رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

انتعاش مافيا الكيف بعد إدراج أدوية شهيرة بـ«جدول المخدرات»

أدوية
أدوية


أثار قرار هيئة الدواء المصرية بإدراج 14 نوعًا من الأدوية، من بينها كونجستال وتوسكان الشهيرين بقائمة الجدول الخاص بقانون مكافحة المخدرات، حالة من الجدل الواسع، خاصة أن معظم الأدوية المذكورة، يستخدمها الملايين من المواطنين للتخفيف من أعراض البرد والإنفلونزا مثل: ارتفاع درجة الحرارة، وسيلان الأنف، والتهابات الجيوب الأنفية.

ويرى خبراء أن هذا القرار سيؤدي لمشاكل كثيرة؛ لا سيما أنه في صالح الصيدليات الكبيرة فقط، لأن الكثير من الصيدليات الصغيرة لا تستلم أدوية الجدول، ومن ثم يفتح بابا لمافيا التهريب من الهند والصين إلى مصر، مثلما حدث مع «بريجابلين» وأصبح «سبوبة» كبيرة لتجار «الكيف»، فضلًا عن أن هذا القرار يحدث نوعًا من الاحتكار لصالح بعض الصيدليات.

وجاء قرار الشعبة العامة للأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية بإدراج 14 نوعًا من الأدوية على قائمة المخدرات، عبارة عن: (Congestal syr، Tusskan syr، Tussivan.n syr، Tussilar syr، Codilar syr، Penta flu syr، Penta cold syr، Pulmo care syr، Codiphan syr، Codiphan.b syr، Rhinutuss syr، Cold stop syr، Roncotech syr، Opticough syr).

وقال رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، علي عوف، إن دواء «كونسجتال» الشراب فقط هو المدرج ضمن «أدوية الجدول»، فيما يظل استخدام «الأقراص» منه بشكل طبيعي في الصيدليات دون إدراج، لأن الشراب منه يحتوي على مادة تتسبب الجرعة العالية منها في إدمان متناولها.

وبموجب القرار؛ فإن أي فرد يشتري الدواءين المدرجين للاستخدامات الطبية؛ فإنه يحتاج إلى روشتة طبية مختومة، ليتم صرف تلك الأدوية بموجبها، وكشفت إحصائية حول مبيعات دوائي «كونسجتال» و«توسكان» خلال عام 2020 عن تجاوز مبيعات الدواءين سويا 285 مليون جنيه، أي أكثر من «ربع مليار جنيه».

وكشفت مصادر دوائية عن إحصائية لمبيعات «كونسجتال»، الشرب والأقراص، بلغت خلال عام 2020 نحو 136 مليونا و386 ألفا و724 جنيها، موضحة أن تلك القيمة نظير بيع قرابة 8 ملايين عبوة من كلا الإصدارين، وتعتبر كمية الدواء المُباعة في العام الماضي من «كونسجتال» أكثر مما تم بيعه خلال عام 2019 بنحو 12.6%، بحسب «الإحصائية».

بينما بلغ حجم مبيعات دواء «توسكان»؛ بحسب الإحصائية 149 مليون و546 ألف و924 جنيها، وهي أرباح أكثر مما حققته الشركة المنتجة لها خلال عام 2019 بنحو 47.6%، وتشير «الإحصائية» إلى أنه تم بيع 15 مليون و741 ألف و780 وحدة من هذا الدواء خلال عام 2020، بزيادة تُقدر بنحو 31.7% من عدد الوحدات المٌباعة بذات المستحضر خلال عام 2019.

وكشفت مصدر لـ«النبأ» عن سبب إدراج الكونجستال في جدول المخدرات لكونه يحتوي على نسبة من الكافيين، الأمر الذي يدفع بعض متعاطي المخدرات إلى تناول كميات منه وإدمانه، متابعًا: «تناول جرعات كبيرة منه دفعة واحدة، يعادل تعاطي مخدر، لاحتوائه على نسبة من الكافيين يجعلها مركزة بشكل أكبر كلما زاد عدد الحبوب التي يتناولها».

وفي أغسطس 2019، جاء قرار وزير الصحة الدكتورة هالة زايد، بإضافة مادة «بريجابالين» ونظائرها ومستحضراتها إلى الجدول الخاص بقانون مكافحة المخدرات؛ نتيجة لإساءة استخدامها خلال الفترة الماضية، جدلًا واسعًا. وأثار هذا القرار جدلًا واسعًا؛ لأن البريجابالين يعالج مرضى السكر والتهاب الأطراف العصبية والعمود الفقري، الذين لا يستطيعون الاستغناء عن هذا الدواء، فضلًا عن وجود صيدليات كثيرة لا تستلم أدوية الجدول، خاصة أن الكمية المحددة لن تكفي في بعض المناطق.

وجاء نصّ القرار الذي حمل رقم 475 لسنة 2019، على «إضافة مادة (البريجابالين) ونظائرها وأملاحها إلى الفقرة (د) من الجدول رقم 3 الملحق بقانون مكافحة المخدرات رقم 183 لسنة 1960، كما تضاف المستحضرات التي تحتوي على مادة البريجيالين وأملاحها ونظائرها إلى الجدول الأول الملحق بقرار وزير الصحة والسكان رقم 182 لسنة 2011 بتنظيم تداول الأدوية المؤثرة على الحالة النفسية».

من ناحيته، يقول الدكتور محفوظ رمزي، رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة صيادلة القاهرة، إن هذا القرار صادر منذ عام 2013 تقريبًا، لكن تم تحديثه بسبب سوء استخدام الأدوية من بعض الشخصيات أو بعض المرضى، خاصة بعدما تم سحب «البريجابلين» من الصيدليات وتم إدراجه جدول أول مخدرات، وهو ما أدى لاتخاذ هذا القرار، مؤكدًا أن المشكلة تتمثل في وجود مستحضرات دائمًا وأبدًا المريض يحتاجها، فليس كل دواء يساء استخدامه يدخل جدول، ففي دول العالم المرجعية التي نرجع لها «أو تو سي»؛ موجود لديها دواء «دكستروميثورفان» وهو عبارة عن مسكن يستخدم للكحة وآثار الجانبية، حسب الجرعة، يمكن أن يصل بمتعاطيه الحال لأنه يعمل نوعا من الإدمان، أو التعود الجسدي لكن في مصر تم إدراجه جدول.

وأضاف رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة صيادلة القاهرة، لـ«النبأ» أنه يجب على هيئة الدواء في كل قرار بهذا الشأن أن تدرسه جيدًا مع المتخصصين قبل اتخاذه، لأن هناك أدوية كثيرة جدًا موجودة بالصيدليات يساء استخدامها منها: على سبيل المثال لا الحصر، قطرة (سايكو بلاجيك)، من مشتاقات (الأتروبين)، يساء استخدامها وهناك أيضًا قطرة أخرى لتوسيع حدقة العين تستخدم لفحص إيقاع العين من مشتاقات (الأتروبين)، يتم استخدامها استخدامًا سيئًا، بهذا الشكل من الممكن دخولهما جدول، مؤكدًا أن هذا الأمر خاطئ، فالتناول السيئ لبعض الأخبار المغلوطة عن الأدوية هو سبب من ضمن الأسباب في اتخاذ قرار بهذا الشأن لكن إذا تمت دراسته مع المتخصصين لمعرفة أبعاده كان من الممكن الوصول لحل أفضل من الجدول».

ويكمل: «الممنوع مرغوب، في إشارة إلى دواء (البريجابلين) خاصة بعد دخوله جدول، متسائلًا: أين هذا الدواء الآن؟!..» متابعًا: «الدواء موجود لكن لا يباع بالصيدليات وإنما يباع بالسوق السوداء ومع تجار الكيف بالشوارع، وهذا الأمر حذر منه سابقًا، غير أن هناك أشخاصا كان لديهم مخزون من هذا الدواء محتفظين به قبل دخوله الجدول، ويبيعون منه حتى الآن، ويتم جلبه من الهند والصين عن طريق التهريب، وأيضًا (الترامادول) عندما دخل جدول أول، هل (اتمنع) وأصبح ليس له وجود؟!.. أكيد لا؛ وما زال موجودا ويباع بالسوق السوداء، ويتم جلبه بطرق غير شرعية» مؤكدًا أنه يجب أن تكون هناك توعية إعلامية لخطورة سوء استخدام الأدوية، وليس كل ما يساء استخدامه يتم وضعه جدولا، فهيئة الدواء إذا كانت أعطت هذه الأدوية نظام حصة للصيادلة كان أفضل لها من دخولها جدول مخدرات.

وأشار «رمزي» إلى أن الأدوية الـ14 المذكورة دخلت جدول ثاني مخدرات؛ وليس أول، ومعنى دخولها جدول ثاني، أن يتم صرفها بدون استلام الروشتة الأصل الخاصة بالمريض، وهذا يؤكد سهولة التلاعب فيها، فأصحاب الصيدليات المتخصصين يحافظون على سمعتهم فلا يفعلون ذلك ولا تجد منهم من يتلاعب بهذا الشأن؛ لكن الدخلاء على المهنة ممن يديرون صيدليات هم من يقومون بالتلاعب في هذا الأمر لتحقيق مكاسب من ورائها، ويستخدمون هذا الأمر استخدامًا سيئًا على اعتبار أنهم «يعملوا مصلحتهم ويختفوا من السوق».

وأوضح أن العالم الخارجي ينظر على أنه يتم إعطاء الحرية للصيدلي في الوصف، وفي نفس الوقت لا يتم فتح السقف له، فهناك كثير من الأدوية منذ ظهورها يساء استخدامها وكل يوم والتاني تسمع عن آثار جانبية معينة لأدوية، «تقوم تدخلها جدول، لا طبعًا»، خاصة أن هناك صيدليات كثيرة لا تستلم أدوية الجدول، فإذا حضر مريض وطلب من صيدلي صغير دواء «دكستروميثورفان» ويحتاجه المريض ضروريًا، ماذ يفعل الصيدلي في هذا الوقت؟!، إذن فالصيدليات الكبيرة هي التي تستلم أدوية الجدول، وكل ما الأصناف تدخل جدولا يكون هذا الأمر في صالحهم، لأن الصيدلي الصغير يرفض استلامه خوفًا من تعرضه للمساءلة القانونية ويبعد نفسه من «وجع الدماغ» الذي يسببه هذا الدواء.

وأكد أنه يجب أن تكون هناك علاقة وتنسيق مباشر بين الأعضاء المسئولين عن حقوق الجمعية العمومية للصيادلة وهيئة الدواء المصرية، ويجب عند اتخاذ أي قرار بشأن الدواء تكون نقابة الصيادلة ممثلة فيه، حتى لو أن القانون لم ينظم هذه العملية؛ لأن قانون هيئة الدواء المصرية رقم 151 لسنة 2019، جُنبت النقابة فيه، وهذا الأمر يعد كارثة، لأن متخذ القرار غير ممارس ولا وجود لمشاركة الممارس في اتخاذه وفقا للقانون.

وكشف رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة صيادلة القاهرة، عن أنه يوجد دواء يحل محل «البريجابلين» في السوق وهو دواء «جابابنتين»، عبارة عن كبسولات تستخدم لعلاج الصرع والتهابات الأعصاب، من خلال تقليل الإشارات العصبية المنطلقة من المخ، وهو دواء مهم جدًا لمرضى الغضروف والظهر والسكر لكن يتم استخدمه استخدامًا سيئًا إذن يدخل جدول وفقًا لهذه القرارات، مؤكدًا أنه سيتم دخوله جدول مخدرات في الفترة القادمة.

وقال مصدر صيدلي لـ«النبأ» رفض ذكر اسمه، إن هناك دواء «نيورونتين» عبارة عن كبسولات تحتوي على المادة الفعالة «جابابنتين»، ويعمل من خلال منع تأثير بعض النواقل العصبية التي ترسل الإشارات بين الخلايا العصبية في الدماغ، يستخدم لحالات الصرع، وآلام الأعصاب الطرفية التي يمكن أن تسببها بعض الأمراض مثل مرض السكري والحزام الناري؛ يتم استخدامه استخدامًا سيئًا ويسحب بسرعة من الصيداليات.