رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بعد مرور شهرين على الدراسة.. نظام «التعليم الهجين» بعبع يهدد مستقبل الطلاب

التعليم الهجين
التعليم الهجين


أثار إصرار وزارة التعليم العالي، على اعتماد نظام التعليم الهجين، بين الحضور في الجامعات والتعليم عن بُعد، خلال العام الدراسي الحالي، كوسيلة لمواجهة عدوى كورونا، حالة من الجدل المجتمعي والطلابي، في ظل فشل تجربة «التعليم الأونلاين» في العام الدراسي الماضي.

وبعد مرور شهرين على انطلاق الدراسة، يقف العديد من الطلاب في حيرة من أمرهم فيما يتعلق بالجزء الخاص بالتعليم الإلكتروني، لاسيما طلبة الكليات العملية، فإلى أي مدى حققت تجربة «التعليم الهجين» نجاحًا من عدمه؟ وماذا عن عيوبه ومميزاته؟ وهل مازالت مشكلة التعليم الأونلاين قائمة؟ وأخيرًا هل أثر النظام الجديد على نسب حضور الطلاب الجامعات؟

تعليم مباشر وإلكتروني

29 يونيو الماضي، أعلن الأمين العام للمجلس الأعلى للجامعات، الدكتور محمد لُطيّف، إنه سيتم تقسيم الطلاب بالجامعات إلى مجموعات صغيرة، على أن كل عضو من أعضاء هيئة التدريس مسؤول عن عدد من المجموعات، وتطبيق نظام «التعليم الهجين»، والذي يجمع بين تنفيذ التعليم المباشر والتعليم عن بُعد معًا، بنسبة 60% مباشر و40% إلكتروني بالكليات العملية، و50% تعليم مباشر و50% تعليم عن بُعد للكليات النظرية.


ورغم أنه كان هناك العديد من الشكاوى من تجربة التعليم الإلكتروني مسبقًا، إلا أن التعليم العالي، قررت أن يكون «التعليم الهجين» نظامًا دائمًا وليس إجراء مؤقتًا بسبب فيروس كورونا.


وحدد نظام «التعليم الهجين» نسب حضور للطلاب بمختلف الكليات، على أن تكون يومين للكليات النظرية، و3 أيام للكليات العملية، وأن تتم الدراسة باقي أيام الأسبوع من خلال التعليم عن بُعد، مع عقد الأنشطة والحلقات النقاشية إلكترونيًا.

نظام مُجهد

"نظام الهجين مُجهد بالنسبة للكليات العملية؛ لأن الدكاترة معتمدين على المحاضرات ونسبة التعليم عن بُعد مش مفعلة"، بهذه الكلمات وصف الطالب بكلية الزراعة جامعة أسيوط، يوسف أحمد، نظام الهجين وفقًا لخطة تطبيقه في كليته، "المشلكة إن محاضرات وسكاشن الأسبوع كله مضغوطة في 3 أيام، فبناخد معظم اليوم من 8 الصبح لغاية 6 بالليل".

"المشكلة إننا مطالبين نركز طول الـ 8 ساعات في كم كبير من المناهج في أكتر من مادة ودا مرهق جدًا"، وفقًا لـ «يوسف».

رغم ما يعانيه يوسف وزملائه من ضغط بسبب عدم تفعيل نسبة التعليم الإلكتروني، إلا أنه يرى أن من حسنات نظام «الهجين»، تقسيم الطلبة إلى مجموعات، ليس فقط كإجراء احترازي للوقاية من كورونا، ولكن من شأنه خلق قدرة كبيرة من استيعاب الطلبة لكم المناهج الكبير الذي يتلقونه خلال اليوم الدراسي.

تعليم إلكتروني مع وقف التنفيذ

مازالت أزمة البنية التحتية للتعليم الإلكتروني قائمة، فبرغم أن الأمين العام لمجلس الجامعات، الدكتور محمد لُطيّف، له تأكيدات عدة صرح بها بشأن إطلاق منصة إلكترونية جديدة وتطبيق نظام إلكتروني جديد بالتعاون مع وزارة الاتصالات، فضلُا عن الإشارة إلى أن هناك 700 مقرر إلكتروني بالجامعات بالفعل، ويجري العمل على زيادتها، وأنه سيجري ربط النظام الإلكتروني الجديد ببنك المعرفة لتوفير كافة المصادر والمراجع.

رغم تأكيدات «لُطيّف» إلا أن الواقع يختلف، ويقول يوسف: "احنا أخدنا الموقع، وفيه فيديوهات مسجلة لبعض الدكاترة بتشرح، بس ما نزلش عليه غير مادة واحدة بس".

يحاول بعض الأساتذة حل المعضلات التي تواجههم بقدر الإمكان، من خلال الاعتماد على التعليم المباشر بشكل كلي، أو من عبر اللجوء إلى بعض تطبيقات التواصل الاجتماعي كوسيلة للوصول للطلبة عوضًا عن المنصة الإلكترونية الرسمية غير المفعل دورها، ويقول يوسف: "معظم الدكاترة خلصت المناهج في المحاضرات، ما فيش غير دكتورة واحدة مخلصتش، وبدأت تنزل لنا فيديوهات تشرح فيها باقي المنهج على جروب على التليجرام ولكن بنفس أسلوب المحاضرة".

تلاوة عطرة

الأسلوب التقليدي مازال يسيطر على المشهد، رغم إعلان وزارة التعليم العالي مرارًا وتكرارًا أنه سيتم تدريب الأساتذة بمختلف تخصصاتهم على التعامل مع الوسائل التكنولوجية؛ لضمان تفعيل نسبة التعليم الإلكتروني، إلا أن وفقًا لما يقوله، عبدالرحمن غريب، طالب بكلية الهندسة تخصص ميكانيكا، بجامعة السويس، فالواقع يختلف تمامًا: "فيه دكاترة بتقرأ السلايد بس، تحس إنهم بيقروا تلاوة عطرة".

ويتفق الطالب بكلية الهندسة جامعة حلوان، محمد وليد، مع «غريب»: "المشكلة لسه زي ما هي، السنة اللي فاتت الدكاترة كانت بتبعت المحاضرةpdf، وبكدا تبقى المحاضرة خلصت، وصباح الخير على نظام التعليم عن بُعد".

رغم فرض نظام «التعليم الهجين» والإصرار على تطبيقه لكل مادة بشكل منفرد ومحاولة إثبات نجاحه بـ «العافية»، إلا أنه نجح في الكليات النظرية لطبيعة تخصصاتهم، التي لا تتطلب أداء ومهارة عملية أو معدات وأجهزة ومعامل؛ ولذلك هو لا يصلح على أي وضع للمواد العملية، بحسب عضو هيئة التدريس بكلية التربية الموسيقية بجامعة حلوان، الدكتور وائل كامل.

الطالب مطحون

مشكلات عدة ظهرت في التعامل مع «التعليم الهجين»، بحسب «كامل»، تمثلت في تكثيف الجداول الدراسية لكل فرقة في بعض الكليات وحددتهم في 3 أيام، من الثامنة صباحًا وحتى الخامسة عصرًا متواصل وبدون راحات، الأمر الذي يعد إرهاقا وضغطا للطلاب؛ لاسيما وأن الغالبية منهم يقضون ساعات في المواصلات في طريقهم إلى الجامعة.


"إزاي نطلب من الطالب تكليفات أو مذاكرة، في الـ 3 أيام دراسة دي، وهو منهك، أو حتى نقرر عليه محاضرة عن بُعد!"، بهذه الكلمات يستنكر وائل كامل، أسلوب تطبيق نظام «التعليم الهجين»، الذي يعد ضغطًا على الطلاب.

ولم تتوقف المشكلات التي ظهرت عند تطبيق «التعليم الهجين» عند هذا الحد، -من وجهة نظر- «كامل»، بل هناك مشاكل بطء الإنترنت وانتهاء الجيجات (سعة التحميل والرفع)، التي يتحملها الطالب وعضو هيئة التدريس، بخلاف مشاكل السوفتير نفسه وبرنامج تيمز، وتوقف خدمات رفع الفيديوهات أو الملفات.


ويشير «كامل» إلى أن تطبيق تجربة «التعليم الهجين» على الكليات العملية، والتي يُدّرس بها بعض المواد النظرية، كشف عن جوانب قصور عديدة، وظهرت آراء تطالب أن يتم التعامل بـ «التعليم الهجين» في الكليات العملية كوحدة واحدة، بالنسبة لحضور الطالب في كل المواد، ويتم تدريس كل المواد النظرية بالكليات العملية عن بُعد والتخصصات العملية التي يصعب التعامل معها عن بُعد، تُدرس بالشكل التقليدي بشكل كامل.

حل مُقترح

المُقترح المطروح من قِبل وائل كامل، بالنسبة لإيجاد معايير جديدة لتطبيق نظام «التعليم الهجين»، يشمل تحقيق نفس نسب التعليم المباشر والإلكتروني المُقررة في النظام الذي أقرته الوزارة، ربما تزيد أو تنقص، على افتراض أن كلية ما بها 40 أو 50٪ من موادها نظري، فيصبح نظام التعليم للمواد النظري عن بُعد، على أن يتم تلقي الطلاب للمواد العلمية عبر التعليم المباشر التقليدي، وبهذا سيتم تحقيق هدف تقليل التجمعات ولا يؤثر على المخرجات التعليمية وحصيلة الطالب.


ويختتم «كامل» حديثه مع «النبأ»، بأنه لا نستطيع الحكم على نسب حضور الطلاب وربطها بـ «التعليم الهجين» فقط؛ لاسيما وأن هناك حالات كورونا يتم اكتشافها بين الطلبة، والطالب يغيب عن الدراسة العادية، كما أن المخالط له أيضًا الحق في الغياب.

جيد ولكن..

«التعليم الهجين» وسيلة جيدة ومجدية من للحفاظ على الطلبة وأساتذة الجامعات، بل إنها تتوافر فيها معايير تمكن الطالب من التحصيل الدراسي، سواء من خلال التعليم المباشر أو التعليم الأونلاين، بحسب أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة، الدكتور حسين حمودة.

ويرى «حمودة» أن العديد من الجامعات انتبهت إلى ما يتعلق بالمشكلات التقنية في وسائل التواصل بين الأساتذة والطلاب، وباتت تلك المشكلات أقل مما كانت عليه أثناء تجربة «التعليم الأونلاين» في العام الجامعي الماضي.

واختتم حسين حمودة حديثه مع «النبأ»، بالتأكيد على أن هناك بعض المشكلات المتعلقة بتطبيق ذلك النظام على الكليات العملية، واقترح إعادة توزيع النسب بين التعليم المباشر والإلكتروني، على أن تكون نسبة التعليم المباشر أكبر بالنسبة للمواد العملية دون النظرية؛ لضمان حصول الطالب على القدر الكافي من المادة العلمية المقرر دراستها خلال السنة الدراسية الحالية بصورة مضبوطة.