رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أسرار خطة «التعليم» لبيع المناهج الدراسية إلى شركات الاتصالات

وزارة التربية والتعليم
وزارة التربية والتعليم


على الرغم من الانتقادات الواسعة، التي تتلقاها وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، بسبب سياساتها التعليمية الجديدة، التي يرى البعض أنها غريبة ولا مثيل لها عالميا، فإن الوزارة مازالت تصر على السير قدما في منظومتها.

أبرز الانتقادات الموجهة لسياسات الوزارة، تتمثل فيما تصدره من قرارات ثم تتراجع عنها، أو نفي صدورها من الأساس، الأمر الذي يثير غضب الطلاب وأولياء أمورهم، فضلا عن التربويين والمختصين، الذين يرون أن الأمر له تأثير سلبي على العملية التعليمية، وعلى مستقبل الطلاب.


ثورة غضب أولياء الأمور والمختصين، رافقها العديد من التساؤلات، أبرزها: ما السبب وراء تخبط قرارات الوزارة؟ وما تأثير ذلك على العملية التعليمية؟ وكذلك على مستقبل الطلاب؟ وأخيرًا ما حلول أزمات التعليم؟


الدمج يقلب المواجع

ويرى الخبراء أن قرار دمج امتحانات الفصلين الدراسيين ـ الأول والثاني ـ للشهادة الإعدادية، في 14 فبراير الماضي، يمثل نموذجا للتخبط داخل وزارة التربية والتعليم، خاصة أنها أكدت أن القرار في مصلحة الطلاب، ومع ذلك تراجعت عنه في اليوم التالي، معلنة إلغاء الدمج للشهادة الإعدادية.

وكان العدول عن قرار اعتماد الأبحاث، وسيلة تقييم للطلاب، بديلة للامتحانات، في ظل تفشي جائحة كورونا، هو الأبرز، لا سيما وأنه جرى تطبيقه خلال الفصل الدراسي الثاني من العام الماضي، وحينها أكدت الوزارة اعتماد هذا النظام وسيلة لتقييم الطلاب.

وعلى الرغم من التصريحات الكثيرة لمسؤولي الوزارة، حول أن نظام الأبحاث يصب في مصلحة الطلاب، فإنه تم رفض اعتماده بديلًا عن امتحانات الفصل الدراسي الأول، خلال العام الحالي، بدعوى أنه أُسيئ استخدامه.


أزمة أزلية

إعلان القرار ثم الرجوع عنه، لم يكن وليد اللحظات الأخيرة، فيما يتعلق بالعملية التعليمية، فعلى الرغم من أن الأزمة بدأت في وقت مبكر، لا سيما مع إقرار نظام التعليم الجديد، بدابة من عام 2018 ـ 2019، الذي يعتمد على «التابلت».


من جهة ثانية كان لأزمة كورونا دور كبير في الكشف عن مدى تحكم التخبط في قرارات الوزارة، فأُعلنت بعض القرارات عبر الحسابات الرسمية لها، على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، قبل أن تعود وتنفيها مرة أخرى، مثلما حدث بخصوص تعديل جداول امتحانات الشهادات: الابتدائية والإعدادية، والثانوية، على ألا تشمل المواد خارج المجموع.

وبعدما تداولت وسائل الإعلام الخبر، نفته الوزارة، مؤكدة أن جدول امتحانات الثانوية العامة 2019 ـ 2020 كما هو، وأن الأمر متعلق بجداول امتحانات سنوات النقل، وليس الشهادات.

لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تخطاه إلى ما هو أبعد، من خلال توزيع خطاب رسمي من مكتب نائب وزير التربية والتعليم لشؤون المُعلمين، الدكتور رضا حجازي، على المُديريات التعليمية، يفيد بإرجاء أية استعدادات بشأن امتحانات الشهادة الإعدادية، وبعد أن تم تداول صورة الخطاب على نطاق واسع، حينها، نفته الوزارة، وقالت في بيان صحفي: "لا صحة لكل ما يثار عن أي تغيير في الشهادات العامة الإعدادية والثانوية، وستصدر الوزارة بيانات رسمية بأية قرارات حين اتخاذها، وسيتم ملاحقة مروجي الإشاعات ومثيري البلبلة طبقًا للقانون".


البيزنس يحكم

"لازم يكون فيه خطة تُلزم الوزارة في قراراتها"، بدأ ممثل نقابة المعلمين المستقلين، محب عبود، حديثه مع "النبأ" بهذه الكلمات، لافتًا إلى أنه كان من المُفترض أن تضع الوزارة خطة منذ البداية، ومن ثم يتم تنفيذها والأخذ بها وفقًا لقرارات وزارية.


وقال عبود: "الوزارة لا تريد أن تقدم خطة مكتوبة، وهناك أهداف خفية وراء ذلك، لا أحد يفصح عنها، تتحكم في طريقة تنظيم العملية التعليمية"، معتبرا أن الوزارة تهدف لجعل التعليم "مقتصرا على الأغنياء فقط، وتكريس اللامساواة بين الفئات الاجتماعية من ناحية، وبين الذكور والإناث من ناحية أخرى، وحتى بين الفئات الدينية المختلفة".


وأضاف عبود: "منذ فترة طويلة والرابح الوحيد من وراء قرارات الوزارة، هو شركات الاتصالات، لأن هذه القرارات تهدف لإتمام مهمة واحدة وهي إدارة بيزنس مع شركات الاتصالات، يجعلها شريكا في العملية التعليمية".


نتيجة حتمية

ويرى محب عبود، أن تخبط القرارات، يمثل معضلة كبيرة للباحثين في وزارة التربية والتعليم، وليس أزمة الطلاب وأولياء أمورهم فقط، لا سيما أنهم باتوا لا يعرفون ماذا تريد الوزارة، ولذلك مع غياب خطة التعليم، التي من المفترض أن يقوم الباحثون من خلالها، بإبداء رأيهم في صلاحية القرارات الوزارية، من عدمها، أصبح الأمر غير محكوم والقرارات معلقة، وأصيبوا بالارتباك والتشتت.

واختتم محب عبود حديثه مع "النبأ"، بالقول إنه كان من المُفترض أن تعد الوزارة خطة مكتوبة لسير العملية التعليمية، وإبلاغ المركز القومي للبحوث التربوية بها لفحصها، وكشف جوانب القوة والضعف بها، وما تحتاج إليه، لتكون بمثابة مقياس ودليل للقرارات التي يتخذها وزير التعليم نفسه، مضيفًا: "العيب في السياسات التي تنفذها الوزارة، والتي سلبت التعليم مجانيته، كما أنها جعلته لا يقدم خدمة حديثة، وأفقدته مبدأ المساواة، وإذا كانت تلك هي السياسات التي تسير عليها الوزارة، فمن الطبيعي أن تكون تلك النتيجة، الحتمية لما وصل إليه التعليم".


يا صابت يا خابت

"من الواضح أن وزارة التربية والتعليم تتعامل مع طلاب مصر ومستقبلهم، كعينة بحث تخضعها للتجريب، ويا صابت يا خابت"، هكذا علق أستاذ التربية الموسيقة بجامعة حلوان، الدكتور وائل كامل، على تخبط قرارات الوزارة بشأن العملية التعليمية.


أمنية لطالما لازمت «كامل» ليس باعتباره عضوا بهيئة تدريس في إحدى الجامعات، بل باعتباره أحد أولياء الأمور، الذين يعانون الأمّرين بسبب تخبط "التعليم"، ألا وهي أن يستمع الوزير إلى المختصين وأولياء الأمور، ويقول كامل: "كنا نتمنى أن يستمع لخبراء التربية وعلم النفس والمدرسين وأولياء الأمور، حتى لا يكون هناك انفراد بالقرارات.


وأضاف: "أقف كولي أمر عاجزا وأنا أشاهد مستقبل أبنائي، مهددا بالتدمير، وعلى سبيل المثال تم تحديد موعد لعقد امتحان شهر مارس بعد أقل من أسبوعين على استلام الكتب في التيرم الثاني، ولا توجد أي أخبار عن امتحان اللغة الإنجليزية للمستوى رفيع في مدارس التجريبي".


مصائب كُبرى

كل ما يشكوه كامل من مصائب ـ بحسب وصفه ـ لا يضاهي المصيبة الكبرى، وهي ما حدث من تقييم خاطئ في امتحان الفصل الدراسي الأول، والذي تسبب في ضياع درجات كبيرة على الطلاب، بسبب الامتحان المجمع، الذي حدد خمسة أسئلة فقط لكل مادة، بما يعني أن سؤالا واحدا فقط خاطئا يساوي 10 درجات.