مشكلات فردية، وقال: "هذا الكلام غير صحيح، لأن هناك أكثر من ٢٢٠٠ مدرسة تعمل بكفاءة تامة على السيرفرات، ونحن نختبر بعض التقنيات في الشبكات، عبر عدد محدود من المدارس وهي الأخرى تعمل الآن بكفاءة، كما هو واضح من غرفة العمليات".
وأضاف: "لا داعى لنشر مشكلات فردية واستنتاج شيء جماعي، دون أي منطق أو معلومات، لأن الهدف هو رصد المشكلة للوزارة على قنوات رسمية، وليس على السوشيال ميديا وواتساب".

وقبل انطلاق الامتحانات التجريبة، صرح وزير التعليم بأنه سيتم رصد المشكلات الخاصة بالسيرفرات والشبكات، واصفًا حدوثها في هذه المرحلة بالطبيعي، وأنه من خلال الامتحانات التجريبية، ستعمل الوزارة على تبديل السيرفرات والشبكات.

وبحسب «شوقي»، لا يمثل تغيير السيرفرات مشكلة، وعلى الطالب إخطار مهندس التطوير بمشكلته، لأن هذا هو جوهر البروفة كلها في هذه المجموعة الأولى من الاختبارات التجريبية.

لم يكتف وزير التعليم بتلك التصريحات، بل تطرق إلى جوانب تقنية بحتة، مؤكدًا أنه سيتم قياس تحديث شبكة الـ4G، وقياس كفاءة الوصول للسحابة الإلكترونية، وتحديث منظومة التابلت، بعد إجراء الامتحانات التجريبية، الأمر الذي أثار تساؤلات عدة، منها: هل ما يردده الوزير من تصريحات يمكن تحقيقه على أرض الواقع خلال المدة الباقية قبل إجراء الامتحانات؟!

تطوير مستحيل

رئيس الجمعية العلمية لمهندسي الاتصالات، المهندس طلعت عمر، علق على تصريحات الوزير، بالقول: "إن ما يشير إليه الدكتور طارق شوقي، من تطوير يستحيل إنجازه خلال المدة المتبقية على موعد الامتحانات".

وأضاف: "تدشين بنية تحتية على مستوى مصر، يحتاج إلى وقت كبير جدًا، نظرا لاتساع المساحة الجغرافية التي تحتاج لمد البنية التحتية خلالها داخل القرى والنجوع وغيرها".

وأوضح أن ما يحدث في سيستم الامتحانات، عبارة عن مشكلات مركبة، تتمثل في تهنيج أو سقوط السيستم، وانهيار الاتصال بين الطالب والمحتوى فجأة، وهذا يرجع إلى أن البنية التحتية المخصصة لإنجاح المنظومة، تعاني من قصور شديد، على حد وصفه.


ويرى طلعت، أن تصريحات الوزير في هذا الشأن، تكشف عن مغالطات كثيرة في التقارير المقدمة بشأن كفاءة البنية التحتية للشبكة، التي يتم تحميل جميع البيانات عليها، مُشيرًا إلى أنه رغم التنبيه على تلك المشكلات منذ زمن، فإن هناك إصرارا على تجاهلها.


وكشفت الامتحانات التجريبية أن شبكة البنية التحتية غير قادرة على تحمل الخدمة التعليمية، بين الطالب والمحتوى الذي تقدمه الوزارة، أيًا كان ذلك المحتوى، سواء كان امتحانات أو مناهج دراسية، لا سيما أن نسبة الطلاب المقدمة لهم الخدمة، يتوزعون جغرافيًا على مناطق متسعة في جميع أنحاء الجمهورية، بحسب المهندس عمر المهندس عمر طلعت.


تقصير إداري

ويوضح طلعت أن مشكلة عدم وصول كلمات المرور، واسم المستخدم، للطلاب، لا تُعد مشكلة تقنية في المقام الأول، بل ناتجة من تقصير إداري وإهمال من القائمين على المنظومة، مُضيفًا أن إصرار الوزير على أن ما يحدث مشكلات فردية، يعد نوعا من أنواع تضليل الرأي العام.


الحل في الورقي

ويرى وائل كامل الأستاذ بكلية التربية الموسيقية في جامعة حلوان، أنه لا داعي للتسرع في عقد الامتحانات إلكترونيا، في ظل عدم توفير بنية تحتية قادرة أداء المهمة بصفر سلبيات، رغم تجربة تلك الامتحانات بشكل شهري، على مراحل النقل، من قبل تطبيقه على الشهادات.


وطالب كامل بإجراء الامتحانات ورقيًا، ما دامت هناك مشكلات تقنية في السيستم، مضيفا: "إذا كانت المشكلة في ظروف الوباء، فمن المعروف أن شهري يونيو ويوليو، يشهدان انحسارا له".


بيزنس خفي


"إصرار الوزارة على إجراء الامتحانات إلكترونيًا، يكشف عن بيزنس خفي بينها وبين شركات الاتصالات"، بهذه الكلمات بدأ ممثل المعلمين المستقلين، محب عبود، حديثه مع «النبأ»، مشيرا إلى أن إجراءها إلكترونيًا، سيؤدي إلى عدم تكافؤ الفرص بين الطلاب، ويظلم العديد من الطلاب، لا سيما أن العديد من المناطق في مصر تعاني من ضعف في شبكة الإنترنت، الأمر الذي سينتج عنه عدم تمكن عدد كبير من الطلاب من الدخول على السيستم وإجراء الامتحان، لاسيما وأن التجربة أثبتت ذلك بالفعل، بحسب محب عبود.





واختتم «عبود» حديثه مع «النبأ الوطني»، بأن المشكلات التي ظهرت خلال الامتحانات التجريبية تكشف مدى هشاشة وضعف الفكرة التي يتحدث عنها الوزير، واحتقاره للدستور الذي ينص على ضرورة مبدأ تكافؤ الفرص في العملية التعليمية، مُضيفًا أن الحل يكمن في عقد الامتحانات ورقيًا لحين حل مشكلات البنية التحتية.