رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الاتصالات السرية بين إسرائيل وتركيا لضرب المركز الإقليمي للطاقة في مصر

حقول غاز
حقول غاز


من الواضح أن المؤامرت على الدولة المصرية وقيادتها السياسية لن تتوقف، حتى في 2021، بعد أن فشلت جميع المؤامرات السابقة التي بدأت بعد ثورة 30 يونيو 2013 في إخضاع الدولة المصرية وتركيعها وهدم مؤسساتها وإسقاط جيشها.


وكشفت تقارير صحفية أن إسرائيل تجرى اتصالات رفيعة بكل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي من أجل تنفيذ خطط سكك حديد السلام، وهو حلم إسرائيلي قديم يقوم على ربط إسرائيل بالخليج العربي مرورا بالأردن والمملكة العربية السعودية، وقد عاد الحديث عن هذا المشروع بقوة بعد موجة التطبيع العربي الأخيرة مع إسرائيل.


الحديث عن إحياء هذا المشروع الإسرائيلي يتزامن مع موجة التطبيع العربي مع إسرائيل والهجمة الشرسة والممنهجة والمشبوهة التي تتعرض لها مصر من جانب الغرب بزعم انتهاكات حقوق الإنسان، هذا التزامن يثير الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام، ويجعل الحديث عن نظرية المؤامرة حاضرا وذا مصداقية.


كما يأتي الحديث عن هذا المشروع في ظل الحديث عن وجود اتصالات سرية بين تركيا وإسرائيل من أجل نقل جزء من المساحات البحرية القبرصية إلى الجانب الإسرائيلي، وضرورة تخلي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن خط أنابيب شرق البحر المتوسط «إيست ميد» لمصلحة مشروع مع تركيا.


وتقول تقارير صحفية، إنه في الآونة الأخيرة، بدأ رئيس جهاز المخابرات الوطنية التركية، هاكان فيدان، محادثات سرية مع المسؤولين الإسرائيليين لمعالجة تداعيات الفتور في العلاقات.


وتضيف التقارير، أن موافقة الجانب الإسرائيلي على اتفاق مع أنقرة سيعني الاعتراف بشرعية السياسة التركية في منطقة جزيرتي رودس وكاستيلوريزو، اليونانيتين، كما سيؤدي إلى تدهور العلاقات مع الشريك الجديد، أي الإمارات العربية المتحدة، التي، في محاولة منها لتحييد النفوذ التركي في شرق المتوسط، دعمت ​​تنفيذEastMed ووقعت اتفاقية دفاع مع الحكومة اليونانية.


كما نقلت صحيفة "المونيتور" الأمريكية، عن مصادر موثوقة، أن تركيا بادرت بتحسين العلاقات مع إسرائيل، وأن فتح تلك القناة جاء بمبادرة تركية خالصة، حيث أجرى رئيس جهاز المخابرات التركية، هاكان فيدان، محادثات مع مسؤولين إسرائيليين.


وأكدت عن لسان ثلاثة مصادر ـ دون الكشف عن هويتهم ـ أن اجتماعا واحدا على الأقل عقد مع فيدان، وبأن أنقرة قلقة من موقف الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، من إدارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مقارنة بإدارة الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، خاصة فيما يتعلق بموضوع فرض العقوبات على البلاد.


وأوضحت الصحيفة الأمريكية نقلا عن لسان مصدر استخباراتي غربي، أن "الحسابات التركية تعتقد بأن العلاقات الطيبة مع إسرائيل ستمنحهم نقاطا مع إدارة بايدن، وتتناول جولة المحادثات الثنائية ـ دون تحديد مكان اللقاء ـ رفع مستوى العلاقات، بعد طرد السفير الإسرائيلي من أنقرة، في مايو أيار 2018.


وكشفت صحيفة «إسرائيل هايوم»، أن هناك مساعي تركية لإبرام اتفاق مع إسرائيل بشأن المنطقة الاقتصادية الخالصة المشتركة بين تركيا وإسرائيل «EEZ» في شرق البحر الأبيض المتوسط،


وقالت الصحيفة العبرية، إنه من شأن الحدود البحرية المقترحة بين البلدين أن تندمج على حساب قبرص، التي تتورط في خلاف مستمر بين تركيا ومنتدى غاز المتوسط، وهي مجموعة الدول – التي تشمل اليونان ومصر وإسرائيل – تتعاون لإنشاء سوق غاز إقليمي ومركز تصدير إلى أوروبا.


وأضافت، إسرائيل هايوم، إن المنطقة الاقتصادية الخالصة التركية - الإسرائيلية التي يقترحها يايجي، مؤيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يمكن أن تربط خط أنابيب الغاز الإسرائيلي المزمع إلى أوروبا عبر خط الأنابيب التركي الموجود بالفعل.


وقالت الصحيفة نقلا عن يايجي إن هذا الخيار سيكون "عمليا بدرجة أكبر ورخيص بالنسبة لإسرائيل مقارنة بمشروع إيست ميد".


أشارت بعض الصحف الإسرائيلية إلى وجود خيارين لنقل النفط بين الإمارات وميناء إيلات وهما إما استخدام ناقلات للنفط عبر البحر الأحمر، أو عبر إنشاء خط أنابيب يمتد داخل الأراضي السعودية، وهو الأمر الذي يتوقف على موافقة السعودية أيضًا.


ومن المتوقع أن يكون تأثير هذا المشروع محدودًا على إيرادات قناة السويس، بحسب ما ذكره الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، في تصريحات تليفزيونية.


وأشار ربيع إلى أن قناة السويس تستحوذ حاليا على 66% من إجمالي كميات البترول الخام المحتمل عبورها من القناة، والبالغة حوالي 107 ملايين طن مقابل بخط "إيلات - عسقلان" بكميات تبلغ 55 مليون طن.


وأوضح ربيع أن استخدام السكك الحديدية في نقل البضائع بين الإمارات والخط الإسرائيلي سيكون مرتفع التكلفة وكميات البضاعة المنقولة ستكون أقل بكثير مما لو تم نقلها بحريا.


ومع ذلك يرى ربيع ضرورة العمل على وضع خطة سعرية وتسويقية جديدة، ووجود صناعات جديدة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس تجذب السفن إلى موانئ شرق بورسعيد والسخنة وبالتالي عبور هذه السفن من قناة السويس.


وتابع ربيع: "كل هذه الموضوعات نحن ندرسها حاليا ونتحدث فيها بحيث يكون دائما معانا حلول جديدة لو الموضوع ده زاد للحد التنافسي الذي قد يقلقنا، ولكن حتى الآن العملية محدودة وتحت السيطرة".


وأشار إلى أن آثار نقل البضائع الخليجية إلى أوروبا عبر هذا الخط تتوقف على قناة السويس فقط رغم محدوديتها المتوقعة، ولكنها قد تمتد أيضا لعمل بعض الموانئ المميزة في السعودية والإمارات والبحرين وقطر وعمان، وهو ما سيتم وضعه في الحسابات الإماراتية والخليجية عند الإقدام على هذا الاتفاق، إضافة إلى عامل التكلفة المرتفع لنقل البضائع.


وقال ربيع: "ما زلنا نراهن على العروبة وأن تكون التجارة البينية بين الإمارات وإسرائيل لسلع محددة مطلوبة ولازمة ولكنها لا تؤثر على قناة السويس بشكل كبير".


ويقول الخبراء والمراقبون، إن إسرائيل تخطط لربط إيلات على البحر الأحمر بعدة مدن ساحلية مطلة على البحر المتوسط، من بينها تل أبيب وحيفا وأشدود ومدن عربية لنقل الركاب والبضائع، ليكون بديلًا ومنافسًا قويًا لقناة السويس، وقد قامت إسرائيل بأكبر تطوير في قطاع النقل، وهو ما ترجم بالفعل في إنشاء ميناء إيلات التجاري، وتحديث ميناء أشدود وعسقلان، بالتالي فإن الربط عبر خطوط السكك الحديدية سيحتاج إلى خطة موازية لتحديد المكاسب والخسائر لكل طرف، وليس فقط القبول والرفض للربط اللوجيستي.


كما تعتزم إسرائيل إنشاء مطار دولي على طراز عالمي في إيلات ليخدم المنطقة، لتكون على غرار مدينة شرم الشيخ. والواضح أن إسرائيل تعمل على تنفيذ خطة نتنياهو الاستراتيجية للربط بين الموانئ الإسرائيلية، وإنشاء الجسر البري الذي سيعد الطريق التجاري البديل لقناة السويس، وللصين دور بارز في إتمام غالبية المشروعات الإسرائيلية المقترحة في هذه المنطقة، لخبراتها المتراكمة في هذا السياق.


ويضيف الخبراء، أنه فقًا لاستراتيجية التحرك الإسرائيلي الراهن، فإنه سيكون على رأس الأولويات في الفترة المقبلة العمل على تحقيق مكاسب فورية من توقيع معاهدات السلام العربية الإسرائيلية، ولهذا ستعمل على تعجيل تنفيذ مشروع قضبان السلام، الذي لا يحتاج إلى مراحل تجهيز كبيرة، على أن يلي ذلك التخطيط لإقامة مراكز تنبيه استراتيجية، ومصارف شرق أوسطية في بعض العواصم العربية تدخلها إسرائيل شريكًا معلنًا، وغيرها من المشروعات الجاري الإعداد لها، إضافة إلى العمل على ربط الموانئ الإسرائيلية بالعربية، ومد شبكة الطرق السريعة لخدمة حركة الاستثمار التي ستعمل عليها إسرائيل في المديين القصير والمتوسط.


ابحث عن التطبيع


وكان المهندس وائل قدور، نائب رئيس هيئة قناة السويس السابق، قد قال في شهر يوليو 2019 في حديث لموقع «روسيا اليوم»، إن ترويج الخارجية الإسرائيلية لمشروع خط سكك حديد يربطها بدول الخليج "دعائي" بقصد التطبيع مع تلك الدول.


وأضاف أن "الحديث عن نمو اقتصادي وتبادل تجاري وحركة نقل البضائع بين الدول العربية وإسرائيل قديم، وتزامن مع توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، دون أن يتحقق الكثير من ذلك".


وأشار نائب رئيس هيئة قناة السويس السابق إلى أن "إسرائيل، وعلى أرض الواقع، تقوم بإنشاء خط سكة حديد بين إيلات وأشدود وهي ممولة من الصين".


وعن تأثير إنشاء تلك السكك الحديد على قناة السويس، قال إن "التأثير سيكون محدودا للغاية"، منوها إلى أن إنشاء سكك حديد بين دول الخليج وإسرائيل "يتطلب وجود علاقات تجارية، ومن ثم فالهدف هو الترويج للتطبيع في المقام الأول".


وأكد قدور أن تطوير اللوجستيات وعمليات نقل البضائع في قناة السويس بات ضرورة ملحة لمواجهة تلك التحديات مشيرا إلى أن هناك خطوات فعلية في هذا المجال.


المشروع الأمريكي الإسرائيلي للسلام في المنطقه


وقال اللواء تامر الشهاوي الخبير العسكري والأمني والضابط بالمخابرات العسكرية في حديث خاص لموقع «روسيا اليوم»، في شهر يوليو 2019، إن "مشروع سكك الحديد الإسرائيلية سياسي في المقام الأول، ويأتي ضمن المشروع الأمريكي الإسرائيلي للسلام في المنطقه، ولا يمثل أي تهديد لقناة السويس. 

وسبق لإسرائيل طرح عدة مشروعات لوجيستية على مدار السنوات الماضية، ولم يكتب لها النجاح المنشود، وما أعلن عنه الآن هو مشروع تم اعتماده عام 2005، بالاتفاق مع الحكومة الأردنية، رغم الرفض الشعبي الأردني له، حيث يصل مدينة حيفا بمدينة إربد شمال الأردن على عده مراحل، كما ربط إسرائيل بالسعودية عبر هذا المشروع لينتهي الخط بمدينة الدمام الواقعة على الخليج كمرحله نهائية".


ويشرح اللواء الشهاوي قائلا إن "المشروع يقوم على جزء من سكة الحديد الفلسطينية المرتبطة بسكة الحديد الحجازية (تحديدا خط مرج بن عامر) التي أوصلت المسافرين من حيفا إلى دمشق عن طريق بيسان ودرعا، والتي تم شقها في عهد الدولة العثمانية ودخلت الخدمة الفعلية عام 1906، وتوقفت كليا عام 1948، عندما فجرت المنظمات الصهيونية السكة لمنع تقدم الجيوش العربية قبل وأثناء حرب 1948، كما حدث في عملية ليل الجسور".


ويتابع الشهاوي قائلا: "كما أن المشروع يسير بموازاة جزء من خط أنابيب كركوك - حيفا الممتد سابقا بين حيفا والحدود الأردنية مع فلسطين التاريخية، وصولا إلى شمال العراق".


ويؤكد أن "الحكومة الإسرائيلية بدأت بإحياء هذا الخط الآن بغرض سياسي وتطبيعي في المقام الأول، ولن يحقق جدواه الاقتصادية ولن يكون أبدا منافسا لمجرى قناة السويس، فأي قطار مهما ينقل من حاويات لن يمثل شيئا لحمولة السفينة التي تصل إلى 23 ألف طن".


المؤامرات والمخططات على مصر مستمرة


يقول الدكتور محمد محمود على، عميد كلية النقل الدولي بالأكاديمية العربية للنقل البحري، أن إسرائيل تسعى لأن تكون مركز للطاقة والتجارة وتستعيض موقف مصر، مشيرا إلى إسرائيل تسعى لتدشين عصر جديد تكون فيه مهيمنة على المنطقة ومحور التجارة والاتصالات، حتى أن كابل الاتصالات أصبح الأن يمر من السعودية إلى إسرائيل ويتفادى المرور بمصر وقناة السويس، وقبله خط البترول من إيلات إلى عسقلان، بالإضاقة إلى مشروع السكة الحديد المعروف باسم «خط السلام».

الذي يعيد إحياء مشروع السكة الحديد القديم المعروف باسم «طريق الحجاز» الذي يربط إسرائيل بالأردن بدول الخليج، وبالتالي المنطقة كلها مقدمة على تحولات كبرى تحاول من خلالها إسرائيل أن تكون هي الأكبر نفوذا وسيطرة على التجارة والصناعة في المنطقة وتقدم نفسها على أنها شريك علمي وتقدم مشروعات بحثية للدول العربية وتنشئ مراكز للذكاء الاصطناعي في دول الخليج.


وأضاف«على»، لـ«النبأ»، أن هناك الكثير من الارهاصات والمؤشرات التي تكشف عن أن إسرائيل تسعى لإعادة تشكيل المنطقة وفقا لخريطة الشرق الأوسط الجديد التي كان مقررا تطبيقها في 2011، وهذه الخريطة يتم تطبيقها الآن ولكن بطريقة أخرى عن طريق التطبيع مع الدول العربية وبعض الدول الإسلامية مثل أندونيسا وباكستان وهذا في منتهى الخطورة، وبالتالي على مصر أن تكون جاهزة وتقدم بدائل لمواجهة هذه المشاريع التي تستهدف مصالحها.