رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل تحركات مصر لحشد المجتمع الدولي ضد إثيوبيا قبل «فوات الأوان»

النبأ


شكري يوجه خطابا إلى مجلس الأمن ويتصل بـ« جوتيريش»


«شراقي»: التأخير في رفع الملف إلى مجلس الأمن يترتب عليه مخاطر جسيمة على مصر وعدم اعتراف أديس أبابا بالاتفاقيات «الاستعمارية» لصالح مصر والسودان


«علام»: الأمور تسير في طريق المواجهة وإثيوبيا دولة كذابة تمارس العربجة وتحاول كسب الوقت

 

بعد فشل مفاوضات «الفرصة الأخيرة» حول سد النهضة في كينشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية، اتجهت مصر إلى تدويل القضية، حيث شهدت الفترة القليلة الماضية تحركا دبلوماسيا مصريا مكثفا لحشد المجتمع الدولي ضد إثيوبيا، التي تواصل تعنتها وتصر على الملئ الثاني للسد في شهر يوليو القادم وقبل التوصل لاتفاق ملزم يرضى الأطراف الثلاثة، بل أنها أكدت على لسان وزير الخارجية أنها لن تعترف بحقوق مصر والسودان التاريخية في مياه النيل أو ما أطلقت عليه «الاتفاقيات الاستعمارية».

فقد وجه وزير الخارجية المصري، سامح شكري خطابا، إلى أعضاء مجلس الأمن بشأن تطورات قضية سد النهضة.

وأكدت الخارجية المصرية، عبر صفحتها بموقع "فيسبوك"، أن الخطاب اشتمل على تطورات قضية سد النهضة ومراحل المفاوضات وما اتخذته مصر من مواقف مرنة ومتسقة مع قواعد القانون الدولي.

وشددت الحكومة المصرية على أن الخطاب طالب بـ"أهمية الانخراط الإيجابي من جانب إثيوبيا بغية تسوية هذا الملف بشكل عادل ومتوازن للأطراف المعنية الثلاثة، وبما يضمن استدامة الأمن والاستقرار في المنطقة".

كما أجرى وزير الخارجية سامح شكري اتصالاً هاتفياً، مع «أنطونيو جوتيريش» سكرتير عام الأمم المتحدة، حيث استعرض الوزير شكري أخر التطورات في ملف سد النهضة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري الداعي إلى ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة؛ كما تم التأكيد على خطورة استمرار إثيوبيا في اتخاذ إجراءات أحادية نحو الملء الثاني دون التوصل لاتفاق وأثر ذلك على استقرار وأمن المنطقة، فضلا عن أهمية دور الأمم المتحدة وأجهزتها في الاسهام نحو استئناف التفاوض والتوصل إلى الاتفاق المنشود، وتوفير الدعم للاتحاد الأفريقي في هذا الشأن.

وأكد سامح شكري، أن مفاوضات سد النهضة استغرقت وقتًا طويلًا في ظل التعنت في الوصول إلى الاتفاق على الملئ الثاني من سد النهضة.

وقال شكري، إن مصر موقفها واضح جدا بالتواصل لاتفاق قانوني ملزم، وأزمة سد النهضة مرهون بمدى الضرر الذي سيقع على مصر، مضيفًا أنه لن يقع ضرر علي مصر.

وأوضح وزير الخارجية، خلال اجتماع لجنة الشؤون الإفريقية بمجلس النواب، أن أجهزة الدولة ترصد بشكل لحظي بهذه القضية الوجودية للشعب المصري ولا تهاون فيها، مؤكدًا أنه حتى الآن الجهود المبذولة وتفهم الأطراف الثلاثة لن تؤتي بثمارها كما كنا نتوقع، وأن المفاوضات لم تصل إلى نتيجة من خلال التشاور والتواصل وتفعيل دور المراقبين مثل الولايات المتحدة والاتحاد الإفريقي.

ولفت إلى أن المجتمع الدولي يرصد تعنت إثيوبيا، وحين لجوء مصر للمجتمع الدولي يكون واضح تمامًا أن مصر قد استنزفت كل الجهود المبذولة من تعنت الأعمال الأحادية من الجانب الإثيوبي.

 

وقام وزير الخارجية بجولة إلى عدد من الدول الإفريقية، وذلك في إطار شرح الموقف المصري من مستجدات ملف سد النهضة.

وبحسب تصريحات للسفير أحمد حافظ المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصري، فإن الجولة تتضمن كلا من جزر القُمُر وجنوب أفريقيا والكونغو الديمقراطية والسنغال وتونس.

وقال إن وزير الخارجية المصري يحمل رسائل من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية إلى أشقائه رؤساء وقادة هذه الدول حول تطورات ملف سد النهضة والموقف المصري في هذا الشأن.

وأضاف المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، أن الجولة تأتي انطلاقاً من حرص مصر على إطلاع دول القارة الأفريقية على حقيقة وضع المفاوضات حول ملف سد النهضة الإثيوبي، ودعم مسار التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم حول ملء وتشغيل السد على نحو يراعي مصالح الدول الثلاث، وذلك قبل الشروع في عملية الملء الثاني واتخاذ أي خطوات أحادية، فضلاً عن التأكيد على ثوابت الموقف المصري الداعي لإطلاق عملية تفاوضية جادة وفعّالة تسفر عن التوصل إلى الاتفاق المنشود.

حشد المصريين في الخارج 

ودعت السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، كافة المصريين المقيمين خارج مصر، نشر الفيديوهات الخاصة بأحقية مصر في مياه النيل عبر صفحاتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، دعماً لقضية مصر أمام العالم، واستكمال لدعم المصريين بالخارج لبلدهم في هذا الشأن، اعتماداً على ما لديهم من تأثير كبير داخل المجتمعات الأجنبية المتواجدين بها.

وقالت وزيرة الهجرة إننا نؤمن بشدة بقوة الجاليات المصرية بالخارج وما قد يصنعوه من فارق لصالح مصر بالتأثير في مجتمعاتهم للتعريف والتأكيد على حقوق وظروف مصر المائية، مضيفة أن هذه الدعوة جاءت تلبية لطلب عدد كبير من المصريين بالخارج لمدهم بالفيديوهات الخاصة بأحقية مصر في مياه النيل، وقد استشعر المصريين في هذه المرحلة الهامة من المفاوضات ضرورة استكمال ما بدأوه من حملات دعم واسعة خلال الفترات السابقة دفاعا عن حق مصر والمصريين في مياه النيل.

ليست المرة الأولى 

يذكر أنها ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها مصر إلى تدويل القضية، فقد حدث ذلك في شهر مايو من العام الماضي، وساعتها رأى الكثير من المراقبين أن هذه الخطوة تأخرت كثيرا.

وقال الدكتور سمير غطاس عضو البرلمان المصري حينذاك، إن تقديم مصر مذكرة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن سد النهضة جاء متأخرا جدا، حيث كان يجب الانتقال بالمفاوضات مع إثيوبيا إلى مسار مواز أو التدويل، حيث تم استغلال طول أمد المفاوضات للبناء.

وأضاف عضو البرلمان، أن تدويل قضية سد النهضة خطوة مهمة جدا وعلينا أن نضمن أن نتائجها سوف تصب لصالحنا وليس لصالح الخصم، خاصة وأن سد النهضة تشارك في بنائه عدة دول، وبالتالي فإن مصالح تلك الدول سوف تقف بجانب المشروع الإثيوبي.

وأكد غطاس على ضرورة إدارة الأزمة بعد التدويل بشكل مختلف تماما، وأن تكون هناك رسالة رئيسية يجب أن تصل للعالم مفادها أن "بناء السد يهدد حياة المصريين جميعا، وإذا تم السد فلا نعلم ما سينتج عنه هذا التهديد، يجب أن نقوم بخلق أزمة من أجل أن يشارك العالم في الحل".

ولفت غطاس إلى ضرورة العمل طوال الوقت على فك ارتباط المصالح بين الخرطوم وأديس أبابا، ويجب أن "تتم الدراسة الجيدة للداخل العرقي الإثيوبي لكي نعرف ما هي الأطراف التي يمكن أن ندعمها لصالح قضيتنا، كما يجب خلق مصالح دولية مصرية مع الدول الداعمة لإثيوبيا ووضع البدائل المتنوعة".

 

وقال وليد أبو زيد عضو القوى المدنية السودانية المناهضة لمخاطر سد النهضة، إن مصر والسودان ارتكبتا خطأ كبيرًا منذ العام 2011 بدخول المفاوضات مع استمرار إثيوبيا بالتشييد، وكان من المنطق القانوني أن يتوقف التشييد حتى تصل الجهات الثلاثة لاتفاق كامل يوضح جميع مراحل التشييد والتشغيل والإدارة.

وأضاف عضو القوى المدنية : "الآن مصر و السودان موقفهما ضعيف لأنهما وقعتا على اتفاقية إعلان مبادئ سد النهضة عام 2015، والتي لم تعترض على استمرار التشييد، و لكن أن تأتي متأخرا خيرا من ألا تأتي، وخطوة مصر تجاه تقديم شكوى لمجلس الأمن قد تكون إيجابية".

خطوة ضرورية

يقول الدكتور عباس شراقي، استاذ المياه والموارد المائية والشئون الأفريقية بجامعة القاهرة، أن قيام مصر بتدويل ملف سد النهضة خطوة ضرورية في استكمال مسار المفاوضات، مشيرا إلى أن مصر تقدمت بالفعل بشكوى لمجلس الأمن مرتين في شهري مايو ويونيو 2020، والسودان تقدمت بشكوى مرتين كذلك، ومجلس الأمن استجاب وعقد جلسة في 29 يونيو 2020، لكن إثيوبيا نجحت في أعادت الملف مرة أخرى للاتحاد الأفريقي، رغم أن الاتحاد الأفريقي فشل في حل الأزمة حتى الأن، وبالتالي من حق مصر العودة مرة أخرى لمجلس الأمن، منوها إلى أن تدويل القضية لا يحتاج إلى موافقة الأطراف الثلاثة، لافتا إلى أن مهمة مجلس الأمن الدولي هي الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وبالتالي من حق أي دولة اللجوء لمجلس الأمن بشكل منفرد إذا رأت أن هناك من يهدد الأمن والسلم الدوليين، مؤكدا على أن ما تقوم به إثيوبيا في ملف سد النهضة يهدد الأمن والسلم الدوليين، مشيرا إلى أن إثيوبيا دولة مراوغة، مؤكدا على أن التأخير في رفع الملف إلى مجلس الأمن يترتب عليه مخاطر جسمية على مصر لاسيما وأن إثيوبيا تسير في اتجاه الملئ الثاني للسد في يوليو القادم، وبالتالي يجب على مصر التحرك بسرعة ودونما تأخير، مشيرا إلى أن مصر ما زالت متمسكة بوساطة الاتحاد الأفريقي بالتوازي مع رفع الملف لمجلس الأمن، لافتا إلى أن عدم اعتراف إثيوبيا بالاتفاقيات الدولية أو كما تسميها « الاتفاقيات الاستعمارية» يصب في صالح مصر والسودان، لأن هذا يعني أن الأرض المقام عليها السد سوف تعود للسودان، مؤكدا على أن لجوء مصر لمجلس الأمن تأخر كثيرا، فكان من الأفضل لمصر أن ترفض وساطة الاتحاد الأفريقي وتبقى مع مجلس الأمن، لكن مصر كانت تتصرف بحسن نية، حتى تثبت للمجتمع الدولي أنها تريد حل الأزمة بالطرق السلمية، محذرا من أن إثيوبيا تلعب لعبة خبيثة وهي أنها تحاول فك التحالف المصري السوداني من خلال ارسال رسائل طمأنه للجانب السوداني والحديث عن أن سد النهضة يصب في صالح السودان، وهذا غير حقيقي وكذب، مشيرا إلى أن الدعم العربي لمصر في ملف سد النهضة غير كاف وأن كصر تنتظر من الأشقاء العرب أكثر من ذلك، مؤكدا على أن الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا تحركها مصالحها، مؤكدا على أنه لا خطر على مصر إذا قامت إثيوبيا بالملء الثاني للسد، ولكن بشرط أن يكون ذلك بعد التوصل لاتفاق ملزم للأطراف الثلاثة.

 لست متفائلا

ويقول الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الري والموارد المائية الأسبق، أنه ليس متفائلا بتدويل ملف سد النهضة، مشيرا إلى أن مصر ذهبت قبل ذلك إلى مجلس الأمن ولم يكن هناك دعم كاف من المجتمع الدولي لمصر وخاصة من الدول الكبرى، مؤكدا على أن الأمور من وجهة نظره تسير في اتجاه المواجهة، لافتا إلى أن إثيوبيا دولة كاذبة تمارس العربجة وتحاول كسب الوقت، مؤكدا على أن عدم اعتراف إثيوبيا بحقوق مصر التاريخية في مياه النيل لا يهم لأن القانون الدولي يعترف بهذه الحقوق.