رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

خبراء يكشفون لـ«النبأ» سر عدم دستورية قانون الشهر العقاري الجديد بشأن إلزام المواطنين بتسجيل الشقق

تسجيل الشقق بالشهر
تسجيل الشقق بالشهر العقاري - عقارات أرشيفية


أثارت تعديلات قانون الشهر العقاري الجديد بشأن إلزام المواطنين بضرورة توثيق وحداتهم السكنية في الشهر العقاري، جدلًا واسعًا في الشارع المصري، خاصة أن هذا الأمر يكلف المواطنين أعباء مالية كبيرة لارتفاع أسعار التوثيق، فضلًا عن أن هذه التعديلات تُهدد ملايين المصريين، من عدم توصيل الخدمات مثل الكهرباء والغاز والمياه والهواتف إليهم في حالة عدم التوثيق في الشهر العقاري، وهو ما أصاب المواطنين بحالة من الإرباك، خاصة ملاك الوحدات السكنية الجديدة.

ويرى خبراء في القانون، أن قانون الشهر العقاري الجديد يخالف عدة مبادئ دستورية منها مبدأ المساواة، إذ يقوم هذا المبدأ على تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية بين المواطنين وحماية وصيانة الملكية الخاصة دون تمييز، ويعتبرون حرمان ملاك الوحدات السكنية من إدخال المرافق العامة من غاز أو كهرباء أو مياه بسبب عدم قيامهم بتسجيل وحداتهم السكنية بالشهر العقاري؛ تعسفا من قبل جهة الإدارة في استخدام سلطاتها واعتداء صارخا على حق الملكية الخاصة للأفراد وحرمانهم من الانتفاع واستعمال ممتلكاتهم الخاصة التي كفلها الدستور.



التطبيق بعد أسبوعين

وقال رئيس قطاع مصلحة الشهر العقاري والتوثيق، جمال ياقوت، إنه لن يتم الاعتراف بأي عقد غير مسجل بالشهر العقاري نهائيا، وإن الحكم القضائي بهذا الشأن يصبح واجب القيد إذا لم يتم الطعن عليه في المدة المحددة، مشيرا إلى أن دور الشهر العقاري يقتصر على بحث الملكية فقط، وتنفيذ تعديلات قانون الشهر العقاري الجديد سيبدأ 6 مارس.



وأضاف «ياقوت»، خلال مداخلة برنامج «على مسئوليتي» على قناة صدى البلد، أن وزارة العدل وجهت بإزالة أي معوقات تواجه القانون الجديد، وتعديلاته ستساهم في زيادة الإيرادات للشهر العقاري وسنسمح للمواطنين بتقنين أوضاعهم وفقا للقانون الجديد، مشيرا إلى أنه سيتم إعطاء فرصة للمواطنين لتسجيل عقاراتهم في الشهر العقاري.

وتابع: «لن يتم الاعتراف بالعقود التي حصلت على صحة توقيع، ولكن الاعتراف بالعقود المسجلة في الشهر العقاري وكل من لديه صحة توقيع عليه التوجه للشهر العقاري للتسجيل، مشيرا إلى أنه إذا انتهت مدة الشهر المحدد ولم يتم أي اعتراض على الطلب يتحول الرقم الوقتي المعطى له إلى رقم نهائي».



اعتداء على حق الملكية
من ناحيته، اعتبر المستشار عمرو عبد السلام، المحام بالنقض، أن حرمان ملاك الوحدات السكنية من إدخال المرافق العامة من غاز أو كهرباء أو مياه بسبب عدم قيامهم بتسجيل وحداتهم السكنية بالشهر العقاري؛ يُعد تعسفا من قبل جهة الإدارة في استخدام سلطاتها.

وأكد المحام بالنقض، لـ«النبأ»، أنه يُعد أيضًا اعتداء صارخا على حق الملكية الخاصة للأفراد وحرمانهم من الانتفاع واستعمال ممتلكاتهم الخاصة  التي تكفل الدستور بحمايتها ويشكل إخلال من قبل الدولة بالعقد الاجتماعي المبرم بينها وبين مواطنيها بالتزامها بتوفير الخدمات العامة الضرورية لحفظ حياة مواطنيها وتوفيرها للحد الأدنى لمتطلباتهم المعيشية وأي نص قانوني يخالف هذا العقد الاجتماعي والمبادئ الدستورية يعد مشوبا بعيب عدم الدستورية يتعين إلغائه.


إجراءات غير قانونية

وكشف محمد يوسف، المحامي والخبير في الشئون العقارية، عن أن إلغاء «صحة التوقيع» المبرمة خلال السنوات الماضية بين ملاك الوحدات السكنية والمشترى، يعد أمرا غير قانوني، فدعوى صحة التوقيع التي أجريت على مدار السنوات الماضية تعد سندًا قانونيًا لمالكي العقارات بكافة المحافظات، وعدم الاعتداد به يعد طعناً لساحة القضاء بعدم الاعتراف بأحكامه، وعدم احترام شعار الجمهورية المذيل بأوراق صحة التوقيع، مؤكدًا أن توثيق العقارات بالشهر العقاري أمر مهم لإثبات حق الملكية، ويختلف كليًا عن صحة التوقيع، إلا أن الأخير أفضل في الإجراءات القانونية وفي التكاليف المالية على المواطن، فضلًا عن أن المبالغ الكبيرة التي لا يستطيع متوسطي الدخل دفعها لدى الشهر العقاري، وهو ما يعد عبئًا ماليًا كبيرًا على المواطنين لكثرة تكلفة عملية التوثيق.


يخالف مبدأ المساواة
وقال الدكتور أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية ومحامي بالقضاء العالي، وخبير قانوني، إن قانون الشهر العقاري الجديد غير دستوري ويخالف عدة مبادئ دستورية منها: «مبدأ المساواة» لكونه يقوم على تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية بين المواطنين وحماية وصيانة الملكية الخاصة دون تمييز.

وتابع خلال حديثه لـ«النبأ»: «لما كان ذلك وكان قانون الشهر العقاري الجديد لا يحقق المساواة بين مواطن اشترى وحدة سكنية من شخص طبيعي ومواطن آخر اشترى وحدة سكنية من شخص اعتبارى (وزارة_الإسكان) فيما يتعلق بإجراءات إثبات الملكية وتكاليف تسجيل الوحدة السكنية هو الأمر الذي يكشف عن الإخلال بمبدأ المساواة بين المواطنين».



وقال المستشار عمر مروان وزير العدل، إن المواطنين غير مُجبرين على تسجيل وحداتهم السكنية بالشهر العقاري، بعد إقرار تعديلات قانون الشهر العقاري الجديدة وإضافة المادة 35.

وأضاف، في مداخلة ببرنامج على مسئوليتي المذاع على قناة صدى البلد، أن المواطنين غير مُلزمين بتوثيق عقود ملكيتهم للعقارات المملوكة لهم بالشهر العقاري، إلا إذا تعامل مالك العقار مع الجهات الحكومية حال رغبته في توصيل الخدمات والمرافق مثل عدادات المياه والغاز والكهرباء وغيرها.

وأشار إلى أن رسوم التوثيق بالشهر العقاري متدرجة من 500 جنيه وحتى 2000 جنيه، وهي أقصى قيمة للمساحات التي تزيد على 300 متر، إضافة إلى سداد 2.5% من قيمة الوحدة والمندرجة تحت مسمى "ضريبة التصرفات العقارية"، والتي تم إقرارها منذ فترة طويلة، لافتًا إلى أن نقل الملكية العقارية مستقبلًا لن يتم إلا عبر الطرق القانونية وتوثيق الملكية الجديدة بالشهر العقاري.

ونفت وزارة العدل، أمس الاثنين، ما أشيع حول إلغاء دعوى صحة التوقيع، وقالت إن دعوى صحة التوقيع ما هي إلا دعوى تحفظية الغرض منها الحصول على حكم يضمن لرافعها عدم منازعة خصمه في صحة توقيعه على المحرر المثبت للتصرف ولا يتعرض الحكم الصادر فيها لبحث الملكية، ولا لموضوع التصرف من حيث صحته وبطلانه.

ونوهت الوزارة، في بيان لها، إلى أن الحكم الصادر في دعوى صحة التوقيع يخرج بطبيعته عن نطاق الأحكام المتعلقة بالحقوق العينية موضوع المادة المستحدثة، ومن ثم فلا صلة للأحكام الصادرة فيها بالإجراءات المتبعة للتسجيل في الشهر العقاري.



وفي تقرير سابق نشرته جريدة «النبأ» تحت عنوان: بالأرقام.. الحكومة تُلزم المواطنين بمبالغ باهظة لتسجيل الشقق أوضحت فيه أن توثيق العقارات بالشهر العقاري يُعد أمرا غاية في الأهمية لإثبات حق الملكية، لكن هذا الأمر أصبح عبئًا على المواطنين لكثرة تكلفة عملية التوثيق، حيث كان يعتمد المواطنون في السابق على صحة التوقيع، وهو الأمر الذي لم تعترف به الحكومة حاليًا، وأقرت رسومًا موحدة لتوثيق الوحدات العقارية تصل إلى 2000 جنيه، وأن يكون التسجيل بالحصول على حكم بـ«الصحة ونفاذ البيع»، في إطار سعي الدولة لتشجيع المواطنين على تسجيل ملكياتهم بصورة رسمية بدلًا من اللجوء إلى الطرق العرفية التي أدت إلى ارتفاع عدد المنازعات على الملكيات إلى معدلات غير مسبوقة.


وذكر التقرير أنه على الرغم من تعديل رسوم الشهر العقاري التي وصلت إلى مبلغ ثابت بدلًا من الرسم النسبي من قيمة العقار، فإن رسوم تسجيل العقارات المبنية والأراضي الفضاء وما في حكمها بواقع 500 جنيه للعقار الذي لا تزيد مساحته على 100 متر مربع، و1000 جنيه للذى لا تزيد مساحته على 200 متر مربع، و1500 جنيه لما لا تزيد مساحته عن 300 متر مربع، و2000 جنيه لأي عقار تزيد مساحته عن الـ 300 متر مربع، إلا أن الأمر المؤرق بالنسبة للمواطنين هي الإجراءات والمصروفات التي يتكبدونها لحين التسجيل بالشهر العقاري والحصول على الحكم بالصحة والنفاذ لإثبات ملكيتهم، فضلًا عن أن هذا الأمر يستغرق عامًا كاملًا.


وفي هذا الصدد، صدر القانون رقم ١٨٦ لسنة ٢٠٢٠ بتعديل أحكام القانون ١١٤ لسنة ١٩٤٦ بتنظيم الشهر العقاري، واستحدث التعديل نص المادة ٣٥ مكرر، والتي بموجبها لا يستطيع أي مواطن توصيل خدمات لوحدة عقارية قبل تسجيلها بالشهر العقاري، ويبدأ سريان العمل بهذا التعديل بعد ٦ شهور من تاريخ نشره، على أن يبدأ العمل به يوم 6 مارس ٢٠٢١.


من ناحيته، قال المستشار أسامة بيومي، خبير قانوني، إن للتسجيل طريقتان الأولى: الحصول على حكم بصحة ونفاذ البيع، لأن صحة التوقيع لا تنقل ملكية ولا تثبت حقا، ولكن لا تثبت إلا صحة توقيع البائع فقط على العقد، لكن صحة ونفاذ بإجراءاتها المعتادة وهي الطريقة الثانية تعني الحصول على حكم بتثبيت ملكيتك لوحدة عقارية، ويتم بنفس إجراءات صحة ونفاذ المعتادة.


ويكمل: «الإجراءات المعتادة عبارة عن التقدم بطلب للشهر العقاري، ومن ثم الطلب يتحول للمساحة، والمساحة تعمل معاينة وكشف تحديد، والطلب يرجع الشهر العقاري بكشف التحديد، وتتم صياغة صحيفة الدعوى بشكل فني قانونى صحيح وتسجيل مشروع، ويتم رفع الدعوى بإجراءاتها المعتادة، وبعد الحصول على حكم تتوجه للشهر العقاري لتسجيل الحكم، ويتم قيد الحكم وتحصل على رقم قيد، ويقوم الشهر العقاري بنشر الحكم، ولكل ذي مصلحة الاعتراض على الحكم أمام القضاء المستعجل، فإذا لم يعترض أصبح رقم القيد رقم شهر نهائيًا»، مؤكدًا أن مدة الطلب سنة، بمعنى أنك إذا تقدمت ولم ترفع الدعوى قبل سنة سوف تعيد تلك الإجراءات مرة أخرى من الصفر وبنفس المصاريف.


أما بالنسبة لرسوم تسجيل الوحدات العقارية، أوضح الخبير القانوني أنه عند تقديم الطلب للشهر العقاري يتم دفع رسم الطلب حسب مساحة الوحدة بمعنى (لو أقل من 100 متر هتدفع 500 جنيه، ولو أكتر من 100 هتدفع 1000)، بالإضافة إلى تصديق نقابة المحامين على العقد بنسبة 1% من قيمة العقد، بمعنى (لو شقتك مثلا ب 200000 جنيه هتدفع 2000 جنيه لنقابة المحامين، غير ضريبة التصرفات 2.5% من قيمة العقد على البائع، ورسم المساحة (190 جنيهًا لو أقل من 100 متر، و380 جنيها لو أكتر من 100، ولو أكتر من 200 متر  570 وهكذا)، ورسم هندسي في حدود 1000 جنيه، ويكون أمامك حل من اثنين إما أن تعمله في مكتب هندسي معتمد، أو تتفق مع مهندس المساحة يعمله ويعتمده بمعرفته وتدفع مرة واحدة، في حدود 2000 جنيه.

ويتابع: «وبعد المساحة تعمل كشف تحديد وترفع الدعوى في المحكمة، والرسوم حسب قيمة العقد ضريبة ودمغة وأتعاب محاماة ورسم دعوى في حدود من 500 جنيه إلى 1000 جنيه حسب قيمة العقد، ومن ثم إلى الشهر العقاري لدفع الأمانه القضائية عبارة عن رسوم تحت حساب شهر الحكم، تدفع 75% منها والباقي عند تسجيل الحكم، بقيمة 45 جنيها على كل 1000، يعني (لو عقدك بـ200 ألف جنيه، هتدفع 9000 جنيه، منهم 6750 جنيها في الشهر العقاري و2250 بعد الحكم، ولو خلصت القصه دي في أقل من سنة ورفعت الدعوى واخدت حكم، تبدأ تسجل الحكم وتدفع باقي الأمانة القضائية كما ذكرنا سابقًا)».


ويرى «بيومي» أن التسجيل بالشهر العقاري جعل حكم صحة التوقيع غير معترف به، فالتسجيل مُكلف لكنه حماية للجميع، موضحًا أن المستحدث في هذا الأمر أنه كان في السابق للحصول على حكم صحة ونفاذ وتستفيد به يجب على البائع أن تكون ملكيته مسجلة، لأن تحصل على الحكم بنقل الملكية وإذا كانت ملكيته غير مسجلة فالصحة والنفاذ ليس لها أي لازمة، لذا كان يتم الحصول على صحة التوقيع نوع من أنواع حماية المشتري فقط، لكن الحكم نفسه حاليًا أصبح يتسجل بالشهر العقاري حتى إذا كان البائع ملكيته غير مسجلة وبهذا الشكل تستطيع نقل الملكية بسهولة.

وتطرق إلى أن رسوم التسجيل هي نفس الرسوم موجودة منذ عشرات السنين لكن الناس في السابق كانت تستسهل إن صحة التوقيع غير مكلفة، لكنها لا تضمن شيئا للمشتري ولا تنقل ملكية، مضيفًا أن التسجيل هو الضمان الوحيد والحماية للجميع، وهو الذي يثبت ملكية المشتري، وبهذا الشكل تصرف على شيء هو في الأساس مفيد لك، متابعًا: «ممكن أن تصرف على صحة التوقيع 5 جنيهات لكنه لم يحقق لك أي قيمة، وتصرف على الصحة والنفاذ مليون جنيه لكنه يحقق لك قيمة ومنفعة».

وأشار الخبير القانوني إلى أن التعليمات الجديدة لرئيس مجلس الوزراء خصصت بأن تكون لكل شقة أو عقار (شهادة ورقم قومي)، ففي حالة شراء شقة عليك أن تطلع على الشهادة والرقم القومي فقط وبعد الشراء تستلم الشهادة والرقم القومي وتغيرهم باسمك، وإذا رغبت في البيع بعد مرور سنة يتم بيعها بنفس الإجراءات، مضيفًا أن التعليمات الجديدة أيضًا لرئاسة مجلس الوزراء أنه لا يتم توصيل الخدمات والمرافق للشقق أو العقارات الجديدة إلا في حالة تسجيلها بالشهر العقاري.

وأكد أنّ مجلس الوزراء لم يحدد موقف العقارات القديمة من المرافق والخدمات بشأن التسجيل، متوقعًا أنه سوف يتم التعامل معهم مثلما حدث في التصالح والتي أقر بقطع الخدمات عنها من لم يتقدم للتصالح، لافتًا إلى أنه من الممكن أن يتم قطع الخدمات والمرافق عن هذه العقارات في حالة عدم التسجيل لكن القرار لم يحدد بعد، موضحًا أن العقارات التي بها خدمات ومرافق غير مستفيدة من التسجيل بشكل مباشر والعقارات الجديدة هي المستفيدة من التسجيل ولذلك تسارع على التسجيل لتوصيل المرافق والخدمات بها، لكن قيمة التسجيل تُعرف فيما بعد عند بيع العقار أو الشقة على سبيل المثال فتكون المسجلة بثمن وغير المسجلة ثمنها أقل.