رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل تجميد «5» قوانين مثيرة للجدل فى البرلمان

النبأ

انتهى مجلس النواب من دور الانعقاد الخامس، ولكنه لم يحسم بعد مصير عدد كبير من القوانين، والتى ظلت حبيسة «الأدراج»، في أجندة تشريعية لم يكتب لها الخروج إلى محطتها النهائية بجدول الجلسات العامة واقتصر وجودها داخل اللجان النوعية المعنية بمناقشتها.


اللافت في الأمر أن هذه القوانين بعضها تمت مناقشته، ولكن توقف مسار المناقشة عند حد إعداد التقرير النهائي، ومنها ما تمت إعادته للحكومة مرة أخرى لنظر ملاحظات اللجنة المعنية عليه، ومنها ما زال في طور المناقشة حتى الآن داخل اللجان.

وكشفت اللجنة التشريعية بمجلس النواب مصير تلك القوانين، بقولها "أي تشريع سواء مقدم من الحكومة أو من أعضاء مجلس النواب، يسقط مع انتهاء الفصل التشريعي، ما يعنى أن الحكومة مع بداية الدورة البرلمانية المقبلة بهذه القوانين ملزمة مرة أخرى لاستكمال مناقشتها، بعد إجراء التعديلات اللازمة عليها إذا تغير شيء في الملف الذي ينظمه القانون التابع له".

وترصد «النبأ» أهم وأبرز مشروعات القوانين التى تعطل قطار العمل بشأنها في مجلس النواب ومن ثم مناقشتها وإقرارها، وكذلك الجدل الذي صاحبها سواء في الحكومة أو البرلمان، كالآتي..

قانون الإيجار القديم

يعد هذا القانون من أهم القوانين وأبرزها، لما له من قاعدة مجتمعية واسعة، إذ يخاطب مُلاك حوالي ٣ ملايين شقة، أي حوالي ١٢ مليون مواطن -بافتراض أن متوسط الأسرة الواحدة ٤ أفراد-،حيث يتضرر الملايين من الملاك من قانون الإيجار القديم بسبب ضعف القيمة الإيجارية التى يحصل عليها المالك من المستأجر، على الرغم من تغير الظروف الاقتصادية الحالية وثبات القيمة الإيجارية التى يحصل عليها المالك دون حدوث أى تغيير فى قيمتها بسبب هذا القانون.

 

وتطرق القانون عند مناقشته لعدد من المقترحات التى تم الحديث عنها لتعديله منها: منع توريث "العين المؤجرة"، إلا في حالة الابن القاصر، وأن يتم الاحتكام لثمن جرام الفضة لتحديد القيمة الإيجارية، وهو ما كان معمولا به فى فترة إقرار القانون القديم، على أن يتم انتزاع الوحدات المؤجرة التى مّر على عدم استعمالها وغلقها ثلاث سنوات، وتقسيم المحافظات إلى مربعات يتم تحديد الإيجار وتثبيته لمدة لا تزيد على 10 سنوات، على أن يتم الاتفاق على رفع قيمة الإيجار بشكل سنوى بنسبة معينة. 

 

وعلى الرغم من أن هذه التعديلات أوجدت حالة من الأمل لدى الملاك، إلا أن هذه التعديلات لم يرد منها شيء على القانون ولم يتم إقرارها بعد، على الرغم من الخلافات الممتدة منذ سنوات طويلة بين الملاك والمستأجرين التى تكشف عنه تزاحم الدعاوى القضائية بساحات القضاء.

وفي تصريحات لوزير شئون المجالس النيابية كشف فيها عن أسباب تأخره، وقال إن الحكومة تعد مشروع قانون للإيجار القديم وتريد الخروج بمنتج لا توجد به أى مشكلات، وتوافقى يرضى جميع الأطراف، لما له من آثار اجتماعية واقتصادية، لذا لا يجب ألا يخرج للنور قبل الخضوع للحوار المجتمعى الموسع.

 

قانون الأحوال الشخصية 

على مدار «5» سنوات هى مدة انعقاد البرلمان، لم تنقطع المطالبات بتعديل أو تغيير قانون الأحوال الشخصية، لما له من آثار سلبية، على المجتمع، بحسب تعبيرهم، خاصة فيما يتعلق بمواد الحضانة والرؤية.

ورغم استجابة أعضاء البرلمان وتقدم عدد من النواب بمشروعات قوانين وتعديلات على قانون الأحوال الشخصية أبرزهم مشروع قانون فؤاد للأحوال الشخصية، وتعديلات النائبة هالة أبو السعد على المادة 20 من قانون الأحوال الشخصية، لتكون حضانة الطفل للأب بعد وفاة الأم وتعديلات النائب سمير أبو طالب على المادة نفسها، وتعديلات النائب عاطف مخاليف على مشروع قانون الأحوال الشخصية، إلى جانب إعلان الحكومة العمل على مشروع قانون للأحوال الشخصية، إلا أن القانون ظل حبيس الأدراج، رغم المناقشات والجدل الذي دار حوله. 

 

قانون الإدارة المحلية 

يرجع البعض فساد المحليات، وتفشي ظاهرة البناء المخالف لعدم وجود قانون حاسم يحد من الكوارث التى تحدث بالمحليات، لذا كانت الحاجة الملحة لوجود قانون يحكم سيطرتها، ولكنه ظل هو الآخر مجرد مشروع لم يخرج للواقع.

 

وكانت مناقشة القانون قد تعثرت فى وقت سابق خلال إعلان رؤساء هيئات برلمانية عدة رفضه من حيث المبدأ، ومطالبتهم بإعادة صياغته من جديد، أبرزهم: مستقبل وطن، والوفد، الأمر الذى دفع رئيس المجلس وقتها بإعلان تأجيل المناقشة لموعد لاحق، حتى لا يصطدم المجلس بنص لائحي يمنع مناقشة مشروع القانون مرة ثانية فى نفس دور الانعقاد فى حالة رفضه من حيث المبدأ.

 

وقال رئيس مجلس النواب، الدكتور على عبد العال عن عدم مناقشته: "هذا القانون انتهت منه لجنة الإدارة المحلية، وعلى رأسها المهندس أحمد السجينى، وقام مع أعضاء اللجنة بدراسة هذا التشريع دراسة مستفيضة وقاموا بعمل دراسة مقارنة مع التشريعات المماثلة عالميًا، كما قاموا باتباع منهج علمي تحليلي في الدراسة، ونجح وزملاؤه فى إعداد هذا القانون.. حتى خرجنا به من الإطار التقليدى لقوانين الإدارة المحلية التقليدية إلى قانون عصري حديث يؤسس لمجالس محلية نشطة ولديها أكثر قدرة للعمل على الأرض.

 

وتابع عبد العال: "اختلفت الآراء حول توقيت البدء بانتخابات مجلسي الشيوخ والنواب أم المحليات.. وبعد مناقشات انتهينا إلى أن الأكثر مناسبة لظروفنا أن نفرغ من قوانين انتخاب مجلسى الشيوخ والنواب.. على أن ننجز بعده مشروع قانون الإدارة المحلية.

 

قانون تنظيم دار الإفتاء

جدل آخر أثاره مشروع قانون  تنظيم دار الإفتاء، انتهى برفض الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف له.

وبعث شيخ الأزهر الشريف، خطابًا للدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، مطالبًا بحضور الجلسة العامة المنعقدة لمناقشة مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء -حال الإصرار على إقرار هذا المشروع رغم ما به من عوار دستوري- وفاءً بالأمانة التي أولاها الله تعالى له، وعرض رؤية الأزهر في ذلك المشروع الذي من شأن إقراره أن يخلق كيانًا موازيًا لهيئات الأزهر، ويجتزئ رسالته، ويُقوِّض من اختصاصات هيئاته.

وأكد شيخ الأزهر، في بيان صحفي له، أن الدستور جعل الأزهر -دون غيره- المرجع الأساس في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، والمسؤول عن الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم، مؤكدا فضيلته على أنه من المسلَّم به أنَّ الفتوى الشرعية من الشؤون الإسلامية وعلوم الدين التي يرجع الأمر فيها لرقابة الأزهر الشريف ومراجعته.

وهو الأمر الذي، جعل رئيس مجلس النواب يعيد مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء المصرية، المقدم منه و60 نائبا آخرين، إلى لجنة الشئون الدينية والأوقاف، للنظر في ملحوظات قسم التشريع بمجلس الدولة وإعداد تقرير بذلك.

أزمة الصناديق الخاصة

تعد أزمة الصناديق الخاصة هى الأبرز من نوعها، إذ تمس ما يقرب من 350 ألف عامل، يعانون من عدم انتظام رواتبهم وتوقف درجاتهم وترقياتهم وندبهم بسبب تعيينهم على تلك الصناديق.

ورغم تضامن النواب معهم، إلا أن مشروع ضمهم على موازنة الدولة  تعطل وسط استغاثات ومناشدات بضرورة حل الإشكالية.

وفي هذا السياق، قال محمد الحسيني، وكيل لجنة التنمية المحلية بالبرلمان، إن سبب عدم إقرار قانون الإيجار القديم يعود إلى عدم انتهاء اللجنة من مناقشته بسبب تباين الآراء واختلافها.

وأضاف في تصريح لـ"النبأ" أنه لا يوجد أي مشكلات تسببت في تعطل خروج القانون، متابعا "القانون لم ينته حتى يخرج للنقاش في الجلسة العامة ومن ثم إقراره".

بدوره قال عبد المنعم العليمي، عضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، إنه كان هناك تنسيقا بين السلطة التنفيذية والتشريعية في كافة القوانين المعروضة على المجلس، مشيرا إلى أن تعطل بعض القوانين جاء بسبب قانون التصالح على مخالفات البناء وما أثاره من جدل بين المواطنين.

وأضاف في تصريح خاص لـ"النبأ" أن قانون تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والذي يهم المجتمع المصري كله، إلا أنه لم يتم إقراره أو مناقشته بسبب قانون التصالح ومخالفات البناء والذي بدوره عطل كثيرا من القوانين في المجلس، خاصة أنه يمس كثيرا من القضايا مثل هذا القانون، وهو ما جعل الحكومة ترى تأجيله، متابعا "رؤية اجتماعية ولها أبعادها السياسية".

ورفض ما تردد عن عدم معاونة الحكومة للبرلمان في إقرار القوانين لبعض الأزمات، قائلا "البرلمان يتحدث ويعمل من خلال منظوره الشعبي ولكن السلطة التنفيذية تأخذ الرؤية من كافة الاتجاهات خاصة أن لديها أجهزة رقابية ترصد من خلال أبعادها الحقيقة وتأثيراته على العكس البرلمان الذي لا يملك تفاصيل الواقعة وغير ملم بها.

وتابع: مازالت الفرصة قائمة حتى ٩ يناير 2021 ولم يصدر قرار من رئيس الجمهورية بفض الدورة، وبالتالي هناك قوانين مفاجئة من الممكن أن يناقشها ويجتمع مرة أخرى.

وأشار إلى أن قانون الإجراءات الجنائية، وتنظيم عمل المأذونين والأموال الشخصية كانوا أيضا من القوانين التى تمت مناقشتها داخل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية وأبدت رأيها بشأنها ولكن وجدنا عدم الموافقة على استكماله".

وتابع: الأزمة أنه لم يكن هناك رؤية كاملة بشأن قانون مخالفات البناء وعمل مشاكل في بدايته وتسبب في عمل هزة في المجتمع المصري، لذا كانت هناك رؤية بأنه لابد بأن يتم التريث في مناقشة القوانين الأخرى حتى نتمكن من إنهاء مشكلات البناء المخالف وحل الأزمة.

في المقابل، أشار النائب عمرو الجوهري، عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، إلى أن مجلس النواب فشل في حل الأزمة بسبب الحكومة.

وأضاف في تصريح خاص لـ"النبأ" أن البرلمان ناقش على مدار دورة كاملة وهى ٥ سنوات، أزمة العاملين بالصناديق الخاصة ولم يصل لحل بشأنهم.

وأضاف أن أزمة الـ350 ألف موظفٍ، ترتبط بعدة جوانب، أولها الوزارات أنفسها التى ترفض ضم صناديقها للموازنة العامة، بالإضافة إلى المالية التى تخشى من تكبد الأعباء المالية.

وأضاف «الجوهري» في تصريح خاص لـ«النبأ» أنّ مجلس النواب لم يتمكن من حل الأزمة؛ بسبب تعنت الوزارات والجهات المعنية وتباطئها في مساعدتنا، ما أدى لتعطل خروج القانون. متابعا: «أرسلنا طلبات للوزارات لحصر الصناديق الخاصة وكنا لا نتلقى ردا موضحا بالحسابات البنكية ولا نتلقى أي إخطارات أو أرقام، كما أن المالية كان ردها دائما يؤكد صعوبة الضم».

من ناحيته، قال النائب محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن بمجلس النواب إن أسباب عدم مناقشة هذا القانون هو أن هناك عوامل عدة تتمثل فى تباين وجهات النظر فيما يخصه، وجود مؤسسات كانت متمسكة بأن تقدم هى القانون وحينما ذهبت لها الاقتراحات المقدمة من النواب لم ترسل ردها وهو ما عطل مناقشة اقتراحات النواب، هذا بجانب أهمية وحساسية القانون والذى يتطلب مناقشة واسعة له داخل البرلمان. 

وشدد في تصريحات له على أنّ الحكومة تدرك أهمية القانون بدليل أنها شكلت لجنة بوزارة العدل لمناقشة تعديلات وأعدت المسودة الأولى له، ولكن لم ترسلها بعد للبرلمان، قائلا "تأخره أفضل من خروجه دون توافق مجتمعي، فلا يجوز أن تهيمن جهة واحدة على مناقشته".