رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

المصالح تتصالح .. تفاصيل تحطيم نظرية «العدو والصديق» في الشرق الأوسط

النبأ

إسرائيل تتحول من دولة محتلة ومنبوذة لدولة صديقة وحليفةّ!


نتنياهو: الدول العربية لم تعد تتعامل مع إسرائيل كـ«عدو» بل كـ«حليف»


محادثات بين العدوين اللدودين لتحقيق الاستقرار


أردوغان يتخلى عن مبادئه من أجل مصالح تركيا


إيران تتفاوض مع «الشيطان الأكبر»

 

عبد الله الأشعل: التغيرات التي تحدث في المنطقة تتم بضوء أخضر من أمريكا والتقارب بين مصر وتركيا لصالح البلدين


الشعوب العربية هي التي تحدد مستقبل إسرائيل والصراع بين إيران وأمريكا لن ينتهي


الشرق الأوسط مقبل على إعادة تحالفات ورسم خرائط سياسية جديدة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية

 

تشهد منطقة الشرق الأوسط تغييرا دراماتيكيا كبيرا حيث يتم تحطيم نظرية «العدو والصديق»، التي كانت تسود المنطقة لعقود، فكل الدول الأن أصبحت تبحث عن مصالحها، وتتخلى عن مبادئها، وتستخدم «البراغماتية» أو الواقعية السياسية، فالأعداء اللدودين تحولوا الأن إلى أصدقاء حميمين، وتحول عدو الأمس إلى حليف وصديق اليوم، المنطقة تدخل حقبة جديدة تحت عنوان «المصالح تتصالح»، أو «المصالح المشتركة» بسبب الأحداث الكبرى التي تشهدها، وكما يقول علماء السياسة « لا يوجد عداوة دائمة أو صداقة دائمة في السياسة ولكن هناك مصالح دائمة».

 

إسرائيل تتحول من دولة محتلة ومنبوذة لدولة صديقة وحليفة

 

حتى وقت قريب كان العرب والمسلمين يعتبرون إسرائيل هي العدو اللدود لهم، ويرفضون إقامة أي علاقات دبلوماسية أو اقتصادية أو عسكرية معها، أو حتى الاعتراف بها.

 

الأن انقلب الوضع وتبدلت المواقف، فالكثير من الدول العربية الأن اقام علاقات دبلوماسية واقتصادية وعسكرية كاملة مع إسرائيل، مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب.

 

ويعتقد الخبراء أن خلف هذه الاتفاقات تغيرات جيوسياسية متأثرة بالدور الإيراني في المنطقة، حيث تنظر البحرين والإمارات إلى إيران على أنها تمثل تهديدا وتعتبر إسرائيل النظام الإيراني العدو اللدود لها.

 

وقال جوناثان رينولد، الأستاذ في قسم الدراسات السياسية بجامعة بار إيلان، إن "الإمارات والبحرين فقدتا الولايات المتحدة كراع أمني يعتمد عليه وتواجهان بيئة تهديد متزايد"، و"من وجهة نظرهما، يمكنهما الاعتماد على إسرائيل كدولة قوية، أظهرت أنها تعتزم استخدام القوة ولا تمثل تهديدا لهما".

 

وقال إيهود إريان، وهو باحث زائر في قسم العلوم السياسية بجامعة ستانفورد، إن "إسرائيل ستحظى الآن بحلفاء في مكان قريب من إيران يمكن استخدامهم في تجميع المعلومات الاستخباراتية".

 

وأوضح أنه "بالنسبة لإسرائيل، هذه الاتفاقيات تحقق هدفا استراتيجيا وهو الاعتراف بها من العام العربي"، و"يمكن تسليط الضوء على أن هذا تحقق دون الفلسطينيين ".

 

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن الدول العربية لم تعد تتعامل مع إسرائيل وكأنها عدو، بل كـ"حليف ضروري في مكافحة التنظيمات المتطرفة وإيران".

 

وأضاف نتنياهو :" لم يعد التعامل مع إسرائيل وكأنها عدو، بل يتم التعامل معها كحليف ضروري في مكافحة الإسلام المتطرف، الذي يقوده السنة المتطرفون، أي القاعدة وداعش، وأكثر فأكثر، الإسلام الشيعي المتطرف، بقيادة إيران وأتباعها".

 

محادثات بين العدوين اللدودين

 

بعد سنواتٍ من القطيعة الدبلوماسية بين السعودية وإيران، كشفت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، نقلا عن مسؤولين مطلعين إن مسؤولين سعوديين وإيرانيين كبار أجروا محادثات مباشرة في العاصمة العراقية بغداد في محاولة لإصلاح العلاقات بين الخصمين الإقليميين، وتضمنت مباحثات بشأن هجمات الحوثيين وكانت إيجابية.

 

ونقلت وكالة "فرانس برس"، عن مصدر حكومي عراقي، تأكيده أن "وفدا سعوديا برئاسة رئيس المخابرات خالد بن علي الحميدان، ووفدا إيرانيا برئاسة مسؤولين مفوضين من قبل الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، اجتمعا في بغداد مطلع أبريل الجاري".

 

كما نقلت الوكالة عن دبلوماسي غربي، قوله إنه "اطلع على المباحثات قبل حدوثها"، مؤكدا أنها "تستهدف تحسين العلاقات بين إيران والسعودية".

 

وفيما نفت الرياض ذلك عبر صحافتها الرسمية، لم تعلق طهران على الأمر، واكتفت بالتأكيد على أن الحوار مع المملكة العربية السعودية كان "دائما موضع ترحيب".

 

ونقلت وكالة رويترز عن مصادر "مطلعة" في الشرق الأوسط، أن السعودية وإيران تخططان لعقد المزيد من المباحثات المباشرة، دون تحديد موعد دقيق.

 

ووفقا للمصادر، فإن المحادثات ستهدف لتخفيف التوترات القائمة ما بين البلدين الخصمين، ما قد يساهم بتحقيق الاستقرار في المنطقة.

 

أردوغان يتخلى عن مبادئه من أجل مصالحه

 

وبعد سنوات من العداء السياسي بين مصر وتركيا، كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يرفض فيها مجرد الاعتراف بالنظام المصري الحالي، أكد وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، استمرار خطوات تطبيع العلاقات مع مصر وأن لقاء سيعقد على مستوى نواب وزيري الخارجية مطلع مايو المقبل.

 

وأوضح أوغلو أنه سيلتقي لاحقا نظيره المصري، سامح شكري، وسيبحث معه تعيين سفراء وسبل الارتقاء بالعلاقات إلى نقطة أفضل في المستقبل.

 

وأكد وزير الخارجية التركي أكد، في، أن بلاده ستبدأ مرحلة جديدة مع مصر، مشيرا إلى أن هناك مصالح مشتركة بين مصر وتركيا، وأن المصالح المشتركة بين القاهرة وأنقرة متعددة، مؤكدًا أن كلا الدولتين يتبادلان وجهات النظر السياسية فيما يتعلق بليبيا وإيقاف العناصر الإرهابية.

 

من جهتها، قالت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، أن أنقرة تشن حملة دبلوماسية منذ عدة أسابيع لإصلاح علاقاتها مع القاهرة، والتي تدهورت بشكل حاد منذ عام 2013.

 

ووفقاً للصحيفة الفرنسية، فإن تلك الجهود هذه تأتي في إطار سياق تسعى فيه أنقرة للخروج من عزلتها الدبلوماسية في شرق البحر المتوسط​​، بعد اكتشاف حقول كبيرة من الغاز الطبيعي في السنوات الأخيرة، وأنها تسعى من خلال المصالحة مع مصر إلى الانضمام لـ« منتدى غاز شرق المتوسط».

 

وعلى الصعيد الدولي، تعمل أنقرة على تهدئة علاقاتها مع جيرانها الآخرين في شرق البحر المتوسط، مثل اليونان وإسرائيل.

 

وفي هذا السياق يرى برهان كور أوغلو أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ابن خلدون، أن للجانبين التركي والمصري مصالح مشتركة في المنطقة، ويتوقع أن يصل التقارب إلى أعلى المستويات بين البلدين بغض النظر عن رأي تركيا بالنظام المصري وبعض العوائق السياسية.

 

وعن الملفات والمصالح المشتركة بين البلدين، يشير كور أوغلو إلى أن تركيا تأمل بالتواصل مع العالم العربي من خلال مصر التي هي أكبر دولة عربية، ولها تأثير قوي جدًّا على محيطها، كما أن أي إمكانيات للتعاون الاقتصادي سيفيد البلدين.

 

ويضيف  كور أوغلو: في حال حصل تحالف مصري-تركي فسيكون ذلك بمثابة رسالة قوية للاتحاد الأوروبي والدول المعنية، أن لهذين البلدين حقًا في استثمار الثروات في المنطقة.

 

ويختم أستاذ العلاقات الدولية أن تركيا قد تساهم حتّى في التنقيب عن الغاز مع مصر، وقد تكون ممرًا آمنًا ورخيصًا لتصدير الغاز المصري إلى أوروبا في المستقبل.

 

ونشر موقع “بلومبيرج” مقالا لتيموتي كالادس، قال فيه، أن شرق المتوسط يمثل مفتاحا للعلاقات بين البلدين، ومن الواضح أن التنازل قد يسهم في استفادة كل بلد من التنقيب عن الغاز فيه، كما أن لدى تركيا احتياطي من العملة الصعبة انخفض بشكل حاد، فيما أجبرت مصر في العام الماضي على العودة مجددا إلى صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة إنقاذ.

 

إيران تتفاوض مع «الشيطان الأكبر»

 

ما زالت إيران تصف الولايات المتحدة الأمريكية بالشيطان الأكبر وتتحدث عن تدمير دولة إسرائيل، ورغم ذلك تجلس الولايات المتحدة الأمريكية وإيران الأن على طاولة واحدة من أجل المصالح المشتركة.

 

يقول كتاب "حلف المصالح المشتركة.. التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة" والذى صدر باللغة الإنجليزية بعنوان "التحالف الغادر" إنه يتابع التحول فى العلاقات بين إسرائيل، وإيران، والولايات المتحدة فى العام 1948 وحتى يومنا الحاضر، بحيث يغطى لأول مرة تفاصيل التحالفات السرية، والمناورات السياسية الدنيئة التى زعزعت الاستقرار فى المنطقة وعرقلت مبادرات السياسة الخارجية الأميركية فيها.

 

ويعتقد "بارسى" أنّ العلاقة بين المثلث الإسرائيلى - الإيرانى – الأمريكى تقوم على المصالح والتنافس الإقليمى والجيو - استراتيجى وليس على الأيديولوجيا والخطابات والشعارات التعبوية الحماسية.. الخ.

 

وبناءً على ما تقدم، نجد أن إيران والولايات المتحدة تتقاسمان العديد من المصالح المشتركة في المنطقة، فمصالحهما الاقتصادية تقتضي السيطرة على ثروات العراق، وكلتاهما تؤيد تدفق النفط بدون إعاقة، وكلتاهما تعارض ـ بدرجات متفاوتة ـ تنامي قوة حركة طالبان بأفغانستان، وتجارة المخدرات الأفغانية، رغم تشابك المصلحة بين ثلاثة اطراف “أمريكا وايران و إسرائيل”، وتبقى الأخيرة حذرة من أن تطغى المصالح المشتركة بين إيران والولايات المتحدة، وتكون  بعيد وهذا لا يروق لها .

 

خلاصة القول، إن الولايات المتحدة لن تخوض حرباً مع إيران، ولا تستطيع أن تخوضها، لأن حرباً كهذه تشكل تهديداً لسوق النفط العالمي الذي يشكل الأمن القومي الأمريكي، وهذا غير مربح للطرفين الإيراني والامريكي، لكن التصعيد والتوتر والأزمة الكلامية والسياسية، فهذه يمكن أن تؤدي للعديد من المكاسب للأمريكيين والإيرانيين، والخاسر الوحيد من هذه اللعبة العراق والعراقيين أولاً، والعرب ثانياً.


يقول الدكتور عبد الله الأشعل، استاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية، أن منطقة الشرق الأوسط مقبلة في إعادة تحالفات ورسم خرائط سياسية، والعمود الفقري في هذا التغيير هو الصراع الأمريكي الإسرائيلي الإيراني، مشيرا إلى أن الخلافات بين كل من السعودية والإمارات والبحرين وبين إيران خلافات تبعية ستنتهي بانتهاء الخلاف بين إيران وكل من أمريكا وإسرائيل، مؤكدا على أن الولايات المتحدة هي التي تقود هذا التغيير الذي يحدث في المنطقة، ولن تتم أي مصالحة في المنطقة بين دولتين دون ضوء أخضر من الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرا إلى أن المصالح هي سبب التقارب الأخير بين مصر وتركيا، مؤكدا على أن هذا التقارب في صالح البلدين وفي صالح استقرار المنطقة.


وأضاف «الأشعل»، أن المنطقة العربية يتنافس عليها ثلاث مشروعات، الإيراني والتركي والإسرائيلي، مشيرا إلى أن العرب يستطيعون حرمان المشروعات الثلاثة من اللعب في المنطقة العربية ويصبحوا هم لاعبين اساسيين في المنطقة مع إيران وتركيا وإسرائيل، مؤكدا على أن ما يحدث في المنطقة ليست مصالحات ولكن إعادة تحالفات وإعادة رسم للخرائط السياسية، مطالبا مصر بإعادة النظر في تحالفاتها في المنطقة من أجل أن يكون لها مكان في الشرق الأوسط الجديد، مؤكدا على أن لغة المصالح هي التي تحكم وتتحكم في رسم الخريطة الجديدة في الشرق الأوسط.


وتابع، استاذ العلاقات الدولية، أن التقارب المصري التركي مهم جدا لصالح البلدين والمنطقة، ولكنه لن يصل لحد التحالف، مشيرا إلى أن السياسة الدولية تدار من خلال المصالح وليس من خلال أمزجة الحكام ، وهذا ينطبق على العلاقات المصرية التركية التي يجب أن تقوم على المصالح الاستراتيجية بين البلدين، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد لحليفين مثل تركيا ومصر أن يتناحرا، متوقعا أن تشهد الفترة القادمة إجراء مصالحة بين إسرائيل وتركيا بشرط أن تتخلى إسرائيل عن أوهامها الاستعمارية، مؤكدا على أنه لا يحدث شئ في الشرق الأوسط بدون ضوء أخضر من الولايات المتحدة الأمريكية، لافتا إلى أن إسرائيل تسعى لإفشال المصالحة بين مصر وتركيا من خلال إقامة تحالفات مع اليونان وقبرص بعيدا عن مصر لشعورها أن المصالحة بين مصر وتركيا ليس في صالحها، مؤكدا على أنه لا مستقبل لإسرائيل في المنطقة رغم اتفاقيات السلام التي أبرمتها مع بعض الدول العربية، لافتا إلى أن الشعوب العربية هي من تحدد مستقبل إسرائيل في المنطقة وليس الحكام، مؤكدا على أن إسرائيل ستبقى سرطان في المنطقة كما قال النقراشي باشا في مجلس الأمن عام 1947 طالما لم تتخلى عن مطامعها وعن قهر العرب بالقوة.


وأكد «الأشعل»، على أن الهدف الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية كما قال الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما هو زوال الحكم الإسلامي في إيران، مشيرا إلى أن إيران تفهم ذلك تماما لذلك هي دائما تهدد بتدمير إسرائيل، وبالتالي ما يحدث بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية من تفاوض الأن هو ترتيبات مؤقتة، فإيران تريد رفع الحظر المفروض عليها من أجل أن تنتعش اقتصاديا، أما الولايات المتحدة الأمريكية فتريد اخضاع إيران لمجموعة جديدة من القيود للحد من نفوذها السياسي في المنطقة، مؤكدا على أن الصراع بين إيران وأمريكا وإسرائيل لن ينتهي إلا في حال خضوع إيران لإسرائيل وأمريكا وتخليها عن دورها الأساسي في المنطقة وهذا لن يحدث، وبالتالي هذا الصراع سوف يستمر، متوقعا أن تصل إيران لإنتاج السلاح النووي لأته يمثل أكبر حماية لها من أمريكا وإسرائيل، مشيرا إلى أن المحادثات بين إيران والسعودية تتم تحت اشراف الولايات المتحدة الأمريكية، لافتا إلى أن الهدف من التقارب بين إيران والسعودية هو ترتيب الأوضاع وتخفيف التوتر.