رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

دلالات نمو الاقتصاد الصيني وتأثيره على الحرب الأمريكية الباردة

النبأ


نما الناتج المحلي الإجمالي للصين 4.9 في المائة في الربع الثالث، ليصل النمو في الأرباع الثلاثة الأولى إلى 0.7 في المائة مقارنة بالعام الماضي، حيث تشير البيانات الرسمية إلى أن الاقتصاد الصيني انتعش مرة أخرى إلى المنطقة الإيجابية بعد وضع كوفيد-19 تحت السيطرة.


ويضع هذا المعدل من النمو الصين في مكانة رائدة فيما يتعلق بعملية التعافي من تأثيرات فيروس كورونا الجديد في وقت تواصل الدول الأخرى الكفاح من أجل احتواء الفيروس، ومن المتوقع أن يستمر التعافي في الربع الرابع القادم لضمان نمو شامل للعام بأكمل بنسبة 2.3 في المائة.


-أسباب النمو

يعود توسع الناتج المحلي الإجمالي الصيني في الربع الثالث إلى تسارع الانتعاش الاقتصادي في البلاد وسط تعافي الاستهلاك المحلي والصادرات التي جاءت أفضل من المتوقع وتحسن الاستثمارات.

وبلغ إجمالي الناتج المحلي للصين في الأرباع الثلاثة الأولى 72.28 تريليون يوان (10.80 تريليون دولار)، مع عودة مبيعات التجزئة في الربع الثالث إلى المنطقة الإيجابية للمرة الأولى هذا العام، ونمو الاستثمار في الأصول الثابتة للمرة الأولى من يناير إلى سبتمبر.

وبحسب التصريحات الرسمية، فإن الصين أكملت أيضا 99.8 في المائة من هدفها لعام 2020 بخلق 9 ملايين وظيفة في المناطق الحضرية .وارتفع الناتج الصناعي الصيني بنسبة 5.8 في المائة في الربع الثالث وقفزت الصادرات 10.2 في المائة على أساس سنوي، وفقا للمكتب الوطني للإحصاء.

وتشير قراءة الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للصين في الربع الثالث كان يجب أن يرتفع بنحو 6 في المائة ليطابق أحدث توقعات صندوق النقد الدولي بمعدل نمو سنوي يبلغ 1.9 في المائة في عام 2020، وفقا لحسابات مستقلة.

- إيجابيات وسلبيات

في إيجابيات قراءة البيانات، يرى المحللون أن النمو بنسبة 4.9 في المائة يظهر بالفعل أن الصين قد أخذت زمام المبادرة في تحقيق الانتعاش الاقتصادي حتى مع دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود. ووفقا لصندوق النقد الدولي، سينكمش الاقتصاد الأمريكي بنسبة 4.3 في المائة هذا العام، بينما سينكمش الاقتصاد الألماني بنسبة 6.0 في المائة والهند 10.3 في المائة.

وتوقع تقرير صادر عن معهد تشيزينغ أن تزيد حصة الصين في الاقتصاد العالمي إلى 14.5 في المائة هذا العام من 13.6 في المائة في عام 2019، مما سيسهم في الاقتصاد العالمي الذي سينكمش بنسبة 4.4 في المائة.

وعلى الصعيد المحلي، تشير البيانات إلى أن مبيعات التجزئة في الصين تخرج بوضوح من "الصدمة العميقة" التي أحدثها فيروس كورونا.

أما في سلبيات القراءة، فيرى بعض المحللين أن هناك الكثير من الجوانب في الأرقام تثير القلق. إذ لا يزال الاستهلاك الحالي بطيئا نسبيا بسبب الافتقار إلى إجراءات تحفيز قوية. كما أن التعافي البطيء في قطاع الخدمات، الذي يوفر غالبية الوظائف لخريجي الجامعات الجدد، وارتفاع نسبة ديون الأسرة إلى الناتج المحلي الإجمالي يشكلان تحديا أيضا.

- تأثير مزدوج

معدل النمو الأخير هو أول نمو إيجابي تراكمي للناتج المحلي الإجمالي منذ تفشي فيروس كورونا الجديد. وينظر إليه على نطاق واسع على أنه إنجاز بارز على تطور اقتصاد الصين بشكل مطرد وسط الوباء العالمي وتأثيره يتجاوز الوجه الاقتصادي.

وجهة النظر هذه حملتها صحيفة غلوبال تايمز الصينية في افتتاحية لها قائلة: "إن هذا النمو لا يعكس إنجازات الصين في حربها ضد كوفيد-19 والانتعاش الاقتصادي في قدرات البلاد بالمقارنة مع العالم الخارجي فحسب، بل يدل على أن الصين دولة لا تخضع للضغوط ويمكنها الوفاء بوعودها".

ورغم أنها اعتبرت الإنجاز السلس للنمو 4.9 في المائة والنمو بنسبة 0.7 في المائة بمثابة دفعة قوية لثقة المجتمع الصيني مجددا، إلا أنها قالت إن الاقتصاد الصيني لا يزال يعاني من مشاكل كثيرة عالقة. "لكن من الواضح الآن أن الصين أصبح لديها القدرة على القيام بكل شيء بشكل جيد". 

وأضافت: "إن شن الولايات المتحدة حربها التجارية ضد الصين ترك العديد من الصينيين متوترين للغاية، مع ذلك، فإن التأثير الفعلي للحرب التجارية أقل بكثير مما كنا قلقين منه في البداية. وقد وصل ضغط الفصل الأمريكي إلى ذروته حتى الآن، وستكون الحرب الباردة الجديدة التي بدأتها الولايات المتحدة ضد الصين مزعجة، لكن القليل فقط يجدونها مخيفة ".

وتسبب الوباء في خسائر للصين لكنه لم يتسبب في إصابات داخلية. وبدلا من تفاقم مشكلة معينة في الصين أو تمزيق المجتمع الصيني، دفع الوباء الصين إلى اكتشاف المشكلات وساعدها في تحقيق مزيد من النمو من خلال القضاء على هذه المشكلات والتخفيف من حدتها.