رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أسرار انقلاب ترامب على مصر قبل رحيله من البيت الأبيض بأيام

ترامب - أرشيفية
ترامب - أرشيفية



يواصل الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، نهجه الذي يسعى من خلاله إلى فرض قيود على سياسات خلفه المنتخب، جو بايدن، لعدم تمكينه من تغيير السياسة الخارجية لواشنطن بحرية، وذلك عبر إصدار مجموعة من القرارات والقوانين، التي تفرض وصاية وجهة نظر الجمهوريين على الإدارة الديمقراطية الجديدة. 

ولأول مرة منذ تولية حكم الولايات المتحدة الأمريكية، يهاجم "ترامب"، الدولة المصرية، سعيا وراء توتر الأجواء مع القاهرة، حتى يترك لخلفه عددا من القضايا الساخنة التي تصيب إدارته بالارتباك.

وفي سبيل تحقيق أهدافه يحاول ترامب خلال أيامه الأخيرة بالبيت الأبيض، أن يستغل ورقة المعونة الاقتصادية والعسكرية لتركيع مصر، بحجة ملف حقوق الإنسان، كما حدث أثناء في ولاية سلفه باراك أوباما.

ويرى الخبراء أن هناك سببا آخر وراء هجوم ترامب وهو أن الجيش المصري ينوع من مصادر أسلحته، مشيرين إلى أن ترامب أعرب بالفعل عن غضبه مما وصفه بأن "مصر تستغل المساعدات الأمريكية لشراء معدات عسكرية روسية". 

الخبراء أشاروا إلى أن بنود المعونة الأمريكية، لا تنص على حصول مصر على أموال سائلة، لكنها تأخذها في شكل معدات عسكرية أمريكية الصنع، مرجعين تصريحات ترامب إلى رغبته في ضرب العلاقات الاستراتيجية بين واشنطن والقاهرة. 

فيديو الأزمة

ونشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، فيديو هاجم فيه مشروع قرار صادق عليه الكونجرس بشأن حزمة مساعدات "كوفيد-19" بقيمة 892 مليار دولار، مهددا بعدم التوقيع عليه لاعتراضه على بعض البنود، وذكر في الفيديو أنه ضمن مشروع القرار حصول مصر على مساعدات بقيمة 1.3 مليار دولار. 

وقال ترامب في الفيديو: "وجد الكونغرس الكثير من الأموال للدول الأجنبية، وجماعات الضغط والمصالح الخاصة، بينما أعطى الحد الأدنى من الأموال للشعب الأمريكي الذي يعاني من الحاجة، وما هم فيه ليس ذنبهم إذ كان خطأ الصين".

الأمر لم يتوقف على تصريحات ترامب، حيث ذكرت مصادر بالبيت الأبيض، أن الكونجرس رفض اعتماد صرف 250 مليون دولار معونة اقتصادية لمصر، واشترط الحصول على تقرير من الخارجية الأمريكية يكشف عن أحوال حقوق الإنسان بمصر وبخاصة الأقليات والحريات وما يتعلق بقضية الباحث الإيطالى رويجيني.

كان الكونجرس الأمريكي خصص منحًا اقتصادية لمصر خلال 2020 بمبلغ 125 مليون دولار، معربًا عن دعمه للإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها مصر، وسبق أن تراجعت المساعدات الاقتصادية الأمريكية لمصر طوال سنوات، حيث بلغت 112 مليون دولار عام 2019، من 688 مليونًا في عام 2009.

وتقدم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، معونة لمصر سنويًا منذ توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، وتتوزع بين مساعدات عسكرية ومعونات اقتصادية تشرف عليها الوكالة.

وتعد المعونة الأمريكية لمصر هي مبلغ ثابت سنويًا تتلقاه مصر من الولايات المتحدة الأمريكية في أعقاب توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1978، وتتضمن شقًا عسكريًا وآخر اقتصاديًا على شكل منح وتمويلات لمشروعات تنموية.

ادعاءات باطلة

من جهته، قال الخبير العسكرى اللواء نصر سالم، إن ما ذكره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن شراء الجيش المصري معدات عسكرية من روسيا بأموال المعونة الأمريكية، ادعاءات ليس لها أساس من الصحة، موضحًا أن مصر لا تحصل على أموال سائلة من المعونة العسكرية، ولكن يتم صرفها عبر شركات أمريكية تورد معدات عسكرية، منوهًا إلى أنه يمكن في أضيق الحدود استخدام جزء من المعونة في شراء قطع غيار للأسلحة حال عدم توفرها بالولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنه يتم الشراء من دول غربية بمبالغ محدودة، ولا يمكن استخدام تلك الأموال لشراء أسلحة روسية.

وأرجع "سالم" سبب تصريحات الرئيس الأمريكي، بأنها محاولة لتكبيل مصر فى إطار مستقبل السياسات الأمريكية فى الشرق الأوسط، مضيفًا: "لا أظن أن هذا الاتهام يعبر عن ترامب ولكنه صادر من الإدارة الامريكية نفسها بغرض توتير العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ومصر قبل استلام الرئيس الجديد لولايته".

وقال إن الولايات المتحدة وضعت محاذير على مصر فى استخدام المعونة منذ توقيع الاتفاق في ثمانينات القرن الماضي وحتى الآن، على الرغم من التزام مصر بأوجه الصرف المتفق عليها، لافتًا إلى أن شراء مصر أسلحة من روسيا أمر ليس حديثًا، ولكن لا يتم تمويل شرائها من المعونة الأمريكية.

بعيد عن الواقع

في السياق ذاته أكد اللواء نصر موسي الخبير العسكري، أن المعونة العسكرية الأميركية التي تقدر بمليار وثلاثمئة مليون دولار لا تدخل الخزينة المصرية أساسًا، وهذا من بنود الاتفاق، بل تستخدم لشراء معدات عسكرية أميركية يتم الاتفاق عليها بين الجانبين». 

واعتبر اللواء فرج أن «ترامب يريد أن يدلي بتصريحات بعيدة عن الواقع قبل مغادرته البيت الأبيض كي يظل في المشهدين السياسي والإعلامي حتى بعد مغادرته السلطة.

وأضاف أن "المعونة مخصصة لشراء أسلحة ومعدات أمريكية فقط، ومصر تقوم كل عام بعد إقرار الميزانية الأمريكية بالتفاوض مع الجانب الأمريكي لشراء ما تحتاجه من أسلحة أمريكية على أن يخصم ثمنها من أموال المعونة العسكرية (1.3 مليار دولار) الموجودة في الخزانة الأمريكية".

وتابع أن "كل الأسلحة التي تشتريها مصر من خارج أمريكا تأتى من الميزانية المصرية فقط، وقرار شراء مصر أسلحة من روسيا هو قرار سيادي مصري لا دخل لترامب أو غيره به، كما أن مصر تقوم منذ سنوات بتنويع مصادر السلاح، حيث اشترت أسلحة من فرنسا وألمانيا وليس فقط روسيا".

كما أكد الخبير العسكري أن المعونة تمثل "التزاما أمريكيا تجاه اتفاقية كامب ديفيد" للسلام بين مصر وإسرائيل. ولا يمكن لأي رئيس أمريكي، سواء ديمقراطي أو جمهوري، وقف المعونة العسكرية لمصر، لأنه فى حال وقفها يصبح هناك انتهاك لمعاهدة السلام".

واعتبر أن الحديث عن المعونة الأمريكية لمصر لن يتوقف الحديث عنها وإثارتها من قبل الإدارة الأمريكية المقبلة خلال السنوات الأربع المقبلة، خاصة وأن الإدارة الأمريكية لجون بايدن سوف تعطي ملف الحريات وحقوق الإنسان الاهتمام الكبر وخاصة في دول مثل الصين ومصر وإيران، كما كان يحدث في عهد حكم أوباما، وبالتالي فإنه ينتظر إثارة هذا الملف أكثر من مرة خلال عام 2021، وينتظر حدوث مباحثات صعبة للحكومة المصرية مع الكونجرس الأمريكي، للموافقة على الدعم السنوي من المعونة الامريكية في ظل سيطرة الديمقراطيين على الكونجرس وبالتالي فإن مصر لن تحصل على المعونة الأمريكية بشكل سهل كما حدث عبر السنوات الأربع الماضية.

حرب قذرة وبايدن لن يستجيب

في السياق نفسه يرى السفير صلاح فهمى مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الحرب القذرة ضد مصر بدأت مبكرا من قبل الإدارة الأمريكية، فتصريح ترامب يوضح السياسة المقبلة لإدارة جون بايدن تجاه مصر، ومنتظر دخول مصر في أزمات كبيرة مع حكومة بايدن كما حث في عهد أوباما وخاصة في ملف الحريات وحقوق الإنسان، مؤكدا أن مصر قادرة على تحمل أي ضغوط مستفزة من أمريكا ولن تتسلم لضغوط المعونة الأمريكية خاصة وأنه تم تخفيضها بالفعل في عهد أوباما ولم تتأثر مصر أو تخضع لابتزاز الإدارة الأمريكية في عهد الإخوان.

وأشار إلى أن جماعة الإخوان سوف تستغل ملف حقوق الإنسان في مصر جيدا لدى الإدارة الأمريكية للضغط على الحكومة المصرية وكسب المزيد من المكاسب السياسية، ولكن بالتأكيد الدولة المصرية لديها خطط بديلة للمعونة الأمريكية وهناك دول كثيرة داعمة لمصر مثل الصين ودول أوربا.

وتوقع السفير صلاح فهمي، عدم قيام حكومة بايدن بوقف تام للمعونة العسكرية لمصر، ولكن قد يتم الضغط عن طريق االمعونة الاقتصادية وهناك احتمال بتقليلها وهذا أمر وارد، مؤكدا أن المعونة العسكرية لمصر في بدونها يتهدد استمرار السلام بين مصر وإسرائيل وهذا ما لن تقبله تل أبيب في الوقت نفسه.