رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

اشتعال «فتنة» المال السياسى فى انتخابات البرلمان

أبو هشيمة
أبو هشيمة

دائمًا ما يظهر الحديث عن «المال السياسي» في كل انتخابات؛ بل يلاحظ أن غالبية الخاسرين في الجولة الأولى من الانتخابات برروا هذا السقوط بلجوء منافسيهم إلى الإنفاق بصورة فجة، وتقديم الرشاوى الانتخابية للمواطنين؛ للفوز بالكرسي.

وعلى الرغم من ذلك، فإن أحمد أبو هشيمة، عضو مجلس الشيوخ ورجل الأعمال المعروف، نفى وجود ما يسمى بـ«المال السياسي في مصر».

وقال أبو هشيمة: «أي حزب بالعالم لم يقم على مال رجال الأعمال»، وتابع متسائلًا: «هل رجال الأعمال فقط هم الموجودون بالحزب؟!.. كل الفئات المجتمعية موجودة بالحزب».

وأضاف رجل الأعمال أنّ البرنامج الانتخابي للنائب يستلزم وجود أموال، لافتًا: «كلمة مال سياسي الناس بتحاول تستفز بيها الناس وتخوفهم بكلام غير حقيقي تلك الكلمة غير موجودة في العالم بأكمله بل هناك دعاية انتخابية».

وقال «أبو هشيمة» على صفحته بـ«فيس بوك»: «خلينا نفرق بين المال السياسي المجرم قانونا والدعاية الانتخابية المشروعة».

وتابع: «المال السياسي دعم سري لمرشح كشراء النائب وتحويله لعميل لجهة داخلية أو خارجية والدعاية الانتخابية علنية بحكم القانون ومراقبة من اللجنة العليا للانتخابات. حتى لو تم استخدام المال أو أي نوع من أنواع الدعاية الانتخابية المادية من حق الناخب إنه يختار إللي هو عايزه محدش رقيب عليه على الصندوق».

واستكمل: «المال السياسي يستهدف شراء الفائزين في الانتخابات لتبني قرارات ضد صالح البلد وده مستحيل من مرشحي قائمة وطنية معروف تاريخ من فيها ونفس الكلام بالنسبة للمرشحين الفردي سواء اللي دفعت بهم الأحزاب أو المستقلين. الدعاية الانتخابية لا تعني بالضرورة أنه من أنفقها من جيبه الخاص، هناك مؤيدون ومناصرون يعبرون عن دعمهم للمرشح، أو تكون الدعاية من الحزب أو الائتلاف».

كما حذر عدد من مرشحي انتخابات مجلس النواب 2020، من استغلال المال السياسي من قبل بعض الفاسدين في التأثير على الناخبين وإفساد المشهد الانتخابي.

ووزع النائب عبد الحميد كمال بيانا سياسيا على المواطنين بمحافظة السويس يحذر من محاولة المال السياسي وبعض الفاسدين من إفساد المشهد السياسي لانتخابات مجلس النواب بالسويس.

وأعلنت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان في تقاريرها المتتالية، لمتابعة سير العملية الانتخابية، عن رصد مجموعة من المخالفات الانتخابية في بعض اللجان.

وأضافت المنظمة أن تلك المخالفات تتمثل في ظهور المال السياسي بشكل واسع في الساحة الانتخابية وعدم التزام المرشحين أو من ينوب عنهم بالصمت الانتخابي الصادر بقرار الهيئة الوطنية للانتخابات، وحدوث مشادات بين أنصار المرشحين بسبب دفع الرشاوى الانتخابية.

كما رصدت المنظمة قيام بعض المرشحين المستقلين والتابعين لبعض الأحزاب بتوزيع رشاوى انتخابية ومبالغ مالية ومواد غذائية وتموينية على المواطنين في عدد من الدوائر على مستوى الجمهورية، ورصدت استعانة بعض المرشحين بالتوك توك والسيارات والميكروباصات لنقل الناخبين إلى مقار التصويت، وقيام بعض المرشحين بتشغيل الأغاني الوطنية لحث وتشجيع المواطنين على المشاركة في الانتخابات.

يقول الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية، بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، إن ظاهرة المال السياسي موجودة منذ النشأة الأولى لمجلس النواب فى مصر عام 1866، وكانت محاولة استغلال الأغنياء لعوز الفقراء واردة ولكن ازدادت مع مر الزمن حتى وصلنا لمراحل ما قبل 2011 وفكرة انتشار المال السياسى بدرجة كبيرة للغاية والذى أدى إلى وجود أشخاص لا يقدمون أى دور فى البرلمان.

وأوضح «سلامة» أنّه خلال الفترة المقبلة سوف نشهد أكثر من انتخابات، والهيئة الوطنية للانتخابات تمارس دورا مهما في ضبط عملية المال السياسى وعدم الإسراف فى استغلاله بمجموعة من الضوابط، والتى من المفترض أن يلتزم بها المرشحون، وهو دور مطلوب من قبل الدولة.

وأضاف أنّ هناك دورًا آخر وهو دور المواطن والذى سوف يتحسن من وقت لآخر عندما يدرك أن استغلال حالة عوز المواطن البسيط من خلال المال السياسي حالة مؤقتة ويعطى فرصة لوصول أشخاص لأماكن لا يستحقونها، فوعى المواطن يزداد من وقت لآخر وهذا دور الإعلام والمجتمع المدني والأحزاب لتوعية المواطن، ويؤكد حقيقة مهمة أن صوته أمانة، لو أن الانتخابات المقبلة أتت بنسبة 60% دون مال سياسى فهو أمر جيد للغاية، موضحا أن هناك فرقا بين المال السياسي والدعاية الانتخابية لأن كل مرشح يحتاج إلى تمويل لعمل بنرات وسرادقات حتى يستطيع أن يشرح برنامجه الانتخابى وهو أمر مطلوب أما استغلال حالة العوز فهو أمر مرفوض شكلا وموضوعا ومجرم.

ولفت إلى أن المال السياسى فى الانتخابات موجود فى جميع دول العالم وليس مصر فقط، لأن الأوضاع الاقتصادية فى الدول غير مستقرة ويوجد نسب كبيرة من البطالة والفقر فيظهر فيها المال السياسى.

ويقول ناجى الشهابي، رئيس حزب «الجيل»، إنّ المسيطر على المشهد الانتخابي الآن هو رأس المال السياسي، وهذه جريمة انتخابية مكتملة الأركان، حيث تنتشر الرشاوى الانتخابية والوسطاء أمام اللجان، وهذا المشهد لا يبشر بالخير، مشيرا إلى أن تأثير المال السياسي أصبح كبيرا جدا وأصبحت لديه قدرة على حسم النتائج، ولو كان هناك إقبال شعبي على التصويت لتلاشت سلطة المال السياسي، وأمام هذا المشهد أصبح المال السياسي هو المتحكم في تشكيل برلمان مصر القادم، وهذا مؤشر خطير جدا ويؤكد على وجود شيء خطأ في مصر، وهذا يتطلب مراجعة فورية وسريعة من الدولة، فلا يمكن أبد أن تتحرك البلاد بهذه الصورة في المستقبل، وخاصة وأن البرلمان هو أخطر مؤسسة شعبية في مصر لها صلاحيات تشريعية ورقابية، عندما يسيطر على البرلمان رأس المال المتوحش فلن يكون هذا البرلمان ممثلا حقيقيا للشعب المصري، مؤكدا على أن ما يحدث أعنف مما كان يحدث في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.

وأشار إلى أنّه في عهد «مبارك» كانت هناك قواعد ومعايير تحكم هذا الموضوع، المعيار الوحيد الآن هو امتلاك المال فقط بصرف النظر عن مصدر هذا المال، موضحا أن المال السياسي في أمريكا والغرب له ضوابط وقواعد صارمة يحددها القانون وتقوم على التبرعات، لكن ما يحدث في مصر هو جريمة رشوة مكتملة تقع تحت سمع وبصر الجميع.

ويقول اللواء رؤوف السيد، رئيس حزب «الحركة الوطنية»، إنه يجب التفرقة بين الرشاوى الانتخابية وبين التبرعات، مؤكدا أنّ ما يحدث من توزيع بعض المبالغ على بعض المواطنين غير القادرين ونقل بعض المواطنين إلى لجان التصويت بالباصات والتكاتك ومنح الناخب 50 لشراء ساندوتش لا يدخل ضمن الرشاوي الانتخابية أو ما يسمى المال السياسي، مشيرا إلى أن ذلك نوع من المساعدة والتبرع لغير القادرين من أجل الوصول إلى مقار اللجان الانتخابية، لافتا إلى أن المال السياسي موجود في العالم كله، ولكن في ظل وجود ضوابط وقواعد معينة منها، أن الحزب هو الذي يقوم بالصرف على الدعاية الانتخابية من خلال التبرعات التي يقدمها المرشحين للحزب، لكن المشكلة في مصر هي أن المرشح هو الذي يقوم بالإنفاق على الدعاية الانتخابية وهذا يؤدي إلى حدوث بلبلة.

وأوضح أن ما يحدث في مصر هو استخدام خاطئ للمال وليس رشاوى انتخابية، لافتا إلى أنّ مصر في حاجة إلى وضع ضوابط وشروط منظمة للإنفاق على العملية الانتخابية، مؤكدًا أنه لا يعترف بشيء اسمه «الزواج بين السلطة والمال»، موضحا أنه من حق أي مواطن غني أو فقير الترشح في الانتخابات، مشيرا إلى أن الترشح حق قانوني ودستوري لكل مواطن تنطبق عليه الشروط سواء غني أو فقير.